الحكم آل إليك والسلطانُ
الأبيات 68
الحكـــم آل إليــك والســلطانُ والعـــدل فيمــا آل والإحســانُ
وأتـى بيانـك فـي نزاهتـه وهـل لــك بعـده غيـر الفعـال بيـان
اليـوم ترتـاح العبـاد من الأذى ولكــــل أمـــر موعـــد وأوان
وتعــود صـحة نـدك الأوفـى بمـا دبَّرتَــــه وأمــــده الإخـــوان
أوحــى إليــك بمـا أراد وإنـه لمـــرادك المتــأهب المعــوان
وجـرت مقادير السماء بما انتهى فيهــا إليــه الظـن والحسـبان
عـزل وتوليـة همـا الخيـر الذي شـــاءته مصــر ووده الســودان
عهــد هـو الفوضـى وعهـد بعـده هـــو عـــزة وكرامــة وأمــان
ذهـب الـذين بغـوا ولـولا أنهـم فــروا لفــرت منهــم الأوطــان
ومضـى زمـانهمُ وليـس بمثـل مـا حملتــه أنفســهم يجيــء زمـان
بلــوى شــهور أم دهــور منهـمُ كــانت ورهطـاً أم وبـاء كـانوا
ونيابـة تجـري علـى الشهوات أم نــوب وشــورى تلــك أم طغيـان
سـلبوا البلاد ثمارهـا ونضـارها والشــعب فيهــا جــائع ظمــآن
لـم يأخـذوا الكرسـي حتى هالهم مــن تحتـه الـدوران والرجفـان
وتــبينوا بعــد المـآثم فـوقه أن ليــس فيــه للبقــاء ضـمان
لـو أنهـم تركـوه مختـارين لـم تــك هــذه الحســرات والأحـزان
هـل كان ما انتحلوه من عذر سوى عــذر الجبــان ولا يسـود جبـان
ولأزمـة الدسـتور أم حرصـاً علـى تلــك الغنـائم ثـارت العقبـان
وهـو الـذي جـاءت به الأبرار أم مــا ســنّه للفتنــة الشــيطان
لا يصـــلحون لـــه ولا يــدَعونه تُعنَــى بــه الأكفــاء والأقـران
إن كـان فـي أيـديهم عبثـوا به وإذا تخلــوا عنـه عـز وهـانوا
كسـروا سلاسـله ولـم يـك بعـدما دخلــوا لغيــر قضـائك الإذعـان
ودعــوه تضــحية وليـس أمـامهم فـــي الـــدار جلاد ولا ســـجان
وتفرقــوا يتخبطــون ومـا لهـم فـــي الأمـــر أبصــار ولا آذان
لـو كـان يـدري مـا جنوه باسمه لهــوى عليهــم ذلــك البنيـان
مـا كـان مـؤتمراً ولكـن مأتمـاً عــز التأســي فيــه والسـلوان
ينعـون فيـه فرصـة السـوق التي فيهــا الضـمائر للغنـى أثمـان
بـاكينَ رابعـةَ التجـاربِ وهي لو عقلــوا علــى علاتهــم برهــان
يتوعــدونك بالخيـال وكـم جـرى خلــف الخيــال أولئك الفرسـان
متحـالفين علـى العسير وهل على متيســـّر صــدقت لهــم أيمــان
إن قـاطعوك فـأنت عنهـم في غنىً وإن اعتــدوا أعيـاهمُ العـدوان
مـن راح بـالنيران يلعب لم يبت إلا وقــد علقــت بــه النيـران
فليحــدثوا فــي كــل فـجٍّ ضـجة إن لــم تصـبك يـد ويسـطُ لسـان
متهــالكين فــإن تجـاوز عنهـم جنــدُ النظــام ترامـت الأبـدان
لبلادهـم كـانوا هـم القربان أم لهـــمُ بلادهــمُ هــي القربــان
لبسـوا ثيـاب المخلصين لها ولم تخــف الحقيقــة هــذه الألـوان
يــا ويــح شـعب يسـتغل جُنـاتُهُ إيمــــانَه فيضـــره الإيمـــان
يمشـي وراء مشـعوذين كمـا مشـت خلــف الــذئاب وضـلت القطعـان
