عُج بالحِمى يا راكِبَ الوَجناءِ

القطعة 6 ص14 في مدح السيدة مريم (ع) قالها في حلب سنة 1694م

الأبيات 85
عُـج بـالحِمى يـا راكِـبَ الوَجناءِ فعَســاكَ تُحيــي مَيّــتَ الأَحيــاءِ
واقـرا السـلامَ أُهَيلَ ذَيَّاكَ الحِمى عَنّــي فــإِني عــن حمـاهم نـاءِ
إن كنـتَ تجهَـلُ مربعي فاِعشُو إلى نــارٍ تُشــَبُّ بزَفــرَةِ الصــُعَداءِ
أو كَنـتَ تجهَلَ في الحِمى أَرجاءَهم يهــديكَ منهــا تضــوُّعُ الأَرجـاءِ
فأَنِـخ بهاتيـكَ الرُبـوعِ ولا تقُـل أَرَجُ النسـيم سـَرى مـن الـزَوراءِ
فَسـَقى ديـارَ أحبَّـتي صـَوبُ الحيا بــل أدمعـي تُغنـي عـن الأنـواءِ
عَجبـاً لقلـبٍ سـارَ بيـن رِحـالِهم فكــأنَّهُ صــاعُ العَزيـزِ الـرائي
فغـدوت صُفرَ القَلبِ بل صُفرَ الحشا بـل صـُفرَ رَبـعٍ كـان فيـه عَزائي
يـا سـاكني الأُردُنِّ رِفقـاً بالـذي لـم يـدعُ يومـاً سـاكني البطحاءِ
لــي فيكــمُ دمــعٌ يَنِـمُّ بسـِرِّكُم أبــداً تكفكفــهُ يــد البُرَحـاء
قـد أوقـدت زفراتُـه نـارَ القِرى فلــذاك تَعشــوها ذوو الأَهــواءِ
صـَبٌّ صـبا نحـو الصـَبابةِ والصِبا فصــبابتي مــن صـَبوتي وصـِبائي
هـاتيكمُ النـار الـتي فـي بابلٍ قــد أوقِـدَت مـن جُـذوَةِ الأِحشـاءِ
لـولا انسـجامُ مـدامعي في سَفحكم لقَضـــَيت عنـــد تحرُّقــي وبَلائي
يـا قَلـبِ هلّا جُـزتَ في سُفُن الحشا بحـراً طمـا مـن عَـبرَتي وبكـائي
بـل طِـرت وا أسـفا عليـك لغائلٍ يعــروك عنــد مَواقــعِ الإيمـاءِ
نحـوَ الـدِيارِ دِيـارِ عَقـدِ أليَّتي بِهِـــمِ وَحــلَّ مــآزِري وحِبــائي
منـي السـلامُ علـى رُبـوع أحبَّـتي متأَلِّقـــــاً بســـــواطعِ اللألاءِ
خـذ يـا نسـيمَ الصُبحِ عني أنعُماً إن كُنــتَ ممَّــن يَرتَضـي ببَقـائي
نحـوَ البتول الطُهرِ مِنهاج الورى مَــن خُصِّصــَت بالنَجمَــةِ الغـرّاءِ
وانشـُر بِمَـرِّكَ طـيَّ مـا استُودِعتَهُ مــن مُغــرَمٍ دَنِــفٍ كئيــبٍ نـاءِ
وقُـل السـلامُ عليـكِ مـن صـَبٍّ غدا يحنــو أضــالعهُ عــن الرَمضـاءِ
لـو كـان يُمكِـنُ أن يُريـكِ ضَناءَهُ لأَراكِ لكـــن ليــسَ بــالمُتَرائي
أصـغِي لصـوت أنينـهِ كـي تعرفـي مـن صـوتِه مـا فيـهِ مـن بَلـواءِ
هـذا هـو الصـوتُ الـذي يَدعو بهِ جَهــراً وذاك بَمريــم العَــذراءِ
يا إِبنةَ الكُبَراءِ بل يا إِبنَةَ ال كُبَـراءِ بـل يـا إِبنَـةَ الكُبَـراءِ
مُــذ شـِمتُ بـارقَ نـوركِ مُتَنَفِّسـاً راعـى النظيـرَ الطَـرفُ بـالأَنواءِ
تـاللَهِ مـا كـانت بُروقُـكِ خُلَّبـاً مــذ أُردِفَـت بالديمـة الوَطفـاءِ
لمــا تَجلَّــت للعِبــادِ شُموسـُها جَلَــتِ الغَيـاهِبَ عـن يَـدٍ بَيضـاءِ
ورأَوا عُبـابَ الفضـلِ أَزبَدَ زاخِراً فَثَنـى السـِنانَ قريبُهُـم والنائي
وتزاحَــمَ الــوُرّادُ فيـكِ لِيَملأوا مــن فَيــضِ جــودٍ حُــفَّ بـاللألاءِ
