شَطّت بجارَتِكَ النَوى فَتَحَمَّلِ
الأبيات 55
شــَطّت بجارَتِــكَ النَــوى فَتَحَمَّـلِ وَنَأَتـــكَ بَعــدَ مَــوَدَّةٍ وَتَــدَلُّلِ
وَلئِن فَعَلــتِ لَقَـد عَلَتنـي كَـبرَةٌ وَأَطَلـتُ صـَرمَكِ فَـاِهجُريني أَو صِلي
وَأَســيلَةِ الخَــدَّينِ سـاجٍ طَرفُهـا بَيضــاءَ مونِقَـةٍ لعَيـنِ المُجتَلـي
خَــودٌ مِــنَ اللائي يَمُسـنَ تَـأَوُّداً مَشـيَ المِيـاهِ عَلى الكَثيبِ الأَهيلِ
لاقَيـتُ فـي غَـربِ الشَبابِ فَلَم يَكُن قَلـبي لَهـا غَرَضـاً وَلَـم أَسـتَقتِلِ
وَأَنـا اِمرُؤٌ مِنّي العَفافُ وَلَم أَكُن دَنِـسَ الثِيـابِ وَلا مُريـبَ المَـدخَلِ
أَفَلا تَناســاها وَتَــترُكُ ذِكرَهــا إِذا حَمَّلَتـكَ أَخـالَ مـا لَـم تَحمِلِ
بِعُــذافِرٍ يُشــري الجَـديلَ كَـأَنَّهُ عَيــرٌ تَصــَيَّفَ فــي نَحـائِصِ ذُبَّـلِ
شــُزَّبٌ ذوابِــلُ يَتَقيــنَ لَبــانَهُ وَجَـــبينَهُ بِســـنابِكٍ كَالجَنــدَلِ
أَرِنٌ يَعَــــضُّ بكـــاذِهِنَّ كَـــأَنَّهُ قِـدحٌ يَظَـلُّ بِـهِ المُناضـِلُ يَغتَلـي
بَيــنَ السـُمَيَّةِ وَالسـَنانِ يَجِنُّهـا مِنــهُ بِكُــلِّ حَجــاجِ رَوضٍ مُبقِــلِ
حَتّـى إِذا رَمَتِ الهَواجِرُ في الثَرى وَالنَبــتِ بَعــدَ بَلولَــةٍ وَتَرَبُّـلِ
وَلَبِسـنَ لَونـاً بَعـدَ آخَـرَ وَاِنجَلَت عَنهُــنَّ هِبرِيَّـةُ الشـَياهِ المُنسـِلِ
وَشــَرِبنَ كُــلَّ بقِيَّــةٍ صــادَفنَها فـي الأَرضِ مِـن مَطَرِ السِماكِ الأَعزَلِ
راحَــت وَراحَ مِـنَ الفَلاةِ فَأَصـبَحا بِمَجـامِعِ التَلَعـاتِ فَـوقَ الضُلضـَلِ
فَظَلَلـنَ مِـن وادي الـذِبابِ بِشُعبَةٍ أَو بِــالأخيرِمِ قارِبــاتِ المنهَـلِ
فَـــوَرَدنَهُ وَنُهـــودُهُنَّ نَواشـــِرٌ وَعُيـونُهُنَّ سـَواهِرٌ لَـم لَـم تَغفَـلِ
حَتّــى إِذا اِختَلَـطَ الظَلامُ وَرَدنَـهُ وَلَقــد بَكَيــنَ بِهَيبَــةٍ وَتَجَفُّــلِ
فَــأَتَينَ مَشــرَفاً يَمُــدُّ عَنــانَهُ وَيَـدُ الغُلامِ بِطَعنَـةٍ فـي المَسـحِلِ
مَحَـصَّ الشـَوى مـا مِن يَدَيهِ يَخونُهُ عَظـمُ الشـَظاة وَلا اِنتِشـارُ الأَبجَلِ
وَتَـرى لَغَـرِّ نَسـاهُ غَيبـاً غامِضـاً قَلِـقَ الخَصـيلَةِ مِـن فُوَيقِ المِفصَلِ
فَـالكَعبُ أَصـمَعُ وَالقَطـاةُ يَزينُها هــادٍ لَـهُ قَـرواً شـَديدَ المَوصـِلِ
فَرَمــى بِــهِ أَدبــارَهُنَّ غُلامُنــا لَمّــا اِسـتَتَبَّ بِـهِ وَلَـم يَسـتَدخِلِ
شـَمسٌ جَوانِـحُ يَعتَـدينَ وَقَـد دَنـا يَهــودِيٌّ بِفارِســِهِ هَــوِيَّ الأَجـدَلِ
يَغتــالَهُنَّ إِذا السـَنابِك أَسـهَلَت وَإِذا عَلَــونَ حَزونَــةٍ لَـم يَفشـَلِ
حَســَناً طَرِيّــاً يَشــتَفونَ بِطَعمِـهِ وَقِتــارِهِ لَــم يَســبِقوهُ بِمَأكَـلِ
فَبَنـى لَنـا ضـلاً وَظَـلَّ لَنـا رَنـا لَهَــبٌ أُعيــنَ بِحــاطِبٍ مُســتَعجِلِ
طَــوراً يَطفيــهِ الشـِتاءُ وَتـارَةً يَعلــو سـَناهُ هَشـيمُ شـَيخٍ مِشـعَلِ
فَهَـل أَنـتَ مُنصَرِفٌ فَتَنظُر ما الَّذي أَبقـى الحَـوادِثُ مِن رُسومِ المَنزِلِ
