دار الخلافة حاطك البسفورُ
الأبيات 70
دار الخلافــة حاطــك البسـفورُ وأجـل قـدرك في الورى الدستورُ
هـذي مـواكب عيـده اللاتـي بها مـاجت ميـادين الحمـى والـدور
ذكـرى أغـر محجـل ضـمن المنـى تبــديله الحــدثان والتغييـر
الحكــم عــدل والرعيــة حـرة والملــك بينهمــا أعـز فخـور
وخليفـة الرحمـن مطـرد النـدى والــبر موفــور الجلال وقــور
مصــدوقةٌ شــوراهُ عــالٍ رأيُـهُ والأمــن تحــت لـوائه والنـور
يـدري بـأن التـاج ليـس بمخلص للفــرد حــتى يخلـص الجمهـور
يرعـى ويسـترعي الشعوب أمورها ملــك لـه التـدبير والتخييـر
حسـب العبـاد من النظام وأهله أن لا يـدل علـى الوضـيع وزيـر
جمـع الشـوارد حول حوض واستوى فـــي ظلــه مســتأجر وأجيــر
مـا اختـص أحمـد بالخلافـة أمة علمــاً بــأن الـدائرات تـدور
أولـى بها من صانها من بعد ما عبثــت مقــاديرٌ بهــا وعصـور
وجلا السماء السيف وهي دجىً كما ملأ الســرير الأرض وهــي تمـور
شـقيت بمـا تتـوهم الأعـداء من هــذا الــتراث وإنــه لعسـير
لـك كـل يـوم يـا رشـادُ شفاعةٌ فـي القـوم عند اللّه وهو غفور
يممـتَ حصـنَ الخـارجين فأذعنوا وأسـا الجـراحَ الـدامياتِ خبير
وعلا مكـان السـيف بعـد صـليله فـي الهدنـة التسبيح والتكبير
وأقمـت بنيهـم الصـلاة فسـلموا إلا فريقــاً مــا يــزال يثـور
عـافوا شـهيَّ العدل والإحسان أم غصـوا بهـذا المـاء وهـو نمير
أولـى بمـن زاد النهـار ضـلاله أن لا يفــارق عينَــه الـديجور
وليبـق أعـزلَ كـلُّ من يبغي على حراســـِّه والراصـــدون كــثير
إن أكـبر الغيـران بأسك حولهم ففســادهم لــو يمهلـون كـبير
مـا كـان قتلهـمُ انتقاماً منهمُ لكنــــه لـــذنوبهم تكفيـــر
فهـم وقـود ضـرامهم حينـاً ومن دمهــم لإطفــاء الضـرام بحـور
لـو طهـر الـدم آثمـاً من رجسه لــم يبــق مــأثوم ولا مـأزور
حـــورانُ مزدجـــرٌ ومقدونيــة ثكلـى وقـد راع العـراقَ نـذير
وتنصــلت صــنعاءُ مـن فجارهـا وأبـى علـى المتطـاولين عسـير
لـن يخلـوَ البلقـان من شر وإن ملأت ثـــراه جمـــاجمٌ ونحــور
مـن لـم يطعـك موفقـاً مستغفراً فليبـق وهـو المرغـم المقهـور
فـي القلزم المجتاز مأذون فإن غوضــبت فهــو محــرم محظــور
قـد قـام يجمـع شاطئيه أبر في مصـرٍ وآخـرُ فـي الحجـاز قـدير
مـد الشـريف إلى العزيز يمينه وســعى نصــير يصــطفيه نصـير
هو حجة النسب الزكي على الأولى أشــقاهمُ التحريــضُ والتنفيـر
لـولا وسـيلته إليهـم لـم يطـع عــاص ولــم يحقــن دم مهـدور
يــا زائراً فـي كـل يـوم أمـةً يـا ليـت مصـر تعودهـا وتـزور
جــاء الحجـاز بشـيرها بمحمـد بعـد الشـآم فهـل لمصـرَ بشـير
إن صـفق النيـل السـعيد فإنما تصــفيقه عــن حبهــا تعــبير
وإذا علــت أهرامهــا وتطلعـت فســلام مســترعٍ إليــك يشــير
المسـلمون علـى اختلاف بقـاعهم فـي الأرض مـا لهـم سـواك مصير
بينــي وبينـك زاخـران وإنمـا ســببي إليــك إذا أردت قصـير
لـولا مضـاعفةُ القيـود لكان لي فــي كــل أرض مــوطن وعشــير
مـن لـي بأجنحة الحمام فأغتدي بيــن المعاقـل حـولهن السـور
وأرى الســواحل دونهــن سلاسـلٌ وأرى الســفائن فــوقهن نسـور
وكأنهــا شـم الجبـال مـواخراً يــدوي حديــدٌ تحتهــا مصـهور
لو كان لي أجر الوفاء لكان لي فــوق الخليــج خورنـق وسـدير
حســبي مطـاف بالريـاض وزهـرة ولكـــل طيــر روضــة وغــدير
وتحيــة مــن ســانحات مثلمـا مـــرت بــأبرار الملائك حــور
يــا آل عثمـان السـلام عليكـم مــا هـز أعطـاف الـوفيِّ شـعور
أهــواكمُ وأود لـو سـَلِمَتْ لكـم فــي العـالمين مـدائن وثغـور
وأود لـو عاشـوا وليـس عليهـم إلا أميـــر المــؤمنين أميــر
إن الـذي فتـح الممالـك محسناً بخلـود هـذا الملـك لهـو جدير
لـولاكم فـي الشـرق غـال حصينه فـي الغـرب ممدود الشباك مغير
هـل بعـد مـا شهدت لكم آثاركم بالعـدل يعبـث بالعيـان نكيـر
يـا لابسـين مـن الحديد سوابغاً وكأنمــا هــو ســندس وحريــر
ومظلَّليـن مـن اللوافـح بالقنا في البيد إذ أذكى الرمالَ هجير
ومغربيـن عـن الـديارِ وذكرُهـا لكـم أنيـسٌ فـي النـوى وسـمير
لا فـارقت سـيما النعيم وجوهَكم يومــاً ولا غــابت هنـاك بـدور
قسـماً بمكـة لـن يـراع مسـالم أمَّنتمـــوه وســـيفكم مشــهور
لا خــــافكم إلا عــــدوكم ولا عَــدَتِ الأحبــةَ غبطــةٌ وســرور
لكـم العـزائم والثبات وللعدى حـض الخـوارج والخنـا والـزور
إن أيقظـوا فـي كـل واد فتنـة فبكـــل واد جحفـــل منصـــور
خشـعت جبـالهم لكـم رهبـاً كما لانــت جنــادلُ قبلهــا وصـخور
وقلـوب أهـل البغـي باقية كما خلقــت تفيــض ضـغائناً وتفـور
هـل تلتقـي حول العرين صغارهم مـن بعـد مـا هال الكبار زئير
ســارت جنــودكمُ لكــل عظيمـة يـا ليتنـي بيـن الجنـود أسير
أهـدي إليهـم خيـر ما صنعت يد وحكــى فــمٌ عـذبٌ وصـان ضـمير
إنــي لأدلـي بـالمواثيق الـتي أســوان ترعاهـا لكـم والطـور
وأمانـــةٌ مرعيَّـــةٌ ووديعـــةٌ محميِّــةٌ بهمــا ينــوء ثــبير
إن كنـت شـاعرَكم بمصـرَ فـإنني لكـمُ غـداً فـي الخـافقين سفير
إنـي صـبرت على الجهاد وطالما بلـغ المـدى بعـد الجهاد صبور
أحمد الكاشف
407 قصيدة
1 ديوان

أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف.

شاعر مصري ، من أهل القرشية (من الغربية بمصر)، مولده ووفاته فيها قوقازي الأصل.

قال خليل مطران: الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجاء ومقرع أمم، ومرشد حيارى.

كان له اشتغال بالتصوير ومال إلى الموسيقى ينفس بها كربه.

واتهم بالدعوى إلى إنشاء خلافة عربية يشرف عرشها على النيل فتدارك أمره عند الخديوي عباس حلمي، فرضي عنه، وكذبت الظنون.

وأمر بالإقامة في قريته (القريشية) فكان لا يبرحها إلا مستتراً.

( له ديوان شعر - ط).

1948م-
1367هـ-