تبَدَّت إِلى وَصلي وَما كنتُ راجِياً
الأبيات 36
تبَـدَّت إِلـى وَصـلي وَما كنتُ راجِياً جِهـاراً على رغم الحسودِ المُعادِيا
فتـاةٌ لَعُـوبٌ يُخجِـلُ البَـدرَ نورُها وَيَفضـَحُ بـدرَ التِـمِّ إِذ كانَ بادِيا
أَتَتنــي تَجُــرُّ هَيفــاءَ بعـد مـا هَجعـنَ عيـونُ الخَلـقِ وَالكلُّ ساهِيا
فلمّــا رأَت عينـي مُحيّـا جمالهـا يضـيءُ سـَناهُ سـافراً في الدَياجيا
علمـتُ بـأنَّ الحـبَّ قـد جاءَ زائِراً وأسـفَرَ حظِّـي بعـد مـا كان غافيا
فقُمــتُ كــأنِّي شـاربٌ كـأسَ خمـرَةٍ مِـنَ الشَوقِ أمشي مُسرِعاً في رِدائيا
فقبَّلتُهــا يـا صـاحِ قُبلـةَ والِـهٍ عـن الوِردِ محجوباً وقد كان ظامِيا
وبِتنــا تُعَـاطِيني كـؤوسَ حـديثها وأرشـُفُ مِـن ثَغـرٍ لهـا كان صافيا
فلمَّـا رأيـتُ الليـلَ يَطـوِي خِيامَهُ وَهـذا سـَنا الإِصباحِ قد كان سارِيا
تيقَّنــتُ أَنَّ الحــبَّ لا شــكَّ راحـلٌ وأَنَّ غُـرابَ الـبينِ أَضـحى مُنادِيـا
فقبَّلتُهــا ثــمَّ اعتنقـتُ بغُصـنِها وَوَدَّعتُهـا والـدَمعُ في الخَدِّ جارِيا
وسـارت فأمسـى الصـَبُّ بعد فِراقِها يـبيتُ بطـولِ اللَيـلِ لِلنَجمِ راعِيا
ويُصــبحُ مِـن مُـرِّ الفـراقِ بلَوعـةٍ ومـن زَفَـراتِ القلـبِ حَيرانَ باكِيا
فمـا لِعَـذُولي قـد لَحـاني بعَـذلِهِ وعنَّفَنــي جُهــداً وطــالَ مَلامِيــا
عَسـاهُ يُلاقـي مـا أُلاقـي مِنَ الهَوى وَمِـن شـِدَّةِ الأَشـواقِ أضعافَ ما بِيا
ولمّــا رأَت قلــبي بهـا مُتَعَلِّقـاً يَهيـمُ ومـا هـوَ عن هواها بِسَالِيا
تصـَدَّت إِلـى هَجـري وأَظهَـرَتِ الجَفا وأَبـدَت صـُدوداً فاسـتزادَ عَـذابِيا
فيـا ليتَ ذاكَ الوصلَ بيني وبينها يعـودُ كمـا كنّـا ويطوي التَنائِيا
ويـا ليتَهـا للصـَبِّ تَرنُـو لِحـالِهِ وتُبـدِلَ هـذا البُعـدَ مِنها تَدانِيا
ويـا لَيتَهـا تَمنُـن عَلـيَّ بِوَصـلِها لِيُطفـي لَهيبـاً مُضـرَماً في فُؤادِيا
ويـا ليتهـا ترعـى عُهـودَ مُحِبِّهـا وتعطِـف عَلـى مَـن جِسمُه كان باليا
وإِن كـان قـد أبـدَت قِلـىً وتجنُّباً فـإني لهـا مـا عشـتُ لستُ بقالِيا
ولكنَّنــــي خِـــلٌّ مُلازِم عهـــدِها وحـافظ ذمـامَ الـوُدِّ منها وراعِيا
عسـاها عَلَـيَّ اليـومَ تمنُـن بنظرةٍ لتُـبري بهـا دائي وتُشـفي سقامِيا
ومــا ضــَرَّكِ لـو زُرتِنـي مُتَيَقِّظـاً جِهــاراً وكنّــا لا نحـاذِرُ واشـِيا
لأبــردَ نـاراً قـد تلَظَّـت بِمُهجَـتي ومَــزَّقَ جِســمي حَرُّهــا وَحشــائِيا
وِإلا يكُــن ذا إِنَّنــي منـكِ قـانِعٌ بطَيــفِ خيــالٍ زائرٍ فـي مَنامِيـا
فلـو أَنَّنـي أَشري بروحي اجتماعنا ولـو سـاعةً يـا صـاحِ لستُ مُكافِيا
أقـولُ لهـا يا رَبَّةَ الحُسنِ والثَنا أَبـي اليَـومَ ذنـبٌ مُـوجِبٌ لِجَفائيا
وإِن كـانَ أَنّـي قـد أَسـَأتُ فأجمِلِي لِيَ العفوَ عن هذا الذي كنتُ جانِيا
فـواللَه إنـي لـم أجِـد مـن مُعَوِّضٍ لرِقِّــكِ يُسـلِيهِ ومـا كنـتُ سـالِيا
فقَـالت بلى يكفيكَ مِن وَصِليَ البُكا وَطـولُ الأسـى والوَجـدُ هذا عَطائيا
فـأرجو مَـن بالحُسـنِ قـد خصَّها بِهِ وأَلبَســَهَا ثَــوبَ المَلاحـةِ ثانِيـا
وصــَيَّرَها يـا صـاحِ للنـاسِ فِتنَـةً إِذا مـا تبـدّت يَصبُ مَن كان رائِيا
يَمُـنُّ بجمـعِ الشـَملِ بينـي وبينَها ويمنَحُنــا منــهُ رِضــاً مُتَواليـا
عليهــا إِلهــي لا يــزالُ بفضـلِهِ حفيظـاً لهـا مـن كـل سُوءٍ وكافِيا

عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك، من بني تميم.

ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتلقى العلوم الأولية من قراءة وكتابة في المدارس الأهلية، ثم قرأ الفقه والتفسير والحديث على والده.

رحل إلى أبوظبي مدرساً ومرشداً بطلب من أهلها، فكانت حلقته تضم كثيراً من طلاب العلم والراغبين فيه.

له شعر جيد.

1923م-
1342هـ-

قصائد أخرى لعبد اللطيف بن إبراهيم آل مبارك