بانَت حَسينَةُ وَاِئتَمَّت بِمَن بانا
الأبيات 51
بـانَت حَسـينَةُ وَاِئتَمَّـت بِمَـن بانا وَاِسـتَحدَثَت لَـكَ بَعدَ الوَصلِ هِجرانا
وَمــا حُســَينَةُ إِذ قـامَت تُوَدِّعُنـا لِلبَيـنِ وَاِعتَقَـدَت شـَذراً وَمُرجانـا
إِلّا مَهـــاةُ صــَريمٍ حُــرَّةٌ خَــذَلَت مِـن وَحـشِ أَعفَـرَ أَو مِن وَحشِ نَيّانا
أَو ظَبيَـةٌ مِـن ظِباءِ الحُوَّةِ اِبتَقَلَت مَــذانِباً فَجَّــرَت نَبتـاً وَحُجرانـا
مَـجَّ الرَبيـعُ بَهـا الوَسـمِيُّ ريقَتَهُ فَــــأَنبَتَت نَفَلاً رُؤداً وَحَوذانـــا
تَحنـو إِلـى أَكحَلِ العَينَينِ رانَ بِهِ نَـومُ النَهـارِ فَمـا يَنفَـكُّ وَسنانا
يَـأبى إِذا طَمَعَـت أَن يَسـتَنيعَ لَها إِلّا مُخالَفَـــةً عَنهـــا وَخُـــذلانا
بِكـــرٌ تُرَبِّبُـــهُ آثــارَ مُنبَعِــقٍ تَــرى بِـهِ جُفَنـاً زُرقـاً وَغُـدرانا
إِذا هِـيَ اِطَّلَعَـت مِـن رَوضـَةٍ هَبَطَـت أُخـرى يَظَـلُّ بِهـا العَيسوبُ حَيرانا
وَلَــن تُقَلَّــبُ فـي أَرضٍ تُلِـمُّ بِهـا إِلّا وَجَــدتَ بِهــا لِلــهِ ضــيفانا
مِـن خَلقِـهِ فَهـوَ يَكسـوهُم وَيَرزُقُهُم يَومـاً وَيَومـاً وَلَـن يَسأَلنَ أَثمانا
لَهُـــنَّ رَبٌّ حَفِـــيٌّ لا يُضـــيعُ وَلا يَخفـى عَلَيـهِ خَفِـيٌّ حَيـثُ مـا كانا
ذو قُـدرَةٍ لَيـسَ طـولُ الدَهرِ زائِدَهُ مِنهُــنَّ بُعــداً وَلا عَنهُــنَّ غَفلانـا
إِنَّ الوَليـدَ أَميـرَ المُـؤمِنينَ قَضى أَمــراً يُبَلِّغُــهُ الأَدنَـونَ أَقصـانا
قَضــِيَّةً عَصـَمَ اللَـهُ العِبـادَ بِهـا فَأَصـبَحوا فـي كِتـابِ اللِهِ إِخوانا
بَعــدَ الشــِقاقِ وَأَضــغانٍ مُبَيَّنَـةٍ وَميتَـةٍ كـانَ فيهـا حيـنُ مَن حانا
فَأَصـبَحَ الأَمـرُ بَعـدَ اللَـهِ قـادَتُهُ بَنـوا الألى غَضِبوا مِن قَتلِ عُثمانا
الآمِــرونَ بِتَقــوى اللَــهِ أُمَّتَهُـم وَالكـائِنونَ عَلـى المَعروفِ أَعوانا
وَالقــائِلونَ أَتَينــا كُـلَّ مَكرُمَـةٍ قُــدّامَنا فَحَصــوا عَنهـا لِأُخرانـا
عِنـدَ الشـَديدَةِ حَـيٌّ يَسـتَفيدُ لَهُـم مَـن يَشـرَبُ الماءَ من راضٍ وَغَضبانا
لَـولا الإِلَـهُ وَأَهـلُ الأُردِنِّ اِقتَسـَمَت نـارُ الجَماعَـةِ يَومَ المَرجِ نيرانا
كانوا زواراً لِأَهلِ الشامِ قَد عَلِموا لَمّـا رَأَوا فيهِـم جَـوراً وَأَضـغانا
تَواعَدوا مَوعِداً حَتّى إِذا اِجتَموَعوا سـاروا جَميعاً وَقالوا اللَهُ مَولانا
فَلَـم يَكونـوا غَداةَ الزَحفِ أَكثَرَهُم في الصَفِّ صَفّاً وَلا في الخَيلِ فُرسانا
وَلا بَصــيرَةُ أَمــرٍ يَهتَــدونَ بِــهِ كَالصـُبحِ يَعرِفُـهُ مَـن كـانَ يَقظانا
غَــداةَ يَــدعونَ وَالأَبصـارُ خاشـِعَةٌ يارَبَّنــا وَلِيَــنَّ الأَمــرَ أَتقانـا
