لَيتَ شِعري هَل تُخَبِّرُني الدِيارُ
الأبيات 52
لَيـتَ شِعري هَل تُخَبِّرُني الدِيارُ بَيَقيـنٍ عَـن أَهلِها أَينَ ساروا
أَسـَفاً هَيَّجَـت فَمالَـكَ مِنها ال يَـــومَ إِلّا تَفَجُّـــعٌ وَاِدِّكــارُ
لا يُجيـبُ الأَحيـاءَ مَن لَيسَ حَيّاً وَالعَمـى عِنـدَ غَيـرِهِ الأَخبـارُ
دارُ حَـيٍّ تَقـادَمَ العَهـدُ مِنها بَعـدَ حُضـّارِها فَبـارَت وَباروا
صادَفوا مِن غَوائِل الدَهرِ غَولاً بَعـدَما أَنجَـدوا سِنينَ وَغاروا
فَكَـأَنّي مِـن ذِكرِهِـم خـالَطَتني مِـن فِلَسـطينَ خَمـرُ جَلـسٍ عُقارُ
عُتِّقَـت فـي القِلالِ مِن بَيتِ رَأسٍ سـَنواتٍ وَمـا سـَبَتها التِجـارُ
فَهـيَ صَهباءُ تَترُكُ المَرءَ أَعشى في بَياضِ العَينَينِ مِنهُ اِحمِرارُ
حـالَتِ الحَربُ دونَ سَلمى فَقَلبِي عِنــدَها لَـو تُـثيبُهُ مُسـتَعارُ
فَنَـأَت وَاِنثَـوى بِها عَن هَواها شــَظَفُ العَيــشِ آبِــلٌ ســَيّارُ
رُبَّ إِبـلٍ إِذا اِجتَـوى أَرضَ قَومٍ شــــَيَّعَتهُ هُمـــومُهُ نَعّـــارُ
وَحــشُ بَرِّيَــةٍ بِهــا وَلَــدَتهُ أُمُّـهُ لا يَـزولُ مِنهـا الصـِيارُ
غَيـرُ صـَبٍّ إِلى الصَديقِ إِذا ما أَضـمَرَت بَيتَـهُ اللِماعُ القِفارُ
عُلِّـقَ القَلـبُ عِـرسَ ذاكَ وَأَنّـى تُمَكِّـنُ الرامِيَ المَهاةُ النَوارُ
رَوضـَةٌ ظـاهَرَ الرَبيـعُ ثَراهـا بِســـُيولٍ وَزانهــا النُــوّارُ
حَصـِرَ الناسُ أَن يَنالوا حِماها وَأَرَنَّـــت بِرَوضــِها الأَمطــارُ
فَهـيَ حَـوّاءُ تَكتَسـي كُـلَّ لَـونٍ زينَـةً كُلَّمـا اِسـتَقَلَّ النَهـارُ
وَلَقَــد أَغتَــدي بِـأَجرَدَ نَهـدٍ لاحَــهُ بَعــدَ طَيِّــهِ المِضـمارُ
أَبِّـدُ القُصـرَيَينِ ما قِيدَ يَوماً لِيُعَنّـــى بِصـــَرعِهِ بَيطـــارُ
حَوشـَبَ الصـُلبِ أفرِعَـت كَتِفـاهُ فــي مَحــاني ضـُلوعِهِ اِجفـارُ
وَيُــرى مُجفِـراً إِذا هُـوَ وَلّـى فــي حِمـايَتِهِ شـِدَّةٌ وَاِنبِتـارُ
مُـدمَجاً خَلقُـهُ يِكـادُ إِذا مـا راعَــهُ صــَوتُ صـارِخٍ يُسـتَطارُ
وَإِذا اِهتَـزَّ مُقبِلاً زانَـهُ أَتلَع كَالجِــذعِ مـا يُنـالُ العِـذارُ
حَمَلَتــهُ رَجــلٌ قَــذوفٌ عَلــى عَضـبِ يَـدٍ ما يُخافُ مِنها عِثارُ
وَنُســورٌ لَهــا حَــوافِرُ صــُمٌّ مـا يُـرى في أَرساغِهِنَّ اِنتِشارُ
كَالجَلاميـدِ فـي المَسـيلِ عَلاهُنَّ مِــنَ المـاءِ خُضـرَةٌ وَاِسـمِرارُ
