رَأَيتُكَ يا دَهر تُبدي العَجَب
الأبيات 38
رَأَيتُـكَ يـا دَهر تُبدي العَجَب بفعلــك إِمّـا وَنـى أَو وَثَـب
تـدير المَنيـة في ذا الوُجو دِ فَهـيَ الكـؤوس وَنَحنُ الحبَب
تمـــزّق أَكبادنـــا فَجــأة بِأَنبــاء حُـزن تشـب اللَّهَـب
أَلا حَســبُنا داؤُنــا جَهلنـا فَحَتــامَ تصــدعنا بِــالنكب
وَتفجعنــا بِرِجــال الصــَّلا حِ رِجـالٌ هم المُصلِحون الشعَب
وَتمـــزِّق أَحشــاءنا تــارة بِــرَب العُلــوم وَرُكـن الأَدَب
كَأَنـك أَوجَبـتَ فـي الكائِنـا تِ بَقـاء الغَـبيّ وَمَحوَ النُّخَب
حَنانيك يا دَهر هَل القَلب مِن جَمـــاد فَتصــدمه بِــالنوَب
لَقَـد كـانَ صـَبري يَردّ القُلو بَ لِحَمـل الخُطوب وَدرء الغَضَب
فَمــا لــي أَراه تَحطَـم مِـن مصـاب أَثـارَ بِجسـمي الوَصـَب
وَمـا لـي أرانـي عيوناً تَفي ضُ غُمومـاً وَتقطـر دَمع الكرَب
وَمــا لِـيَ أَبكـي وَكُنـت إِذا تَبســم مـال بِعَطفـي الطَـرب
هُـوَ المَـوت فاخضـع لِسُلطانه فَثـــورته لا تنــى بِــالأهَب
فَلـو لَـم يَكُـن في كِتاب مُبي ن ضـَللتُ السَّبيل لِهَذا السَّبَب
وَلَـو لَـم يَكُـن سـنَّةً قَد خَلَت دَعَـوت النَّـوائح تعلى الصّخَب
وَنُحــتُ إِلـى أَن يَضـج المَلا لَــه وَمَلاك الســَّما بِـاللّجب
وَكُنــت لَطَمـت الوُجـوه لِنَـد بِ وُجـوه الفَضـائل شمّ الرّتَب
وَحَقــا لَكُنـت شـَقَقت الجُيـو بَ عَـزاء لِفَضـل غَـدا مُسـتَلَب
وَأَرسـَلت سـَيل الـدُّموع دمـا لــرزء إِمــام غَـدا يُنتَحَـب
رُزئنـا بِفَقـد عَليـم الـوَرى رُزئنـا بِمَـوت حَكيـم العَـرَب
إِمــام عَظيــم أَقــامَ سـِني نَ يَهـدي أُناسـاً بِعَزم الدَّأَب
إِذا بَـثَّ قَـولاً لَـدى العالَمِي نَ غَــدا لِفَـوائِدِهِ فـي نهَـب
وَتَجعلـــه ســائر الحكمــا ءِ سـَميراً لَهـا أَينما تَنقَلب
وَيَروونَـــهُ حِكمــا أودعَــت صــَحائف علـم وصـحف الكتـب
وَتَــدرُس فـي كُـل قُطـر وَفـي بِلاد بِهــا النُّـور لا يحتجـب
فَــوا لَهفـي قَلـم يَقطـر ال بَلاغــة فــي أَي فَــن كُتــب
وَوا أَســَفي مَنطـق ملـؤه ال فَصـاحَة مِـن غَيـر مـا مرتقب
وَوا حَســرَتي لِجنــان غَــدا يجيـب اللِّسـان إِذا مـا طلب
وَيــا بَـثَّ حُزنـي لِـدَرس لَـهُ يميــط سـَناه كَـثيف الحجـب
فَأَحيا أولى الجَهل في مَوتِهم كَقطـر السـَّحاب إِذا مـا سكب
فَيـا كَـوكَب الشَّرق أَبدى سَنا وَمـا كـادَ يهـديهمُ أَن غـرب
وَيـا منبـع الفَضـل لِلمسلِمي ن مـا كـادَ يحييهُـم أَن نضب
لَقَـد أَودَعـوك بِبَطـن الثَّـرى وَلَـو أَنصـَفوا أَودَعوك الشّهب
فَلَـو أَنَّنـي ذَلِـكَ الشاعر ال عَجيــب وَقُمــتُ بِجـد النّصـب
أصــوّر يَأســي وَفَضــلك مـا قَضــيتُ لِحَقـك مـا قَـد وَجَـب
فَرَحمَــة رَبــي لِشــَخص نَـأى وَخلَّــد ذِكــراً ممـرّ الحقَـب
وَجـادَتهُ رَحمُـةُ أَهـل النُّهـى كَمـا جـادَ بِـالغيوث السـّحب
كَمـا جـادَ أَعلامهـم بِالرِّثـا ءِ بِشــعر وَتَـأبينه بِـالخطب
صلاح الدين القاسمي
5 قصيدة
1 ديوان

صلاح الدين بن محمد سعيد القاسمي.

طبيب أديب وشاعر، من طلائع الوعي القوي العربي في سورية، ولد وتعلم بدمشق. وتخرج عام (1332هـ 1914م) بمدرستها الطبية وأحسن التركية والفارسية والفرنسية.

وتأدب بالعربية على يد أخيه علامة الشام الشيخ جمال القاسمي، وشارك في تأليف جمعية النهضة العربية (1324هـ، 1906م) بدمشق.

وهي أقدم ما عرفناه من نوعها في بدء اليقظة أيام الترك، وأختير كاتماً لسرها ولم يجاوز التاسعة عشرة من عمره.

وكتب وخطب وحاضر، ونظم شعراً لا بأس به، فكان من الدعاة الأوائل لإثارة المسألة العربية كما سماها، ومبدأ القوميات.

وزار الأستانة مع وفد من أعيان دمشق (سنة 1909) للتهنئة بالحكم الدستوري، فنشر 12 مقالاً عن رحلته وست مقالات عن المنفلوطي وكتابه النظرات)، وحذر سنة 1911 من الخطر الصهيوني وعمل طبيباً في بعض مدن الحجاز إلى أن توفي ودفن بالطائف.

1916م-
1334هـ-