(فازت بالجائزة الأولى في المباراة الشعرية التي عقدتها جمعية العروة الوثقى بالجامعة الأمريكية ببيروت سنة 1936) وهي سنة تخرجه من الجامعة المذكورة فكان أول خريج جامعي في الجزيرة العربية برمتها
الأبيات 51
مالذي قد أمضها؟ ما دهاها؟ أي خطب قد هدّ منها قواها؟ | |
غادة في جبينها ارتسم الهم جليا لكل عين تراها | |
غاض ماء البهاء في وجهها وهو جميل محدث عن صباها | |
أين ولى ومن تولى به واختار تخليد بؤسها و شقاها | |
ذاك أمر عن الخواطر محجوب وسر مفتاحه شفتاها | |
قم وسلها عن حالها وعن الماضي تحدثك عن قديم هواها | |
هي في عزلة فقد أعرضوا عنها إلى غيرها وعافوا لقاها | |
تسمع الكأس يقرع الكأس عن بعد فقم سلها فذاك مناها | |
لا! تمهل ألا ترى ابنتها تلك على مقعد قريب إزاها | |
غمر البشر قلبها الهادئ الطاهر حتى فاضت به عيناها | |
لا تكدر بالله صفو فتاة أمها نور أرضها وسماها | |
وأتاها رسول مخدومها قال: دنا الوقت. ليته ما أتاها | |
فأجابت أجل. وقد أفصح الرد كما جاء عن عظيم أساها | |
هي رقاصة أتت كي يراها الجمع في الحالة التي يرضاها | |
جاءها الدور فهي بعد قليل سوف تبدو في عريها لسواها | |
وعلا النغْم في الفضاء فجاءت تتهادى وقد بدا فخداها | |
وعلى وجهها الكئيب ابتسام يسحق القلب أين منه بكاها ! | |
رقصت رقصة الفريسة في المخلب قد طار رشدها وهداها | |
وتغنت بنغمة الضارع المعْوِل ترجو الخلاص من مولاها | |
هي تبكي والناس في الضحك من لهو ومن شهوة تلظت لظاها | |
كيف لا يضحكون وهي تعاني وهواهم فيما يزيد عناها | |
أولم يجمعوا الدراهم بالكد ويندوا سواعدا وجباها | |
سوف لا يرجعون حتى يذوقوا لذة عودتهم إياها | |
وكذاك الحياة ليست لبعض الناس إلا دعارة وسفاها | |
إن في الأرض من يعيش على الأرض وفي عيشه عليها فناها | |
اذرفي الدمع يا فتاتي على أمك في ذلها وفي بلواها | |
أفلا تبصرين أما نضت عنها رداها في "ليرة" تعطاها | |
ليس من أجلها ولا شك من أجلك أنت، فأنت سر بقاها | |
هي تخشى عليك جوعا وعريا إن أبت بذل عريها وغناها | |
لست تدرين ما بها كيف تدرين وما عودتك إلا رضاها | |
تتوخى لك السعادة في الجهل كأن لم يك الذي أشقاها | |
يوم كانت وحولها يركع الشبان يرجون عطفها وولاها | |
كلهم يحلف اليمين بأن القلب صب متيم في هواها | |
فاطمأنت إلى الذي قاله البعض وجادت بما حوته يداها | |
غلطة سجلت عليها بأن جئت إليها وصرت في دنياها | |
إنها عادة الطبيعة لا تهمل تسجيل ذنب شخص عصاها | |
أسفي يا صغيرتي أن تقضي الليل في صالة عظيم أذاها | |
أنت أحرى بهجعة تحلمين الآن فيها بدمية وحلاها | |
في فراش يظله الأمن والراحة تبدو عليه في منتهاها | |
ذلك حال الصغار حين تكون الأم زوجا لمخلص يرعاها | |
لا كأم تنازعتها عوادي الدهر في صبحها وفي ممساها | |
لست أدري إذا كبرت أتأسين عليها وتحذرين خطاها | |
أم يروق الغرام في عينك النجلا ويحلو لك اقتفاء خطاها | |
فتجودي بمثلما جادت الأم به والجزاء مثل جزاها | |
إنما أنت فيه ينذر بالشر وبالفتنة التي لا تضاها | |
فالأمور الي تؤثر في البدء عظيم تأثيرها وصداها | |
احذري غلطة تجر عليك الويل ما بين ليلة وضحاها | |
سيعود الزمان سيرته الأولى إذا ما دهاك ما قد دهاها | |
ما يفيد التحذير أو ينفع النصح وهذا محيطها وحماها | |
إن تكن منذرا فإن ضجيج الرقص والشاربين قد ألهاها | |
قم ودعها لرحمة الله فالأقدار تقضي فيمن تشاء قضاها |