مُشـِقَ اللَحـمُ عَـن شـَواهِنَ مَـشْ تَمـاً فَتَعـالى وَاِشتَدَّتِ الأَوتارُ
وَعَلا الـزَورُ مِنبَـضَ القَلبِ مِنهُ بِحَيـــازيمَ بَينَهــا أَســتارُ
وَضــُلوعٌ كَأَنَّهــا حيــنَ وَلّـى لاحَ مِنهــا بِكُــلِّ ضـِلعٍ شـِجارُ
فَعَلا الصـُلبُ فَاِسـتَتَبَّ إِلـى حَي ثُ تَكـونُ الفُرسانُ مِنهُ الفِقارُ
فَهـوَ طـاوٍ أَقَـبُّ كَالمَسـَدِ الأَمْ لـس عـاري الشـَوى مُمَـرٌّ مُغارُ
فَاِقتَنَصـنا بِـهِ وَقيـلَ بِـأَحوى ذاتِ فِرقَيــنِ عانَــةٌ وَحِبــارُ
فَـإِذا الأَخدَرِيَّـةُ الصُهبُ تَقروا لَمَعــاً بَينَهـا لَهُـنَّ اِخضـِرارُ
كَـأَنَّ جُـزوءاً لَم يَعدُ ذَلِكَ حَتّى بَـدُنَ اللَحـمُ وَالبُطـونُ صـِغارُ
فَحَمَلنــا غُلامَنــا فَـوقَ طِـرفٍ وَأَشـَرنا فَقـالَ أَنّـى أَشـاروا
فَتَكَشــــَّفنَ مُقبِلاتٍ فَقُلنــــا أَســُكونٌ بِهِــنَّ ذا أَم نِفــارُ
فَـزِعَ الـوَحشُ ثُـمَّ وَلَيـنَ لَمّـا صــَدَقَتهُنَّ مــا هُــوَ الأَبصـارُ
هارِبــاتٍ فَمــا يَرَيـنَ وَلَكِـن لا يُنَجّـي مِـنَ المَنايا الفِرارُ
ثُـمَّ أَربـى عَلى النَواشِطِ مِنها ســابِحٌ بَعــدَ غَربِــهِ مَــوّارُ
شــاخِصُ الحُرَّتَيـنِ يَنفُـضُ عَنـهُ قُطَــعَ الرَبــوِ مَنخَــرٌ نَثّـارُ
فَتَصــَدَّعنَ عَــن جَـرائِحِ مَرعـى وَاِنجلـى عَـن مُتـونِهِنَّ الغُبارُ
وَهـوَ شـاحٍ كَـأَنَّ لَحيَيـهِ حِنوا قَتَـــبٍ لاحَ مِنهُمــا النَجــارُ
عَـن لِسـانٍ كَجُثَّـةِ الـوَرِلِ الأَص فَـرِ مَـجَّ النَـدى عَلَيهِ العَرارُ
زَعَــمَ النـاسُ أَنَّ خَيـرَ قُرَيـشٍ حَســَباً حيــنَ تُنسـَبُ الأَسـوارُ
بَيـنَ حَـربٍ وَعـامِرِ بـنِ كَريـزٍ فَـــأُلالَ الأَكـــارِمُ الأَخيــارُ
وَلَـــدَتهُم حَواضــِنٌ مُنجِبــاتٌ وَأُلالُ الحَواضــــِنُ الأَحـــرارُ
وَإِذا مـا تَضَعضـَعَت نـارُ حَـربٍ رَفَعـوا نارَ حَربِهِم فَاِستَثاروا
وَإِذا مـا الرَبيعُ أَحجَمَ أَحيَوا مَن يَليهِم وَأَحرَزوا مَن أَجاروا
فَهُـمُ القَـومُ سـُؤدَداً وَفعـالاً وَنَــدىً حيـنَ تُبتَلـى الأَخبـارُ
وَالمُحـامونَ حينَ يَحتَضِرُ الناسُ وَبِــالأَكرَمينَ يُحمــى الـذِمارُ
طَـرَدوا الـذَمَّ فَهو مِنهُم بَعيدٌ مــالَهُ حَيــثُ يَسـكُنونَ قَـرارُ
وَأَبـى الحَمـدُ أَن يُحالِفَ قَوماً غَيرَهُـم فَهـوَ صائِرٌ حَيثُ صاروا
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-