كـم مَنهَـلٍ صـَدَرَ العُفـاةُ صوادِياً عنــهُ وبَحــرُكِ وافِــرُ الإِعطــاءِ
أَفــديكِ مـن قَمَـرٍ بَـدا مُتَنَزِّهـاً عــن نَقــصِ مَرتَبَـةٍ وَخَسـفِ ضـِياءِ
تعنـو لـهُ الأَقمـار وهـي طوالـعٌ ويخِـــرُّ للأَذقــان ابــنُ ذُكــاءِ
قـد جُمِّعَـت فيـكِ المحاسـِنُ كُلُّهـا فَلــذاكَ مــازِجُ حُبِّــكِ بِــدِمائي
إن كنــتِ شمسـاً فالأنـامُ كـواكِبٌ أو كنـتِ بَـدراً فَهـيَ عيـنُ سـُهاءِ
إّنــي لأَحـوجُ فـي عُلاكِ مـنَ الـذي وقِيــاسُ قُربِــكِ مُنتــفٍ بخَطـائي
إن كُنــتِ فــي شـَرَف العُلا كُلِّيَّـة فهَــواكِ مِنــي شــاملُ الأَجــزاءِ
فلـذاك يَمتَنِـعُ التَنـاقُضُ بَينَنـا وقِياســـُهُ يأتيـــكِ بالأنبـــاءِ
شـَوقي أَمـامي كـونَهُ لـي فـاعلاً والحـــظُّ مَفعــولاً يســيرُ وَرائي
والصــَبرُ مُنخَفِــضُ الجَنـابِ لِأَنَّـهُ أَضــحى مُضـافاً فـي مَحـلِّ حِمـائي
فكـــأَنَّني خَبَـــرٌ لإِنَّ واجــبُ ال تــأخير عنــد أيِمَّــةِ العَرْبـاءِ
إِن قيـل مَـن تَهـوى أَجَبـتُ مورِيّاً مَــن كــانتِ الســَرّاءَ للضــَراءِ
يــا لائمــي إِعــدِل لأَنَّـكَ عـادلٌ والعَـذلُ يـوجِبُ في الهوى إِغرائي
أَيـنَ الشـجيُّ مـنَ الخَلـيِّ مكـانُهُ بـــاللَهِ يــا ذا خَلِّنــي وَبَلائي
فعَلامَ تَظهَــرُ فـي صـِفاتِكَ مُغرِيـاً مُتَلَوِّنـــاً كَتَلَـــوُّنِ الحِربـــاءِ
إِنّــي لأَغــرَبُ فــي مَحَبَّـةِ مَريـمٍ عَجَبــاً مِـن العَنقـاءِ والزَرقـاءِ
أَتَــرومُ تَخــدَعُني وتِلـكَ مُصـيبةٌ هَلّا ســــَمِعتَ بِقِصـــَّةِ الزَبّـــاءِ
سـِر يـا عَـذولي لا كَبـا بِكَ مَركبٌ وَنَبـا لِسـانُكَ عـن نَبـاءِ هَـوائي
كُلّــي لِســانٌ عـن غَرامـي نـاطقٌ والـذِكرُ والتَفكيـرُ مِـن شـُهَدائي
وكتَمـتُ سـِرّي عـن نَبـاكَ مُغالِطـاً كيمــا أُواري النـورَ بالظَلمـاءِ
فَتَكـونُ فـي ظُلَـمِ العَمـى مُتَسكِّعاً وَتســيرُ نــور الهُــدى أَنضـائي
حـتى إذا أَشـفقتُ منـكَ على الأَسى أَبــرَزتُ ســِرّي مُعلِنــاً بهُـدائي
وبَـدا لِسـانُ الشـَيبِ نَحوي مُنشِداً حقَّقـــتَ عَهـــدَ مَحبَّـــتي ووَلائي
وغـدَوتُ أَهتِـفُ بيـنَ أهـلِ عَشيرتي فــي أَشــرَفِ الأَلقــابِ والأَسـماءِ
يـا مريـمُ البِكـرُ ارحَميني إِنَّني شــَوقي أمــامي والقَضـاءُ وَرائي
يـا مريـمُ البكـرُ ارحَمينِ بنَظرَةٍ كيمــا أراكِ ولاتَ حيــنَ فَنــائي
يـا مريـمُ البكـرُ اِرحَمينِ بنعمةٍ فـي مـأربي مَـع أَزمَـتي وَعنـائي
يـا سـُدَّةَ المجـدِ التي قد شوهدَت مــن دانيــالَ بلَيلَـةِ الرؤيـاءِ
يـا سـُلَّماً ألفـاهُ يعقـوبُ الفتى فـي بيـت إيـلٍ وهـوَ في المنفاءِ
يـا قُبَّـةَ العَهـدِ الـتي قد ضَمَّها موســى الكليـمُ لشـَعبهِ الخَطّـاءِ
يـا منظـراً لـم يَخـفَ رَسمُ ضِيائِهِ يـومَ اعتِلانِ السـِرِّ فـي البيـداءِ
