مِنكَ الحنينُ ومنه ما هو أَعظَمُ
الأبيات 147
مِنـكَ الحنيـنُ ومنـه مـا هو أَعظَمُ لــو يَســتطيعُ أتــاكَ لا يتلــوَّمُ
الــبيتُ أنـتَ بـه أحـق وإن أبَـى مــن أهــلِ مَكــةَ جاهـلٌ لا يعلـمُ
مـا أصـدقَ الرُؤيـا وأقـربَ حِينَها فاصــبِرْ علــى ثقـةٍ وربُّـكَ أكـرم
إن يَخْـلُ منهـا اليومُ فالغدُ بعده بــالخيرِ والرضـوانِ منهـا مُفعَـمُ
سـِرْ يـا رسـولَ اللَّـهِ جُنـدُكَ باسلٌ وقُــواكَ مُحْصــَدَةٌ ورَأْيُــكَ مُحكــم
آثـــرتَ رَبَّــكَ وحــده لا تَشــتكِي فيــهِ مــن الأهــوالِ مـا تَتجشـم
وَمضــيتَ مُعتمِــراً بِصـحبِكَ مُحرمـاً والهَــدْيُ حــالٍ بــالقلائدِ مُعْلَـمُ
والمؤمنــاتُ الصــَّالحاتُ كأَنَّمــا فيهــن ســَارَةُ والرضــيَّةُ مَريَــم
مــن كــلِّ أُمٍّ بَــرَّةٍ لــم يُلهِهَـا بَعْـلٌ ولـم يَغْلِـبْ نوازعهـا ابْنَـمُ
يــا طِيْــبَ مـا لَبَّيـتَ رَبَّـكَ إنّـه لَلحــقُّ يُزلِفُــهُ فُــؤادُكَ والفــم
أيــن الشـَّريكُ لمـن تَصـرَّفَ وحـده فــي مُلكِــهِ أَمَّـنْ سـِواهُ المُنعِـم
لَبَّيْـكَ رَبِّـي إن قَضـيتَ لنـا الهدى فَكِتابُــكَ الهـادي وأنـتَ المُلْهِـم
تلكــم قُريــشٌ أقبلـتْ فـي غَضـبةٍ مَشــــبوبةٍ وحميَّــــةٍ تَتضــــرّم
قــالت أيــدخلُها علينــا عَنْـوَةً الســَّيفُ أولَــى أن يُحكَّـمَ والـدَّم
وَرَوى ابـنُ سُفيانَ الحديثَ فلو دَرى لُغــةَ الســُّيوفِ لَخَالهــا تَتَكلّـم
أَصــغتْ إليــه فلـم يَقِـرَّ بغمـدِه منهــا علـى طـولِ التحلّـمِ مِخْـذَم
يَجِـدُ التقـاةُ المحرمـونَ ولا كمـا يَجِـدُ التقـيُّ مـن السـُّيوفِ المُحْرِمُ
أبــدتْ تَباريــحَ الهُمُـومِ شـديدةً وأَشــدُّ منهــا مــا تُجِـنُّ وتَكْتُـمُ
وَدَّتْ لَـو اَنَّ اللَّـهَ قالَ لها اضرِبي فَمضــتْ تُظلِّلهــا النسـورُ الحُـوَّمُ
قـــال النــبيُّ أَنَتَّقيهــا خُطَّــةً هــي مـا علمتـم أم نَجِـدُّ وَنُقـدِمُ
فأجـابه الصـِّدِّيقُ بـل نمضـي إلـى مـا كنـتَ تنـوِي بـالخروجِ وتعـزم
وَرَمَـى بهـا المقـدادُ خُطبـةَ مُؤمنٍ يَرمــي الخطــوبَ بنفسـِهِ لا يُحجِـم
ومضـوا يـرون المشـركين بذي طوى والخيــلُ شــتَّى والخميـسُ عَرَمْـرم
أَبِلالُ أَذِّنْ للصـــــّلاةِ فإنّهـــــا أســنى وأشـرفُ مـا يُحـبُّ المسـلم
نَهَــضَ النـبيُّ يُقيمهـا فـي صـحبهِ للَّــهِ تُبْــدأُ بالخشــوعِ وَتُختَــم
