طوبى لمن قد تابَ بعدَ خَطائهِ
ص29 موعظة في 78 بيتا كتبها سنة 1709 منها قوله:

أحسن جوابك باعتراف كامل      قبل اعترافك في جحيم قضائه
الأبيات 78
طـوبى لمـن قد تابَ بعدَ خَطائهِ طَوعــاً وأدّى دَينَــهُ ببُكــائِهِ
ورأى الهـدى أَنَّ لا يضـَلَّ هُداءَهُ واعتـاضَ عـن طُغيـانِهِ بِهُـدائهِ
وَنجـا بتَوبتِهِ الصحيحةِ مذ رأى سـِجنَ الجحيـم مُؤَبَّـداً بلَظـائِهِ
سـِجنُ الجحيـمِ مُؤبَّدٌ وبقَيدِهِ ال شـريرُ والشـَيطانُ مِـن نُـدَمائِهِ
والإِنتِقـــامُ مُؤَبَّــدٌ كعِقــابِهِ وعِقــــابُهُ كــــدَوامِهِ وَعَلائِهِ
فعِلاجُ داءِ المُـــزدَري بــإلههِ بالنّـار إِنَّ النـارَ خَيرُ دَوائِهِ
والــذَنبُ يُعظِـمُ قَـدرَهُ ويُخسـُّهُ مِقـدارُ شـأنِ المُـزدري بِـوَلائِهِ
يتــأَلَّمُ الشــريرُ وَهـوَ مُعَـذَّبٌ بَضـميرهِ المَنكـي وَقطـعِ رَجائِهِ
واللَــه يَقتُلُـهُ بَأَكمـلِ قُـدرَةٍ يـا ويلَـهُ إذ صـار مـن قَتلائِه
مــا غَمَّنـي إلا اعتِـرافُ مُعَـذَّبٍ ويقـولُ إِنَّ اللَـه مـن خُصـمائِهِ
وَيَقـولُ مـن قَتلي عَرفتُ بِقاتلي يا وَيلَ مَن عَرَف الدوا من دائهِ
يـا وَيـل مَـن أَضحى مُخلِّصُ نفسهِ خَصــماً يعــذِّبُهُ بسـفك دِمـائِهِ
يـا وَيـلَ مـن أَضحى الإلهُ عدوَّهُ وغَـدا لـدى مـولاهُ مـن أعدائِهِ
يـا وَيلَ مَن أَضحى المحِبُّ بغيضَهُ يُقصــيهِ مـن إِنعـامِهِ وعطـائِهِ
يا وَيلَ مَن أَضحى اللَعينُ خليلَهُ يَســـقيه كَـــأسَ بَلائِهِ وأَذائهِ
يـا وَيـلَ مَـن أَضحَت جَهنَّمُ مِلكَهُ فــي مُشــتَراهُ هَلاكَـهُ بعَنـائِهِ
يـا وَيلَ مَن قد ماتَ بَعد حَياتهِ وحيـي ولكـن فـي جحيـمٍ شقائه
إن انتقــام اللَـه سـرٌّ غـامضٌ لا تــدرك الألبــاب لــب بلائه
تُتلـى على الأَشرار آياتُ الردى بالنـار إن النـار سيف قضائه
فتـذيب نفس المرء في إيغالها مــن بعــد ذوب عظـامه وكلائه
فـالإثم قـد زج الأثيـمَ بحفـرةٍ أبديــةٍ والـذنب مـن إغـوائه
بـاب الجحيـم لديه مفتوحٌ وقد أضــحى وصـيداً دونَـهُ لِخَطـائه
والسـجن سجن الموت مكتوبٌ على أعتــابه مــن وجهـه وقفـائه
هــذا مكـانٌ ليـس فيـه رحمـةٌ والويـل ضـمن رحـابه وفِنـائه
فجهنـــمٌ وادٍ عميـــقٌ حالــكٌ قَطـعُ الرجا والنارُ في أرجائه
قـد ضـم في الطرفين شرَّ عذابه أبديــةَ البلــوى وعِظْـمَ بلائه
واللَـهُ لا ينسـى الـورى لكنـه ينسـى الأثيـم معـذَّباً برضـائه
لمــا تناسـى ربَّـه مـن جهلـه قـد صـار منسـيّاً بعـدل قضائه
وانحــط منهبطـاً لقعـر جهنـمٍ متألمـــاً ومُـــزمَّلاً بــدمائه
أمـا اللهيـب فمحـدقٌ بيمينـه وشــــماله وأمـــامه وورائه
يبكـي ولكـن يـا لـدمعٍ ضـائعٍ وينـوح لكـن يـا لفـرطِ عَمائه
يـدعو ولكـن مـن يجيـب دعاءه ويصـيح لكـن يـا لعِظْـم شقائه
مـا مَـن يجيـب نـداءه فكأنما صــخرٌ أصـمٌّ عـن نـدا خنسـائه
ويتـوب لكـن يـا لتوبـة هالكٍ مـا تـاب يـوم خَطـائه وزِنائه
فــالآن تــوبته تزيـد عـذابه ودواؤه قــد صــار علـة دائه
وعصـى الإلـه وسـُرَّ فـي عصيانه فـاعجب لعـاصٍ سـُرَّ فـي ضـرّائه
لـو كـانت السراء تنتج مثلها مـا إن رأينـا الضر في سرّائه
أبديــةُ النيـران مـرٌّ ذوقُهـا وأمـرُّ منهـا مـن هـوى بهوائه
وأمــرُّ مـن هـذا عقـابٌ خالـدٌ وأمـر منـه البعـد عن مولائه
وأمـر مـن هـذا وهـذا ثـم ذا أبــدٌ بسـجنٍ جُـنَّ ضـيقُ وعـائه
إن كـان تأبيـد الضعيف عقابُهُ مـرّاً فمـن يقـوى علـى إقوائه
