جَرى القَضاءُ وما يُغنِيكَ يا رجُلُ
الأبيات 41
جَـرى القَضـاءُ ومـا يُغنِيـكَ يـا رجُلُ عنــهُ احتِيالُــكَ لا واللَـهِ والعمَـلُ
جَــرى بِفَقــدِ إِمــامٍ عــالمٍ فَطِــنٍ مَـن طـابَ أَصـلاً وفَرعـاً فهـوَ مُكتَمِـلُ
جَــرى القَضــاءُ عَلَينـا ثُـمَّ فَرَّقنـا فشـبَّ فـي القلـبِ نـاراً فيـهِ تشتعِلُ
كنّــا خَرَجنــا مُشــاةً نحـو مُنتَـزَهٍ مِــنَ النخيــل وحبـلُ الوصـلِ مُتَّصـلُ
نِلنــا سـُروراً عظيمـاً لا مزيـدَ لـهُ فـي يَـومِ أُنـسٍ علـى اللـذاتِ مُشتَمِلُ
فيــا لَــه يـوم أُنـسٍ غـابَ حاسـِدُه عنّــا وَعُــذّالُه عنــهُ لقَـد غفلُـوا
فيــهِ شــَرِبنا كـؤوسَ الأُنـسِ مُترَعـةً فطــابَ منهــا لنـا العَـلُّ والنَهَـلُ
لمّــا قَطفنـا ثمـارَ الوصـلِ يانِعـةً بخيــرِ حــالٍ وغصـنُ الوصـلِ مُعتـدلُ
عُــدنا سـريعاً نَـؤُمُّ الأهـل أجمعنـا نَمشـي وذا الأنـسُ عنّـا ليـسَ يَنفَصـِلُ
فبَينمــا نَحــنُ نَمشــي آمنيـنَ فلا نَخشــى وليــسَ بنــا خـوفٌ ولا وجـلُ
أغــارَ مِــن غربنــا خيــلٌ مُضـمَّرةٌ صــفرٌ عليهـا شـياطينٌ فَمـا عَـدَلُوا
رَمَــوا خليلــي بسـهمٍ فاتِـكٍ فغـدا مُضـــَرَّجاً بـــدماهُ وهـــوَ مُنجــدلُ
لـو أنَّنـا قـد شـعرنا بـالكِلابِ إذاً لمَــا نَجــا منهــمُ مهــرٌ ولا رجـلُ
لكنَّهـــم أخـــذُونا حِيلــةً وكَــذا أُسدُ الشَري في الوَغى تَصطادُها الحِيَلُ
جزاهُـمُ اللَـه فـي ذي الـدارِ مَهلَكةً وفـي الجَحيـم لهـم مـن فوقِهـا ظُلَلُ
تَفـديهِ نفسـِيَ مـن شـيخٍ إمـامِ هُـدىً حَــبرٍ ذكــيٍّ بــأمرِ اللَــهِ مُمتثِـلُ
شــَيخي محمَّــد المحمــودُ لا برحــت عنــهُ لـه بالوفَـا الأخبـارُ تنتَقـلُ
شـــيخٌ كريـــمٌ عزيــزٌ ماجــدٌ ورعٌ نـــدبٌ همــامٌ أغَــرُّ فاضــلٌ بطــلُ
شــيخٌ تقــيٌّ نقــيٌّ ذو وفــاً وصـفاً مهــذَّبٌ طــابَ منـهُ القـولُ والعمـلُ
شــيخٌ صــفيٌّ وفــيٌّ ذو حِبــاً وسـخاً فيـــهِ تنافســَتِ الأســحارُ والأُصــُلُ
شــيخٌ كريــمٌ نمتـهُ الأكرمُـونَ إِلـى أن شــادَ للمجـدِ بيتـاً دونَـهُ زُحَـلُ
شــيخٌ عزيــزٌ حميــدٌ نــالَ مرتبـةً فـي العِلـمِ مـا نالهـا حافٍ ومُنتَعِلُ
وحــازَ علمـاً وحلمـاً وارتفـاعَ عُلاً مـا حـازهم فـي الورى أُنثى ولا رجلُ
