هَلَّ الهِلال وَثَغر القَوم مُبتَسم
الأبيات 40
هَـلَّ الهِلال وَثَغـر القَـوم مُبتَسـم إِذ عـايَنوا فيـهِ بَرقاً فَيضه عمم
وَآنـس النـاسُ فـي إِشـراقِهِ وَضحاً جَلا غَيــاهب شــَك مِلؤُهــا غمــم
باتوا وَقَد ذهلوا مِما رَأوا جَذلاً أَن الأَميـــر يحييهــم وَيَبتَســم
وَأَنـتَ تَعلـو سـَريراً قَد خصصت بِهِ يَحفـه الطُّـول وَالإكبـار وَالعظـم
طــافَت حَفــافَيه آمــال مذهبـة لَهــا بِكُــل فُــؤاد خـافق ضـرم
مبثوثــة مِـن نُفـوس شـَفَّها رَهَـقٌ وَسـامَها الجـور خَسفاً وَهيَ تَحتَكم
متّـوا إِلَيك بِحَبل القُرب وَاِتَخَذوا مِــن حــل بَيتــك ظلّاً كُلّـهُ حـرم
شــم الأُنـوف إِلـى قَحطـان جـدهم نَمـوا فَكـانَ لَهُـم مِن أَصلِهم رحِم
كانوا مُلوكاً يَزين التاج مفرقهم حِينـاً وَحُكمَهُـم تعنـو لَـهُ الأُمـم
وَكـانَت الرّايـةُ العَلياء رايَتَهُم فَأَصـبَحوا اليَـوم لا تـاج وَلا علم
رَأى العـدى أَن رُوحاً قَد سَرَت بِهم تعيـد مَجـداً مَضـى وَالجَمع يَنتَظم
فَاستضـعفوهم وَهاضـوا مِن جَناحهم وَاِســتَعملوا قُـوة لِلحَـق تَهتَضـم
غـالوهم وَاِسـتَباحوا مِنهُـم وَطَناً المَجــد أَو ذي إِذ آذوه وَالشـمَم
أسـروا بِهـم وَظَلام اللَّيـلِ مُعتَكر وَاسـودَّ فـي الأُفـق شهب كُلها صمم
تَحــوطهم عصــبة للشــَّر حامِيَـة حِمايـة الـذِّئب سـرباً كُلـه غَنَـم
وَخـادَعوهم فَـأعطوا أَكؤسـاً رنقت وَجَرعوهــا وَمـا فـي سـمها دَسـم
أَعلــوهم وَسـُكون الجَـو يرمقهـم وَالنـاس غَرقـى سـُبات ملـؤُهُ حلم
أَبقــوهُم فــي فَلاة حــرة فَهَـوت عَلـى جُسـومهم العقبـان وَالرخـم
آلـوا ليفدن في العَلياء أَنفسهم فَكـانَ ذاكَ وَلَـم يحنـث لَهُـم قسم
مـا ذَنبهـم غَيـر أَن الحَق هاجَهمُ كَيلا يُــرى عربــي فَــوقَهُ عجَــم
ضـموا إِلـى عضهم بطلاً بِما فَعَلوا فَالعَــدل مُضـطَرب وَالحَـق مُضـطَرم
رامـوا التَّجَرد مِن دِين بِه شَرفوا وَقَــد أَصــابَهُم مِـن فَضـلِهِ نعـم
فَصـــَرحوا أَن هولاكـــو نَــبيهم وَأَن قبلتهــم فــي دينهـم صـَنَم
بَثـوا اِختِلافـاً وَعُـدوانا وَتَفرِقَة وَيَزعمــون بِأَنــا نَحــنُ نَنقَسـم
إِن كـانَ قَـد عَصـفت فينا عَواصفه ســَيَجمع الكُــلَّ رَأس عاقـل فهـم
كَـم واعـدوا ثُم جَدُّوا في ممانعة لمعشـر قَـط لَـم تخفـر لَهُـم ذِمَم
أترتجـي نَهضـة تحيي الشُّعوب بِها وَيسـعد الـوَطَن العـاني وَهُم وضم
وَكَيـفَ يُؤمـل للـدين الحَنيف عُلىً مِـن أُمَّـة هِيَ من ذا الدِّين تَنتَقم
أَيَشـتَكي القَـومُ عُـدواناً وَمظلمة وَالقــانِطون بِـرُوح مِنـك تَعتَصـم
وَبشـر دُون إِلـى الآفـاق مِـن مضض وَعَهــد أَمنـك بـاق لَيـسَ يَنصـَرم
وَيصـبرون عَلـى ضـَيم وَأَنـتَ لَهُـم نعـم المجيـر وَنار البَطش تَحتَدم
هَــذي بقيتهـم تَـدعوكَ إِذ رمقـت فـي شَخصـِكَ الفَـذ تاجـاً دره كلم
وَإِن رايتــك الحَمـرا لَنـا علـم تمـوّج الفكـر في الطَّيات فَهوَ دَم
وَأَنــت أَكــرَم ملـك زانَـهُ شـَرَف السـَّيف يَشـهَد إِمـا قلـت وَالقَلم
إِذا ســَكَت فَمـا فـي كَونِنـا أذن وَإِن نَطَقــت فَكُـل الكائِنـات فـم
فَامدد لَهُم مِن جَناح العَطف أروقة تَـأوي إِلَيهـا قُلـوب مَسـها أَلَـم
وَاِمنَـع وقيت الرَّدى عَنهُم لَواعجه فَحــدُّ ســَيفك مـاض لَيـسَ يَنثَلـم
وَفــي جُيوشــك بَـأس عـز مرغمـه وَفــي جَنانـك جَيـش لَيـسَ ينهَـزم
مــا ثـم إِلا رِمـاح مِنـكَ مشـرعة تحمـي حِمى العرب وَالأَقوام تلتحم
فَـدم لَهُـم كَعبـة تُرجـى شَفاعَتها مـا دامَ يُقصد هَذا البَيت وَالحَرَم
صلاح الدين القاسمي
5 قصيدة
1 ديوان

صلاح الدين بن محمد سعيد القاسمي.

طبيب أديب وشاعر، من طلائع الوعي القوي العربي في سورية، ولد وتعلم بدمشق. وتخرج عام (1332هـ 1914م) بمدرستها الطبية وأحسن التركية والفارسية والفرنسية.

وتأدب بالعربية على يد أخيه علامة الشام الشيخ جمال القاسمي، وشارك في تأليف جمعية النهضة العربية (1324هـ، 1906م) بدمشق.

وهي أقدم ما عرفناه من نوعها في بدء اليقظة أيام الترك، وأختير كاتماً لسرها ولم يجاوز التاسعة عشرة من عمره.

وكتب وخطب وحاضر، ونظم شعراً لا بأس به، فكان من الدعاة الأوائل لإثارة المسألة العربية كما سماها، ومبدأ القوميات.

وزار الأستانة مع وفد من أعيان دمشق (سنة 1909) للتهنئة بالحكم الدستوري، فنشر 12 مقالاً عن رحلته وست مقالات عن المنفلوطي وكتابه النظرات)، وحذر سنة 1911 من الخطر الصهيوني وعمل طبيباً في بعض مدن الحجاز إلى أن توفي ودفن بالطائف.

1916م-
1334هـ-