نوى ظعناً يبقي منى فالمحصبا
الأبيات 80
نـوى ظعنـاً يبقـي منـى فالمحصـبا فـــأدنى إليــه اليعملات وقربــا
وفــوض مــن بعــد الأقامـة راحلاً يلف الربى بالبيدو والبيد بالربى
وجشـــمها شـــرق البلاد وغربهــا إذا جـاز منهـا سيسـباً أم سبسـبا
ليقضـي عليهـا من منىً غاية المنى فقـد شـاقه مـن شـعبه مـا تشـعبا
وقــد جنحــت للخيـف حـتى كأنمـا قوائمهــا نيطــت بأجنحـة الصـبا
وأرســلها مــن طيــه الأرض آصـفا وقـد ذكرتنـي هدهـداً جـاء من سبا
وعـــرس كيمــا يســتريح ركــابه بأعطانهــا ممــا عراهـا وأتعبـا
ولمـا حـدا الحـادي وهـاج أهاجها رواقــــص للادلاج هجـــن تطربـــا
ووجـــه تلقــاء المعــرف وجهــه ليقضــي بـه فـرض الوقـوف تقربـا
ولمـا قضـى التعريـف والشمس آذنت وقــد أزف الترحــال أن تتحجبــا
وحيـث أفـاض النـاس أرخـى ركـابه وألــوى بــه للمشــعرين ونكبــا
وضــج فضــج النــاس كــل مؤديـا مـن الـذكر مـا نـص الإلـه وأوجبا
ومـال إلـى جمـع الحجـار ورميهـا ولمــا رماهـا سـاق هـدياً وقربـا
وطــاف بـبيت اللـه سـبعاً إنابـةً إليــه وصـلى فـي المقـام وعقبـا
وقـد أوسـع الأركـان عنـد استلامها دموعـاً فخيـل السيل قد بلغ الزبى
وأكــثر عنــد المســتجار تنصـلاً إلــى ربــه ممــا أسـاءَ وأذنبـا
وسـاغ إليـه الـورد مـن ماء زمزم وأعــذب بمــاء ورده سـاغ مشـربا
وللســعي بيـن المروتيـن مهـرولاً ســعى وبجلبــاب الخضـوع تجلببـا
وســـارع للتقصــير غيــر مقصــر وشــرق للتشــريق ينحـو المحصـبا
ولمــا قضــى نســكاً مناسـك حجـه نحـا يثربـاً لا أبعـد اللـه يثربا
بـأم وقـد زفـت بـه العيـس مرقداً هـو العـرش بل أربى حضيضا ومنكبا
تجلــى عليــه اللــه جــل جلالـه فــوارى بـه نـور التجلـي وحجبـا
وأوذعـــه صـــوناً حقيقــة ســره وصــان بــه علـم الغيـوب فغيبـا
ومــد رواقــي ظلــه فــي رواقـه فخيــم ظــل اللــه فيــه وطنبـا
وغشــى بمــا غشــى أشــعة نـوره حـذاراً بـأن يغشـى العيون فتذهبا
فهـذا هـو المشـكاة فـي كـل وجهة تـرى منـه مصـباحا يضـيء وكوكبـا
فيـا مدلـج الوجنـاء والليل حالك سـلكت بها الأهدى إلى الرشد مذهبا
إذا مــا تــرآى سـفح أعلام يـثرب ولاح لـديها مسـجد الفتـح مـن قبا
ترجـل فمـا الـوادي المقدس بالذي يضــاهي وإن حـاز التقـدس يثربـا
وأنــى يضــاهي مرقــداً ضـم علـةً بهـا كـل معلـول مـن اللـه سـببا
حـوى مـن إليـه اللـه أدناه رفعةً وقربــه مــن قـاب قوسـين أقربـا
وأوحــى إليــه مـا أراد بخلقهـذ فبلــغ مــا أوحـى إليـه وأعربـا
فهـذا زعيـم الرسـل والرسـل نبَّـؤٌ عـن الله ما يملي عليها من النبا
هـو المصـدر الفيـاض والفيض صادر بامــداده ينهــل للخلــق صــيبا
صــفا فاصــطفاه ذو الجلال لنفسـه ونزهــه مــن كــل ريــبٍ وهــذبا
فليــس لــذي لــبٍ ســبيل لنعتـه وإن صــعَّد الفكـر السـليم وصـوبا
فعفــر بمثــواه جبينــك مــدركاً مـن المجـد أنهـى ما تمنيت مطلبا
وبـث لـديه مـا جـرى يـوم كـربلا فبالحشــران قايسـته كـان أصـعبا
أمســـتنزل الأقــدار هلا جلبتهــا وفاجـأت قومـاً أغضبوا الله مغضبا
وهلا بعثــت الرسـل تـترى كتائبـا لمـن حـاد عـن نـص الكتـاب وكذبا
وهلا نــدبت الغلــب فتيـان غـالبٍ ونبهــت فرســان الملاحــم يعربـا
وهلا يخيـــل اللـــه طلاب وتـــره ملأت فجــاج الأرض شــرقاً ومغربــا
لتـدرك ثـارات الحسـين فقـد قضـى ظمــاً وقضـت أبنـاؤه الغـر سـغبا
برغـم العلـى فوق العوالي رؤوسهم تعلـى وفـي أجسـامهم تعبـث الصبا
وقــد هتكــت حجـب الجلال وأبـرزت بناتــك مـن حجـب الجلالـة للسـبا
أبيـح حماهـا ما استكانت ولم تجد حميمـاً فيحميهـا ولـم تـر مهربـا
وأعظـم مـا يشـجي الغيـور سفورها وأعظــم منــه أن تســب وتســلبا
فيــالحريمٍ قــد أتبيــح وحرمــة أبــى اللـه إلا أن تصـان وتحجبـا
لعمـرك مـا الصـبر الجميل بهتكها جميــل لـدى أهـل الحميـة والابـا
ومــن زينـب عـز البتـول بولـدها وعــز عليهــا أن تراهـم وزينبـا
ونـاد بنـادٍ فـي البقيـع لثارهـا بنـي مضـر والسـادة الغلـب تغلبا
وجعجـع بهـا شـعث النواصي ضوابحاً فســلهبةً صــبحاً تســابق ســلهبا
تقــل رجــالاً مــن لــوي سـيوفها لادراك ثـار اللـه مشـحوذة الشـها
جـرى جريهـا حتـم القضـا وسيوفها جـرت جريهـا الأقـدار ضربا ومضربا
كــأن عليـاً فـي الحـروب أعارهـا ثباتــا وغضــباً بـالقراع مجربـا
قيــم بهــا مغنـاه فهـو زعيمهـا ومفزعهــا إن نــاب دهـر وارعيـا
وفــاخر ملــوك الأرض حـول ضـريحه طوافـــاً وأملاك الســماء تأدبــا
وقـل يـا عظيمـاً عظـم اللـه شأنه فعــبر فـي فرقـانه عنـه بالنبـا
ويـا فتنـى اللـه التي فتن الورى بهــا وبهــا اذرا خبيثـا وطيبـا
ويـا لـوحه المحفـوظ والقلم الذى بــه أثبـت اللـه القضـاء ورتبـا
وآيتــه الكــبرى وفرقـانه الـذي علــى حفظــه حــث الأنـام ورغبـا
إليــك أميــر المــؤمنين شـكايةً تغـــص شــجامها وتنقــض مغضــبا
ويوشــك أن تنبــث حزنــا لبثهـا المهـاد وأحـرى أن تسـيخ وتقلبـا
أبــا حسـن أضـحى الحسـين مجـدلاً تريــب المحيـان بالـدماء مخضـبا
صــريعاً تحامــاه الأســود مهابـةً وتعــدو عليــه الأعوجيــات شـزبا
عجبــت ومــا فكــرت إلا وزادنــي قعــودك عـن ثـار الحسـين تعجبـا
قعـدت ولـم تنهـض ولا زلـت قائمـاً بأعبـاء مـا أعـي القـرون وأتعبا
ولــم تـبرح المثـوى كـأن مصـابه أصــار فقـار الظهـر منـك محـدبا
وأجــج فـي أحشـائك النـار كلمـا خبـت زادهـا مـا ذاب منـك تلهبـا
وصــعد أقــذاءً لعينيــك عــن دم فأوشـك أن يجـري مـع الـدمع صيبا
فمـا زالـت الـدنيا وأنـت مليكها تنوبــك إن أعرضــت عنهـا تجنبـا
وكنـت لحلـم اللـه بالصـبر مظهراً وعـن بطشـه بـالبطش لا زلـت معربا
فقلبـك أعـي أن يـراع فمـا الـذي عــراه فأعيــاه أرتياعـاً وقلبـا
وســيفك لــو حكمتـه فـي نفوسـها لأســـكنها دار البــوار وماصــبا
أضـعتم سـرايا شـيبة الحمد حمدكم وبالضـيم بوءتم إن عدلتم عن الإبا
مـتى أبصـر الـدنيا وقد غص رحبها سـروراً وتغـر الـدين يفـتر أشنبا
أسـأت إلـى نفسـي وأذنبـت واثقـاً بصـــفكم عمـــن أســاء وأذنبــا
فـأنتم أمـام الخـائفين ولـم أكن وإن ســاء فعلــي خائفـاً مترقبـا
كفــاني حســين شــافعاً ومشــفعاً وخــدمته حســبي فخــاراً ومنصـبا
أقـول إذا مـا قسـت ذنـبي بعفـوه ألا إننــي فـي تركـه كنـت مـذنبا
ابن كمونة
64 قصيدة
1 ديوان

محمد علي بن محمد الأسدي الحائري النجفي، آل كمونة.

شاعر فحل، من مشاهير شعراء كربلاء ووجهائها، أكثر شعره في آل البيت.

ينتمي إلى بيت زعامة ورئاسة وثروة ووجاهة، توفي بمرض الوباء في كربلاء ودفن في الحائر الحسيني.

جمع أحفاده من بعده مجموع أشعاره في ديوان أسموه اللآلي المكنونة في منظومات ابن كمونة.

1865م-
1282هـ-