ما لجوّ العُلوم داجي الذّيولِ
الأبيات 52
مـا لجـوّ العُلـوم داجي الذّيولِ أَتـــرى مــال بــدره للأفــولِ
أَم هَــوى نَجمــه وَغــار ضـِياه وَدَهــاه الــرَّدى بِلَيــل طَويـلِ
فَغَــدا النـاس تـائِهين حَيـارى عَــن طَريــق بِهــديهم مَوصــولِ
مـا لَهُـم قَـد عرتهمُ رعدة الخَو فِ وَبــاتوا حَسـرى بِطَـرف كليـلِ
وَأَقضــَت بِهِــم مَضــاجعهم حُــز نـاً وَبـاتوا مِـن الأَسى في ذُهولِ
حــق لِلقَـوم أَن يطيلـوا عَـزاء موجعــاً حُـفَّ بِالبُكـا وَالعَويـلِ
فَلَقَــد فُــوجِئوا بِمَــوت إِمـام كـانَ فـي العلـم آيـة لِلعُقـولِ
مَــن إِذا مشـكل عَـرى فـي مهـم قــامَ يَســعى لحلــه بِالـدَّليلِ
نــالَ مَجـدين مَجـد علـم وَأَصـل فَســَما كُــل ذي نجــار أَصــيلِ
قَــد زكــت نَفسـهُ بِـرَوض فُنـون هِــي غـرس المَعقـول وَالمَنقـولِ
أَطلعــت أَرضــها زُهـوراً فَلَمـا أَينَعَـــت آل فرعهــا لِلــذّبولِ
تِلــكَ آثــاره تَعهــدها الفـك ر فَعاشــَت عَلــى مَمَـر الفُصـولِ
كانَ يقضي النَّهار وَاللَّيل بِالدَّر سِ وَيحيــي الأَســحار بِالتَّهليـلِ
قَـد أَذابَـت حَيـاته لَوعـة البَح ثِ فَنــابَ الضـُّلوعَ داء النحـولِ
لَـــو تَــراه يَســود بَعــد ال فَجـر فـي جسـمِهِ الدَّقيق الهَزيلِ
ذبلــت عَينــه وَخــارَت قــواه تَحــتَ ضـوء مِـن الصـَّباح ضـَئيلِ
يَقظــاً لِلعُلـوم وَالنـاس غَرقـى فـي بُحـور مِـن السـُّبات الطَّويلِ
قُلــتَ إِنَّ الحَيـاة هَـذى وَإِن ال مَـوت فيمـا عَلَيـهِ أَهـل الخُمولِ
وَلرمــتَ الخُلـود لِلشـبح السـّا هــر لَــولا تَطلُّــب المُســتَحيلِ
لَيـتَ شِعري ماذا جَنى الشَّرق حَتّى أَمطرتــه ســُحب الأَســى بِسـُيولِ
كُلَّمــا أَنجَبــت حَنايــاه فَـذاً شــامِخاً بالِغـاً مَـدى التَّحصـيلِ
وَرجونــا عَلــى يَــديه نُهوضـاً وَصــَلاحاً لِخَلــق هَــذا الجِيــلِ
عــاجَلته المَنــون كَهلاً وَأَبقَـت ثَلمــة مــا لسـدِّها مِـن سـَبيلِ
مـا لَهـا لا أبالهـا تَخطف العا لـي وَتَبقـى عَلى السَّفيه السَّفيلِ
أَتــرى أَدركــت بِـأَن حَيـاة ال حــرِّ لَيســَت إِلّا كَعبــءٍ ثَقيــلِ
فَأَطــارَت رُوحــاً ســَجينة جسـم قَــد دَعــاه صــُعودها لِلنُّـزولِ
لهـفَ نَفسـي قَضـى وَآمـاله الغرّ تَــــوارَت مزدانـــة بِحجـــولِ
فَبَكتــهُ البِلاد شــَرقاً وَغَربــا وَرثتــه فــي عَرضــِها وَالطّـولِ
بِــدِيار الشــآم بــاك جَــزوع وَهلــوع شــاكٍ بِــوادي النيـلِ
أَيـنَ ذاكَ البَيـان يَفعَـل بِاللُّب بِ بِمـا قَـد يَفـوق فعـل الشّمولِ
أَيـنَ ذاكَ الجنـان يَخفـق بالعل مِ فَيبـــدي محاســن التأويــلِ
