محمد بن علي بن محمد بن الأزرق الغرناطي أبو عبد الله قاضي الجماعة:
آخر من ولي منصب قاضي الجماعة في غرناطة، وفي أيامه ضاعت غرناطة ولم يبق للعرب في الأندلس باقية، وكان إمام عصره في علوم اللغة، له مؤلفات أشهرها "بدائع السلك في طبائع الملك" المنشور عندنا في الموسوعة، لخص فيه مقدمة ابن خلدون وما يجرى مجراها من الكتب. وأثمن ما وصلنا من شعره قصيدته التي يصف فيها سقوط غرناطة واولها:
مشوقٌ بخيمات الأحبّة مولع | تذكّره نجدٌ وتغريه لعلع |
قال المقري: (ودخل تلمسان لما استولى العدو على بلاد الأندلس، ثم ارتحل إلى المشرق، فدخل مصر، واستنهض عزائم السلطان قايتباي لاسترجاع الأندلس، فكان كمن يطلب بيض الأنوق، أو الأبيض العقوق ثم حج ورجع إلى مصر فجدّد الكلام في غرضه، فدافعوه عن مصر بقضاء القضاة في بيت المقدس، فتولاه بنزاهة وصيانة وطهارة، ولم تطل مدته هنالك حتى توفّي به بعد سنة خمس وتسعين وثمانمائة، حسبما ذكره صاحب الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل). وكان تاريخ ولايته القضاء في بيت المقدس يوم الإثنين 16 شوال 896هـ وتوفي بعد شهرين يوم الجمعة 17 /ذي الحجة / من السنة نفسها. الموافق 12 / 10 / 1491
ومن كتبه التي ذكرها المقري "روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام" قال: مجلد ضخم فيه فوائد وحكايات لم يؤلف في فنّه مثله، وقفت عليه بتلمسان. و"شفاء الغليل شرح مختصر الخليل" قال: (وقد رأيت جملة من هذا الشرح بتلمسان وذلك نحو ثلاثة مجلدات، ولا أدري هل أكمله أم لا، لأن تقديره بحسب ما رأيت يكون عشرين مجلداً، إذ المجلد الأول ما أتم مسائل الصلاة، ورأيت الخطبة وحدها في أكثر من كراسة أبان فيها عن علوم، ولم أر في شروح خليل مع كثرتها مثله).
ونقل المقري نماذج من إنشائه وآرائه في اللغة فمن إنشائه قوله: (ومخالفة التلميذ الشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه وعليها دليلٌ قائمٌ يقبله غيرُ شيخٍ من العلماء، ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم، والإجلال الملائم، فقد خالف ابن عباس عمر وعليّاً وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم، وكان قد أخذ عنهم، وخالف كثير من التابعين بعض الصحابة، وإنّما أخذوا العلم عنهم، وخالف مالك كثيراً من أشياخه، وخالف الشافعي وأشهب مالكاً في كثير من المسائل، ولم يزل ذلك دأب التلاميذ مع الأساتيذ إلى زماننا هذا، وقال: وشاهدنا ذلك في أشياخنا مع أشياخهم رحمهم الله تعالى، قال: ولا ينبغي للشيخ أن يتبرّم من هذه المخالفة إذا كانت على الوجه الذي وصفناه.)