محمد سلالة النبوة

السيرة النبوية الشريفة:

وفيها قوله وهو من روائع شوقي:

مــا أجمــل الهجــرة بـالأحرار إن ضـــنّت الأوطـــان بــالقرار
الأبيات 153
محمـــــد ســــلالة النبــــوة ابــن الذبيــح الطـاهر الأبـوة
العربــــي طينــــة نــــبيله القرشـــي البـــاذخ القــبيله
أبـوه ذو النـور الجميـل الجعدُ ومرضــــعوه الفصـــحاء ســـعدُ
وبيتــه النجــم الرفيـع شـهره ونبعتــــاه هاشــــمٌ وزهـــرهْ
قــد نــزل اليتــم بـه جنينـا لــم يتهيــب ســيدنا البنينـا
فنهضــــت بـــأمره العنـــايه تحســن فــي نشــأته البنــايه
لمّـــا حـــواه آلـــه يتيمــا حــوى فريــدا ســلكهم يتيمــا
مـــن شــيبة المبــارك الأغــرّ الـــى أبـــي طـــالبٍ الأبـــرّ
ولا حنـــــوّ كحنــــوّ الجــــدّ ورب عـــمٍّ مـــن هبــات الجــدّ
فشـــبّ حلـــواً ســـمتهْ ودلــه ليــس لــه مــن اليــتيم ذلّـه
مرتســــما فـــي أدب الإســـلام مـــن اجتنــاب الخمــر والأزلام
منحرفـــا عــن الــدُّمَى صــبيا وهكـــذا مـــن يجتــبى نبيــا
مــــبرأ مـــن نـــزق وطيـــش وخيلاء فــــي بنــــي قريــــش
ملقبـــا فــي البلــد الأميــن دون بنـــي الأعيـــان بــالأمين
مجملاً بالصـــدق فـــي صـــبائه والصــدق كـان مـن حلـى آبـائه
حـــتى جــرى لغايــة الرجــال فلـــم يـــزل مجلــي المجــال
فــات قريشــاً بمكــارم الخلـق مثـل ابـن عبـد الله للسبق خلق
قــد حـاز مـن مـواهب السـعاده مــا لا يحـوز بشـرٌ فـي العـادة
أكــرم مـن صـوب الحيـا نصـابا وأجــود النــاس بمــا أصــابا
وقـــائد الخيـــل فــتى وكهلا وكــان فــي المهـد لـذاك أهلا
إن حاد في الكرب الكماة لم يحد قــد علمــت ذاك حنيــنٌ وأحــد
وذائد الحقــــوق والمحــــامي عـــن جــاره وواصــل الأرحــام
الأصــبح الأفصــح فــي المجـامع الحلــو فـي العيـون والمسـامع
إن الجمـــال حليـــةُ الأقمــار مـا أضـيع الحسـن علـى الأغمـار
مــن جريـة الـوحي علـى لسـانه أعيــا المجيـدين مـدى إحسـانه
حــــــديثه حلاّه إســــــماعيل وبلّـــــه بريقــــه جبريــــل
حليــةُ مــن صــاغ الكلام وعَلِـمْ وكيــف لا وهــو جوامـع الكلـم
كــان رســول اللـه فـي شـبابه لا يــدع الــرزق وطــرق بــابه
أيّ رســــول أو نـــبيّ قبلـــه لــم يطلـب الـرزق ويبـغ سـبله
موسـى الكليـم استؤجر استئجارا وكـان عيسـى فـي الصـبا نجـارا
مـن أحسـن الأمثـال فيمـا أحسـبُ الخــبز لا يعطــى ولكــن يكسـبُ
والــرزق لا يحرمــه عبــد سـعى مضــــيقا عليـــه أو موســـَّعا
لا تـــأل لا ســـعيا ولا تكلانــا لا ينفـــع التوكّـــل الكســلانا
كــان قبيــل البعــث ربّ مــال وتــــاجراً ميســــر الأعمـــال
يضــرب فــي حــزن الفلا وسـهله بمـــال عمّـــه ومـــال أهلــه
مبـــارك الرّحلـــة والإقـــامه مستصـــحب الجـــدّ والاســتقامه
وليـــس للتــاجر مــن ضــمانه أبقــى ولا أوفــى مــن الأمـانه
والـرزق بيـن النـاس بحـرٌ جـار شــــراعه يرفــــع للتجّــــار
ومــا تلقــى الــرزق بـاليمين فـي النـاس مثـل التـاجر الأمين
فاســترزق اللــه وقــف ببـابه واكسـب فأهـل الكسـب من أحبابه
لا بـدّ فـي هـذي الحيـاة من أدب لمــن تصــدّى للأمــور وانتــدب
فــأدب الصــانع إتقـان العمـل وأدب التـــاجر بالصــدق كمــل
لمــا أخـال الرّشـد و الهـدايه وانقشـــع الضــلال و الغــوايه
دعــاه داع لــم يكــنْ بالبـال الـــى انتيــاب أرؤس الجبــال
يصـعد مثـل النجـم فيهـا موفيا وينــزل الكهــف بهـا مسـتخفيا
وكــم أواهــا خاليــا بنفســه وفـــاز مـــن وحــدته بأنســه
عالــج فــي المعــارج الإسـراءَ وبــدل الطّــور ارتقــى حــراءَ
بـــات علــى الإخلاص و الايمــان و طـــالت الســـجدة للرحمـــن
والكــافرون فـي قريـش والبلـد لـم يكـن الأمـر لهـم علـى خلـد
حـتى أتـى الفتـح وجـاء النصـر واسـتقبل النبـا العظيـم العصر
وهبـــط النــور عليــه وحيــا ونــزل الفرقــان فيــه محيــا
منـــــزّلا بحســــب الزمــــان مفصــــّل اللؤلـــؤ والجمـــان
فــي كــل ليــل أو نهـار آيـه كالشـمس أو كالبـدر بعـدُ غـايه
جامعــة بيــن البيـان الـرائع وبيــن عليــا حكــم الشــرائع
ولـــم يـــزلْ نزولــه مفرقــا مشــرقا بــه الحجــاز مشــرقا
مســـاير النــبي طــول عمــره ونــوره فيمــا دجـى مـن أمـره
حــتى إذا أمســى القضـاء حمّـا تمــت حيــاة المصــطفى وتمّــا
كـان ابتـداء الـوحي فـي حـراء فاتحـــة الرســـالة الغـــراء
اللـــه خيــر خلقــه أعطاهــا وحمـــل الأمـــر العظيــم طــه
أرســــــله قلادة النظــــــام عصــماء عقــد الرســل العظـام
فجـــاء بـــالخير ذوي قربــاه مــن قبــل الرّشــد ومـن أبـاه
ناجــــاهمو ببينــــات ربّـــه فـــآمنتْ بنـــت خويلـــدٍ بــه
فقيـــل فيهــا أســبق الإنــاث وفـــي علـــيّ أســبق الأحــداث
وفــي الرجــال لأبــي بكـر يـد بالسـبق لـم يبلـغ مـداها سـيّد
وكـــانت الـــدّعوة بالكتـــاب وحجــة اللــه علــى المرتــاب
فلــم تـزلْ حـتى انثنـت بحمـزةِ وانقلبــــت بعمــــر فعــــزّتِ
ودخـــل المستضـــعفون فيهـــا كلّهمـــو خـــوف الأذى يخفيهــا
عـــذّب بعضــهم ربيــط الجــاش وبعــضٌ التجــا الــى النجاشـي
وصــبر الــداعي علــى البـذاء ومـــا يلاقيـــه مــن الايــذاء
فمــا مقــال الجاهــل المفنـد تأســــس الإســــلام بالمهنـــد
أمـــن يســـلّ ســيفه يســتخفي ويحمــل الخســف لأهــل الســّخف
مــن اســتطاع أخـذ شـيء عنـوة كـــان لــه عــن العلاج غنــوة
نــال الرسـول الضـّرّ مـن عـداه وبلــــغ الأذى بــــه مــــداه
ومــات مــن آوى وربّـى واصـطنع وذاد عــن خيــر البنيـن ومنـع
وحــائط الــدّعوة فــي أساسـها وركنهــا قبــل اشـتداد بأسـها
وارت أبـــا طـــالب الأحجـــار فــأعوز الحــامي وعــزّ الجـار
و ركبــت متــن هواهــا هاشــم وجــال غاويهـا وصـال الغاشـم
وكــان مــن أفحشـها أبـو لهـب عــمٌّ ولكــن مـذهب السـوء ذهـب
فحقـــتْ الهجـــرة وهــي مــرّه مـــا وصـــفتْ إلا لنفــس حــرّه
ســبيل موسـى فـي الزمـان الأول ومــذهب الــروح ولمّــا يُحْــوِلِ
ومركـــــب الأفـــــراد والأعلام وخصـــــماء الظلـــــم والظلاّم
مــا أجمــل الهجــرة بـالأحرار إن ضـــنّت الأوطـــان بــالقرار
تأمّــل الرّسـل الكـرام واعتـبر إن العظيـــم للعظيــم يصــطبرْ
مـا أصـعب الـدعوة فـي البدايه حـتى علـى الرّسـل أولي الهدايه
وأثقــل الحــقّ علــى الجمـاعه إن وجـــدت أذن لـــه ســـمّاعه
والنــاس فــي عــداوة الجديـد وقبضـــة الأوهــام مــن حديــد
هــاجر مــن أم القـرى مأذونـا ومــا دري أو ســمع المؤذونــا
فـي ليلـة للختـل كـانت موعـدا قـد نصـبتها شـركاً أيـدي العدا
ائتمــرت فــي النـدوة الأعيـان وانتـــدبت للفتكــة الفتيــان
وقعــــدوا ناحيــــة كمينـــا ليغـــدروا فــي داره الأمينــا
فخــرج اللــه مــن الـبيت بـه لــم يــره الجمـع ولـم ينتبـه
وســـار فــي ركــابه الصــّدّيق وفـــي البلاء يعــرف الصــّديق
فانتشــرت خيــل قريــش تطلبـه مـن ينصـر الرحمـن من ذا يغلبه
مــرّوا علــى الغــار مضـللينا وأخـــذوا الســـّبل مســائلينا
حـــتى بـــدتْ ســيدة الأمصــار وبلـــدة الأعيـــان و الأنصــار
وكــان فيهــا للرســول شــيعهْ وعصــــبةٌ ســــامعةٌ مطيعــــهْ
قــد عرضــوا بمكــة المبـايعه وبـذلوا فـي الموسـم المتـابعه
وكــان إيمــانهمو فــي الســر خـــوف قريــش واتقــاء الشــرّ
فكـــان للقــادم منهــم أهــلُ ومنـــزلٌ رحــب الفنــاء ســهلُ
بـاليمن ألقـى رحلـه في الخزرج كــأنه مــن أرضــه لــم يخـرج
وامتنعــت يــثرب فــي النبـوّة وامتلأت مــــن مظهـــر وقـــوّه
واجتمعــت حــول الهــدى لـواءَ يحــــارب الضـــلال والأهـــواءَ
كـــلّ غـــزاة للنـــبي حقـــه لــم يعـد فـي حـرب قريـش حقّـه
ليـــس ســواءً كلّهــا العــوان لا يســتوي الــدفاع والعــدوان
وربّ صــال نارهــا لــم يجنهـا وإن يكــن مــن شــهبها وجنهـا
هــم بلغــوا نهايــة التمــرّد وطـــردوا الإســلام كــلّ مطــرد
وصـــادروا الأمــوال معتــدينا وناصـــبوا محمـــدا والــدّينا
وهــادنوا ثــم بغـوا فناهـدوا ونقضــوا مــا أبــرم التعاهـد
فكــانت الحــرب لــدفع الحيـف قــد تؤخـذ السـلم بحـد السـيف
وكـــان بـــدرٌ مطلــع الأيــام ورفعــــة الصـــلاة والصـــيام
وأوّل العهـــد بعـــزّ الملّـــه وبارتــداء المشــركين الــذّله
وأحـــدٌ جــالوا بهــا وجــالا وانكشـــفت بينهمـــا ســـجالا
خيــر الأسـاة كـان مـن جرحاهـا دارت علـــى ثبـــاته رحاهـــا
خــالف فيهــا المسـلمون رايـه والحــرب للقــائد ذي الـدّرايه
وخيـــبرٌ كــانت مــع اليهــود لنقضــــهم موكّــــد العهـــود
ودســـّهم عليـــه فـــي قريــش وعـــونهم عليـــه كـــلّ جيــش
كيلـوا بسـيف الحق كيل السندره ولــم يقــفْ مَرْحَبُهــم لحيْــدره
فلـم يـدع حصـنا عليهـا قائمـا ولــم يعــدّ الفاتـح الغنائمـا
ومــا يهــود بالسـّخاف الأغبيـا إذ ظـاهروا الشـّرك عـدوّ الأنبيا
إنـي أظـنّ الحـرص منّـىَ القومـا أن سيســودوا بالحجــاز يومــا
وأن دينهــــم بـــذاك أجـــدرُ وأنهـــم علـــى قريــش أقــدرُ
وفــــي حنيــــنٍ عظُـــمَ البلاءُ وحلّــــــت الألطــــــاف والآلاءُ
اغــترّ فيهــا المسـلمون كـثره وللغـــرور بالرجـــال عـــثره
أنســاهم الحطـامُ ذكـر السـاعه فمــال نصـر اللـه عنهـم سـاعه
لـولا رسـول اللـه فيهـم بـادوا وأصـــبحوا يرويهـــم العبــادُ
أيِّــــد بالصـــبر وبالثبـــات والرابطيـــن البهـــم الأبــاة
ونـــزل النصــر مــن الســماء مــــؤزرا مجلّــــيَ الغمّــــاء
فكـــان للهـــادي علــوّ شــان وغيـــظ كـــل حاســـدٍ وشــان
قــفْ بقريــش بعــد بــدر وسـل مـا غرّهـا بـابن أبيهـا المرسل
أم حســداً والأهــل أهـل للحسـد لـو اسـتطاع أنكـر الرأس الجسد
أول محســــودٍ هـــو القريـــب والفضــل فــي ديــاره غريــب
تريـــد حربــا ويريــد ســلما تزيــــد جهلا فيزيـــد حلمـــا
هــم منعـوه الرّكـن و المقامـا وســـيم بالمدينـــة المقامــا
أراد حربهـــم فســـيل صـــفحا وهـــمّ بالفتــح فقيــل صــلحا
عاهـــدهم فــأخلفوه الموثقــا وركبـوا الغـدر الوبيل الموبقا
بغــوا علــى أحلافــه الكــرام جيرتـــه بالبلـــد الحـــرام
فاستصــرخوه فــأتى مــن طيبـه كالســيل يزجــي رعــده وسـِيْبَه
وفتحـــــت مكـــــة للإســــلام وحـــلّ فيهـــا ظـــافر الأعلام
ونـــزه الــبيت عــن الاوثــان واللــه عــن نـد لـه أو ثـان
ورفـــق الغـــالبُ بـــالمغلوب فكــان أيضــا فاتــحَ القلــوبِ
أطلقهــــم ومــــنَّ بالأمــــان فالطلقــاء هــم علــى الزمـان
وكـــان مـــن تســوية الإســلام وجعلــــه الفتـــاة كـــالغلام
بـذل النسـاء كالرجـال الـبيعه لا يشــــتكي لحقهــــنّ ضـــيعه
مسـتقبلات المصـطفى خلـف الخمـر يأخـــذها لـــه عليهــن عمــر
بــايعن حــتى هنــدٌ المناضـله علــى الــولاء والخلال الفاضـله
وظلـــت الـــدعوة فــي يســار الســيف يحمــى والكتــاب سـار
وبعــث الرّســل الــى الأحيــاء يحيــون فيهــا ميــت الأحيــاء
يمضــــون للــــه وللرســــول وينثنــــون ببلـــوغ الســـّول
وكــم أتــت مــن دونهـا آجـال ومــات دون الــواجب الرجــال
حـــتى أظـــل العــربَ الإســلامُ وشــــمل الجزيــــرةَ الســـلامُ
وبلـــغ الصـــّمّ بلاغ الـــداعي وأســــمعتهم حجّـــة الـــوداع
هنـــاك حـــان أجــل الطــبيب وحكـــم المحــبّ فــي الحــبيب
سـبحان مـن لـه البقـاء دون حد وليــس فـوق المـوت غيـره أحـد
أحمد شوقي
846 قصيدة
5 ديوان

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.

مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932

1932م-
1351هـ-

قصائد أخرى لأحمد شوقي

أحمد شوقي
أحمد شوقي

القصيدة لم نقف عليها في الشوقيات وهي متداولية في الكثير من المواقع المعنية بأخبار مي زيادة وأردها الأستاذ خالد القشطيني في مقالة له منشورة على الشبكة بعنوان الشعراء في إخوانياتهم قال:

أحمد شوقي
أحمد شوقي

القصيدة كما ورد في مقدمة الديوان إحدى مسرحيات شوقي وسماها "شريعة الغاب" موضوعها انتشار الطاعون في الغاب وكيف تعامل الحيوانات مع الطاعون

أحمد شوقي
أحمد شوقي

تعالي نعش يا ليل في ظل قفرةٍ

أحمد شوقي
أحمد شوقي

أبثك وجدي: غناء طلال الملاح، لحن تراثي