من دارةِ العلم يبدو طالِع الحِكَمِ
الأبيات 53
مـن دارةِ العلـم يبـدو طالِع الحِكَمِ لــولاه مَــا خَطَّــتِ الأفلامُ بــالكَلِمِ
قَدْ طار ذو العلمِ فَوْقَ النجم مرتفِعاً وانحـطّ ذو الجهـلِ بالقاعاتِ والتُّخَمِ
لا يمتطــي المجــدَ بُطّــال ولا ضـَجِر فالمجـدُ بالجِدِّ لَيْسَ المجدُ فِي السَّأم
مـن طـال بـالعلم يومـاً طلب مَسْكَنُه يَــا مُزنـةَ العلـمِ هَلاّ رَشـْفَةً بفمـي
يـا ضـيعةَ العُمـر يَا للعُرب من ضَعةٍ قَـدْ هَـدَّموا مَـا بنـى الآباء من هِمم
شـادت حصـونَ العُلـى قِـدْماً أوائلُهم واليـومَ مـن بعـدِهم تبكـي لبُعـدهم
لـم يبـق بـالأرض قـاعٌ والسـما حُبك إِلاَّ بِــهِ عَلَــم مــن طــودِ عِلْمِهِــم
كـم أيـةٍ لهـم فِـي الفضـلِ قَدْ كُتبت فِـي جبهـةِ الدهرِ مثلَ النار فِي عَلَم
للـهِ مـن سـُورةٍ فِـي المجد قَدْ قُرئت للعُـرب قَـدْ كُتبـت بالسـيف والقلـم
حَتَّـى رأَوا فِـي المَعالي لا تظيرَ لَهُم ظنـوا الأعـاجمَ لا تعلـو عَلَـى القِمم
نـاموا بعِزتهـم فِـي اللهو وانتبهتْ قـومٌ عزائمهُـم فِـي المجـد لَـمْ تنَم
أبـدَياً لنا من غريبِ الصُّنْع مَا عَجَزتْ عـن صـنعه حكمـةُ اليونـان مـن قِدَم
كـم حكمـةٍ مـن بني الإفرنج قَدْ خرجتْ كَـانَتْ عَلَـى القلب لَمْ تَخْطر وَلَمْ تَرُم
قَـدْ وُلـدت من عوالي الفكرِ فانْتَشَأت أبكـارُ مَـا طُمِثـتْ فِـي غـابر الأمـم
يَـا حَسـْرَتي لضـياع العمـر وأاسـفي كـم صـحتُ من غَمْرة فِي الجهل واندمي
أصــبحتُ منتبِهـاً والعيـشُ فِـي قلَـقٍ والنفـسُ فِـي فَـرَق والقلـب فِـي ضَرَم
والصــبحُ أَسـْفر مـن فَـوْديَّ منبثِقـاً بمحـــو بطُرَّتــه ليلاً عَلَــى لِمَعــي
فـالمرءُ ينظـر مَهْمَـا عـاش فِـي زمنٍ عَجائبــاً تــترك الأفكــارَ كـالرِّمَمِ
مــا ظــنّ ذو بصـرٍ أن الجمـاد لَـهُ نطــقٌ بِـهِ تَصـْدَح الحِيطـان بـالنَّغم
حَتَّــى تَرفَّــع ذَاكَ التِّيلفــونُ عَلَـى عــرشِ الخلافــةِ يشـدو ناطقـاً بفـمِ
مـن عهـدِ آدَم لَـمْ نسـمع بِـهِ أبـداً كلا ولا ســـمعتْ أَدْنـــاي مـــن إِرَم
أَجـزاءُ قَـدْ رُكِّبـت أَجْـرامُ قَـدْ حُمِّلت رُوحـاً مـن الـبرقِ لَمْ تنفخ بذي رَحِم
أَســلاكُه ســَلَكت طُـرْق الهُـدى ورَقَـتْ أعلـى المراتـبِ بيـتَ المجدِ والكرمِ
قَــدْ حَـلَّ مرتقِبـاً بـالعز فِـي حَـرَمٍ فامتــد مـن حـرمٍ سـعياً إِلَـى حـرم
مــن مركـزٍ بـالعلى شـِيدَتْ دَعـائِمه كـم حَلَّـه مـن عظيـمِ القـدر محـترم
حَتَّــى ســما قصـرَ تيمـورٍ فحـلَّ بِـهِ يُبـدي لَـهُ مـن بـديع النُّطـق مُنسجِم
قَــدْ مــدّ أسـبابَه فِـي كـل مَسـْطبةٍ للســمع مســترِقاً مــن كـل مُكتتَـم
يحتــا بالقصـرِ مثـل الصـِّلِّ تحسـبه حَرْسـاً مـن الجِـن وحَرْسـاً مـن الخَدم
