حدثتُ نفسي فاستثرتُ هيامَها
الأبيات 40
حـدثتُ نفسـي فاسـتثرتُ هيامَهـا هــل تســتعيدُ بلادنُـا أيّامَهـا
يـا نفسـيَ الـدنيا مُنىً ورغائبٌ مـاذا عَليـكِ لو استبحتِ جسامها
إن الشـبابَ ومـا جهلـتُ غـرورَة يطـوي الحيـاةَ مـذهِّباً أحلامَهـا
أدعـو المنـى فإذا سعِدتُ فغاية أو لا فنفسـي قـد شـَفَيتُ أُوَامَها
مـا لـذَّةُ العيشِ الحقيقة وحدَها حسـبُ النفـوس تَـوهّمت أوهامَهـا
تلـك البلادُ الشـاهقات جبالُهـا قـد وطَّـدتْ تحـت الثرى أقدامَها
الراســـيات عــزةً ألناهضــات إلـى السـماء اللابسـات غمامَها
تتحــدث العظمـاتُ عـن قُمّاتهـا متلمّســـاتٍ صــخرَها ورَغَامَهــا
فـإذا مشـى الوادي بهنّ حيالَها وإذا انبسطن مع السهول أمامَها
وقَـفَ الزمـانُ لديكَ يروي مجدَها ومشــى إليــك جلالُهـا قـدّامها
تلـك البلادُ الشـافياتُ مياهُهـا ألمطفِئاتُ ومــا بَخِلـن ضـِرامَها
فــوّارَةٌ فــوق الصـخور شـرودةٌ بيـن الرُّبى كالطيرِ رُعتُ نظامها
ماشـيتُها غضـبى كمـا هيّجـتُ في بيـداء شاسـعةِ المـدى ضرغامها
وصــحبتُها بيـن الريـاضِ نقيـةً تمشـي تُضـاحكُ وردَهـا وخُزامَهـا
تلـك البلادُ الزاهـراتُ نجومُهـا ألكاشــفاتُ وقـد طلعـنَ ظَلامَهـا
الناظمــاتُ مـن السـناء قلائداً غُــرّاً تسـبّح بالثنـاء نِظامَهـا
يــا حسـنَها بجلالهـا ووئامِهـا لـو كـان قـومي يفهمون وئامَها
تلـك البلادُ وقـد حـوى تاريخُها صــفحاتِ مجــدٍ خلّـدت أقوامَهـا
ألصـانعين مـن الـترابِ عجائباً كفَلَ الزمانُ لدى الجمالِ دوامَها
جـابوا البحارَ قريبَها وبعيدَها وبغـوا السماءَ فسخّروا أجرامَها
لبنانُهــا مِلـكُ الجبـال وأرزُه مـرّتْ بـه الأعصـارُ تَحنـي هامَها
مـأوى الجبـابرةِ العظامِ ومعقِلٌ عَصـَم الملـوكَ كبارَهـا وعظامَها
يـا خالـداً تطوي الدهورَ حياله ويظـــل يملأُ ذكــرُهُ أعوامَهــا
عــوّذت مجـدك أن يُلِـمَّ بـه أذى ولـك الحيـاةُ فلا رأيـتَ خِتامها
تلـك البلادُ ومـا ذكـرتُ جَمالها إلا لأذكــرَ رَغــم حــبي ذامَهـا
علـىَّ الذي خلق السَقَامَ لها إذا أصـغى لشـكواها شـفى أسـقامَها
اللــهُ شــرَّفها فــأهبطَ وحْيَـهُ فيهـا وعظّـم بالمسـيحِ مقامَهـا
عَهـدِي بـه ديـنُ المحبـة دينُـه مـا بالُهـا غلـبَ الخِصامُ سلامَها
تلــك البلادُ وحبَّــذا أبناؤهـا بيـن البنيـن إذا ذكرتُ كرامَها
عبثـاً تُفَرّقُنـا المُنـى فنفوسُنا لبلادنــا لا نســتبيحُ ذِمامَهــا
تلـك البلادُ ومـا نَسـيتُ نساءها تشـقى الرياضُ إذا نسيتُ حمامَها
الحاضــناتُ برحمــةٍ أطفالَهــا والكـافلاتُ مـن الشـقا أيتامَها
المُطعمـاتُ جياعَهـا والكاسـياتُ عُراتهــا والشــافِياتُ سـَقامَها
واللـهِ لـم تَقُـمِ البلادُ بنهضـةٍ حــتى تُريـدَ السـيداتُ قيامَهـا
نـادِ المنـى تُقْبِلْ عليك سعودُها ودعِ الزمــانَ محقِقــاً أَحلامهـا
تلـك البلاد يُعيـد مَجْـدَ شبابِها مَـن قـاد للمجدِ القديم ذِمامَها
الشـــعبُ أعظــم قــوّةٍ غلابــةٍ يطـأُ النجـومَ بها إلا هُوَ رامَها
بلغَـتْ مـن العليـاء أرفعَ ذروةٍ أُمَــمٌ رأيــتُ ملوكَهـا خُـدّامَها
وهـوَت إلـى دَرَك الشـقاء تجمّداً أُمـمٌ أطـالت في السكون منامَها
تلـك البلاد ولـن تكـونُ عزيـزةً حــتى يهــذِّبَ شــعبُها حكامَهـا
أمين تقي الدين
92 قصيدة
1 ديوان

أمين تقي الدين.

محامي، من الشعراء الأدباء.

من أهل (بعقلين) بلبنان، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة الزهور مشتركاً مع أنطون الجميِّل.

وترجم عن الفرنسية (الأسرار الدامية - ط ) لجول دي كاستين.

وعاد إلى بيروت فعمل في المحاماة إلى أن توفي في بلده.

وآل تقي الدين فيها أسرة درزية كبيرة.

1937م-
1356هـ-