الأبيات 58
عـج بي على دمن النقى فمغاني نهـى الغضـاة فمرقـب الصيران
فأضـى الرعود فملتقى أعراضها فالدومـة البيضـاء فالسـندان
حلّ السماكُ بها العزالى بعدنا والنجـم والجـوزاء والشـرطان
وحـدَت بها نكبُ الرياح وقومها بعــد البلا عثنـون كـلّ عثـان
ما كدت لولا النؤى أعرف رسمها ومعــارف العرصـات والقيعـان
لعبـت بها أيدي البلى إلا كما يعلـو متـون مصـاحف الرهبـان
وقضـى الزمان حليّها من بعدما كـانت كأحسـن ما ترى العينان
إذ جادهـا الوسميّ جودا مبكرا فجلا وجــوه النجـد والقيعـان
وأتـى الـوليّ خلافـه متـواتراً فجلا وجــوه الـروض والغـدران
والربـع محفـوف الجوانب كلّها بملاعــب الفتيــات والفتيـان
بلـدانه زهيـت بنضـرة أهلهـا وزهــواهم بنضــارة البلـدان
فــترنمت ولــدانها كطيورهـا وطيورهــا كــترنم الولــدان
وتــأودت نســوانها كغصـونها وغصــونها كتــأود النســوان
وتضــاحكت أسـنانها كرياضـها ورياضــها كتضــاحك الأســنان
وتــأرجت أردانُهــا كنسـيمها ونســـيمها كتارجـــح الأردان
والـدوم قد بلغ العنان فروعه ضـافي الظلال يميـد كالنشـوان
فظلالـــه لشـــبابنا متنــزّهٌ وفروعــه للطيــر والغلمــان
والأرض مترعـــةٌ زلالا بـــاردا تحنــو عليـه نـواعم الأغصـان
وتـزوره نسـم الجنـوب لواغباً فتميــط عنــه ملابــس الأدران
لا يعـتريه سـوى صـوادح جعـدة بجـر البطـون ضـعيفة الأبـدان
مغمــورة الا شــقائق هــدرها يقـرى المسـامع أحسـن الألحان
تلـك المنـازل لا منازل مثلها إلا جنــاب الشــيخ للجيــران
شـيخٌ سـناه وصـيته وندان ملء الأيــــد والأبصــــار والآذان
شـيخ بـه حلـي الزمـان وقلّدت أجيــــداه بقلائد العقيـــان
شــيخ تجــرّد للجميـل فـدابه نفـع الأنـام وطاعـة الرحمـان
فبكفـه أثـروا وأبـرأ سـقمهم وبـه سـقوا بالعـارض الهتّـان
وبــه يســكّن جـاش كـل مـروع قلـق الحشـى وبـه يفكّ العاني
وبـوجهه زهـي العصـور وأشرقت أيامهـــا بــالأمن والإيمــان
جــالت منـاقبه وسـحب نـواله وبنــات خــاطره بكمـل مكـان
وغــدت مهـايع جـوده مشـحونة بــالركب والفرسـان والـرجلان
مـن معتـف تحبـونه بالنجب في أكوارهـا والجـرد فـي الأرسان
أو طــارق تقرونــه بســدائف وســـبائك وصـــلائق وجفـــان
أو جاهـل يضـحي ببحـر علومكم متضـــلعا متحليـــا بجمــان
أو خـائف يحضـى بحصـن جواركم متمَنّعـــاً متـــدرّعا بأمــان
فلنعـم مرتـاد الأرامـل أنتـم والشــعث والأيتـام والضـيفان
ولنعـم مأوى ذي البلابل والأسى ولنعـم مـأوى الغارم الحيران
ألحقتــم بملائنــا فقراءنــا وغريبنــا بمعــانق الأخــوان
بل صار غنى القوم يغبط معدما منكــم بشـيم بـوارق الإحسـان
ومعـانق الإخـوان يغبط من غدا نـائي القرابـة وهو منكم دان
لأنـت أكـرم مـا حـوت أقطارها بـل مـا عليـه تعاقب الملوان
أبعـد بمرمـى مـن يروم مداكم أنــي يـرام ودونـه القمـران
ءالـى الزمـان أليـة مـبرورة أن لا يكـون مـن الورى لك ثان
للّــه درك إذ نشــأت مهــذبا صـرف العزيمـة في عظيم الشان
لمــا درى أن المعـالي صـعبةٌ لا تسـتقيد إلى الضعيف الواتي
بسـلٌ علـى مـن لا يجشـم نفسـه جمـر الغضـى وعـوالي المـران
نصـب الرحـال علـى رواحل همّة مـا شـيب دائب سـيرها بتـوان
عيـسٌ أحنّ إلى الهواجر والسرى منهـا إلـى الأعطـان والأوطـان
يحدو بها حادي الرجاء فترتمي نصــّا يــدق منــاكب الصـوان
ما زال يقحمها الهواجر ماضيا كالعضـب يـوم تصـاول الأقـران
حــتى أنـاخ إلـى خضـم خضـرم رحـب الشـرائع واسـع الأعطـان
طـامي الغـوارب قـاذف أرجاؤُه بالــدر واليـاقوت والمرجـان
فسـقاه كـأس المالكيـة مزّجـت بالقادريّــة ســرّه المصــطان
فـأتيت إذ جـاربت في ميدانها حلباتهــا مســتولى الميـدان
متوشــحا درر الفضـائل كلّهـا متصــرفا فــي هــذه الأكـوان
وزففـت أبكـار المكارم للورى إذ عـــز ءات منهــم بعــوان
ورفعـت بنيان الهدى من بعدما أمسـى الهـدى متواضع البنيان
هـذا وبـارك فـي الكمال الهه وثنـى عليـه عواطـف الرضـوان
وأطـال فـي عمر الهداة حياته نفـع الأنـام وطاعـة الرحمـان
محمد بن حنبل الحسني
6 قصيدة
1 ديوان

محمد بن حنبل بن الفال الحسني.

شاعر من أهل شنقيط، من الفال البوحسني، أصله من تاكنيت. من العلماء الأعلام، اشتهر في اللغة في ذلك القطر، حتى قيل بتقدمه على معاصريه فيها، كان نحوياً، حريصاً على طلب العلم، وله اليد الطولى في البيان، مكث سبع سنين منقطعاً لطلب اللغة.

1884م-
1302هـ-