آنَسـتَ يـا موسـى لَظـىً قد أوقِدَت بــالطورِ فــي عُلَّيقَــةٍ خَضــراءِ
لا تــذهَلَنَّ فــإِنَّ أمــرَكَ واضــحٌ إذ تَــمَّ ذاك بمَريــمَ العَــذراءِ
يـا طـورَ سـينا حيـنَ حـلَّ بِسَفحهِ رَبٌّ تعــالى عــن عِيـانِ الـرائي
يـا فُلـكَ نـوحٍ إذ نجـا بِفنـائِهِ قَــومٌ ســَراةٌ مـن ثَجـاجِ المـاءِ
داود مَثَّلَهـــا بآلـــة نَظمِـــهِ مُــذ خُصِّصــَت بالنَغمـةِ الحسـناءِ
حِزقيــلُ شــاهَدها كبــابٍ موصـَدٍ وَلَــجَ الإِلــهُ بــهِ بغَيــرِ أذاءِ
دانيــلُ شــَبَّهها بطــورٍ شــامخٍ هَبَــطَ العزيــزُ عليـه بالأنبـاءِ
شـــَعيا رآكِ غمامـــةً مُمتَـــدَّةً قــد ظَلَّلَــت أجــزاهُ بالأَفيــاءِ
يـا قِسـطَ مَـنٍّ يـا عَصـا هرونَ بل يـــا جِـــزَّةً تَخضــَلُّ بالأنــداءِ
يـا هَيكَلاً قـد شـادهُ سـَلمانُ يـا نَجمـاً بـدا فـي الليلـةِ الليلاءِ
أنــتِ عَمـودُ الصـبحِ يَهـدي أمَّـةً ضــَلَّت عــن الإِرشــادِ بــالإِغواءِ
مـاذا أعـدّد مـن محاسـنها فقـد أعييــتُ إن الفخـر فـي الإعيـاءِ
وَلَقَـد غَرَسـتُ بهـا مُنـايَ لأَجتنـي ثَمَــرَ النَجـاة فلا تَنـي بِوَفـائي
أحلـى أماني النفس منكِ بما رأَت مـن فوزهـا والفـوزُ فيـكِ غَنائي
دَرَجُ المعــالي حُزتـهُ فـي حُبِّهـا ونَجـوتُ مـن دَرَكِ الشـقا بِرَجـائي
فَـدعي الرقيـبَ القالِ منكِ بِمَعزِلٍ مُلقــىً فهــذي شــيمةُ الرُقبـاء
واقفـي مَـزاري يا بتولُ أَفُز بما أهـوى علـى عَيـن الخَلـيْ العَوّاءِ
قَسـَماً فَلـو طرقَـت صـِفاتُكِ خاطِري أَطرَقـــتُ إِجلالاً لهـــا بِـــولائي
وإذا هَمَمــتُ بــأن أراكِ بمُقلـةٍ حَــوراءِ عُــدتُ بمُقلَــةٍ شــَكراءِ
إِن كـان سـَجمُ الدمعِ طَرفي طارفاً فَجَلاؤُهُ بَمـــــراوِدِ الإِنشـــــاءِ
إِنــي لأُحجِــمُ عِنـدَ ذِكـركِ رَهبـةً وأَجــلُّ ذِكــري إِســمكِ وثَنــائي
فِكــري بمــدحكِ صـائغٌ لِقَصـائدي والنُطــقُ يَسـبِكُها بِنـارِ ذَكـائي
كَيمــا أرى سـَمعي يَلَـذُّ بمَنطِقـي وتَميـلَ مـن طيـبِ الشـَذا أَعضائي
جرمانوس فرحات
375 قصيدة
1 ديوان
جبرائيل بن فرحات مطر الماروني. أديب سوري، من الرهبان، أصله من حصرون (بلبنان) ومولده ووفاته بحلب. أتقن اللغات العربية والسريانية واللاتينية والإيطالية، ودرس علوم اللاهوت، وترهب سنة 1693م ودُعي باسم (جرمانوس) وأقام في دير بقرب (إهدن) بلبنان، ورحل إلى أوربة، وانتخب أسقفاً على حلب سنة 1725م. له (ديوان شعر-ط)، وله: (بحث المطالب-ط) في النحو والتصريف، و(الأجوبة الجلية في الأصوال النحوية-ط)، و(إحكام باب الإعراب-ط) في اللغة، سماه (باب الإعراب)، و(المثلثات الدرية-ط) على نمط مثلثات قطرب، و(بلوغ الأرب-خ) أدب. (عن كتاب الأعلام للزركلي) وفي كتاب (أعلام الأدب والفن) للمرحوم أدهم الجندي ترجمة مميزة له جديرة أن تنقل إلى هذه الصفحة قال:

المطران جرمانوس فرحات 1670-1732

مولده ونشأته-. هو أحد أعلام العرب الأفذاذ في عصره، ولد في حلب في 20 تشرين الثاني سنة 1670م، وأسرته لبنانية قديمة الأصل كانت نزحت إلى حلب واستوطنتها، درس العلوم العربية على أعلام عصره ونبغ وفاق، وقد زهد في الحياة الدنيا الزائلة، فنزح إلى لبنان سنة 1695م وسيم كاهناً، وفي سنة 1711م قام برحلة إلى روما وأسبانيا وتعمق في دراسة فلسفة اللاهوت، ثم عاد إلى لبنان سنة 1716م وتولى الرياسة العامة على الرهبانية المارونية الحلبية، ثم انتخب رئيساً عاماً لها، فمطراناً على حلب في 19 تموز سنة 1725م ودعي باسم جرمانوس.

آثاره العلمية والأدبية-. يعتبر المترجم من أنبغ رجال عصره في علمه وأدبه، وقد جادت قريحته الجبارة بمصنفات بين مؤلف ومترجم ومعرب، فبلغ عددها (104) أثراً، أهمها 1- كتاب الرياضة 2- مختصر سلم الفضائل 3- المحاورة الرهبانية 4- مجموع قوانين الرهبانية، 5- التحفة السرية لإفادة المعرف والمعترف 6- فصل الخطاب في صناعة الوعظ 7- رسالة الفرائض والوصاية 8- رسوم الكمال 9- المثلثات الدرية 10- بحث المطالب 11- رسالة الفوائد في العروض 12- التذكرة في القوافي 13- الفصل المعقود في عوامل الإعراب 14- بلوغ الإرب في علم الأدب 15- الإعراب عن لغة الإعراب وهو معجم 16- الأجوبة الجليلة في الأصول النحوية 17- الأبدية 18- ميزان الجمع 19- تاريخ الرهبانية المارونية 20- السنكسار في أخبار القديسين 21- سلسلة البابوات عصراً فعصر 22- العهد الجديد. وأكثر هذه الآثار العلمية والأدبية مطبوعة مرات.

أدبه-. 23- له ديوان شعر نفيس يدل على تضلعه في اللغة العربية وأسرارها، وفي عام 1924م أقيم لهذا العلامة النابغة في مدينة حلب تمثال بمناسبة الذكرى المئوية لوفاته تخليداً لآثاره ومآثره العلمية الفذة.

وفاته-. وفي تموز سنة 1732م رحل إلى عالم الخلود بعد جهاد متواصل في خدمة الفضيلة والعلم والأدب.

 
1732م-
1145هـ-

قصائد أخرى لجرمانوس فرحات

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
القصيدة الأولى في مدح السيد المسيح قالها في حلب سنة 1695م معارضا همزية البوصيري (كيف ترقى رقيك الأنبياء) وفيها يضمن البيت:
جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات

القصيدة في الديوان ص7  وقد ختم عروضها بالمقصور وضروبها بالممدود من المقصور ذاته، ألفها سنة 1713م

جرمانوس فرحات
جرمانوس فرحات
ص11 في مدح المطران عبد الله الحلبي معرضا بوقعة عرضت له سنة 1719م منها: