عَرَفَ الدِيارَ تَوَهُّماً فَاِعتادَها

القصيدة أشهر ما وصلنا من شعر عدي، وهي في مدح الوليد بن يزيد بن عبد الملك (88- 126هـ) الخليفة المفترى عليه والمنسوب له زورا وبهتانا أنه قال بعدما مزق القرآن:

إِذا مـا جِئتَ رَبَّـكَ يَـومَ حَشرٍ فَقُــل يـا رَبِّ خَرِّقَنـي الوَليـدُ

وفي دالية عدي قوله يخاطب الوليد:

الأبيات 42
عَـرَفَ الـدِيارَ تَوَهُّماً فَاِعتادَها مِـن بَعدِ ما شَمِلَ البِلى أَبلادَها
إِلّا رَواســِيَ كُلُّهُـنَّ قَـد اِصـطَلى حَمـراءَ أَشـعَلَ أَهلُهـا إيقادَها
كـانَت رَواحِـلَ لِلقُـدورِ فَعُرِّيَـت مِنهُـنَّ وَاِسـتَلَبَ الزَمانُ رَمادَها
بِشـُبَيكَةِ الحَـوَرِ الَّـتي غَربِيُّها فَقَــدَت رَسـومُ حِياضـِهِ وَرّادَهـا
وَتَنَكَّــرَت كُـلَّ التَنَكُّـرِ بَعـدَنا وَالأَرضُ تَعـرِفُ تَلعَهـا وَجَمادَهـا
وَلَـرُبَّ واضـِحَةِ الجَـبينِ خَريـدَةٍ بَيضـاءَ قَـد ضَرَبَت بِها أَوتادَها
تَصـطادُ بِهجَتُها المُعَلَّلَ بِالصِبا عَرَضـاً فَتُقصـِدُهُ وَلَـن يَصـطادَها
كَالظَبيَةِ البِكرِ الفَريدَةِ تَرتَعي مِـن أَرضـِها قَفَراتِهـا وِعِهادَها
خَضـَبَت لَها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها مِـن عَركِهـا عَلَجانَهـا وَعَرادَها
كَـالزينِ في وَجهِ العَروسِ تَبَذَّلَت بَعـدَ الحَيـاءِ فَلاعَبَـت أَرآدَهـا
تَزجـي أَغَـنَّ كَـأَنَّ إِبـرَةَ رَوقِـهِ قَلَـمٌ أَصـابَ مِنَ الدَواةِ مَدادَها
رَكِبَـت بِـهِ مِـن عالِـجٍ مُتَحَيِّـراً قَفــراً تُرَيّــبُ وَحشـُهُ أَولادَهـا
بِمَجَـرِّ مُرتَجِـزِ الرَواعِـدِ بَعَّجَـت غُـرُّ السَحابِ بِهِ الثِقالُ مَزادَها
فَتَـرى مَحانيهِ الَّتي تَسِقُ الثَرى وَالهُـبرَ يونِـقُ نَبتُهـا رُوّادَها
بـانَت سـُعادُ وَأَخلَفَـت ميعادَها وَتَباعَـدَت مِنّـا لِتَمنَـعَ زادَهـا
إِنّـي إِذا مـا لَـم تَصلِني خُلَّتي وَتَباعَـدَت عَنّـي اِغتَفَرتُ بِعادَها
وَإِذا القَرينَةُ لَم تَزَل في نَجدَةٍ مِـن ضَغنِها سَئِمَ القَرينُ قِيادَها
إِمّـا تَـرَي شـَيباً تَفَشـَّغُ لِمَّـتي حَتّـى عَلـى وَضـَحٌ يَلـوحُ سَوادَها
فَلَقَـد تَـبيتُ يَدُ الفَتاةِ وِسادَةً لـي جـاعِلاً يُسـرى يَـدَيَّ وِسادَها
