عبد البر بن عبد القادر بن محمد بن أحمد بن زين الفيومي العوفي الحنفي: صاحب "منتزه العيون والألباب في بعض المتأخرين من أهل الآداب" فقيه ومؤرخ وشاعر واديب، تولى عدة مناصب في الإفتاء منها منصب مفتي الشافعية في القدس ومناصب دينية أخرى في تركيا ترجم له المحبي في "خلاصة الأثر" قال:
(أحد أدباء الزمان المتفوقين وفضلائه البارعين كان كثير الفضل جم الفائدة شاعرا مطبوعا مقتدرا على الشعر قريب المأخذ سهل اللفظ حسن الإبداع للمعاني مخالطا لكبار العلماء والأدباء معدودا من جملتهم)
أخذ العلم بمصر عن الشيخ أحمد الوارثي الصديقي والأدب عن الشيخ محمد الحموي والقراآت عن الشيخ عبد الرحمن اليمني وفارق موطنه فحج أولا وأخذ بمكة
عن ابن علان الصديقي وكتب له إجازة مؤرخة بأواخر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وألف ثم دخل دمشق وحلب في سنة ثمان وأربعين وأخذ بحلب عن النجم الحلفاوي الأنصاري ولزمه للقراءة عليه في شرح الدرر في الفقه مع حاشية الوافي وشرح ابن ملك على المنار مع حواشيه الثلاث عزمي زاده وقرا كمال والرضى بن الحنبلي الحلبي وشرح الجامي مع حاشيته لعبد الغفور ومختصر المعاني مع حاشيته للخطائي
ثم خرج إلى الروم فورد مورد العلامة أبي السعود الشعراني وقرأ عنده جامع الأصول للربيع اليمني وهو في تحرير الأحاديث وشرح الهمزية لابن حجر بتمامه ونصف سيرة الخميس أو قريبا منه وجانبا من فتاوى قاضي خان وبعض فرائض السراجية وكثيرا من مباحث التفسير وأجازه ولزم الشهاب الخفاجي فقرأ عليه بعض شرح المفتاح للتفتازاني وبعض شرح نفسه على الشفا وكتب له خطه على هامش الكتابين ولما ولى قضاء مصر استصحبه معه إلى صلة رحمه واستنابه بين بابي الفتح والنصر وصيره معيدا لدروسه في حاشيته على تفسير البيضاوي وفي شرح صحيح مسلم للنووي
وأخذ بالروم عن المولى يوسف بن أبي الفتح الدمشقي إمام السلطان وولى من المناصب إفتاء الشافعية بالقدس مع المدرسة الصالحية ودخل دمشق وأقام بها في حجرة بجامع المرادية نحو سنتين ولم يقدر على الدخول إلى القدس خوفا من الشيخ عمر بن أبي اللطف مفتي الشافعية قبله ثم لما مات الشيخ عمر ترحل إليها ومكث بها أياما ولما لم ينل حظه من أهلها ترك الفتوى والتدريس ورأى المصلحة في الرجوع إلى الروم فانتقل إليها وأقام بها مدة
ثم انتظم في سلك الموالي فولى بعض مناصب ومات وهو معزول عن ساقز
وله تآليف كثيرة حسنة الوضع أشهرها كتابه منتزه العيون والألباب في بعض المتأخرين من أهل الآداب جعله على طريقة الريحانة إلا أنه رتبه على حروف المعجم وجمع فيه بين شعراء الريحانة وشعراء المدائح الذي ألفه التقي الفارسكوري وزاد من عنده بعض متقدمين وبعض عصريين وهو مجموع لطيف وفيه يقول الأديب يوسف البديعي
كتـاب ذي الفضـل عبد البر منتزه ال | عيـــون أحســـن تــأليف ومنتخــب |
حـــوى محاســـن أقـــوام كلامهــم | في النظم والنثر يلفى زبدة الأدب |
رأى البــديعي مــا فيــه فحقـق أن | مـا مثـل رونقـه فـي سـائر الكتب |
وله حاشية على شرح الهمزية لابن حجر صغيرة الحجم
وكتاب بلوغ الأرب والسول بالتشرف بذكر نسب الرسول
وكتاب اللطائف المنيفة في فضل الحرمين وما حولهما من الأماكن الشريفة
وكتاب حسن الصنيع في علم البديع
وله بديعية على حرف النون وشرحها ومطلعها
لمــا تـذكرت سـفح الخيـف والبـان | أهــل دمعــي وروى روضـة البـان |
وقد عارض فيه بديعية شيخه الحموي ومطلع قصيدته
هجــري علــى ولــي وصـل بأحيـاني | أمـاتني الهجـر جاء الوصل أحياني |
وله رسالة في التوشيع سماها إرشاد المطيع
ورسالة سماها مشكاة الاستنارة في معنى حديث الاستخاره
ورسالة في القلم وأخرى في السيف
وله شعر كثير غالبه مسبوك في قالب الإجادة وعليه رونق الانسجام والبلاغة (ثم أورد منتخبا من شعره) ثم قال: وكانت وفاته في سنة إحدى وسبعين وألف بقسطنطينية