على النيل من سيف الجزيرة جؤذر
الأبيات 42
علـى النيـل من سيف الجزيرة جؤذر هفـا تائهـاً والحسـنُ بالتيه يأمرُ
مُـدلٌّ بريعـان الصـِبا فهـو ينثنـي دلالاً كمــا شــاء الجمــال ويخطِـر
زهـاه الربيع النضر وَالماء جارياً بــه النيــلُ فـي أَفلاجهـا يتحـدَّر
وأســكره مـن جـانب الـروض نفحـةٌ ســقاه بهـا ذاك النسـيم المعطَّـر
فمـا أنـسَ م الأَشـياء لا أنس موقفي وقــد مــر فــي أترابــه يتنظـر
يهــز القَـوام الغـض فـي بَختَرِيَّـةٍ وحســن المشـى بالقاهريّـات أجـدر
مـنَ اللاءِ علمـن الربـى طيب نشرها وعرَّفـنَ أقمـارَ الـدجى كيـف تُقمـر
كســاهن رَوق الحسـن نعمـى أثيلـةٌ وعــزٌّ بــه تطـوى العصـور وتنشـر
لهــن علينـا فـي الخـدور كرامـةٌ يَعــزُّ بهــا ذاك الجمـالُ المخـدَّر
خــدورٌ بنينهــا وقمنــا حيالهـا كمـا قـام دون الغـاب ليـث غضنفر
ونحـن الألـى مدوا إلى ذِروة العلا ســبيلاً بــه للنــاس وِرد ومصــدر
فمــا ضــرَّنا أن الليـالي تنكـرت لنــا حقبــاً والـدهر قـد يتنكـر
ومــا الـدهر إلّا دولـةٌ ثـم صـولة فــذا مقبـلٌ يسـعى وهـذاك يتنكـر
ومـا المجـد إلّا مشـرعٌ فـي سـبيله جــرى النــاس شـتّى سـابق ومقصـِّر
وهـل بلغـت مـا تبتغـي منـه أمـةٌ خبَــت ســُرُجٌ للعلـم فيهـا وأنـؤر
ومـا العلـم إلا روضـةٌ فـي مفـازة تــرى الطيـر فـي آفاقهـا يتحيـر
تضـل الركـاب النجـب فـي طرقاتها ويكبـو جـوادُ السـبق فيهـا ويعثُر
ودارٌ علا عــن طارقيهــا رتاجهــا وحجَّبهـــا ذاك البنــاءُ المســور
إذا لـم يضـيء نـور المعلم ليلها ويزهــو بــه فيهـا سـريرٌ ومنـبر
فلا خيـر في دنيا طوى الموت أهلها ونـاءَ بهـم عيـشٌ مـن الجهـل أغبر
فهــل قـدَّر النـاس المعلـم قـدره إذا ذكــروا أهــل البلاء وقـدَّروا
بنـى مصـر مـا بال الملعلم كاسفاً يـرى النـاس فيهـا يكـبرون ويصغر
ســبيل النــبيئي الكـرام سـبيله يعــم بــه الـدنيا صـلاحاً فتقمـر
سلوا عنه جنح الليل كم بات متعباً تنــام حــواليه النجــوم ويسـهر
سـلوا عنـه عينـاً قرح السهد جفنا يخــط عليهــا فــي الظلام ويسـطر
سـلوا عنه جسماً بات بالسقم ناحلاً فلا الــبرء مــأمول ولا هـو يعـذر
سلوا عنه أسفاراً قضى اللَيل بينها غريبـاً عـن الـدنيا وأهلـوه حضـَّر
سـلوا عنـه قلبـاً بـات يخفق رحمةً لعــى فتيــةٍ مــن حــوله تتضـور
يروعــه صــرف الليــالي عليهــم وعـاتٍ حـواليهم مـن البـؤس يـزأر
فــإن مـد للـدنيا يـداً يسـتمدها لهـم عنـه وَلَّـت وهـي غضـبى تشـزَّرُ
سلوا عنه إخواناً قضى العمر بينهم غـدوا فـي ثـراء وهو بالفقر أخبر
فيـا ويحـه كـم يشـتكي فـي حياته وكـــم يتلقــى مــن بلاء فيصــبر
همــومٌ يفــوت الحـزم دون أقلهـا وبؤسـى يمـوت النصـح فيهـا ويُقبر
ولـــم تحــي إلّا بــالمعلم أمــةٌ ولا ســـاد إلا بـــالمعلم معشـــَرُ
فـإِن لم يطب بالعيش نفساً ولم يكن لـه بيـن أهليـه المقـام المـوقر
رأيــت شـباب يطفـئُ الجهـلُ نـوره ونشـئاً إذا هموا إلى المجد قصروا
وشــعباً بأَحـداث الليـالي مُرَوَّعـاً ومجـــداً علـــى آساســه يتهــورُ
فيـا مصـر إن عـزَّ الوفـاء فإننـا علــى العهــد لا نلـوي ولا نتغيـر
إذا صــاع قــوم بـالخلاف رأيتنـا لـــبرك أيقاظـــاً لضــرِّك نحــذر
أنخــذُل مصــراً فـي بنيهـا وهـذه ذئاب الليـــالي حولهــا تتنمــر
بنوهــا بنونـا والمـدارس دورنـا لهــا كـل مـا نقنـو ومـا نتخيـر
عهــود كتبنـا عقـدها فـي ضـمائرٍ علـى الصـدق يطويها الوفاء وينشر
محمد عبد المطلب
128 قصيدة
1 ديوان

محمد بن عبد المطلب بن واصل.

من أسرة أبي الخير، من جهينة.

شاعر مصري، حسن الرصف، من الأدباء الخطباء. ولد في باصونة (من قرى جرجا بمصر) وتعلم في الأزهر بالقاهرة، وتخرج مدرساً، وشارك في الحركة الوطنية، بشعره ومقالاته وخطبه.وتوفي بالقاهرة.

له (ديوان شعر ).

وله:(تاريخ أدب اللغة العربية) ثلاثة أجزاء، و(كتاب الجولتين في آداب الدولتين) الأموية والعباسية، و(إعجاز القرآن) وروايتا (الزباء) و(ليلى العفيفة) كلها لا تزال محفوظة.

1931م-
1350هـ-