ما هاجَ شَوقَكَ مِن مَغاني دمنَةٍ
الأبيات 48
مـا هـاجَ شـَوقَكَ مِن مَغاني دمنَةٍ وَمَنــازل شــَغَفَ الفُـؤادَ بَلاهـا
دارٌ لِصــَفراءَ الَّــتي لا تَنتَهـي عَــن ذِكرِهـا أَبَـداً وَلا تَنسـاها
جَيـداءُ يَطويهـا الضَجيعُ فَتَنطَوي طَــيَّ الحَمالَــةِ لَيِّــنٌ مَتناهـا
صـادَتكَ أُخـتُ بَنـي لُـؤَيٍّ إِذ رَمَت وَأَصـابَ سـَهمُكُ إِذا رَمَيـتَ سِواها
وَأَعارَهـا الحَـدَثان مِنـكَ مَـوَدَّةً وَأُعيــرَ غَيــرُكَ وُدُّهـا وَهَواهـا
تِلـكَ الظَلامَـةُ قَـد عَلِمتُ فَلَيتَها إِذ كُنــتُ مَكتَبِلاً تَلِــمُّ نَواهــا
بَيضـاءُ تَسـتَلِبُ الرِجـالَ عُقولَهُم عَظُمَــت رَوادِفُهــا وَدَقَّ حَشــاها
وَكَــأَنَّ طَعــمَ الزَنجَبيـلِ وَلَـذَّةً صـَهباءَ سـاكَ بِهـا المُسَحِّرُ فاها
يـا شَوقُ ما بِكَ يَومَ بانَ حُدوجُهُم مِـن ذي المُوَيقِـعِ غُـدوَةً فَرَآهـا
وَكَــأَنَّ نَخلاً فــي مُطيَـةٍ ثاوِيـاً بِـالكَمعِ بَيـنَ قَرارِهـا وَحَجاهـا
وَعَلـى الجِمـالِ إِذا وَنَينَ لِسائِقٍ أَنزَلــنَ آخَــرَ رائِحـاً فَحَـداها
مِــن بَيـنِ مُختَضـِعٍ وَآخَـرَ مَشـيُهُ رَقِــلٌ إِذا رُفِعَـت عَلَيـهِ عَصـاها
مِـن بَيـنِ بَكـرٍ كَالمَهـاةِ وَكاعِبِ شـَفَعَ النَعيـمُ شـَبابَها فَغَـذاها
لا مُكثِــرٌ غُــسٌّ وَلا اِبـنُ وَليـدَةٍ بـادي المـروَةِ يَسـتَبيحُ حَماهـا
وَلا جَعَلـنَ مَحمَـلَ ذي السِلاحِ مَجَنَّهُ رَعـنَ اليَتيمَـةِ وَاِفتَرَشـنَ لِواها
أَصـعَدنَ فـي وادي أُثيـدَةٍ بَعدَما عَسـَفَ الخَميلَـةَ وَاِحـزَأَلَّ صـَواها
قُرَيَّــةٌ حَبَــلَ المُقيـظُ وَأَهلُهـا بِحَشـا مَـآبٍ تُـرى قُصـورُ فَراهـا
وَاِحتَـلَّ أَهلُـكَ ذا القتودِ وَغُرَّباً فَالصَحصـَحانَ فَـأَينَ مِنـكَ نَواهـا
فَـإِذا تَحَيَّـرَ في الفُؤادِ خَيالُها شــَرِقَ الشـُؤونُ بِعَـبرَةٍ فَبَكاهـا
أَفَلا تَنســـاها بِــذاتِ بَرايَــةٍ عَنـسٍ تَجُـلُّ إِذا السـَفارَ بَراهـا
تَطـوي الإِكـامَ إِذا الفَلاةُ تَوَقَّدَت طَـيَّ الخَنيـفِ بِوَشـكِ رَجـعِ خُطاها
وَتَشـولُ خَشـيَةَ ذي اليَمينِ بِمُسبَلٍ وَحـفٍ إِذا ضـَخِبَ الـذُبابُ حَماهـا
مُتَــذَيِّلٍ لَــدنِ المَفاصـِلِ فَـوقَهُ عَجَــبٌ أَصــَمُّ يَســُدُّ خَـورَ صـَلاها
نُخِســَت بِـهِ عَجـزٌ كَـأَنَّ مَحالَهـا دَرَجٌ ســُلَيمانُ النَبِــيُّ بَناهــا
بُنيَـت عَلـى كَـرشٍ كَـأَنَّ حُرودَهـا مُقَـــطٌ مُطَــوّاةٌ أُمِــرَّ قُواهــا
فـي مُجفَـرٍ حـابي الضـُلوعِ كَأَنَّهُ بِشــرٌ يُجيـبُ النـاطقينَ رَجاهـا