يمشــي بلا قـدمٍ مشـيَ العنـاكبِ فِـي عِيـدانَ قَـدْ نُصـبت فِـي القاع والأَكَمِ
يَرْنُــو ويســمع لا عيــنٌ بِهَـا بَصـَر كلا ولا أُذن تخشـــى مـــن الصـــَّمم
إن كَـانَ بالشـرق أَوْ بالغرب من خبرٍ يـأتي بِـهِ كـوميض الـبرقِ فِي الظُّلَم
إنــي لأَحســُد هَـذَا التَّيلفـون عَلَـى مَـا فـاز مـن حضرة السلطان بالكرم
قَـدْ صـار مـن أقـرب النُّدمان منزلةً إذ حـلَّ والملِـكُ الميمـون فِـي حَـرَم
يَــا قـائلاً ولسـانُ الحـالِ يُسـْمِعُنِي يَكفيـك مـدحُك هَـذَا الشـيم فاسـتقِمِ
امـدحْ إمامـاً لقـد عـزّ الوجودُ بأنْ يـأتي مـثيلاً لَـهُ فِـي العُرْب والعجم
قلـت اقـترحتَ عظيمـاً وانتـدبتَ أخا عجــزٍ كــذاك قَـدْ استسـمنتَ ذا ورم
لا يُحصـَر المـدحُ فيمـن فِيهِ قَدْ حُصِرت آيــاتُ مجــدٍ وفضــلٍ غيــر منقسـِم
إِن جئت ممتـــدحاً قــالت مكــارمُه أتيـتَ نفسـَك لَيْـسَ الحصـرُ مـن شِيمي
مــدحِي لَــهُ ببـديع الغـول مُحتقَـر كـالبحرِ بالمـاء مسـتغنٍ عـن الدِّيَمِ
قَـدْ قَصـَّرت همـمُ المُـدّاح عنـه وَقَـدْ ضـاقتْ لـدى الفضـل إحصـائها هممـي
قَــدْ أُحكمـت بالقضـا آيـاتُ نشـأتِه إِذ قيـل يَـا فيصـلٌ مَـا شئتَ فاحتِكم
أَفضــالُه والســَّجايا الغُـرّ مشـرِقة كالشـمس مسـفِرةً والبـدرُ فِـي الظلم
ذو هيبــةٍ بِنصـلِ السـَّعْد قَـدْ قُرِنـت لـو حـارب الفَلـك الـدَّوّار منه رُمِي
عَــزَّ الجِـوارُ كمـا ذل النُّضـَارُ لَـهُ فالمــال مبتـذَلٌ والجـار فِـي حَشـَم
آبــاؤه فَخَــرت كــلُّ الملـوك بِهِـم أَعْظِـــمْ بمفتخِــرٍ بســمو بفَخْرِهــم
هَـذَا الَّـذِي مـن عظيـم الفَضل حَمَّلني أطْـوادَ لـو أنهـا بـالطُّور لَـمْ يَفُم
لا زلـتُ أَرسـف فِـي قيـدِ الـولا أبداً لا فــكَّ عنـيَ ذَاكَ القيـد مـن قـدمي
فِــي صــَبْوتي بسـُلوك الـرِّقِّ منتظِـمٌ أسـتغفر اللـه كَيْـفَ العِتقُ فِي هَرَمي
نفـسُ الحيـاةِ حيـاةُ النفـسِ مَشـْهَدُه والبعــدُ عنـديَ عنـه أعظـمُ النِّقَـم
لا يسـمح اللـهُ أن أَرْمَـى بسـهمِ قِلىً أقسـمتُ بـالله أن الـرق مـن قِسـَمي
إنــي تعــوذت بــالرحمنِ مـن زمـن قَـدْ حَكَّـم الـبينَ مَـا بينـي وبينهمِ
إن تَـمَّ لـي كـل مَـا أرجـوه من أملٍ فالشـملُ بالمَلـك السـلطان من لَزَمي
فالفضـــلُ مبتــدِئ فِيــهِ ومختتِــم يَــا حُســْنَ مبتــدأِ فِيــهِ ومختتـم
أبو الصوفي
163 قصيدة
1 ديوان

سعيد بن مسلم بن سالم المجيزي.

شاعر عُماني من شعراء أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان والده وأعمامه في خدمة حكام مسقط والشام بدأً حياته كاتباً صغيراً ثم أخذ يترقى إلى أن صار كاتب السلطان فيصل بن تركي وسميره ومحل ثقته.

وكان أبو الصوفي شاعر للسلطان فيصل بن تركي وابنه تيمور.

له (ديوان -ط).

1953م-
1373هـ-