سرٌّ عجيبٌ فيه معنىً أعجبُ
الأبيات 48
ســـرٌّ عجيـــبٌ فيــه معنــىً أعجــبُ وحـــيٌ غريــبٌ فيــه مــرأى أغــربُ
رؤيــا ويوحنــا الحــبيب رقيبهــا يـــا حبـــذا عيــن لــذلك ترقــب
وســعت مــن الإغـراب سـرّاً لـم يسـع صــدرُ الملائك شــرحَه لــو أطنبــوا
فــالروح روح القــدس جـاء بفيضـها ورســـوله يُملـــي عليـــه ويكتــب
بحـــوادثٍ تجـــري إلــى غاياتهــا قـــد زان معنـــاهنَّ لفـــظٌ معــرب
مطويـــة الأنحـــاء ينحـــو طيَّهــا نحـــو الـــذي لوقـــوعه يـــترقَّب
مـــن صــوت صــافورٍ وفــك خــواتمٍ مـــع ضــربةٍ جــاءت بجــامٍ تســكب
تجــري جيــاد الحكــم منهـا أبيـضٌ بــل أحمــرٌ بــل أســودٌ بـل أصـهب
فــذهلت مــن آثــار مــا عــاينته مـــن أســـطرٍ مضـــمونها مســتغرب
مـن بابـل القطريـن بـل مـن سيد ال قطــبين بــل مـن معلميـن تمـذهبوا
وكســوف شـمسٍ مـع خسـوف البـدر وال أفلاك تطــــوى والكـــواكب تغـــرب
تـــتزلزل الأرضـــون مــن آفاقهــا وتميـــد أطـــوادٌ بهـــن فتُقلـــب
ويعــود ذاك البحــر بحــراً مـن دمٍ فيـــه جـــزائره تغـــور وترســـب
فــترى وقــد أخــذ الوجـود نهايـةً ونظــام هــذا الكــون فيهـا يخـرب
حملاً أتــى مــن فـوق عـرش حـوله ال أشــياخ وهــو علــى الملائك يركــب
ويقـــول للأبكـــار والأبـــرار وال شــهداء والقــوم الــذين ترهبــوا
قوموا اتبعوا الحمل المظفر واصعدوا مــن فــوق ذروة شـاهقٍ كـي تغلبـوا
وافـــاكمُ الـــدجال يخـــدع آلــه كـــالآل يخــدع مــن أتــاه يشــرب
هــذي رمــوزٌ لســت أعلــم كنههــا فـــإذا أتيــت مفســريها يهربــوا
جــاءت أوامرهــا بــأمر اللَـه وال حمــل الذبيـح فـأين منهـا المهـرب
مــن لــي بكشــف رموزهـا بكنوزهـا كــم أعيــت العلمــا بـذاك وتتعـب
كــم لاح منهــم بــارقٌ فــي كشـفها لكـــن ذاك الـــبرق بـــرقٌ خُلَّـــب
لا خيــر فــي عقــلٍ بــدا متعـاقلاً والقلــب فــي معنـى الروايـة قُلَّـب
مـــا أشــرقت بعقــولهم أســرارهم إلّا وأمســـت فــي المشــارق تغــرب
مــا زلــت أطــرق مُـدلجاً حاناتهـا وأكيــل مــن خمــر السـؤال وأشـرب
إن جبـــت منهــا سبســباً متــوغلاً صـــبحاً تلقـــاني عشـــاءً سبســـب
وأصـيخ إذنـاً نحـو صـوت رسـولها ال داعــي وألقــي الســمعَ وهـو يـؤنّب
وأنـــا كــأني ســاهرٌ فــي راقــدٍ ولســان فكــري فــوق قلــبي يخطـب
وكــــأنني طفـــلٌ بمهـــدٍ نـــائمٌ يــزداد نومــاً فـي الحـداء ويطـرب
حــتى إذا مــا هــب أصــبح طالبـاً ثـــدي الرضــاع وإن تكفّــى يلعــب
فغــدوت لا أنصــاع عـن صـاع المنـى فكــــأنني فيمــــا أراه أشــــعب
وكــأنني الخنســاء تنــدب صــخرَها هــذي العلــوم فــأين مــن يتـدرب
هـــذي محجتهـــا فــأين المهتــدي فيهـــا وأيــن العــالم المتهــذب
حـــتى أتــاح اللَــهُ لــي علّامَهــا وأنـــا إلـــى أمثـــاله أتطلَّـــب
ففضضــــتُها وقرأتهـــا وفهمتهـــا فــإذا بهــا مــا ليـس عنـه مهـرب
بمفســــر الأحلام يوســــف عصــــره فــي مصــره قــد جـاء فيمـا يغـرب
تتفاضـــل الآيـــات فــي غاياتهــا لتفاضـــل الأشـــخاص فيمــا تــذهب
فلكـــل رمـــزٍ أعصــرٌ تعنــى بــه ولكــــل عصــــرٍ يوســـفٌ يتلقـــب
فرعــون فــي الرؤيـا كيوحنـا بـدا فيهـــا ويوســفها المثنَّــى يعــرب
لا تعجبـــوا مـــن مــوردٍ مــتزاحمٍ إن لـــذ مشـــرعه وطــاب المشــرب
بســميِّ يوســفَ كــان كشــفُ رموزهـا حــــارت بمعنـــاه عقـــولٌ شـــُيَّب
يــا مادحــاً آثــار قـومٍ إن أتـوا عســلوا كمـا عسـل الطريـق الثعلـب
فالبـدر يعجـب فـي الظلام فـإن بـدت شـــمس النهـــار فـــإنه لا يعجــب
هـــذي مفاتيـــحٌ إليهـــا ينتمــي مــن كــان فيهــا كــل يـومٍ يرغـب
ذاك الــذي أفــتى الزمــان بفضـله وبعلمـــه والـــدهر أمــرد أشــيب
إذا ليــس فـي الـدنيا غريـبٌ مفـردٌ مــن بعــد يوســف والبعيــد مقـرب
لكـــن وحـــي اللَـــه ســرٌّ غــامضٌ يــؤتيه مــن يــأتيه وهــو مهــذب
حكــمٌ بــدت كعمــود صــبحٍ فـانجلى جهــل الــورى وانجـاب ذاك الغيهـب
جرمانوس فرحات
375 قصيدة
1 ديوان
جبرائيل بن فرحات مطر الماروني. أديب سوري، من الرهبان، أصله من حصرون (بلبنان) ومولده ووفاته بحلب. أتقن اللغات العربية والسريانية واللاتينية والإيطالية، ودرس علوم اللاهوت، وترهب سنة 1693م ودُعي باسم (جرمانوس) وأقام في دير بقرب (إهدن) بلبنان، ورحل إلى أوربة، وانتخب أسقفاً على حلب سنة 1725م. له (ديوان شعر-ط)، وله: (بحث المطالب-ط) في النحو والتصريف، و(الأجوبة الجلية في الأصوال النحوية-ط)، و(إحكام باب الإعراب-ط) في اللغة، سماه (باب الإعراب)، و(المثلثات الدرية-ط) على نمط مثلثات قطرب، و(بلوغ الأرب-خ) أدب. (عن كتاب الأعلام للزركلي) وفي كتاب (أعلام الأدب والفن) للمرحوم أدهم الجندي ترجمة مميزة له جديرة أن تنقل إلى هذه الصفحة قال:

المطران جرمانوس فرحات 1670-1732

مولده ونشأته-. هو أحد أعلام العرب الأفذاذ في عصره، ولد في حلب في 20 تشرين الثاني سنة 1670م، وأسرته لبنانية قديمة الأصل كانت نزحت إلى حلب واستوطنتها، درس العلوم العربية على أعلام عصره ونبغ وفاق، وقد زهد في الحياة الدنيا الزائلة، فنزح إلى لبنان سنة 1695م وسيم كاهناً، وفي سنة 1711م قام برحلة إلى روما وأسبانيا وتعمق في دراسة فلسفة اللاهوت، ثم عاد إلى لبنان سنة 1716م وتولى الرياسة العامة على الرهبانية المارونية الحلبية، ثم انتخب رئيساً عاماً لها، فمطراناً على حلب في 19 تموز سنة 1725م ودعي باسم جرمانوس.

آثاره العلمية والأدبية-. يعتبر المترجم من أنبغ رجال عصره في علمه وأدبه، وقد جادت قريحته الجبارة بمصنفات بين مؤلف ومترجم ومعرب، فبلغ عددها (104) أثراً، أهمها 1- كتاب الرياضة 2- مختصر سلم الفضائل 3- المحاورة الرهبانية 4- مجموع قوانين الرهبانية، 5- التحفة السرية لإفادة المعرف والمعترف 6- فصل الخطاب في صناعة الوعظ 7- رسالة الفرائض والوصاية 8- رسوم الكمال 9- المثلثات الدرية 10- بحث المطالب 11- رسالة الفوائد في العروض 12- التذكرة في القوافي 13- الفصل المعقود في عوامل الإعراب 14- بلوغ الإرب في علم الأدب 15- الإعراب عن لغة الإعراب وهو معجم 16- الأجوبة الجليلة في الأصول النحوية 17- الأبدية 18- ميزان الجمع 19- تاريخ الرهبانية المارونية 20- السنكسار في أخبار القديسين 21- سلسلة البابوات عصراً فعصر 22- العهد الجديد. وأكثر هذه الآثار العلمية والأدبية مطبوعة مرات.

أدبه-. 23- له ديوان شعر نفيس يدل على تضلعه في اللغة العربية وأسرارها، وفي عام 1924م أقيم لهذا العلامة النابغة في مدينة حلب تمثال بمناسبة الذكرى المئوية لوفاته تخليداً لآثاره ومآثره العلمية الفذة.

وفاته-. وفي تموز سنة 1732م رحل إلى عالم الخلود بعد جهاد متواصل في خدمة الفضيلة والعلم والأدب.

 
1732م-
1145هـ-

قصائد أخرى لجرمانوس فرحات

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
القصيدة الأولى في مدح السيد المسيح قالها في حلب سنة 1695م معارضا همزية البوصيري (كيف ترقى رقيك الأنبياء) وفيها يضمن البيت:
جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات

القصيدة في الديوان ص7  وقد ختم عروضها بالمقصور وضروبها بالممدود من المقصور ذاته، ألفها سنة 1713م

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
ص11 في مدح المطران عبد الله الحلبي معرضا بوقعة عرضت له سنة 1719م منها: