لِمَن رَسمُ دارٍ كَالكِتابِ المُنَمنَمِ
الأبيات 52
لِمَــن رَسـمُ دارٍ كَالكِتـابِ المُنَمنَـمِ بِمُنعَــرَجِ الــوادي فُوَيــقَ المُهَـزَّمِ
عَفَـت بَعـدَ أَشـباحِ الأَنيـسِ كَأَنَّما ال شـــُخوصُ بِهــا خيلانُ حُــرضٍ وَعَجــرَمِ
تَوَهَّمتُهـا مِـن بَعـدِ مـا قَـد خَلا لَها أَهِلَّـــةُ حَــولٍ بَعــدَ حَــولٍ مُجَــرَّمِ
مَنـــازِلُ أَتــرابٍ تَبَــدَّلنَ بَعــدَها بِلاداً فَبـــادَت غَيــرَ نُــؤيٍ مُهَــدَّمِ
ســـَمِعنَ بِغَيـــثٍ رابِـــعٍ فَتَبِعنَــهُ عَلـــى كُــلِّ مَــوّارِ المِلاطِ عَثَمثَــمِ
طـوالُ القَـرى تَحكـي خُطـاهُ إِذا مَشى تَجــاوُبَ أَحنــاءَ الغَــبيطِ المُقَـوَّمِ
تَخَطَّيــنَ بَطــنَ السـِترِ حَتّـى جَعَلنَـهُ عَلـى الغَـربِ سـَيرَ المُنتَوى المُتَيَمِّمِ
فَلَمّــا تَجــوَزنَ الحَصــيداتِ كُلَّهــا وَخَلَّفــنَ مِنهــا كُــلَّ رَعــنٍ وَمَخـرَمِ
دَأَبــنَ لِخَيشـومِ البَيـاضِ الَّـذي لَـهُ مِــنَ التـاجِ إِكليـلٌ كَتـاجِ المُسـَوَّمِ
مَـدَحتُ أَميـرَ المُـؤمِنينَ الَّذي اِصطَفى لَنــا رُبُّنــا فَضـلاً عَلـى كُـلِّ مُسـلِمِ
بَنـي الحَمـد فيـهِ فَـاِرتَقى في مُشَرَّفٍ رَفيــعٍ مِــنَ البُنيــانِ لَـم يَتَثَلَّـمِ
فَمــا فـي بَنـى حَـوّاءَ فَـرعٌ يَفـوقُهُ بِفاضـــِلَةٍ دونَ النَبِـــيِّ المُكَـــرَّمِ
فَمـا كـانَ بـابُ الحَمـدِ حَتّـى لَقيتُهُ بِــــأَخرَسَ مَكنــــونٍ وَلا بِمُصــــَتَّمِ
جَمَعـتَ اللَـواتي يَحمَـدُ اللَـهُ عَبـدَهُ عَلَيهِـنَّ فَليَهنَـأ لَـكَ الخَيـرُ وَاِسـلَمِ
فَـــأَوَّلُهُنَّ البِـــرُّ والــبرُّ غــالِبٌ وَمـا بِـكَ مِـن عَيـبِ السـَرائِرِ يُعلَـمِ
وَثانِيَــةٌ كــانَت مِــنَ اللَـهِ نِعمَـةً عَلــى المُســلِمينَ إِنَّـهُ خَيـرُ مُنعِـمِ
وَثالِثَـــةٌ أَن لِيــسَ فيــكَ هَــوادَةٌ لِمَـن رامَ ظُلمـاً أَو سـَعى سـَعيَ مُجرِمِ
وَرابِعَــةٌ أَن لا تــزالَ مَــعَ التُقـى تَحُــثُّ بِمَيمــونٍ مِــنَ الأَمــرِ مُـبرَمِ
وَخامِسـَةٌ فـي الحُكـمِ أَنَّـكَ تُنصِفُ الضَّ ضـَعيفَ وَمـا مَـن عَلَّـمَ اللَـهُ كَالعَمي
وَسادِســَةٌ أَنَّ الَّــذي هُــوَ رَبُّنـا اِص طَفــاكَ فَمَــن يَتبَعــكَ لَــم يَتَنَـدَّمِ
وَســــابِعَةٌ أَنَّ المَكـــارِمَ كُلَّهـــا ســَبَقتَ إِلَيهــا كُــلَّ ســاعٍ وَمُلجِـمِ
وَثامِنَــةٌ فــي مَنصــِبِ النـاسِ أَنَّـهُ ســَما بِــكَ مِنـهُ مُعظَـمٌ فَـوقَ مُعظَـمِ
وَتاســــَعَةٌ أَنَّ البَرِيَّــــةَ كُلَّهـــا يَعُــدّونَ ســَيباً مِــن إِمــامٍ مُتَمَّـمِ
وَعاشــــِرَةٌ أَنَّ الحُلـــومَ تَوابِـــعٌ لِحِلمِـكَ فـي فَضـلٍ مِـنَ القَـولِ مُحكَـمِ
جَـــوادٌ فَلا يَنفَـــكُّ يَرمُــدُ بــابَهُ أولــو حاجَــةٍ مُستَبشــِرونَ بِمُنعِــمِ
فَقَــد جُعِلَــت كُتّــابُهُ فــي مَؤونَـةٍ مَفاتيــحُ مِــن مَعروفِــهِ المُتَقَســِّمِ