وأعـــدَّ طائفــةً تقــومُ فتتَّقــي كيــدَ العــدوِّ إذا يَكــرُّ ويهجـم
حــتى إذا سـَجَدَ الرفـاقُ تخلَّفـوا عنهــم فَضــُوعِفَ أجرُهـم والمغنـم
جيـشُ الهـدى واليُمـنِ عنـد جلالِـهِ بِيَميـــنِ قــائدِهِ يُصــَفُّ وَيُنظَــمُ
جَعَـلَ ابـنَ بِشـرٍ في الجهادِ لخالدٍ يَلقــاهُ إن جَمـعَ الفـوارسَ مَـأزِمُ
سـلكوا الطريـقَ الوعرَ يَسطعُ نُوره وأضــلَّ غيرَهــم الطريـقُ المُظلِـمُ
يمضـي الـدليلُ بهـم ويذهبُ مُوقِناً ثَبْتــاً فمــا يرتــابُ أو يتـوهّم
بُـوركتَ ناجِيـةَ بـن جنـدبَ من فتىً جَلْــدٍ علــى الضــراءِ لا يتــبرّم
وَجَـــب الثنــاءُ لأســلميٍّ ماجــدٍ شــَرفتْ بــه نَســباً وعـزّتْ أَسـلَمُ
تلــك الحُدَيبِيـةُ المحبَّـبُ ذِكْرُهـا للحـــقِّ فيهـــا منــزلٌ وَمُخيَّــم
نَــزَلَ الهــداةُ بأرضـِها فكأنَّمـا طلعــت لأهــل الأرضِ فيهـا الأنجـمُ
يـا مَـبركَ القُصـوَى أتلـك رسـالةٌ جاءتــكَ أم هــي مــن كَلالٍ تـرْزمُ
أَبـتِ المُضـِيَّ ولـم يكـن ليعوقهـا لــو شــاءَ ربُّـكَ مَـبركٌ أو مجثَـمُ
لــو شــاءَ أرسـلَها فزلـزلَ مكّـةً خَطــبٌ يَضــِجُّ لـه الحطيـمُ وزمـزم
أبـديلُ أقبِـلْ فـي رِجالِـكَ والتمسْ عِلــم اليقيـنِ لمـن يَظـنُّ وَيَزعُـم
قــال النـبيُّ أتيـتُ غيـر مُحـاربٍ وانظــرْ فــإنّ الحــربَ لا تتَلثـم
الهَـدْيُ حولـك والسـُّيوفُ كمـا ترى مَقروبـــةٌ وكأنّمـــا هِــيَ نُــوَّم
مــــا جئتُ إلا لِلْبَنِيَّــــةِ زائراً أَقضـــِي لربِّـــي حقَّهــا وأُعَظّــمُ
ارجَـعْ إلى القومِ الغضابِ وقل لهم ردُّوا النّفـوسَ إلـى التي هي أقوم
إن تمنعوا البيتَ العتيقَ يَكُنْ لكم يَــومٌ مـن الحِـدثانِ أَربـدُ أقتـم
الــبيتُ بيــتُ اللَّــهِ جـلَّ جَلالُـه ولَنحــنُ أولــى بالمناسـكِ مِنهـمُ
نَصـَحَ ابـنُ ورقـاءَ الرجالَ فيا له مــن ذي مُناصــَحةٍ يُســَبُّ وَيُشــتم
قـالوا أَنـذعِنُ صـاغِرينَ وأقسـموا أن ينبـذوا المثلـى فبئس المَقْسم
وتتــابعتْ رُســُلٌ فمنهــم غــادِرٌ يَبغــي الفســادَ وحَــاذِرٌ يتـأثّم
ومُقَســــَّمُ الأخلاقِ يُحســـِنُ مَـــرّةً وَيُسـِيءُ أخـرى فـي الحـوارِ فَيعرم
أهـوى عَلـى يـدهِ المغيـرةُ ضارباً لـولا الأَنـاةُ لطـار منـه المِعْصـَمُ
مــا انفـكَّ يضـربُه بِمقبـضِ سـَيْفِهِ والســَّيفُ يُغضــِي والمنيّـةُ تَحلـم
أسـرفتَ عُـروَةُ فاقتصـِدْ واقبضْ يَداً رِيـعَ السـِّماكُ لهـا وَغِيـظَ المرزمُ
كيــف ارتقيــتَ إلـى محـلٍّ مـاله راقٍ ولـــو أنّ الكـــواكبَ ســُلّم
أبِلحْيَــةِ المختــارِ تُمسـك إنّهـا لَتُصــانُ فــي حَـرَمِ الجلالِ وَتُعصـَم
أحسـنتَ قولَـكَ فـي الـذين ذَممتَهم وأَبَـى الـذين طَغَـوْا فـأنتَ مُـذمَّم
عَــابوكَ إذ قُلـتَ الصـَّوابَ جَهالـةً أَيُعـابُ مَـن يـأبى النِّفـاقَ ويُوصَمُ
صــَدَقَ الحُلَيْــسُ فــأوجعوه ملامـةً والقــومُ لِليَقِــظِ المُســَدَّدِ لُـوَّم
بَعـثَ الهُـداةُ الهَـدْيَ ثُمَّتَ أقبلوا يلقـــونه فعنـــاه هَــمٌّ مــؤلم
جــاءوه شــُعْثاً يرفعــون لربّهـم صـــوتاً يُــردِّدُه الأصــمُّ الأبكــم
فَهَفَــتْ جَـوانِحُه وقـال علـى أسـىً ســُبحانَ ربِّــي مــا لنـا نَتجـرَّم
ســـُبحانه أنصــدُّهم عــن بيتِــهِ إنّــا إذاً قــومٌ نَجــورُ ونظلــم
مــولى الأحـابيشِ الـذينَ تـألّهوا لا يتبعــون ســبيلَ أقـوامٍ عَمُـوا
نبــذتْ قريــشٌ رأيَــهُ واسـتكبرتْ والغَــيُّ أنكـدُ مـا علمـتُ وأشـأمُ
اذهــب خـراشُ إلـى قريـشٍ ناصـحاً فلعلّهــا تبغــي الصـَّوابَ فتفهـم
عقـروا بَعيـرَكَ نـاقِمِيْنَ وأوشـكوا أن يقتلـوك فليتهـم لـم يَنقِمـوا
لــولا الأحــابيشُ اسـتُحِلَّ بظلمهـم منـــه دَمٌ مـــا يُســتحَلُّ مُحــرَّم
ذَهَــبَ ابـنُ عفّـانٍ إليهـم يَبتغِـي أن يـؤثروا الـرأيَ الذي هو أحزم
فـأبوا وقـالوا لا فكـاكَ لكم وما نحـن الألـى نـأبى الهـوانَ فَنُرْغَمُ
هُــمْ أمســكوه ثلاثــةً فـي صـحبه ورمــوا بهــا مَلمومــةً تتقحَّــم
أفلا رَعَــوْا رُســُلَ النـبيِّ وَصـِهْرَهُ إن العقـولَ علـى المـراسِ لتعقـم
دَبَّ ابــنُ حصـنٍ فـي الظلامِ فراعـه يقظــانُ مثــل الصـلِّ ليـس يُهـوِّم
حمــل ابـنُ مُسـلمةٍ فغـادرَ صـحبَه ومضــَى فلا رَجَــعَ الجبـانُ الأيهـم
جـاؤوا المعسـكرَ أربعيـنَ يقودُهم أَســْرَى عليهــم للمذلّــةِ ميســَمُ
وأتـى الرّمـاةُ فجـال في أحشائهم ســَهمٌ تظــلُّ بــه السـهامُ تُحطَّـم
مَنـعَ الأسـَى وشـَفى كُلـومَ قـتيلهِم شــكوى قلــوبٍ مــن قريـشٍ تُكْلَـم
أشـقَى الأَذى والغَـدرُ جَـدَّ رجـالِهم وَجَــرَى لهــم بالأسـرِ طَيْـرٌ أسـحم
سـقطوا فحسـبُ القـومِ مـا يجدونه وكفــى شــهيدَ الحـقِّ مـا يَتَسـنَّمُ
بَعَثَــتْ قُريــشٌ أطلِقـوا أصـحابنَا وخـذوا الرهـائنَ والأُسـارَى مِنكـمُ
صــُدموا بقارعــةٍ تَفـاقَم صـَدعُها لـولا سـفاهةُ رأيهـم لـم يُصـدَموا
لــولا الضـّراعةُ مـن سـُهَيْلٍ هَـدَّهُمْ بــأسٌ تُهَــدُّ بـه الجنـودُ وَتُهـدَمُ
بئس المـآبُ لعصـبةٍ تـأبى الهُـدَى بِيضــاً مَعــالمُه ونعــمَ المقـدم
يــا تـاركَ الطغيـانِ يَعبـسُ جَـدُّه أقبـــلْ فَجـــدُّكَ مُقْبِــلٌ يتبســَّم
مـن حقِّ ذي النُّوريْنِ أن يَدَعَ الدُّجَى خَزْيــانَ يُلْطَــمُ وَجهُــه المُتجهِّـمُ
أإليـكَ مَـدَّ ذوو العَمَـى أظفـارَهم فـانظرْ إلـى الأظفـارِ كيـف تُقلَّـم
هـي بَيْعَـةُ الرضـوانِ لم تتركْ لهم ليلاً يُنـــامُ ولا صـــَبَاحاً ينعــمُ
ســُهْدٌ يَشــُقُّ علـى العُيـونِ مُـبرّحٌ وأســىً يعَـضُّ علـى القلـوبِ مُسـمَّم
فكأنمــا فــي كــلِّ عيــنٍ مِـبرَدٌ وكأنّمــا فــي كــلِّ قلــبٍ أَرقَـم
المســـلمون يُبـــايعونَ نــبيَّهم يَستمســكونَ بعُــروةٍ مــا تُفصــَم
لا يحســبون دمَ المُجَاهــدِ مَغرمـاً هـو عنـدهم إنْ لـم يُرِقْـهُ المغرم
إن ضــمَّهم عنــد الشـَهادةِ مَـورِدٌ لَـذَّ المـذاقُ لهـم وطـابَ المطعـم
اللَّـــهُ مــولاهم ونصــرُ رســولِهِ حَــقٌّ عليهــم فـي الكتـابِ مُحتَّـم
نهضـوا خَفافـاً لـو رأيـتَ جُموعَهم لَعَلِمــتَ أيَّ النّــاسِ إيمانـاً هُـمُ
مــا مِنهــمُ إلا علــى يَــدِهِ يَـدٌ للَّــهِ ينظــرُ نورهــا المتوســّم
لُثِمَــتْ بإيمــانِ القلـوبِ وإنّهـا لَتُــرَى علـى مَـرِّ الزَّمـانِ فتُلثَـم
نعـم العطـاءُ لمعشـرٍ مـا بينهـم نَكِـــدٌ يُـــرَدُّ ولا شـــَقِيٌّ يُحــرمُ
مــا جــلَّ مُــدَّخرٌ فَخِيــمٌ شــأنُهُ إلا الــذي ادَّخــروا أَجَـلُّ وأفخـم
هــذا ســُهَيْلٌ جـاءَ يحمـلُ سـُؤْلَهم وَيَعيـبُ مـا صـَنَعَ الرُّمـاةُ وَينـدم
ويقــولُ دَعْهَــا يــا مُحَمَّـدُ خُطّـةً يُرمَـى بهـا الشـّرفُ الرفيعُ فيُثلَمُ
إنّـا نخـافُ العـارَ فَلْيَـكُ بيننـا صــُلْحٌ نَــدِيْنُ بــهِ وعهــدٌ مُبْـرَمُ
الحــربُ تُوضــَع بيننـا أوزارُهـا وَتَعـودُ إن جَمـعَ الحجيـجَ الموسـمُ
لــكَ مـن سـلاحِكَ مـا تَقَلَّـدَ مُنجِـدٌ يَبغِــي الســلامَةَ أو تَـزوَّدَ مُتهِـم
واجعـل سـُيوفَكَ في الغُمودِ ولا تَضِقْ بالشــرِّ يُــدرَأُ والمضــَّرةِ تُحسـَم
حـدُّ المُقـامِ ثلاثـةٌ فـإذا انقضـتْ فَــدعوا منازِلَنـا وَيـثربَ يَمِّمـوا
مـن جـاءَ منكـم لا يُـرَدُّ ومن يَجيءْ مِنّـــا فمــردودٌ إلينــا مُســْلَم
هـذا الـذي نَرضـى فهـل مـن كاتبٍ يَشـفِي الصـُّدورَ بمـا يَخُـطُّ ويَرقُـم
رَضــِيَ النــبيُّ يُريـدُ رَحمـةَ رَبِّـهِ هُــوَ عبــدُه وهــو الأبـرُّ الأرحَـمُ
صـَاحَ الرجـالُ وَرَاحَ فـاروقُ الهدى يَهتــاجُ فــي بُرْدَيْـهِ فَحـلٌ مُقْـرِمُ
ويقـول للصـدِّيقِ مَـن هـو يـا أبا بكـــرٍ وَأَيَّـــةَ مِلّـــةٍ نَترســـَّمُ
أهُـوَ الرسـولُ ونحـنُ نتبـعُ دِينَـهُ فَلِـمَ الهـوانُ ومـا لنـا نَسْتَسـْلِمُ
الليـنُ مـن خُلُـقِ الضـَّعيفِ وَدَأْبـهِ وَمِـنَ العجـائِبِ أن يَليـنَ الضـَّيغمُ
مَهْلاً هــداكَ اللَّــهُ وَالْـزَمْ غَـرْزَهُ إن كنــتَ تطلـبُ خيـرَ غَـرزٍ يُلـزَم
إهنــأ أبــا بكــرٍ قَضـيتَ بحُجَّـةٍ صـَدَع اليقيـنُ بهـا وأنـتَ مُتَرْجِـم
وأبــو عُبيــدَةَ إذ يَعــوذُ بربّـهِ يَخشـــى بَـــوادرَ صــَدْعُها لا يُلأم
يَرقـى مـن الفـاروقِ نَفْسـاً صـعبةً تــأبى عَوارِمُهــا إذا مـا تُعْجَـم
قـالَ النـبيُّ كفـاكَ يـا عُمَرُ اتَّئِدْ فــالحقُّ فــي ســُلطانِهِ لا يُهــزَمُ
أَرْضــَى وتــأبى أنـتَ إنّ وراءَنـا لـو كنـتَ تعلـمُ مـا نُحِـبُّ ونـرأم
إنــي رسـولُ اللَّـهِ ليـس بِخـاذِلي واللَّــهُ يَقْـدِرُ مـا يشـاءُ وَيَقْسـِمُ
الأمــرُ غَيْــبٌ مــا لمثلِـكَ مطمـعٌ فــي علمِــهِ والغيـبُ بـابٌ مُبْهَـم
اكتُـبْ عَلـيُّ فلـن تـرى مـن جامـحٍ إلا يُــزَمُّ علــى الزّمــانِ وَيُخطَـم
وَأبَــى ســُهَيْلٌ أن يكــونَ كتـابُه ســَمْحاً عليـه مـن النبـوّةِ رَوْشـَمُ
قـالَ امْـحُ باسمِ اللَّهِ وامْحُ رَسُولَهُ أَتُريـــدُها صــاباً بِســُمٍّ تُــؤدَم
الــدّينُ مختلـفٌ وليـس لنـا سـِوَى مـا كـان أورثَنـا الزمـانُ الأقدم
فــأبَى علــيٌّ مــا أرادَ وهــاجَهُ حَــرَدُ الأبــيِّ فَغيظُــه مـا يُكظَـم
قـال النـبيُّ افعـلْ وسـوفَ بمثلها تُسـْقَى فَتُغْضـِي الطَّـرْفَ وَهْيَ العلقم
نظـر ابـنُ عمـروٍ نظرةً فرأى ابْنَهُ يَبغِـي الخُطَـى عَجْلَـى ويَأبَى الأدهم
قــال ارجعـوه فـذاك أوّلُ عهـدكم فلئن أبيتــم لَهْــوَ عَهــدٌ أَجْـذَمُ
وانقــضَّ يضـربُهُ فيـا لـكَ مُسـلِماً فـي اللَّـهِ يُضـربُ مـن أبيهِ ويُلْطَمُ
رقَّــتْ قلــوبُ المســلِميْنَ لخطبـه فجوانـــحٌ تَهفــو وَدَمــعٌ يَســجُم
أَخَــذَ النَــبيُّ بثــوبِهِ فأعــادَهُ يَبْنِــي لِأُمَّتِــهِ البِنَــاءَ وَيَــدْعَمُ
قـال انقلـبْ وكَفَـى بربِّـكَ حافظـاً إنَّ التوكُّـــلَ للســـلامَةِ تَـــوْأَمُ
فمضــى يقــولُ ألا ذِمَــامٌ لامــرئٍ يَبْغِــي الفِــرارَ بـدينهِ يَستَعْصـِمُ
عُـدْ فـي قُيُـودِكَ واصـطَبِرْ إنّ الأذى لأضـرُّ مـا انتجـعَ الرجـالُ وأوخـمُ
كـم للأُلَـى اتَّبعُوا الهُدَى مِن مَغنَمٍ فــي حُرمَــةٍ تُلغَــى وحــقٍّ يُهْضـَمُ
خيــرٌ علــى خيــرٍ يَضــُمُّ رُكَـامَهُ شـــرٌّ علــى شــَرٍّ يُضــَمُّ وَيُرْكَــمُ
يَتَرَنَّــمُ البـاكي وإن بَلَـغَ الأَسـى مِنــه ويبكِــي النَّـاعِمُ المُتَرَنِّـمُ
أخـذوا الصـحيفةَ فَهْيَ في أوهَامِهم كـالكنزِ يأخـذُهُ الفقيـرُ المُعْـدِمُ
طـاروا بهـا فَرَحـاً وبيـن سُطُورِها دهيــاءُ بــارزَةُ النَّواجـذِ صـَيْلَمُ
نصـــرٌ مَضـــَى لمظفَّريــنَ أعــزَّةٍ لــم يَمْـضِ منهـم مَخْـذَمٌ أو لَهـذَم
ليــس التَّصــَرُّفُ للقواضــِبِ إنّهـا بـالرأيِ تَحكـمُ فـي الرقابِ وتُحكم
للبغــيِ حِيــنٌ ثــم يُقصـَمُ صـُلبُهُ والعَــدْلُ صــُلْبٌ قـائمٌ مـا يُقْصـَم
ولقـد يُقـامُ العـرسُ من سَفَهِ الألى فَرِحُـوا وأولـى أن يقـامَ المـأتمُ
مــن مَكْرُمــاتِ الحــقِّ أنّ وَلِيَّــهُ بأشــدِّ مــا يُرمَـى يُعـانُ ويُخـدَمُ
وأحــقُّ مَـن حَمَـلَ اللّـواءَ مجاهـدٌ مــاضٍ علــى هَـوْلِ الخُطُـوبِ مُصـَمِّمُ
وَفِّ المطــالبَ حَقَّهـا واصـبِرْ تَفُـزْ مــا خــابَ إلا مــن يَمـلُّ وَيَسـأمُ
هـــذا نِظــامٌ للشــعوبِ ومَنهــجٌ حـــقٌّ يــراه فَصــِيحُها والأعجــم
نــزل الكتـابُ بِـهِ فـأيقَنَ مُهتَـدٍ وَارْتـــابَ ضـــِلِّيلٌ ولَــجَّ مُرَجِّــمُ
طِـبُّ الهُـدى الشّافِي وأعجبُ ما أرى طِــبٌّ تَصــِحُّ بــه النُّفـوسُ وتَسـْقُمُ
أحمد محرم
448 قصيدة
1 ديوان

أحمد محرم بن حسن بن عبد الله.

شاعر مصري، حسن الوصف، نقيّ الديباجة، تركي الأصل أو شركسيّ.

ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر ، في شهر محرّم فسمي أحمد محرّم.

وتلقى مبادئ العلوم، وتثقف على يد أحد الأزهريين، وسكن دمنهور بعد وفاة والده، فعاش يتكسب بالنشر والكتابة ومثالاً لحظ الأديب النكد كما يقول أحد عارفيه.

وحفلت أيامه بأحداث السياسة والأحزاب ، فانفرد برأيه مستقلاً من كل حزب إلا أن هواه كان مع الحزب الوطني ولم يكن من أعضائه.

توفي ودفن في دمنهور.

1945م-
1364هـ-