تَبَدَّت لنا يا حُسنَها غادَةً عَذرا
الأبيات 39
تَبَـدَّت لنـا يـا حُسـنَها غـادَةً عَـذرا وأَبـدَت مُحَيّـا يَفضـَحُ الشـَمسَ والبَدرا
وَوَافَــت فـأَوفَت حيـنَ أوفَـت بِوَعـدِها فـأَلفَت حَزِينـاً سـاهِراً يَرقُـبُ النَسرا
فَتـــاةٌ عَـــرُوبٌ ذاتُ قَـــدٍّ مُهَفهَــفٍ وَطَـرفٍ كَحِيـلٍ أَبطَـلَ السـَيفَ والسـِحرا
وَشــَعرٍ أَثِيــثٍ يُشــبِهُ اللَيــلَ وارِدٍ إِذا نَشــرَتهُ كـادَ أَن يَسـتُرَ الفَجـرا
كَعـابٌ تُعِيـرُ الشـَمسَ مـن نـورِ وَجهِها غـدا الصَونُ مِن دونِ السُتُورِ لَها سِترا
فَــدَتها الغَـواني إِذ أَتَتنِـيَ مَوهِنـاً كَشـَمسِ الضـُحَى تَختَـالُ فـي حُلَّـةٍ خَضرا
فَمـــا راعَنـــي إِلّا رَقيــقُ كَلامِهــا تَقُـولُ لَـكَ البُشـرى بِوَصلي لَكَ البُشرى
فَقلــتُ لهـا أَهلاً لِمَـن لـم أَكُـن لـه بأهــلٍ فَشــكراً للـذي زارَنـي شـُكرا
فَبِــتُّ أُدِيــرُ الكـأسَ بَينـي وَبينَهـا حَـديثاً فَمـا أَحلاهُ عِنـدِي وَمـا أَمـرا
وَظَلَّيـــتُ أَجنــي وَردَ وَجنَــةِ خَــدِّها وَأَرشـُفُ ثَغـراً قَـد حَكـى رِيقُـهُ خَمـرا
فَلِلَّــهِ خَــدٌّ شــابَهُ الــوَردَ لَــونُهُ وَلِلَّـهِ ثَغـرٌ قَـد حَـوى الخَمـرَ والدُرّا
فلمّــا رأيــتُ الليـلَ قُـوِّضَ وانطَـوى وَأَقبَـلَ ضـَوءُ الصـُبحِ حَتَّـى بِنـا أَغرَى
نَهَضـــتُ وَوَدَّعـــتُ الحَـــبيبَ بِأَنَّــةٍ فَظَـلَّ يَفِيـضُ الـدَمعُ مِن مُقلَتي العَبرَى
فَراحَــت بِرُوحِــي وَانثَنَيــتُ بِحَســرَةٍ عَلَيهـا فَـذابَت مِـن أَسـىً كبِدِي الحَرّى
وَقَــد زَعَـمَ الواشـُونَ بَينـي وبَينَهـا بِشـَيءٍ يَشـِينُ العِـرضَ بَل يَزدَرِي الحُرّا
فَلا وَهَواهـــا وَهـــوَ حَـــقُّ أَلِيَّــتي لَمـا عَبَـرَت بـي فَرحَـةٌ تُـوجِبُ الوِزرا
وَلا حَــــدَّثَتني بِالـــذي يَزعُمُـــونَهُ سـِماتِي وَتَـأبَى وَالـذي أَنـزلَ القَطرا
سـَلُوا الخِـدرَ عَنّـا إِن جَهِلتُـم فـإِنَّهُ يُخَبِّركُـمُ عَنّـا سـَلُوا الشـُهبَ والبَدرا
سـَلُوا وَجهَهـا الوَضـّاحَ يُخـبركُمُ بِمـا جَـرى بَيننا عَنه سَلوا النَهدَ والخَصرا
فَـــإِنّي بِلا فَخـــرٍ عَفِيـــفُ زَمــانِهِ وَفـائِقُ أَربـابِ الهَـوى بِـالتُقى طُـرّا
كَمــا فــاقَ أَربـابَ المَعـالي ماجِـدٌ فَصـارَ لَهُـم إذ فـاقَهُم بـالعُلا فَخـرا
وَشــَيَّدَ بَيــتَ المَجـدِ حَتَّـى سـَما بِـهِ فأَضـحَى لُـه دونَ الـوَرى باسـِماً ثَغرا
خَليلِــيَ ذا عَبــدُ العَزيــزِ وَســَيِّدي وَشـَيخِيَ مَـن حـازَ النَـدى وَزَكـا ذِكرا
وَنَـالَ بِحَمـدِ اللَـهِ فـي العِلـمِ رُتبَةً بِهــا صـارَ شَمسـاً لِلهُـدى وَعَلا قَـدرا
كَريــمٌ تَــرَدّى بِالمَكــارِمِ مُـذ نَشـا وَسـادَ بِسـَيفِ الفَخـرِ البَـدوَ وَالحَضرا
كَريـــمٌ مَـــتى داعٍ دَعـــاهُ لِشــِدَّةٍ أجـــابَ وَلَبّــاهُ وَوَاســَعَهُ البِشــرا
مَهِيـبٌ إِذا مـا خالَهُ الصِيدُ في الوَغى تَــذَلُّ لَــه مــن عِظـمِ هَيبَتِـهِ ذُعـرا
أَيـا سـَيِّدي قَد جارَ ذا الدَهرُ واعتَدَى وَفَــرَّقَ مِنّـا الشـَملَ تَبّـاً لـهُ دَهـرا
فَغَـــادَرَنِي إِلــفَ الســُهادِ مُوَلَّعــاً وَأَودَعَ قَلــبي بعــدَ فُرقَتِكُــم جَمـرا
وَصــِرتُ بــهِ صــَبَّ الفُــؤادِ مُتَيَّمــاً وَأَضـحَى لَذِيـذُ العَيـشِ مـن بَعدكم مُرّا
فَمُـذ غِبتُـمُ لَـم أَنـسَ واللَـهِ ذِكرَكـم وَلَـم أعـرِفِ السُلوانَ عَنكم وَلا الصَبرا
فَـــأهلاً بِأَيـــامِ الوِصــالِ لَعلَّهــا تعــودُ وَوَاهــاً لَيتَهـا بَقِيَـت عَشـرا
فَــأَرجو إِلــهَ العَـرشِ يَجمَـعُ شـَملَنا سـَريعاً وَيطـوي فَضـلُ إِحسـانِهِ الهَجرا
فَيــا ســَيِّدي خُـذ هـاكَ مِنِّـي قَصـيدَةً وَأَسـبِل عَلَيهـا مِـن مَكارِمِـكَ السـِترا
فلا زلــت نَجمــاً لِلهُـدى يُهتَـدى بـهِ ولا زِلــتَ للعــافِينَ تُــولِيهُمُ بِــرّا
عَليــكَ ســَلامي مــا تَغَنَّــت حَمامــةٌ مَـدى الـدَهرِ لا يَنفَـكُّ عَـن سَاعةٍ يَترَى
يَحُفُّـــكَ مَصـــحوباً بِـــأَلفَي تَحِيَّــةٍ رَوائِحُــهُ لِلمِســكِ تَهــدي لـه نَشـرا
وأَزكَـــى صــَلاةِ اللَــهِ ثــمَّ ســلامُهُ عَلـى سـَيِّدِ الكَـونَينَ مَـن دَمَّرَ الكُفرا
وَأَصـــحابه وَالتَـــابِعينَ جَميعِهِـــم وَمَن قَد غَدا في الدينِ يَقفُو لَهم أَثرا

عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل مبارك، من بني تميم.

ولد في مدينة الأحساء، ونشأ بين أسرته، فحفظ القرآن الكريم، وتلقى العلوم الأولية من قراءة وكتابة في المدارس الأهلية، ثم قرأ الفقه والتفسير والحديث على والده.

رحل إلى أبوظبي مدرساً ومرشداً بطلب من أهلها، فكانت حلقته تضم كثيراً من طلاب العلم والراغبين فيه.

له شعر جيد.

1923م-
1342هـ-

قصائد أخرى لعبد اللطيف بن إبراهيم آل مبارك