إِذا مـا حَبـا وَفـداً أَتـاهُم بِمِثلِـهِ رُكــوبَ المَــوامي بِـالمَطِيِّ المُخَـزَّمِ
تَقيـــسُ بِأَيـــديها الفَلاةَ كَأَنَّمــا مَــــذارِعُ أَيـــديهِنَّ أَذرُعُ مَـــأتَمِ
كَــأَنَّ أَفـاحيصَ القَطـا حَيـثُ عاجَهـا مُعَـرَّسُ مَثـوىً مِـن كَـرى اللَيـلِ نُيَّـمِ
أَنـاخوا وَقَـد طـالَ الكَـرى فَكَـأَنَّهُم ســُكارى تَحــاذَوا صـَحنَ راحٍ مُخَضـرَمِ
أَنــاخوا قَليلاً ثُــمَّ نَبَّــهَ نَــومَهُم دُعــاءٌ بُعَيــدَ الفَهــمِ مـاضٍ مُعَمَّـمِ
عَمَــرَّسُ أَســفارٍ إِذا اِســتَقبَلَت لَـهُ ســُمومٌ كَحَــرِّ النــارِ لَــم يَتَلَثَّـمِ
يُكافِــحُ لَوحــاتِ الهَـواجِرِ وَالضـُحى مُكافَحَـــةً بِـــالمَنخِرَينِ وِبِـــالفَمِ
وَقَــد ســَفَعتهُ الشـَمسُ بَعـدَ بَضاضـَةٍ فَصــارَ كَســَفّودِ الحَديــدِ المُســَحَّمِ
إِذا مـــارَمى أَصـــحابَهُ بِجَـــبينِهِ دُجـا اللَيلَـةِ الظَلمـاءِ لَـم يَتَكَهَّـمِ
شــَديدُ صــِفاقِ الكَشـحِ يَلـوي إِزارَهُ بِمُنخَــرِقٍ عــاري الشَراســيفِ اَهضـَمِ
كَــــأَنَّ زُرورَ القُبطُرِيَّـــةِ عُلِّقَـــت بَنادِكُهـــا مِنـــهُ بِجِـــذعٍ مُقَــوَّمِ
كَـــأَنَّ قُـــرادَي نَحــرِهِ طَبَعَتهُمــا بَطيــنٍ مِــنَ الجــولانَ كُتّـابُ أَعجَـمِ
إِذا شِئتَ أَن تَلقى فَتى البَأسِ وَالنَدى وَذا الحَسـَبِ الرابـي التَليدِ المقدَمِ
فَكُـــن عُمَــراً تَــأتي وَلا تَعــدوَنَّهُ إِلـى غَيـرِهِ وَاِسـتَخبِرِ النـاسَ وَاِفهَمِ
فَــتىً حُجِبَنــت عَنـهُ الفَـواِشُ كُلُّهـا فَمــا اِختَلَطَــت مِنــهُ بِلَحـمٍ وَلا دَمِ
غَــدا طَيِّــبَ الأَثــوابِ يَنفَـحُ عِرضـُهُ مُبينــاً لِعَيــنِ النــاظِرِ المُتَوَسـِّمِ
شـَديداً عَلـى ذي الضـَغنِ حيـنَ يَريبُهُ دَفوعــاً عَــنِ المُستَضــعَفِ المُتَهَضـِّمِ
كَـــأَنَّ هِلالاً واضـــِحاً فَرَجَـــت لَــهُ شـــَماريخُ مُـــزنٍ رابِـــعٍ مُتَغَيِّــمِ
عَلــى مِنبَـرِ الـوادي المُقَـدَّسِ كُلِّـهِ يَـــروحُ بِقَـــولٍ ثــابِتِ المَتَكَلَّــمِ
أَغَـــرُّ مُحَيّـــا بِالإِمـــارَةِ وَجهُــهُ مِــنَ المُنجِزيـنَ الحَمـدَ غَيـرَ مُـذَمَّمِ
نَمــاهُ إِلــى عَليـاءَ يَهلِـكُ دونَهـا تَكــاليفُ ذي المَــأثورَةِ المُتَكَــرِّمِ
ثَلاثَـــةِ آبــاءٍ لَــهُ كُلُّهُــم بَنــي تَمامــاً وَمُلكــاً ثُــمَّ لَــم يَتَصـَرَّمِ
مُلــوكٌ يَــرَونَ العَـدلَ حَقّـاً عَلَيهِـم حِسـانُ الوِجـوهِ يَهتَـدي بِهِـم العَمـي
فَكـانوا لَنـا نـوراً بِـإِذنِ الَّذي لَهُ عَلَيهــا إِيــادٍ مِــن فُضـولٍ وَأَنعُـمِ
رَأَونــا فَوَلّــوا أَمرَنـا أَتقِياءَنـا وَمــا عَلِمنــا أَنَّنــا لَــم نُعَلَّــمِ
فَهَــذا ثَنــائي صـادِقاً غَيـرَ كـاذِبٍ عَلَيهِـم وَمَـن لَـم يَقـضِ بِـالحَقِّ يَندَمِ
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-