وَيَقـودُ ناهِضـُها مَجـامِعَ صـُلبِها نَعبـاً وَتَبتَـدِرُ النَجـاءَ يَـداها
وَتَســوقُ رِجلاهـا تَـوالي خَلقِهـا طَـرداً وَتَلتَطِـسُ الحَصـى بِعجاهـا
أَلقَـت عَلـى مَتنِ الطَريقِ جَنينَها بَتَنوفَــةٍ قَفــرٍ يُعــارُ قَطاهـا
فَغَـدَت وَأَصـبَحَ في المَعرَسِ ثاوِياً كَــالجِروِ مُلتَفِعـاً عَلَيـهِ سـَلاها
وَلَهـا مُنـاخٌ قَـلَّ مـا بَرَكَـت بِهِ وَمُصــَمَّعاتٌ مِــن بَنــاتٍ مِعاهـا
سـودٌ تَـوائِمٌ مِـن بَقِيَّـةِ حَشـوِها قَــذَفَت بَهِــنَّ الأَرضَ غِـبَّ سـُراها
حَتّـى إِذا اِنقَشـَعَت ضـَبابَةُ نَومِهِ عَنــهُ وَكــانَت حاجَــةً فَقَضـاها
أَهــوى يُعَصــِّبُ رَأَســَهُ بِعَمامَـةٍ دَسـماءَ لَـم يَـكُ حينَ نامَ طَواها
ثُــمَّ اِتلَأَبَّ إِلــى زِمـامِ مُناخَـةٍ كَبَــداءَ شــُدَّ بِنَسـعَتَيهِ حَشـاها
وَغَـدَت تُنـازِعُهُ الجَـديلُ كَأَنَّهـا بَيدانَــةٌ أَكَــلَ السـِباعُ طَلاهـا
حَتّـى إِذا يَئِسـَت وَأَسـحَقَ ضـَرعُها وَرَأَت بِقِيَّـــةَ شــَلوِهِ فَشــَجاها
قَلِقَــت وَعارَضـَها حِصـانُ نَحـائِصٍ صــَحِلُ الصـَهيلِ وَأَدبَـرَت وَتَلاهـا
يَتَعــاوَرانِ مِــنَ الغُبـارِ مُلاءَةً بَيضــاءَ مُجدَثَــةً هُمـا نَسـَجاها
تُطـوى إِذا عَلَـوا مَكانـاً جاسِياً وَإِذا السـَنابِكُ أَسـهَلَت نَشـَراها
فَأَلَـحَّ وَاِعتَزَمَـت عَلَيـهِ بِشـَأوِها شــَرَفَينِ ثُمَّــتَ رَدَّهــا فَثَناهـا
لِسـَرارَةٍ حَفَـشَ الرَبيـقُ غُثاءَهـا حَــوّاءَ يَـزدَرِعُ الغُمَيـرَ ثَراهـا
فَتَصـــَيَّفاها يُصــبِحانِ كِلاهُمــا لِثَـقُ الجَحافِـلِ مِـن وَكيفِ نَداها
حَتّـى اِصـطَلى وَهَجَ المَقيطِ وَخانَهُ أَبقــى مَشــارِبَهُ وَشـابَ عَثاهـا
وَثَوى القَتامُ عَلى الصُوى وَتَذَكَّرا مـاءَ المَنـاظِرِ قُلبَهـا وَأَضـاها
فَـــأَرَنَّ يَأَرِنُهــا عَرَضــَت لَــهُ بَيــداءُ ذاتُ مَخــارِمٍ عَســَفاها
حَتّــى تَــأَوَّبَ مـاءَ عَيـنٍ زَعـرَبٍ تَنقـي الضـَفادِعَ في نَقيعِ صَراها
فَتَــزَوَّدا نَفَســَينِ ثُــمَّ تَوَلَيّـا فَرِحَيــنِ غِـبَّ الـرَي أَن يَـذَراها
عدي بن الرقاع العاملي
76 قصيدة
1 ديوان

عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع من عاملة.

شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود.

كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم، خاصة بالوليد بن عبد الملك.

لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، مات في دمشق وهو صاحب البيت المشهور:

تزجي أغنّ كَأن إبرة روقه قلم أصاب من الدواة مدادها

714م-
95هـ-