مـا كنـت أحسب أن تعود كما مضت أوثــان مصــر فتعبــد الأوثـان
يتطلبـون الحكـم وهـو هـوىً ولو هــوت السـماء وأقفـر العمـران
مــاذا تفيــد الأكثريــة شـيعة إن لــم يكــن لللأكثريــة شـان
مـا زاد يومـاً في البلاد عديدهم إلا وكــــل زيــــادة نقصـــان
شـر السياسـة مـا يكـون تجـارة فيهـا تسـاوى الربـح والخسـران
عقـبى عرابـي أم مدى غاندي مضى فــي الأرض يبغـي ذلـك الولهـان
ويســير خلــف مشــيره وكــأنه فرعــون ســار أمــامه هامــان
أرخيـت أمـس عنـانه فطغـى وهـل يرخَــى لمفقــود الصـواب عنـان
لهفـي علـى الشـهداء لم يدركهمُ شــيب وقــد أغراهــم الشــبان
ضـحوا بهم في المهرجان وما لهم إلا هزيمـــة أمـــس والخـــذلان
عقـبى العبـاد إذا تحكـم فيهـم جهلاؤهـــم وتصـــرف الغلمـــان
مـا للأُلـى الموت الزؤام شعارهم عــادوا وكــل قـواهم العصـيان
وتقوَّلوا في العرش وهو القدس لم يجــرؤ علــى حرمــاته إنســان
نبـت الخطوب بهم فلما استيأسوا نبــت العقــول وضـاعت الأذهـان
مـا للغريـم وكـان أمـس صديقهم قــد عــاد وهـو لعهـدهم خـوان
ألــف المـدائح وهـو راض عنهـم والــذم وهــو عليهــمُ غضــبان
أغراهـــمُ فتــوددوا وأنــالهم فتمــردوا ونــأى وصــد فلانـوا
وطــوووا كتـابهمُ وجـاء كتـابه فيــــه لكــــل خـــبيئه إعلان
وجــرى رســولهمُ علــى عـاداته والإفـك فيمـا اعتـاد والبهتـان
بعثـوه بالشـكوى إلى الجبار من حكــم الرفــاق وإنهــا لَهـوان
يــا ويلهـم مسـتأثرين شـعارهم فـي الأرض نحـن وبعـدنا الطوفان
لا يعرفــون علـى العـدو شـجاعة وهــمُ علــى إخــوانهم شــجعان
دعهـم ومـا ألفـوه فـي ميدانهم فعســى عليهـم يلتـوي الميـدان
ولقــد يردهــمُ إلــى غلـوائهم بعـد التنـاهي المنـع والحرمان
رد المظــالم مـا تعـاقبهم بـه إن كــان عنــدك للعقـاب مكـان
مـن لـم تنبِّـه بانتقامـك ذكـرَهُ فمصـــيره الإغفــال والنســيان
وإذا هــمُ ضــاقت نفوسـهمُ أسـىً وســـعتهمُ لــك رحمــة وحنــان
ولعـل بعـد الحـرب صـلحاً تلتقي فيــه القلــوب وتـذهب الأضـغان
أنـت المقيـم مـن الرجال بمرصد حفظـوه لليـوم الرهيـب وصـانوا
ومعـد ميـزان الأمـور ولـم يكـن إلا لعـــدلك ذلـــك الميـــزان
أحمد الكاشف
407 قصيدة
1 ديوان

أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف.

شاعر مصري ، من أهل القرشية (من الغربية بمصر)، مولده ووفاته فيها قوقازي الأصل.

قال خليل مطران: الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجاء ومقرع أمم، ومرشد حيارى.

كان له اشتغال بالتصوير ومال إلى الموسيقى ينفس بها كربه.

واتهم بالدعوى إلى إنشاء خلافة عربية يشرف عرشها على النيل فتدارك أمره عند الخديوي عباس حلمي، فرضي عنه، وكذبت الظنون.

وأمر بالإقامة في قريته (القريشية) فكان لا يبرحها إلا مستتراً.

( له ديوان شعر - ط).

1948م-
1367هـ-