أَرواحٌ أَم بُكرَةٌ فَاِغتِداءُ
الأبيات 69
أَرواحٌ أَم بُكــــرَةٌ فَاِغتِــــداءُ بِــدِيونٍ لَــم تَقضــِهِنَّ الشــِفاءُ
لَــو ثَـوى لا يَريمُهـا أَلـفُ حَـولٍ لَـم يَطُـل عِنـدَها عَلَيـهِ الثَـواءُ
أَهَواهـــا يَشـــُفُّهُ أَم أُعيـــرَت مَنظَـراً فَـوقَ مـا أُعيـرَ النِسـاءُ
واضــِحٌ وَجهَهــا هَضــيمٌ حَشــاها تَنكَـــأُ القَلــبَ حُــرَّةٌ حَــوراءُ
وَإِذا مـــا تَبَســـَّمَت لاحَ مِنهــا بَـــرَدٌ شـــافَهُ لِثـــاثٌ ظِمــاءُ
طَعمُــهُ طَعــمُ مــاءِ أَبطَـحَ جَـونٍ جَعَفَتـــــهُ ســــَحابَةٌ غَــــرّاءُ
فــي حُبّـي تَجـري سـَواريهِ بَرحـاً مُســتَكِفٍّ يَعــومُ فيــهِ العَمــاءُ
بَزَّهــا الأَمــرَ أَيِّـدٌ نَعِـرُ النِـيْ ليـــــة لا يطــــبيهِ إِلّا الخَلاءُ
يَخلِـفُ النـاسَ فـي الفَلاةِ إِذا ما حــانَ مِنهُــم صـَيرورَةً وَاِنثِنـاءُ
آبِــلٌ لا يُزايِــلُ الجــزؤُ حَتّــى تَــرِدَ الصــهبُ قَبلَــهُ وَالظِبـاءُ
كُـــلَّ وَســـمِيَّةٍ تَحَيَّـــرَ فيهــا مِـن سـُيولِ الرَبيـعِ وَالصـَيفِ ماءُ
فَكَســــاها مُنَــــوَّراً رَشـــَحَتهُ فَتَـــراتُ الشـــِتاءِ وَالأَنـــواءُ
رَهِـــلٌ زَمَخــرٌ إِذا الشــَمسُ ذَرَت خَضـــِلَت فـــي ظِلالِــهِ الأَنــداءُ
يَتَغَنّــى بِهــا عَلــى نَغِـمٍ بـالٍ فــي ضــَواحي رِياضــِها المَكّـاءُ
كَتَغَنــي اللَذيــذِ أَصـبَحَ نَشـوانَ تُرنيـــــه نَشــــوَةٌ عَشــــواءُ
أَفلا تُســـعِدُ الهُمـــومَ بِعَنـــسٍ رَســلَةٍ حيــنَ تَعــرُضُ البَيــداءُ
كَالصـــَهابِيَةِ النَحـــوصِ تَلاهــا واضــِحُ الكـاذِنينَ فيـهِ اِنتِحـاءُ
صــاكَ بِالصــُلبِ وَالقَـوائِمِ مِنـهُ مِثـلَ مـا صـاكَ بِالقِـداحِ الغَرّاءُ
ضـــَمِنٌ آلَ مَــن عُصــارَةِ بُهمــى ســـَمَقَت فَهـــيَ رَخصــَةٌ صــَمعاءُ
فَهــوَ مُسـتَدمِجٌ أُمِـرَّ عَلـى الضـُمْ ر خَميــصٌ قَــد لاحَــهُ التَعــداءُ
طــارَ عَنــهُ نَســيلُ عــامٍ كَمـا طارَ عَنِ العلجِ ذي القَميصِ القباءُ
وَنَقــى القُــرَّحَ الصــَلادِمَ حَتّــى تَرَكَـــت جُــوَّةً لَــهُ المُعَيــراءُ
مُســـتَطارٌ لَـــهُ نَحــائِصُ صــُلبٌ ذُبَّــــلٌ عِنــــدَهُنَّ مِنــــهُ بَلاءُ
يِتَعــــــاقَبنَهُ بِضــــــَربِ وَلاءٍ لا يَقــي حــاجِبَيهِ مِنــه وَقــاءُ
فَبِضـــاحي لُبـــانِهِ وَذِراعَيـــهِ أَخاديـــدُ مـــا بِهِـــنَّ غَبــاءُ
أَرِنٌ مـــا يَـــزالُ يَلقُـــطُ زُرّاً مَعَـــهُ مِـــن جُلـــودِهِنَّ ســَحاءُ
قاتَـــلَ الأَرضَ بِالســَنابِكِ حَتّــى أَخَــذَت مِــن نُســورِهِ المَعــزاءُ
يَتَشــَكّى الوَجــا وِمِنـهُ إِذا جَـدَّ عَلـــى طَلعِـــهِ لَهُـــنَّ غَنـــاءُ
ذادَهـا وَهـيَ تَشـتَهي الـوَردَ حَتّى غَلَبَـــــت أَن تَقَرَّهـــــا الأَكلاءُ
بِغُـــرابٍ إِلـــى أُلاهَـــةَ حَتّــى أَصـــــبَحَت أُمَّهاتِهـــــا الأَطلاءُ
وَدَنــا النَجــمُ يَسـتَقيلُ وَحـارَت كُـــلَّ يَـــومٍ ظَهيـــرَةٌ شــَهباءُ
كُلَّمــا رَدَّنــا شـَطاً عَـن هَواهـا شــــَطَنَت ذاتُ ميعَـــةٍ حَقبـــاءُ
فَتَــــرَدَّدنَ بِالســـَماوَةِ حَتّـــى كَـــذَّبَتهُنَّ غُـــدرُها وَالنَهـــاءُ
فَــأَلَمَّت بِــذي المُوَيقِــعِ لَمّــا جَـــفَّ عَنهــا مُصــَدَّعٌ فَالنَضــاءُ
ثُمَّـــتَ اِستَوســَقَت لَــهُ وَرَمَتــهُ بِغُبــــارٍ عَلَيـــهِ مِنـــهُ رِداءُ
مُســــتَطيرٍ كَــــأَنَّهُ ســــابِرِيٌّ أَو ســــــَبيبٌ مُســــــَبَّرٌ وَمَلاءُ
دانِيــاتٌ لِلجِــدِّ حَتّــى نَهاهــا مِــن جَنــوبِ البَضـيعِ مـاءٌ رواءُ
فَتَعَرَّضـــنَ مـــا يَـــرِدنَ كَمــا تَعــرِضُ عِنــدَ اِطِّلاعِهـا الجَـوزاءُ
ســـاعَةً ثُـــمَّ اِســتَغَثنَّ بِعَــذبٍ جُلِحَــت عَــن فَراضــِهِ القَصــباءُ
فَتَعَــوَّ مِــن فيـهِ حَتّـى إِذا مـا وَرَدَتـــهُ الفُصـــوصُ وَالأَطِبّـــاءُ
فَقَضــَينَ الغَليــلَ ثُــمَّ تَــوَلَّينَ بِلَيــــلٍ وَهُــــنَّ مِنــــهُ رَواءُ
قَـد حَبـاني الوَليـدُ يَـومَ أُسـَيسٍ بِعِشـــارٍ فيهــا غِنــىً وَبَهــاءُ
يَحسـِبُ النـاظِرونَ مـا لَـم يَفِرّوا أَنَّهـــا جِلَّـــةٌ وَهُـــنَّ فِتـــاءُ
قَـد نَما في ضُروعِها النَيُّ وَالحَملُ تِمامــــاً وَاِســـتَرخَتِ الأَصـــلاءُ
فَنَتّجنــا قَناعِســاً رَعَـتِ الحَـوَّةَ أَو جَـــوشَ فَهـــيَ قُعــسٌ نِــواءُ
وَإِذا حازَهـــا المُــرَوَّحُ حــاكَت عَـــن ضـــُروعٍ كَــأَنَّهُنَّ الــدِلاءُ
وَيَكُــرُّ العَبــدان بِـالمُحلَبِ الأَح نَــفِ فيهــا حَتّـى يَمُـجَّ السـَقاءُ
يَــترُكُ الحَــيُّ بِالعَشــِيُّ رَغاهـا وَهُـــمُ عَــن رَغيفِهِــم أُغنِيــاءُ
أَمطَرنَنـــي بِهــا يَميــنُ فَــتىً أَروَعَ لا كَـــــزَّةٌ وَلا شـــــَهجاءُ
نــافِعٌ نَفعُــهُ إِذا نيــلَ مِنــهُ نــــائِلٌ فَهــــوَ رِفعَـــةٌ وَعلاءُ
لا بَنــىً غَيـرُهُ فَمَـدَّ لَـهُ العُمـرُ بِمُلــــكٍ وَتَمَّــــتِ النَعمــــاءُ
ســَيِّدٌ إِلَيــهِ المُغيــثُ إِذا مـا قيـلَ يَـومَ الفِخـارِ أَيـنَ الغِناءُ
ســُؤدَدٌ غَيــرَ فــاحِشٍ لا تُــدانِي هِ تَجِبّــــــارَةٌ وَلا كِبرِيـــــاءُ
غَيـرَ أَنَّ الوَليدَ ما اِختارِهُ اللَهُ وَلِلمُســــلِمينَ فيــــهِ رِعـــاءُ
لَيــسَ يَجــزي بِــهِ أَميـرٌ وَلَكِـن ســائِرُ النــاسِ لِلـوَليِ الفِـداءُ
لا أَرى مُرهَقــــــــاً يَجيئَكَ إِلّا خــامَ عَنــهُ الوُشــاةُ وَالأَعـداءُ
وَإِذا زاغَ عَنـــكَ مِنهُــم طَريــدٌ طــاحَ ثُــمَّ اِرتَمَـت بِـهِ الأَرجـاءُ
أَنــتَ فَــوقَ الَّـذي أَقـولُ وَلَكِـن لَـــكَ عِنـــدي نَصــيحَةٌ وَثَنــاءُ
وَإِلــى أَهــلِ بَيتِــهِ مِـن قُرَيـشٍ يَتَنـــاهى عَديـــدُها وَالرِبــاءُ
رَضــِيَ اللَــهُ عَنهُــم وَاِصـطَفاهُم وَلَـــهُ مِـــن عَبــادِهِ أَصــفياءُ
فَـــأَرى أَنَّهُـــم لِـــذَلِكَ أَهــلٌ فَهُــم خَيــرٌ مَــن تُظَـلُّ السـَماءُ
حَفَظــوا مــاوَلاهُمُ اللَــهُ مِنهُـم كُـــلَّ قَــومٍ بِــأَمرِهِم أَولِيــاءُ
وَإِذا مـــا أَرادَ رَحمَـــةَ قَــومٍ رَبُّهُــم فَهــوَ فاعِــلٌ مـا يَشـاءُ
جَعَـلَ الأَمـرَ فـي ذَوي الرَأيِ مِنهُم إنَّ خَيـــرَ البَرِيَّـــةِ الأَتقِيــاءُ
يَيــأَسُ الظُلــمُ أَن يَكـونَ بِـأَرضٍ هُـمُ بِهـا أَو يَجيءُ مِن حَيثُ جاءوا
ســُنَّةُ اللَـهِ وَالرَسـولِ فَمـا فـي أَمرِهِــــم ريبَـــةٌ وَلا لَحجـــاءُ
قَــوَّمُ المُسـلِمينَ حَتّـى اِسـتَقامَت ســُنَّةُ الحَــقِّ فيهِــمُ وَالوَفــاءُ
وَالمُــوازينَ بِعــدَ بَخـسٍ فَجـازَت ســِلَعُ النــاسِ بَينَهُـم وَالهِـداءُ
فَـإِذا العَبـدُ ذو العَبايَـةِ يُعطى حَقَّـــهُ وَالوَليـــدَةُ البَلهـــاءُ
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-