وَأَصـحابُ الجَيشِ العَرَمرَم فارِساً فـي الخَيلِ أَشهَدُ كَرَّها وَطِرادَها
وَقَصـيدَةٍ قَـد بِـتُّ أَجمَـعُ بَينَها حَتّــى أُقَـوِّمَ مَيلَهـا وَسـِنادَها
نَظَـرَ المُثَقِّـفِ فـي كُعوبِ قَناتِهِ حَتّــى يُقيــمَ ثِقـافُهُ مُنآدَهـا
وَلَقَـد أَصـَبتُ مِـنَ المَعيشَةِ لَذَّةً وَلَقيـتُ مِن شَظَفِ الخُطوبِ شِدادَها
فَســَتَرتُ عَيـبَ مَعيشـَتي بِتَكَـرُّمٍ وَأَتَيـتُ في سَعَةِ النَعيمِ سَدادَها
وَبَقيـتُ حَتّـى مـا أُسائَلُ عالِماً عَـن عِلـم واحِـدَةٍ لِكَي أَزدادَها
صـَلّى الإِلَـهُ عَلـى اِمـرِئٍ وَدَّعتُهُ وَأَتَــمَّ نِعمَتَـهُ عَلَيـهِ وَزادَهـا
وَإِذا الرَبيـعُ تَتـابَعَت أَنواؤُهُ فَسـَقى خُناصـِرَةَ الأَحَـصِّ وَجادَهـا
نَـزَلَ الوَليـدُ بِها فَكانَ لِأَهلِها غَيثـاً أَغـاثَ أَنيسـَها وَبِلادَهـا
أَوَلا تَــري أَنَّ البَرِيَّــةَ كُلَّهـا أَلقَـت خَزائِمَهـا إِلَيـهِ فَقادَها
وَلَقَــد أَرادَ اللَـهُ إِذ وَلاكَهـا مِــن أَمَّــةٍ إِصـلاحَها وَرَشـادَها
وَعَمَّـرتَ أَرضَ المُسـلمينَ فَأَقبَلَت وَنُفيـتَ عَنهـا مَن يُريدُ فَسادَها
وَأَصـَبتَ فـي أَرضِ العَـدُوِّ مُصيبَةً بَلَغَـت أَقاصـي غورِهـا وِنِجادَها
نَصـراً وَظَفـراً مـا تَناوَلَ مِثلَهُ أَحَـدٌ مِـنَ الحُلَفاءِ كانَ أَرادَها
وَإِذا نَشـَرتَ لَـهُ الثَناءَ وَجَدتَهُ جَمَـعَ المَكـارِمَ طُرفَهـا وَتِلادَها
غَلَـبَ المَسـاميحَ الوَليدُ سَماحَةً وَكَفـى قُرَيشـاً ما يَنوبُ وَسادَها
تَــأَتيهِ أَســلابُ الأَعِـزَّةِ عَنـوَةً قَسـراً وَيَجمَـعُ لِلحُـروبِ عَتادَها
وَإِذا رَأى نـارَ العَـدُوّ تَضـَرَّمَت سـامي جَماعَـةَ أَهلِها فَاِكتادَها
بِعَرَمـرَمٍ يَئِدُ الرَوابـي ذي وَغيٍ كَـالحَرَّةِ اِحتَمَلَ الضُحى أَطوادَها
أَطفَـأَت نيـرانَ العَـدُوِّ وَأوقِدَت نـارٌ قَـدَحتَ بِراحَتَيـكَ زِنادَهـا
فَبَـدَت بَصيرَتُها لِمَن تَبَعَ الهُدى وَأَصــابَ حَــرُّ شـَرارِها حُسـّدَها
وَإِذا غَـدا يَومـاً بِنَفخَـةِ نائِلٍ عَرَضـَت لَهُ الغَدَ مِثلُها فَأَعادَها
وَإِذا جَـرَت خَيـلٌ تُبـادِرُ غايَـةً فَالسـابِقُ الجائي يَقودُ جِيادَها
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-