أَيـنَ مِنـهُ اِبتِسامة البِشر تَعلو وَجهَــه مـا لِنورهـا مِـن ضـؤولِ
ذَهَبــت كُلهــا وَأودعـتِ الرّمـس فَحــظ الجَمــاد حَــظ القــؤولِ
لَـم يُراعـوا فيـهِ العُهود وَإِلا لَأَحلّــوه فـي السـهى لا السـهولِ
يـا أَخـي بعـدك الدِّيار غَدَت قَف راً وَحـــالَت رســومها لطلــولِ
مـا مَقـامي بِهـا وَقَد غابَ عَنها أنســها فَهـيَ فـي حـداد وصـولِ
آه يــا سـيدي وَمـن بَعـد الـلَ هِ ســـؤلي وَمـــوئلي وَمَقيلــي
يـا أَحـب الأَنـام عِنـدي وَيا من كــانَ ردئي كَالصـارمِ المَسـلولِ
لَـم أمتـع طَرفـي وَقَلـبي مَليـاً مِنــك حَتّــى آذنتنــي بِرَحيــلِ
يَرحـم اللَّـه والـدي ماتَ إِذ كُن تُ صــَغيراً فَبــتّ أَنــت كَفيلـي
فَلَقيــتُ الحَنــان مِنـك وَعطفـاً كَــأَبي يَـوم عشـت وَهـوَ معيلـي
وَتَعلمــت فــي الأُخــوَّة دَرســاً نافِعـاً فَـوقَ دَرس ذِكـرى الجَميلِ
إِن أَكُــن قَـد حَفظـتُ عَنـك خلالا تَرتَضــيها فَــأَنتَ كُنـت دَليلـي
أَنــتَ أَدَّبتَنــي فَأَحسـَنت تَـأدي بــي وَأَفهمتَنـي مَصـير الكَسـولِ
أَنــتَ غَـذَيتني بِفَضـلك إِذ سـَلّح تَ مُســـتَقبَلي بِعَضـــب صـــَقيلِ
لأَخــوض الحَيــاة فَهــيَ عــراكٌ فــازَ فيهـا القـويُّ بِالمَـأمولِ
نـم هَنيئاً فـي ذِمَّـة اللَّـهِ نَفس طَلَبــت فـي حمـاه أَسـمى مَقيـلِ
قَـد صـَفَت جَـوهَراً وَخفَّـت فَطـارَت فــي فَضـاء الفـردوس لِلتَّبجيـلِ
فاحرســيها مَلائِكَ اللَّــهِ دَومـاً إِنَّــهُ كــانَ كَــالمَلاك الجَميـلِ
رفرِفــي فَوقَهــا ضـُحى وَضـَعيها مِـن زُهـور التَّكريـم فـي إِكليلِ
أنشــدي حَولَهــا مَــدائح شـعر ذَهـــبيّ يزيــن شــَمس الأَصــيلِ
إِنَّهـا لَن تَموت ما دام في التا ريـخ يحيـى ذكـر الإِمام الجَليلِ
صلاح الدين القاسمي
5 قصيدة
1 ديوان

صلاح الدين بن محمد سعيد القاسمي.

طبيب أديب وشاعر، من طلائع الوعي القوي العربي في سورية، ولد وتعلم بدمشق. وتخرج عام (1332هـ 1914م) بمدرستها الطبية وأحسن التركية والفارسية والفرنسية.

وتأدب بالعربية على يد أخيه علامة الشام الشيخ جمال القاسمي، وشارك في تأليف جمعية النهضة العربية (1324هـ، 1906م) بدمشق.

وهي أقدم ما عرفناه من نوعها في بدء اليقظة أيام الترك، وأختير كاتماً لسرها ولم يجاوز التاسعة عشرة من عمره.

وكتب وخطب وحاضر، ونظم شعراً لا بأس به، فكان من الدعاة الأوائل لإثارة المسألة العربية كما سماها، ومبدأ القوميات.

وزار الأستانة مع وفد من أعيان دمشق (سنة 1909) للتهنئة بالحكم الدستوري، فنشر 12 مقالاً عن رحلته وست مقالات عن المنفلوطي وكتابه النظرات)، وحذر سنة 1911 من الخطر الصهيوني وعمل طبيباً في بعض مدن الحجاز إلى أن توفي ودفن بالطائف.

1916م-
1334هـ-