أيحلو لها هذا التنائي فتهجَعُ
الأبيات 45
أيحلـو لهـا هـذا التنـائي فتهجَـعُ ومنزلهــا بيــن المنــازل بلقــعُ
يعــارِضُ مــن تلقائهــا كـلَّ شـمأَلٍ تحـــدِّثه عنهـــا حــديثا فيســمع
يحـــن فتبكيــه الغمــائمُ رحمــة وتحنــو لــه وُرق الحمــام فتسـجع
ديـارُك يـا سلمى على العهد لم تزل علـــى أمــلٍ أنَّ الليــاليَ ترجــع
فيادارَهـــا لا تجزعــي إنَّ بينهــا ســحابةُ صــيف علــى قليــل تقشـَّع
هــبي أنهـا بـانت فمـا كـل ظـاعن لـــديه مواثيــق العهــود تُضــيَع
إذا نزلــت أرضــاً ســواكِ فإنمــا جــرت عـادة الـدنيا مغيـب فمرجـع
ولـولا نـوى الأحبـاب مـا عذُب اللقا ولــولا شــتات الشـمل مالـذ مجمـع
أُرانـي أُسـلّى الـدار بعـد أنيسـها وقلــبي مــن وقــع الأســى يتقطَّـع
خليلـــيَّ عنّـــي بلِّغــاهم تحيــتي ولـو أنهـم مـا سـلَّموا يـوم ودَّعوا
ومــا وعـدوا يـومَ الرحيـل بعـودة فيبقـى لمشـتاق إلـى القـرب مطمـع
ويــا رب بيــنٍ لا يرجّــى انقطـاعه علـــى غِـــرَّة أســـبابه تتقطـــع
ويـا رب نـاءٍ شـاقه العـود بعـدما خَلَــت حِقَبــاً منــه ديــار وأربـع
وإن نصــح النصــاح مـن لا يطيعهـم فـإن ابـن منصـور إلـى النصح أسرع
دعــوت أخــا الآداب دعــوةَ مشــفق وعهــدي بـه ذاك السـميع السـميذع
أخـا الأدب المعـروف والسـيرة التي لهــا طيــبُ نشــرٍ بيننــا يتضـوَّع
عرفتـــك بــالآداب عِرفــانَ مَســمع ويـا ربمـا أغنـى عـن العيـن مِسمع
عرفتــك بــالآداب فـي قومـك الألـى تركتهُـــم والكــل أســوان موجــع
فلـم أسـتطع صـبراً علـى لوعة الأسى وأنــت خــبير بالأســى كيـف يصـنع
فـــدونك قــولاً لا تمــل اســتماعه عليـــه مـــن الإخلاص ثــوبٌ مُوَشــَّع
شـــريعتنا فيمــا علمــت قويمــةٌ بأحكامهــا نــور الحقيقــة يسـطع
وملتنــا البيضـاء هـل ثـمَّ غيرُهـا هُــديت إلــى دار الســعادة مَهيَـع
فـإن كنـت فـي شـك فمـا أنت بالذي لـه شـُبَه الجُهّـال فـي الحـق تخـدع
أعيـذك مـن قـوم تـرى الحـق بينهم صـريحاً وهـم فـي ظلمـة الغـيِّ هُجَّـع
إذا نوقشوا في الحق خاروا فأحجموا وإن وقفـوا فـي مجمع الجهل جَعجعوا
فــــإن ســـُئلوا مـــا يـــدعونه رأيــت عُلوجــا بالأباطيــل تَصــدع
يقولـون بـالتركيب فـي خالق الورى بربــك مــا هــذا الإلــه المبضـَّع
بـــأي دليـــلٍ حققــوا أن ربهــم يمــوت ويحيــا أو يجــوع ويشــبع
وقـالوا صـفات اللَـه فيهـا تفـاوتٌ يســوِّغ أن البعــض للبعــض يتبــع
وهــل صــفة فيهــا تقـوم بأختهـا فنعــذرهم فيهــا ادَّعَــوه وشـنَّعوا
وكـــم نســـبوا للمرســلين خطيئةً وهــذا لعمـري فـي المقالـة أشـنع
فلــو حكَّمـوا فـي مُـدّعاهم عقـولهم لكـان لهـم فـي عصـمة الرسـل مقنع
ولــو جـاز عقلاً مـا ادعـوه لأصـبحت ذنـوب الـورى دَيناً على الناس يُشرع
وكــم ذا وكــم مـن باطـل يـدَّعونه تــرى الطفــلَ عـن أمثـاله يـترفَّع
أخـا العقـل بـاللَه الذي أنت عبده بــأي دليــلٍ أنــت للقــوم تتبـع
أمــا قـال يوحنـا بـإنجيله الـذي بأيــديهم يتلــى دوامــاً ويُســمع
فــإن رئيــس العــالمين بأســرها ســيأتي بتصــديقي وبــالحق يصـدع
فـإن قيـل مـن هـذا الرئيسُ تأولوا تآويـل يـأبى صـدقها العقـل أجمـع
فـإن كـان إبليسـاً كامـا يزعمـونه فهــل لفــظ الإسـتدراك بعـدُ مضـيع
نعــم هـذه بشـرى بأحمـد لـم يـزل لهـا فـي الأناجيـل الحديثـة موضـع
أخـا العقل حتّام التواني عن الهوى وحــتى مــتى للمنهـج الحـق ترجـع
يُعيِّرنـــا قـــومٌ شــرحتَ صــدورهم بــأمرٍ هــو المُــرَّ الــذي تتجـرع
ولـو كـان حقـاً ما أتيت لما انكَوَت قلــوبٌ ولا سـالت مـن العيـن أدمُـع
نصـحتك فـارجع إن تشأ واطرَح الهوى ولا تتَّبــع قومــاً أُضـيعوا وضـيعوا
فلا ديـن دون العقـل في الكون قائمٌ ولا عقــل دون الـدين للمـرء ينفـع
محمد عبد المطلب
128 قصيدة
1 ديوان

محمد بن عبد المطلب بن واصل.

من أسرة أبي الخير، من جهينة.

شاعر مصري، حسن الرصف، من الأدباء الخطباء. ولد في باصونة (من قرى جرجا بمصر) وتعلم في الأزهر بالقاهرة، وتخرج مدرساً، وشارك في الحركة الوطنية، بشعره ومقالاته وخطبه.وتوفي بالقاهرة.

له (ديوان شعر ).

وله:(تاريخ أدب اللغة العربية) ثلاثة أجزاء، و(كتاب الجولتين في آداب الدولتين) الأموية والعباسية، و(إعجاز القرآن) وروايتا (الزباء) و(ليلى العفيفة) كلها لا تزال محفوظة.

1931م-
1350هـ-