ألا قَد وَفَى بِالوَعدِ مَن شأنُهُ الغَدرُ
الأبيات 36
ألا قَد وَفَى بِالوَعدِ مَن شأنُهُ الغَدرُ وزارَ مُحِبّـاً بعـد مـا ضامَهُ الهَجرُ
وَوَفّـى يَجُـرُّ الـذَيلَ وَهنـاً فأَسفَرَت لطلعتـهِ الظَلمـاءُ واحتَجَـبَ البَدرُ
يَميــلُ بِقَـدٍّ يُشـبِهُ الغُصـنَ أَهيـفٍ ويَرنـو بطـرفٍ دونَهُ السَيفُ والسِحرُ
ويسـحَبُ ذيـلَ الفَخرِ بالحُسنِ تائِهاً ومَـن مثلُـهُ فيـهِ يَحِـقُّ لَـهُ الفَخرُ
ويَهـتزُّ مـن سـُكرِ الشَبيبةِ إِذ مَشى عَلَيـه مِـنَ الـدِيباجِ أَقمِصـةٌ خُضـرُ
ويفـترُّ عَـن مثـلِ الجُمـانِ بثغـرِهِ نضـيداً فمـا زَهرُ الأَقاحِ وما الدُرُّ
مَليـحٌ لَـهُ خَـدٌّ حَكـى الـوَردَ لَونُهُ ورِدفٌ ثقيـلٌ قَـد شـَكى ثِقلَهُ الخَصرُ
وشـــَعرٌ أَثِيـــثٌ وَارِدٌ مُتَعَثكِـــلٌ أَدِيـمٌ مَـتى يَنشـُرهُ يَنسـَتِرُ الفَجرُ
فَتَفـديهِ نَفسـي مِن رَشاً حينَ زارَني وأَيـدي اللقا مِن كلِّ واشٍ لَنا صِفرُ
فَبِتنـا نُديرُ الأُنسَ في أكؤُسِ الهَوى يُرَنِّحُنــا مـن خَمـرةٍ لِلهَـوى سـُكرُ
وَنشـربُ راحَ اللهوِ من حانةِ الصِّبا كِلانـا كَمـا شِئناهُ قَد حفَّنا البِشرُ
ونقطـفُ زَهرَ الوَصلِ من رَوضةِ الهَنا ورَبـعُ الهَنـا مِمـا نُحـاذِرُهُ قَفـرُ
فَيــا لائِمــي كُــفَّ الملام فــإِنَّهُ وَحـقِّ الهَـوى فـي شَرعِ أَربابِهِ نُكرُ
فَلـم يُصغِ للعُذّالِ في الحُبِّ ذو هوىً ولَـم يعـذِلِ المُشـتاقَ إِلا فتىً غُمرُ
فَمــا العشــقُ إِلا خَلَّــةٌ أَيُّ خَلَّـةٍ بِهـا تُـدرَكُ العَليا ويُكتَسَبُ الفَخرُ
وَلَيـسَ التَصـابي غَيرَ فضلٍ لمن غَدا تَقِيّـاً عَفيفـاً ليسَ من شَأنِهِ الغَدرُ
وَقَـد كُنـتُ مَـن زانَ الهَوى بِعَفافِهِ وأَضــحَى عَلَيـه مِـن صـِيانتِهِ سـِترُ
وإِنِّــيَ مــن قــومٍ كِـرامٍ أَماجـدٍ لَهـم بيـتُ مَجـدٍ باذِخٍ دونَهُ النَسرُ
هُـمُ الشـُهبُ قـدراً والبحورُ سَماحةً وأخلاقُهُـم كـالرَوضِ بـاكَرَهُ القَطـرُ
فمِنهـم فتَـى الفِتيـانِ عمِّـيَ راشِدٌ كَريـمٌ لَـه فـي كـلِّ حـالاتِهِ الصَدرُ
كَريــمٌ زكــا فِعلاً وقَــولاً ومَنشـَأً وَحـازَ عُلاً مـا حـازَهُ في الوَرى حُرُّ
كَريـمٌ مَتَـى اسـتَودَعته السِرَّ صانَهُ وَحاشــا عُلاهُ أن يُــذاعَ لــه سـِرُّ
مُنِيــبٌ مَــتى استَنصــرتَهُ لِمُلِمَّـةٍ دَهَتـكَ أَتـاكَ الغَـوثُ يَقدُمُهُ النَصرُ
إمـــامٌ هُمـــامٌ زاهِــدٌ مُتــورِّعٌ أَدِيـبٌ مُنِيـبٌ ليـسَ شـِيمتُهُ الخَـترُ
هُـوَ العلَمُ الهادي إلى سُبُلِ الهُدى تنَــزَّهَ قـدراً أن يُقـالَ بـهِ كِـبرُ
تـردَّى بـأثوابِ المكـارِمِ مُـذ نَشا وسـادَ بنـي الدُنيا جَميعاً ولا فَخرُ
لــه هِمَّــةٌ تعلـو علـى كـل همـةٍ كـذا شـرفٌ مـا إن يُطـاوِلُهُ الغفرُ
يجـودُ بمـا فـي كفِّـهِ وهـوَ باسـِمٌ فبحـرُ النَـدى من فيضِهِ ما لَهُ جَزرُ
أيـا سـيِّدي جـارَ الزمانُ كَما تَرى عَلَينـا ومـا ينفـكُّ شـِيمَتُهُ المكرُ
وَفـرَّقَ منّـا الشـَملَ بعـدَ اجتِماعِهِ وهيَّـج أشـجاناً يَضـيقُ بِهـا الصَدرُ
فَأضـحَى لذيـذُ العَيـشِ بعد فراقِكُم مَريـراً وثـوبُ الأُنـسِ ليـسَ له نَشرُ
فجُــد وتَفضــَّل بالوِصــالِ تعطُّفـاً عَلينـا فَطعـمُ البَيـنِ يا سيِّدي مُرُّ
وعجِّـل بـهِ منـك امتِنانـاً فـإِنَّني أَرى أنَّ داراً لسـتَ مـن أهلِها قَفرُ
وأبلــغ ســَلامي سـيِّدي خيـرَ سـيِّدٍ نَمتـهُ إِلـى العليـا جَهابـذَةٌ زُهرُ
فَـذاكَ سـليمانُ الهِزَبرُ لدَى الوَغى متَـى صالَ في الأَبطالِ جلَّلها الذُعرُ
فَلا زِلـتَ يـا ابـنَ الأكرَمينَ موفَّقاً وقـدرُكَ بَيـن النـاسِ ما فوقَهُ قَدرُ

عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك، من بني تميم.

ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتلقى العلوم الأولية من قراءة وكتابة في المدارس الأهلية، ثم قرأ الفقه والتفسير والحديث على والده.

رحل إلى أبوظبي مدرساً ومرشداً بطلب من أهلها، فكانت حلقته تضم كثيراً من طلاب العلم والراغبين فيه.

له شعر جيد.

1923م-
1342هـ-

قصائد أخرى لعبد اللطيف بن إبراهيم آل مبارك