أدنـى شـواظ النـار يؤلمُ مَسُّه مـن ذا يطيـق جحيمهـا بذكائه
وفراشـــُه وغطــاؤه ووســاده مــن نــاره ورمـادِه ولَظـائه
أحزانُـــه وإياســه وعــذابه كفراشـــه ووســادِه وغِطــائه
إسـمع أُخَـيَّ صـراخَ ميـتٍ هالـكٍ والنـارُ طاميـةٌ علـى أعضـائه
فكأنهـا قـبرٌ وهُـوْ فـي ضمنها حــيٌّ كميــتٍ ذاب فـي أحشـائه
يتملمـل الملعـون مـن زفراته واللَــه يرشــقُه برجــز بلائه
كصــواعقٍ تنقــض ترجـم نفسـَه حــتى يعــود ممزَّقـاً بشـقائه
يرضـى بـأن المـوت يُفني ذاته لكـنَّ أيـن المـوت عنـد بقائه
فيقــول والأوجـاع محدقـةٌ بـه جـوزيتُ مـن مـولاي شـرَّ جـزائه
ورحـى الشـدائد حـوله فكـأنه قطـبٌ وسـخط اللَـه دورُ رحـائه
عَـدِمَ الرجـا واعتاض عنه يأسَه أبـداً يمـزق منـه صـكَّ رجـائه
وكأنمـا الأبـد الـذي في فكره فكـرٌ جديـدٌ بعـد طـول مَـدائه
تنمــو بلايــاه كـأن جديـدها بحـرٌ يعـوم الهـالكون بمـائه
فــإذا تلا ممـا يقاسـي سـورةً جـاءته أخـرى ضـعفَ شـرِّ ضَنائه
يشــتد رِجْـزُ اللَـه حـتى أنَّـهُ يُفنيـه ثـم يعـود بعـد فَنائه
واللَـه يحقـرُه عِيانـاً مثلمـا قـد كـان يحقـره بفعـل خَطائه
ويـد الإلـه العـدل تمضي أمرَه بهلاكــه والأمــر مـن تلقـائه
إن انتقـام اللـه كلـيُّ القضا وقضــاؤه قــد عــم كـل بلائه
فالهالـك الملعون قد جمعت به أســواؤه طــرّاً معـاً لـدهائه
فـتراه بالأوجـاع والأمـراض في نيرانِــه والكـلُّ فـي أعضـائه
متعـــذباً بســماعه وبلحظــه وبـــذوقه وبجــوعه وظَمــائه
وبحســـه وبلمســـه وبفهمــه وبفكـــره وبــذكره وبــرائه
ويزيـده حزنـاً وبؤسـاً دائمـاً اللعـنُ والتجـديفُ مـن نظرائه
تـتراكمُ الحشـرات حـول مقـرِّه حـتى يضـيق بـه مكـانُ قضـائه
واللــه يطــرده بصـوتٍ مفـزعٍ كـي لا يرى الخاطي بهاءَ سمائه
فقضــيةٌ حكمــت بــأمرٍ جـازمٍ وظهــورُه يُنـبي بصـدق خفـائه
فمضـاؤه كالسـيف بل أمضى قضاً فالسـيف أدنـى من شبا إمضائه
يـا مؤمنـاً بيسـوع إحذَر عدله إن كنـت ممـن يَرتجـي برجـائه
وارتـدَّ عمـا قـد عصيت به فإن أرضــيتَه يُحصـيك مـعْ شـهدائه
والحـال أنـك في الأمانة تابعٌ إيمـانَ رأس الرسـْلِ مع خُلفائه
كرئيســهم فـي رومـةٍ متسـلطاً غربـاً وشـرقاً صـادقاً في رائه
واَحسـن جوابَـك بـاعترافٍ كاملٍ قبـل اعترافـك في جحيم قضائه
مستصــرخاً مستشــفعاً مترجيـاً بحمـى الـتي أرضته دون نسائه
أي مريـم الأم الـتي منها أتى متجســماً واللَـهُ مـن أسـمائه
بكـراً دعاهـا ثـم بكـراً خصَّها مـن بعـد مولـد جسـمه لبهائه
فلـذاك حـازت منـه قدرة سلطةٍ علويــةٍ فــي أرضــه وسـمائه
طـوبى لمـن وافى حماها راجياً غفرانـه إن تـاب بعـد خَطـائه
جرمانوس فرحات
375 قصيدة
1 ديوان
جبرائيل بن فرحات مطر الماروني. أديب سوري، من الرهبان، أصله من حصرون (بلبنان) ومولده ووفاته بحلب. أتقن اللغات العربية والسريانية واللاتينية والإيطالية، ودرس علوم اللاهوت، وترهب سنة 1693م ودُعي باسم (جرمانوس) وأقام في دير بقرب (إهدن) بلبنان، ورحل إلى أوربة، وانتخب أسقفاً على حلب سنة 1725م. له (ديوان شعر-ط)، وله: (بحث المطالب-ط) في النحو والتصريف، و(الأجوبة الجلية في الأصوال النحوية-ط)، و(إحكام باب الإعراب-ط) في اللغة، سماه (باب الإعراب)، و(المثلثات الدرية-ط) على نمط مثلثات قطرب، و(بلوغ الأرب-خ) أدب. (عن كتاب الأعلام للزركلي) وفي كتاب (أعلام الأدب والفن) للمرحوم أدهم الجندي ترجمة مميزة له جديرة أن تنقل إلى هذه الصفحة قال:

المطران جرمانوس فرحات 1670-1732

مولده ونشأته-. هو أحد أعلام العرب الأفذاذ في عصره، ولد في حلب في 20 تشرين الثاني سنة 1670م، وأسرته لبنانية قديمة الأصل كانت نزحت إلى حلب واستوطنتها، درس العلوم العربية على أعلام عصره ونبغ وفاق، وقد زهد في الحياة الدنيا الزائلة، فنزح إلى لبنان سنة 1695م وسيم كاهناً، وفي سنة 1711م قام برحلة إلى روما وأسبانيا وتعمق في دراسة فلسفة اللاهوت، ثم عاد إلى لبنان سنة 1716م وتولى الرياسة العامة على الرهبانية المارونية الحلبية، ثم انتخب رئيساً عاماً لها، فمطراناً على حلب في 19 تموز سنة 1725م ودعي باسم جرمانوس.

آثاره العلمية والأدبية-. يعتبر المترجم من أنبغ رجال عصره في علمه وأدبه، وقد جادت قريحته الجبارة بمصنفات بين مؤلف ومترجم ومعرب، فبلغ عددها (104) أثراً، أهمها 1- كتاب الرياضة 2- مختصر سلم الفضائل 3- المحاورة الرهبانية 4- مجموع قوانين الرهبانية، 5- التحفة السرية لإفادة المعرف والمعترف 6- فصل الخطاب في صناعة الوعظ 7- رسالة الفرائض والوصاية 8- رسوم الكمال 9- المثلثات الدرية 10- بحث المطالب 11- رسالة الفوائد في العروض 12- التذكرة في القوافي 13- الفصل المعقود في عوامل الإعراب 14- بلوغ الإرب في علم الأدب 15- الإعراب عن لغة الإعراب وهو معجم 16- الأجوبة الجليلة في الأصول النحوية 17- الأبدية 18- ميزان الجمع 19- تاريخ الرهبانية المارونية 20- السنكسار في أخبار القديسين 21- سلسلة البابوات عصراً فعصر 22- العهد الجديد. وأكثر هذه الآثار العلمية والأدبية مطبوعة مرات.

أدبه-. 23- له ديوان شعر نفيس يدل على تضلعه في اللغة العربية وأسرارها، وفي عام 1924م أقيم لهذا العلامة النابغة في مدينة حلب تمثال بمناسبة الذكرى المئوية لوفاته تخليداً لآثاره ومآثره العلمية الفذة.

وفاته-. وفي تموز سنة 1732م رحل إلى عالم الخلود بعد جهاد متواصل في خدمة الفضيلة والعلم والأدب.

 
1732م-
1145هـ-

قصائد أخرى لجرمانوس فرحات

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
القصيدة الأولى في مدح السيد المسيح قالها في حلب سنة 1695م معارضا همزية البوصيري (كيف ترقى رقيك الأنبياء) وفيها يضمن البيت:
جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات

القصيدة في الديوان ص7  وقد ختم عروضها بالمقصور وضروبها بالممدود من المقصور ذاته، ألفها سنة 1713م

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
ص11 في مدح المطران عبد الله الحلبي معرضا بوقعة عرضت له سنة 1719م منها: