الأبيات 119
نكسـى العلام يـا خيـر الملـل رزىـء الاسـلام بـالخطب الجلـل
وانتـثر يـا دمع أجفان التقى قـد أصيب العلم واغتيل العمل
وانفطـر يـا قلب واستقص الأسى إن حبـل الـدين بـالأمس انبتل
أشــعل الــبرق علينـا جـذوة فانطفـا واتقـدت فينـا الشعل
حمــل الــبرق مصـاباً فادحـاً ليتــه أعيــاه حملاً مـا حمـل
يـا رجـال الـدين هـل جـاءكم إن بـدر الـدين فـي الأرض أفل
يـا رجـال الـدين لا تهنأ لكم فرصــة إن مصــاب الـدهر حـل
يـا رجـال الدين لم ينزل بنا فــادح أعظــم ممـا قـد نـزل
يـا رجـال الـدين أهلاً بالقضا غـاض هـذا البحر واندك الجبل
يـا رجـال الدين ما هذا الأسى والأسـى بالعقـل والعقـل ذهـل
يـا رجال الدين ما حسن العزا عـن فقيـد في السما والأرض جل
ربمـــا أعقــب فقــد بــدلا وفقيـد العلـم مـا عنـه بـدل
إن موتـــاً وحيـــاة حتمـــاً قبـل هـذا الخلق في لوح الأزل
والتماثيـل الـتي نهـذي بهـا صـور يخلقهـا فـي سـحر الأمـل
كــل مــا نهفــو إليـه عـبر لو فقهنا الشأن أو ضرب المثل
مـا يريـد الحتـف من أرواحنا يتقاضـــاه بكـــوراً وأصـــل
إنهـــا مســـتودعات أقتـــت لا يـزاد العمـر شـيئاً إن كمل
يـــا لعمــر ناصــبته آفــة تهـدم المحيـا وتـزري بالحيل
بئس عمـــر حتــم اســترجاعه ريثمــا حــل رأينــاه قفــل
وحيــاة وعــدت ريــب الـردى كيــف يغـتر عليهـا مـن عقـل
وهــي فــي برهتهــا مرذولـة حشـوها لـو فكـر المرء العلل
خلــق العقـل لـدرك المنتهـى فتناســــى وتلاهـــى وغفـــل
ليــس مــن يجهـل منـا حـاله لمحــة تمضــي وعيــش يخـتزل
إنمــا الشـأن اغـترار حـاكم سـلب الألبـاب واسـتدعى الأمـل
ونفــوس راقهــا مــن سـوئها رنـق العيـش وفي العيش الغيل
هــذه الــدنيا وهـذا أمرهـا تنـدف الأعمـار نـدفاً لـم تزل
كثفـت عـن قبحهـا فـي حسـنها وراتنـا السـم فـي هذا العسل
لــم تغادرنــا علــى مشـتبه فـي التفاصـيل ولا طـي الجمـل
أيهــا العاقـل لا تحفـل بهـا سـوف ترمـي بـك مـن رأس جبـل
قــد بلوناهــا ولكـن سـحرها ينـزل الأعصـم مـن أعلى القلل
هكـــذا تخبطنـــا فتنتهـــا بينمــا نـأنس منهـا بالحيـل
كــل مــا يحســن منهـا عطـب وهـو مـن لا شيء في القدر أقل
أصــدق الأنبــاء عــن خسـتها ليـس مـا ينقـل عنهـا مفتعـل
لــم تســالم جـاهلاً فـي غيـه لا ولا عالمهــا الحــر الأجــل
كـــل حـــي الســـعته حمــة أعيـت الراقـي فيهـا والحيـل
وقمـــت آياتهــا فــي عــبر بقـــــرون طحنتهـــــم ودول
لا تبــالي بــك فــي بطشـتها كنـت رب التـاج أو كنـت خـول
يـا رجـال العلـم أودى قطبكم بـل جميـع العلم أودى والعمل
فتكــت بالســالمي المرتضــى غـارة شـعواء مـا عنهـا حـول
فتكــة أورثــت الأرض البكــا والسـموات ومـا فيهـا اسـتقل
فتكــة لـم يحـم منهـا جيشـه لا ولا دافعهـــا وقــع الأســل
عجبـــاً مــن نعشــه تحملــه فتيـة وهـو علـى الكون اشتمل
جمــع العــالم فــي حيزومـه أتـرى العـالم فـي القبر نزل
يــا ولــي اللّـه إذ ودعتنـا فمـــن الآن عليـــه المتكــل
مــن يحـل المشـكلات المرتجـى حيــث لا ينفــع مــن دق وجـل
مــن يجلـي ظلـم الجهـل ومـن ينصـر الـدين اضـطلاعاً للجلـل
مــن يهـد الخطـب مـن فـورته من يقيم الوزن من يشفي العلل
مـن يقـود الأرعـن الجـرار في نصـرة اللّـه علـى عـزم الرسل
مـن يـدير الحـرب عـن رأي له سـعة البحـر إذا ضـاق المحـل
مـن علـى المعـروف وقـف نفسه وبــه النكــر تـولى واضـمحل
مـن لبـذل العـدل والاحسان من يحمـل الكـل ومـن يعطي النفل
كلهــــا خلفتهـــا ثاكلـــة يـا عميـد الدين تبكي من كفل
قمـــت للّـــه بــأمر عجــزت همــم الأبطــال عنـه فاسـتقل
فــــأتت معجــــزة خارقـــة جـدها الرعـب وأنـواع الفشـل
فــدعاك اللّــه منــه دعــوة ليكافيــك علــى هـذا العمـل
قمــت فــي خــدمته محتســباً آخــذاً بــالحق فــي أي محـل
درجــات الخلــد قـد بلغتهـا وسـمات المجـد فـي الدهر مثل
غيــر أنــا فـي زمـان حالـك ضــل فيــه أغلـب النـاس وزل
كنـت فيـه الشـمس نـوراً وهدى وارتفاعـاً وانتفاعـاً بـل أجل
كنــت فيــه خلفــاً للمصـطفى خيـر مـن قـاد إلـى الحق ودل
كنــت للنــاس ربيعــاً وحيـا كنــت للأكــوان غوثــاً وبـدل
مجهـداً للنفـس فـي نشر الهدى خيـر مـن وفـى وانـدى من بذل
صــابراً فــي منشـط أو مكـره ثـابت العـزم شـديد المكتهـل
احمـس الصـفحة مرهـوب السـطى بـاهر العزمـة مـأمون الزلـل
شاســـع النظــرة لا يقصــرها زخــرف الــدنيا وجـاه وخـول
راجـح الايمـان معصـوم الخطـى قــوله الفصـل وإن قـال فعـل
ســائراً بالجــد حــتى نلتـه كـل مـن سـار علـى الدرب وصل
فـي سـبيل اللّـه أنفقت العنا فـي مـراد اللّـه أنفقت العمل
فـي سـبيل اللّـه لم تحفل بها أسـقيت الصـاب أو كـأس العسل
فـي سـبيل اللّـه تـدعو جاهداً لتقيـم القسـط أو تلقـى الأجل
فـي سـبيل اللّـه أجهدت القوى لـم تحـد إن جـد خطـب أو هزل
رافعــاً ألويــة العلـم إلـى أن دنــا كيـوان عنهـا وزحـل
ونصـــرت اللّــه حــتى أنــه لـك مـن أهل السما الجند نزل
ولقـد يجـدر مـن أهـل السـما نصـرة القـائم فـي خير النحل
تلــك بــدر نزلوهــا مــدداً وعلــى بــدر قيــاس يحتمــل
هــم وجبريــل علــى حيزومـه بالتســابيح لهـم فيهـا زجـل
نصـروا اللّـه بجيـش المصـطفى فـانثنى بـالخزي اشـياع هبـل
وفتوحاتــــك ســــر مـــدهش ظهــرت فيهـا الكرامـات الأول
يــا ولــي اللّـه إنـي نـادب لــك مــا دار بكــور وطفــل
طالمـــا أملــت أن يجمعنــي بـك هـذا الـدهر فانسـد الأمل
لهـف نفسـي مـا الـذي أقعدني عنكـم غيـر الـذي أعيا الحيل
كلمــا أزمعــت ترحــالاً قضـى لــي بــالتثبيط دهـر مهتبـل
وإلــى أيـن ارتحـالي بعـدما أظلــم الجـو وأوحشـت الطلـل
كنـت أرجـو نظـرة فـي حـالتي منــك فــالآن رجــائي معتقـل
كنــت فــي قيــد شـديد حلـه ضــوعف اليــوم بغــل وكبــل
يـا أبـا شـيبة مـن أرجو لها حســبي اللّــه إذا عــز وجـل
يـا أبـا شـيبة عـز الملتقـى وقطيـن الرمـس مقطـوع النقـل
يــا أبــا شـيبة عـزت حيلـة عـن دفـاع الموت أو وصل الأجل
لــو فرضـنا أن ميتـاً يفتـدى لغــدت روحــي أدنــى مبتـذل
غيــر أن الخلــق فيـه أسـوة أجــل يــأتي علـى اثـر أجـل
تقتضــي المــوت حيـاة حـددت ولـو اسـتعلت علـى برج الحمل
يـا فقيـد الفضـل عنـدي أسـف سـل عـن النـار وعنـه لا تسـل
ذهــب الصــبر ولــو حـاولته وجميـل الصـبر أحـرى بالرجـل
مـا نعـاك الكـون حـتى نعيـت غضــبة الاســلام والكفـر بجـل
مـا حميـد العيـش من بعدك في هـذه الـدنيا وما معنى الجذل
والبكـاء المـر لا يشفي الجوى لـو طفقت الدهر استمري المقل
كــل فقــد دخلــت فيـه عسـى وهـي فـي المـوت محـال كلعـل
مــا فقــدناك همامـاً مفـرداً بـل فقـدنا الخيـر في كل محل
مــا فقــدناك وعرفانــك فـي صــفحات الكــون ضـوء يشـتعل
إن رب العلـــم حـــي خالــد ولـو أن الـذات بالموت انتقل
مـا تركـت الكـون حـتى تركـت خطـة الحمـد لـك الحمد الجلل
ســيد العرفــان دهـري مـأتم فيـك مـا أشـرق نجـم أو أفـل
اخـرس الهـول لساني في الرثا ولســاني حــده يفـري الجبـل
مـا هنئت العيـش مـذ فـارقته وهنيئاً لـــك عيشــاً لا يثــل
مـا هنـاء المـؤمن الحـق على صـدعة الـدين ومـا برد الغلل
أنــا لا أعلــم رزءاً فادحــاً كمصـاب الـدين أو نقـص الكمل
يرفــع العلـم برفـع العلمـا وارتفــاع العلـم هلـك وخبـل
يـا رمـى اللّـه يد الموت على أخـذ عبـد اللّـه رمياً بالشلل
ويلتــاه اســتأثر اللّـه بـه وبقــي العلـم علـى ظهـر أزل
أكـــرم اللّــه بــه أمتنــا برهـــة ثـــم دعــاه فرحــل
يـا لهـا مـن رحلـة مـا تركت خلفهــا مــن كـرم إلا انتقـل
يـا لهـا مـن رحلـة صـحت بها غربـة الاسـلام فـي أزكـى محـل
أمـة الخيـر لكـم حسـن العزا إنهـــا داهيـــة أم الغيــل
بعــد عبـد اللّـه يبقـى أمـل للهـدى هيهـات قـد شـط الأمـل
خلهـا يـا ابـن حميـد تلتـوي فتنـة عميـاء كالليـل المضـل
ليــس يغنـي عنـك فيهـا أحـد طمسـت إذ ذهـب النـور السـبل
وهنيئاً لــك بــالفردوس فــي جيــرة اللّـه علـى خيـر نـزل
إن عامــاً نابــك الحتـف بـه عــــام ســـوء وبلاء ووجـــل
فــــأتى تــــاريخه بحـــزن نكسـي الأعلام يـا خيـر الملـل
ابن عديِّم الرواحي
249 قصيدة
1 ديوان
ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في عمان بمنزلة محمود سامي البارودي في مصر،  مولده عام 1277هـ في بلدة محرم، من وادي بني رواحة في "سمائل" ويقال مولده في وادي حطاط بمسقط، وتعود أصول قبيلته إلى قبيلة عبس كان والده قاضيا للإمام عزان بن قيس، وكان من قبله جدُّه الرابع عبد الله بن محمد قاضيا في وادي محرم أيام دولة اليعاربة، تلقى مبادئ العلوم على والده  ثم انتقل إلى بلدة (السيح) فأخذ عن الشيخ محمد بن سليم الرواحي، بصحبة صديقه أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي وهو الذي عناه في قصيدته النونية

أرتاح فيها إلى خــلّ فيبهرنـي  صدق وقصد ومعروف وعرفــان

ثم قصد مع أبيه زنجبار أيام السلطان برغش بن سعيد،فتولى أبوه القضاء في سلطنة زنجبار, وتولى هو رئاسة القضاء في عهد حمد بن ثويني والتقى في بلاطه كبار رجالات عمان  أمثال الشيخ السالمي، وسليمان الباروني باشا، ومحمد بن يوسف اطفيش الجزائري، وأصدر هناك أول صحيفة صدرت في زنجبار باسم (النجاح) كانت تصدر ثلاث أعداد في الشهر، وصدر العدد الأول منها يوم 12 أكتوبر 1911م  وآخر أعدادها صدر في يونيو 1914م) 

توفي أبو مسلم يوم 2 صفر 1339هـ ، وله تآليف منها "النفس الرحماني في أذكار أبي مسلم البهلاني" جمع فيه ما نظمه من أذكار و"كتاب السؤالات" و"العقيدة الوهبية" و"نثار الجوهر" و "ثمرات المعارف" وتدعى سموط تخميس الثناء) وهو تخميس لميمية الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي العالم الرباني المعروف، فقد انتهى من كتابتها في يوم 28 محرم 1339، أي قبل وفاته بثلاثة أيام. (المرجع: مقدمة الديوان والموسوعة العمانية ج10 ص 3592)

1920م-
1339هـ-