شــيخٌ منيــبٌ بــأمرِ اللَـهِ ممتثـلٌ مـا غـرَّهُ الـدهرُ منـهُ الجِدُّ والهَزَلُ
شــيخٌ منيــبٌ رِضــا الرحمـنِ هِمَّتـهُ يــبيتُ بالليــلِ يــدعُوهُ ويَبتَهــلُ
فــي عصــرِهِ لا يُــرى شـخصٌ يُشـاكِلُهُ فـي الفَضـلِ كلا وحاشـا مـا لـهُ مَثَلُ
لِــرزئِهِ ذابَــت الأكبــادُ وانصـَدَعت وظـلّ ذا الـدَمعُ فـي الخَـدَّينِ مُنهَملُ
وصــرتُ صــبّاً سـقيماً باكيـاً دَنِفـاً والقلــبُ مُكــتئِبٌ والجســمُ مُنتحِـلُ
والشــَملُ مفــترقٌ والهــمُّ مُجتمِــعٌ والنَــومُ مُبتَعِــدٌ والأُنــسُ مُرتَحــلُ
والجســمُ مُحــترقٌ والــدَمعُ مُنسـكبٌ مــا حِيلتِــي قلَّــتِ الآراءُ والحِيَـلُ
هَــمٌّ وســُقمٌ وحــزنٌ بعــد فُرقَتِــهِ يـا رَحمتـا لفُـؤادٍ فيـه قـد نَزَلُوا
لـن يَسـلُوَ القلـبُ ذكـراهُ إذاً أبداً والجــرحُ مُــذ بــانَ ليــسَ ينـدَمِلُ
ولَـم يطِـب بعـدَهُ العيشُ الهنيءُ لنا كلا ولــم يُغنِنــا شــَخصٌ بــه بَـدَلُ
قـد فَـرَّق الـدهرُ شـَملاً كـانَ مجتمعاً منّــا وذا الـدَهرُ بالإِنسـانِ ينتَقـلُ
يـا غـافِلاً والمنايـا عنـهُ ما غَفِلت وجــاهِلاً مـا ثنـاهُ اللـومُ والعَـذَلُ
بـادِر وَتُـب واسـتقِل مِمّـا جَنيتَ ولا يَغُــرُّكَ الــدَهرُ منـهُ الأمـنُ والأمـلُ
فكـــلُّ حُـــرٍّ وإن طــالت إقــامتُهُ لا بُــدَّ يومــاً بـأمرِ اللَـهِ يَرتحـلُ
يـا قـبرُ رفقـاً بـه إذ كنـت منزلهُ ودارِهِ لا ينَلـــهُ الضــِيقُ والخَلَــلُ
مِنّــي عليــه ســلامٌ عَـدَّ مـا هطَلـت سـحابةٌ فـاضَ منهـا السـهلُ والجبـلُ
وبعـدُ صـلّى إلـهُ العَـرشِ منـهُ علـى محمَّــدٍ مَــن لـه قَـد دانَـت الملـلُ
كــــذاكَ آلٌ وأصـــحابٌ وتـــابِعُهم فهُــم نجــومُ هــدىً للحــقِّ تشـتعلُ

عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك، من بني تميم.

ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتلقى العلوم الأولية من قراءة وكتابة في المدارس الأهلية، ثم قرأ الفقه والتفسير والحديث على والده.

رحل إلى أبوظبي مدرساً ومرشداً بطلب من أهلها، فكانت حلقته تضم كثيراً من طلاب العلم والراغبين فيه.

له شعر جيد.

1923م-
1342هـ-

قصائد أخرى لعبد اللطيف بن إبراهيم آل مبارك