دارٌ بِإِحــدى الرِجلَتَيــنِ كَأَنَّهـا قَــد عُفَّيَــت حِجَجـاً وَلَمّـا تُحلَـلِ
وَكَــأَنَّ سـُهكَ المُعصـِراتِ كَسـَونَها تُـربَ الفَدافِـدِ وَاليَفـاعِ بِمُنخُـلِ
لَعِبَـت بِضـاحيها الرِيـاحُ فَأَصبَحَت لَأيــاً تَأَمَّلَهــا شــِفا المُتَأَمِّـلِ
وَكَـذاكَ يَعلـو الـدَهرُ كُـلَّ مَحَلَّـةٍ حَتّــى تَصــيرَ كَأَنَّهـا لَـم تَنـزِلِ
لا يَــومَ إِلّا ســَوفَ يــورِثُهُ غَــدٌ وَالعــامُ تــارِكُهُ لِآخــرَ مُقبِــلِ
فَسـُقيتِ مِـن دارٍ وَإِن لَـم تَسـمَعي أَصـواتَنا صـَوبَ الرَبيـعِ المُسـبَلِ
قَـد كـانَ أَهلُـكِ مَـرَّةً لَـكِ زينَـةً فَاِسـتُبدِلوا بِـدَلاً وَلَـم تُسـتَبدَلي
فَـاِبكي إِذا بَكَـتِ المَنازِلُ أَهلَها مَعــذورَةً وَظَلَمـتِ إِن لَـم تَفعَلـي
أَهلاً كَرمــاً مَــن يَحُلُّــكِ مِثلَهُـم في ذا الَزمانِ وَلا الزَمانِ المُقبِلِ
تَرَكـوا الأَخاديدَ الَّتي صَرَفوا بِها عَـن فَرشـِهِم قَضـَضَ التِلاعِ المُسـبِلِ
وَرَمــادَ نـارٍ قَـد تَهَيَّـأَ لِلبَلـى فَســَوادُ شــامَتِهِ كَمَتـنِ الخَـردَلِ
بَعـدَ السـَوامِ وَبَعـدَ أَبنَيَـةٍ بِها لا عَــزَّ مِعطــاءَ الجَزيــلِ مُسـَأَلِ
تَـرَكَ الفَـواحِشَ مُـذ تَرَعرَعَ يافِعاً وَنَمـا إِلـى الحَسَبِ الرَفيعِ الأَفضَلِ
مِـن مَنصـَبِ العُـربِ الَّذي ما فَوقَهُ لِلَنــاسِ مِــن شــَرَفٍ وَلا مُتَمَهِّــلِ
وَلَــرُبَّ مُغتَبِــطٍ كَريـمٍ قَـد غَـدا مِــن عِنـدِهِ بهجـاً بِنَفخَـةِ مُجـزِلِ
وَغَريــبِ قَـومٍ أَسـلَموهُ لِمـا بِـهِ وَمَــتى تَـراهُ كَـالخَليعِ المُهمَـلِ
لَـم يَلتَفِـت أَحَـدٌ إِلَيـهِ وَلَم يَجِد إِلّا نَــداكَ فَكُنــتَ خَيــرَ مُعَــولِ
كَالبَــدرِ أَورَثَـهُ الغَمـامُ ظِلالَـهُ طَــوراً وَطَـوراً يَسـتَنيرُ فَيَنجَلـي
يُطـري رِجـالٌ فـي الخَلاءِ نُفوسـَهُم وَإِذا رَأَيتَهُــم مَعــاً لَـم تَعـدِلِ
وَإِذا رَأَيــتَ جَماعَــةً هُـوَ فيهِـمُ بَيَّنــتَ ســُؤدُدَهُ وَإِن لَــم تُسـأَلِ
أَلفــي أَبــاهُ وَجَــدَّهُ وَأَباهُمـا مَـروانَ فـي الشَرَفِ الرَفيعِ الأَطوَلِ
نَطفــاءُ كــانوا لِلبَرِيَّـةِ عِصـمَةً فَأَطـــاقَ أَخِرَهُـــم فَعــالَ الأَوَّلِ
أَنـتَ ابنَهُـم بُنِيَـت عَلَيكَ بُيوتُهُم فـي قـاهِرٍ لِـذَوي الضـَغائِنِ مُعتَلِ
قَــرمٌ أَغَــرُّ تَـرى الأَعِـزَّةَ عَنـدَهُ مُتواضـــِعينَ عَظيمُهُــم كَالأَصــبَلِ
بِــالحَقِّ قـامَ فَمـا يُقَصـِّرُ سـَمعُهُ عَــن صــَوتِ مَظلــومٍ وَلا مُتَــذَلِّلِ
فَجَزَيـتُ أَفضـَلَ مـا عَلِمَـت مُضاعَفاً وَتَمَــلَّ حُلـوَ العَيـشِ غَيـرَ مُمَلَّـلِ
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-

قصائد أخرى لعدي بن الرقاع العاملي

عدي بن الرقاع العاملي
عدي بن الرقاع العاملي

القصيدة أشهر ما وصلنا من شعر عدي، وهي في مدح الوليد بن يزيد بن عبد الملك (88- 126هـ) الخليفة المفترى عليه والمنسوب له زورا وبهتانا أنه قال بعدما مزق القرآن: