باليمن ركبُك يغتدي ويروحُ
الأبيات 48
بــاليمن ركبُــك يغتـدي ويـروحُ ويغيــب محمــودَ الـثرى ويلـوحُ
نعمـت بقربـك أنفـس ذهبـت بهـا فــي بُعــدك الأشـواق والتبريـح
لـك وحـدك الوادي الخصيب ونيله ولربـــك التقــديس والتســبيح
فمجاهــد لـك فـي البلاد تعينـه بمــؤذن لـك فـي العبـاد يصـيح
شـهدت بنجـدتك الممالـك واقتدى بـك فـي المشـارق أعجـم وفصـيح
يـا خيـر أركـان الخلافـة إن ما تبــديه برهــانٌ لمصــرَ صــحيح
وأبــرَّ أعــوان الخليفـة حسـبُهُ فـي الأمـر والتـدبير منـك نصيح
أرضـاك منـه ثنـاؤُهُ الغالي كما أرضـــاه منــك ولاؤك المشــروح
وأجبــت دعــوته وأنــت موفــق والــدهر ســلم والمجـاز فسـيح
ودخلــت عاصــمة الخلافـة شـيقاً والصــلحُ مَرْضــِيُّ الشـروطِ مليـح
حيَّـــى جلالــك عســكر وســفائن ومــــدائن ومعاقـــل وصـــروح
مشــهودة فيهــا شـمائلُك الـتي أجملتهـــا ونضــارُك الممنــوح
كــم شــد مغـوارٌ عزائمـه بهـا ونجــا أســير واســتطبَّ جريــح
ذكـروا بعهـدك عهـد جدك والتقت آثـــاره وصـــنيعك الممـــدوح
أنسـوا بنجـواك الـتي أخفيتهـا حينــاً وجئت بهــا لمصـر تبـوح
عقـبى التجـارب وهـي غُـرٌّ سـمحة وثمــار ذاك الـرأي وهـو صـريح
حَــدِّثْ عـن الشـرق الـذي مكنتـه هـذا الحـديث الحلـو فهـو صريح
واشـرح لنـا سـبل السلامة بعدما أعيـى العـدى التجنيد والتسليح
مــاذا جنـى جـار عليهـم مشـفق كـم بـات وهـو العـائل المفدوح
غفـل الحماة عن الذمار وأدبروا حــتى أبيــح ذمـارهم وأبيحـوا
وتخـاذلوا حـتى إذا دفعوا الأذى عنهــم عصــاهم مـوجهم والريـح
وتفرقــوا شــيعاً وتلـك جنايـة لــم يمحهـا إلا الـدم المسـفوح
خلـت المـدائن والقـرى فلأهلهـا ولِنَبْتِهــا التطويــح والتصـويح
فمجــال كــل مرابــطٍ مســتهدفٌ وفـــؤاد كـــل موحــد مقــروح
لـــم يبــق إلا أعــزلٌ متخلِّــفٌ وكــأنه بيــن الــذئاب ذبيــح
ومتــــوج بالســـيئات موشـــح لــم يغنـه التتويـج والتوشـيح
يمشــي علـى طلـل القلاع تشـفِّياً بــدماء حارســهن وهــو طريــح
كـم ضـج فيهـا مسـجد ممـا جنـى أجنــاده وكــم اســتغاث ضـريح
مـا اجتازهـا جـذلان حـتى هـاله جيـــش مبيــد للطغــاة مجيــح
وكـــأنه ممـــا توقــد طــائر وكـــأنه فيمــا أســيل ســبوح
وتـدارك الصـدر ابـن عمـك أمـة وهنــت عزائمهــا وضـاق الـروح
وطغـت عليهـا الحادثات فلو أتى لنجاتهـــا نــوح لأخفــق نــوح
نصـرت سـعيد الدولة ابن حليمها فُـــرَصٌ يقــدرها لهــا ويتيــح
وتنـازع الملـك الأعـادي بعد ما جمــع العـدى بغـيٌ عليـه قبيـح
ســلبوه ثـم تقـاتلوا فـأزاحهم عـن ذلـك السـلب الثميـن مزيـح
عــن أخــت أنـدلسٍ جلاهـم جحفـلٌ مــــتربص للباقيـــات طمـــوح
غضــبانُ جبـار العقـاب إذا رأى متنمــراً وعــن المنيــب صـفوح
أخلاق مقتـــدر مراحـــم ظــافر فكأنهــا بعــد الفتــوح فتـوح
ذل العـدى ووفـى الغريم وأنصفت صــحف وطــاب شــجٍ وجـاد شـحيح
إن سـرحوا تلـك الجيـوش ضـئيلةً فــإلى معــاد ذلــك التســريح
وتـدوم أضـغان الطغـاة ولو أتى لعلاجهــا بعــد المســيح مسـيح
تعدو الشعوب على الشعوب وفي غد تهــوى عــروش ملــوكهم وتطيـح
قـد كـان يفصـل بينهـم ذو قـوة كــم هــان جبــار لــه وجمـوح
يقظـان فـي البلقـان يطفئُ نارَه ومثيرُهـــا بلهيبهـــا ملفــوح
لـو حكَّمـوه كمـا تعـوَّد لـم يكن فـــي الأرض إلا طاعـــة وجنــوح
مــولاي شـاقنيَ الجنـابُ وراقنـي أمـل لشـعبك فـي الجنـاب صـبيح
غنَّيـتُ أبطـالَ الخلافـة بعـد مـا كــادت تنــوح عليهــمُ وأنــوح
لـك أنعـم عنـدي وعنـد علاك لـي شــعر يضــيء بــذكرها ويفــوح
أحمد الكاشف
407 قصيدة
1 ديوان

أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف.

شاعر مصري ، من أهل القرشية (من الغربية بمصر)، مولده ووفاته فيها قوقازي الأصل.

قال خليل مطران: الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجاء ومقرع أمم، ومرشد حيارى.

كان له اشتغال بالتصوير ومال إلى الموسيقى ينفس بها كربه.

واتهم بالدعوى إلى إنشاء خلافة عربية يشرف عرشها على النيل فتدارك أمره عند الخديوي عباس حلمي، فرضي عنه، وكذبت الظنون.

وأمر بالإقامة في قريته (القريشية) فكان لا يبرحها إلا مستتراً.

( له ديوان شعر - ط).

1948م-
1367هـ-