فَبَيَّـضَ اللَـهُ يَـومَ المَـرجِ أَوجُهَهُم بِنَصــرِهِ وَبِســَيفِ اللَــهِ مَروانـا
وَبِـاِبنِهِ بَعـدَهُ عَبـدُ المَليـكِ فَقَد زادوا ذَوي عَقلِنـا شـُكراً وَإيمانا
ثُـمَّ اِصـطَفى اللَـهُ لِلإِسـلامِ بَعدَهُما مِـن أَهـلِ بَيتِهِمـا نـوراً وَبُرهانا
رَأى الوَليــدُ لَهــا أَهلاً فَمَلَّكَــهُ وَاِختـارَ مِنّـا الَّـذي يَرضى وَأَرضنا
فَالحَمــدُ لِلَّــهِ إِذ وَلّـى خِلافَتَنـا وَأَمرَنــا خَيرَنـا دينـاً وَأَقوانـا
مُـرَّ العُـداوَةِ يَشـقى الكاشِحونَ بِهِ حُلـواً إِذا لَـم تَرِبـهُ ريبَـةٌ لانـا
نَحــنُ الرَعِيَّـةُ وَالرَحمَـنُ يَحفَظُنـا وَأَنـتَ فـي الأَرضِ بَعدَ اللَهِ تَرعانا
قَضـى عَلَيهِم لَهُ في الحَقِّ قَد عَلِموا جَهــدَ النَصـيحَةِ إِسـراراً وَإِعلانـا
يَـــرَونَ طـــاعَتَهُ لِلَّـــهِ رَبَّهُــم رِضــىً وَعِصــيانَهُ لِلَّــهِ عِصــيانا
فَــأَنتَ غَيـثٌ بِـإِذنِ اللَـهِ أَرسـَلَهُ لِلمُســلِمينَ حَيــاً وَالأَرضِ عُمرانـا
فَلا تَــرى نــائِلاً يَجــري كَنـائِلِهِ وَلا كَبُنيــانِهِ فــي الأَرضِ بُنيانـا
بَنـــى مَســاجِدَ لِلإِســلامِ جامِعَــةً وَلَـم يَـدَع بَيـتَ إِشـراكٍ كَما كانا
كَنيســَةً حَــدَرَت عــادٌ حِجارَتَهــا مِـنَ الجِبـالِ الَّـتي شـَرقِيَّ لُبنانا
مِـن كُـلِّ أَبهَـمَ يَكسو الثَلجُ ذِروَتَهُ حَتّـى فَشـا وَبَدا في الصَيفِ عُريانا
صــَعبُ الشــَواهِقِ مُغبَــرٌّ بِنـاكِبِهِ تَـرى بِـهِ المُعفَراتِ العُصمَ أَخدانا
بِـــهِ كُلـــومُ صــَوافيرٍ مُــذَكَّرَةٍ تَـرُنُّ مِنـهُ ضـَواحي الصـَخرَ إِرنانا
بَنــوا قَنـاطِرَهُ حَتّـى إِذا جَعَلـوا لَـهُ مِـنَ الجَنـدَلِ العـادِيِّ أَركانا
فَأَحسـَنَ الصـُنعَ بَنّـاءوكَ وَاِرتَفَعوا فَـوقَ الَّـذينَ تَغَنّـوا فيـهِ أَزمانا
كَسـَوهُ مِـن عَمَـلِ الصـُنّاعِ مُلتَهِقـاً يَكــادُ يَختَطِــفُ الأَبصـارَ عِقيانـا
كَــأَنَّهُنَّ قِيــاسُ الصـَيفِ إِذ طَـرَدَت كَنَهــوَراً فَزَحَتــهُ الريـحُ رَيّانـا
إِذا حَــدَت قُــزَحٌ مِنــهُ سـَحابَتَها رَأَيـتَ مِنـهُ مَـعَ الشـَؤبوبِ أَلوانا
وَكـانَ أَمـرُكَ فـي أَهلِ الطَوانَةِ مِن نَصـرِ الَّـذي فَوقَنـا وَاللَهُ أَعطانا
أَمـراً شـَدَدتَ بِـإِذنِ اللَـهِ عُقـدَتَهُ فَـزادَ فـي دينِنـا خَيـراً وَدُنيانا
وَكـانَ بُـزَّةُ مـا أُعطيـتَ مِـن حَسـَنٍ نَصـراً عَزيـزاً وَتَثبيتـاً وَبُرهانـا
نُعمـى مِنَ اللَهِ زادِ المُسلِمينَ بِها تُقـىً وَكـانَت بِحَمـدِ اللَـهِ عِرفانا
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-