أنخ مطاياك بلغت المقصدا

القصيدة من مدائح ابي اليمن النبوية أوردها ابن رشيد عقب القصيدة السابقة قال: (وقال رَحِمَهُ اللَّهُ ورضي عنه، وهو مما أجازه لي، وقال لنا صاحبنا الوزير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن أبي القاسم بن الحكيم حرس الله معاليه وكتب في الصالحات مساعيه: سمعتها على ناظمها رضي الله عنه):

الأبيات 68
أنــخ مطايـاك بلغـت المقصـدا بيـــن ثنيــات كــداء وكــدى
أرود بهــا ســوقكها فطالمــا نهنههـا زجـر الحـداة والحـدا
أربــع عليهــا ترتبـع سـائبة فحـــل أنســاعا وأرخ مقــودا
وخلهـــا بالأخشـــبين ترتــوي علا وذرهـا منـه تشـفي العمـدا
تــروع مرعــاه وترتــاد لهـا بيــن ربــاه مرتعــا ومـوردا
مــا وردت صــداء مــن كـاظمه لكنهــا صـدت علـى كـظ الصـدا
كـــم شــاقها محصــب وأبطــح فظـــل ذكراهــا لــه مــرددا
إن لهـا بيـن الحجـون والصـفا معاهــدا تصـبوا إليهـا أبـدا
منــازل قــد شــفها ادكارهـا وكــاد يبليهــا هواهـا كمـدا
لهــا وللأحبــاب فيهــا موعـد للوصـل وافتـه تـوفي الموعـدا
هـــــوى قـــــديم ووداد أول إذا انتهـى عـاد لهـا كما بدا
وفــي حماهـا أنسـت عـن جـانب فأنســيت عـن جـانب نـار هـدى
وكــم لهــا فــي حبهـا علاقـة أقامهــا الوصـل لهـا وأقعـدا
مــا فــارقت مربعهــا مشـيحة تفـري الفلا شـوقا لمغناها سدى
ونكبـــت عـــن مــائة وظلــه إلا ليهــديها الطريـق الأقصـدا
إن أنـت لـم تشـف بـذاك شوقها لـم تـدر كيف الشوق فت الأكبدا
عــاذت بــذياك الحمـى وفسـحت لا تــأتلي فــي رســمه تـرددا
والـــتزمت ضـــربة حـــب لازم جــد بهــا نحـو حماهـا وحـدا
وجــددت ميثاقهــا ولــم يـزل ميثاقهـــا مؤكـــدا مجـــددا
وحصــبت بالشــعب ثــم أصـعدت لا تنقضـــي أنفاســها تصــعدا
حـازت مناهـا إذ أجـازت بمنـى تــؤم جمعــا وتريــد النجـدا
ومـا شـكت حيفـا ملمـا إذ غدت ملمــة بــالخيف تســمو صـعدا
تعرفــت فــي عرفــات موطنــا ما أنكرته الروح في طول المدى
فــاض عليهـا إذ أفاضـت فـائض مـن منعـم جـم النـوال والجدا
وقــت نـذور أو قضـت عـن تفـث أوطارهــا وقــد تلقـت أسـعدا
ثـــم ثنــت عنانهــا لطيبــة تــؤم خيــر العـالمين أحمـدا
المصـطفى علـى الورى والمحتبى بـالحب والقـرب الرضـى محمـدا
حنـت إلـى لثـم الثرى من يثرب لـم تغتمـض بـالنوم ليلًا أرمدا
فــأوبت فـي سـيرها ومـا وفـت تفـري الفيـافي وتجوب الفدفدا
فأصـبحت كالسـطر فـي طرس الفلا مـن كـل نـون تحـت راء قد بدا
مـذ سـلكت وادي العقيـق ناثرت ســلوك جمــع كــالعقيق بـددا
حـتى أتـت بطحـان لا تشـكو وجا ولا تخــاف دركــا مــن الـردى
ويممــت خيــر الــورى فسـلمت تســـليم صــب شــوقه توقــدا
وقبلــت ذاك الــثرى وصــافحت بـالترب منـه طرفهـا المسـهدا
عــاذت بــه وإن مـن عـاذ بـه مسترشــدا فقــد تحــرى رشـدا
تشـــفعت بجــاهه ومــن غــدا لـه شـفيعا ينـج من النار غدا
واســـتغفرت لــذنبها وجــددت توبــة خطــاء عـدا أو اعتـدى
وأصــبحت فــي روضـة مـن جنـة مــن حلهــا حـل جنانـا خلـدا
وشـــاهدت آثـــاره فعـــاينت منـــبره وقـــبره والمســجدا
صــفوة خلـق اللـه خيـر رسـله أتـزر الحمـد وبالمجـد ارتـدى
لــه مقــام الحمـد عنـد ربـه يقــام بالتخصـيص فيـه أوحـدا
يقــوم فينــا شــافعا مشـفعا مراجعــــا لربــــه مـــرددا
يشــفع فينــا عــودة لبــدأة وكــان أولــى وعلينـا أعـودا
يســمو إلــى وسـيلة خـص بهـا ينــال فيهــا ســؤله ممجــدا
ويغتــدي والرســل أتبـاع لـه بــالحب والقـرب مخصـا مفـردا
يصــدر إذ يصــدر أمــر مالـك مـن فـي الجحيم مالك قد أوردا
يـا صـفوة اللـه ومـن أصـفيته صـفو الـوداد فـي الهوى مؤكدا
كـن لـي إلى الله شفيعا إن لي جرائمــا أخافهــا مـن الـردى
ظلمــت نفسـي واعتـديت ظالمـا وجئت مـن الـذنب كـثيرا عـددا
قـد أثقلـت ظهـري ذنوب فانثنى بونيهــا عــن كـل حـد مقعـدا
وقــد أتيــت تائبـا مسـتغفرا فاقبـل معاذيري، وكن لي مسعدا
واشــفع فــأنت شــافع مشــفع فيمــن غــدا بــذنبه مصــفدا
أقبــل علــي قــد أتيـت مقبلا بوجهــك المسـعود حـتى أسـعدا
فلا تخيبنـــي فـــإني مرتـــج جـداك يـا رب النـوال والنـدى
هــا أنــذا معـترف بمـا جنـت يـدي فحسـبي منـك حسـبي مقصدا
لا عمــــل يزلفنـــي ولا يـــد تسـعفني أرجـو بهـا منـك يـدا
إلا حنــان مــن لــدنك أرتجـي بــه جنانــا ونعيمــا سـرمدا
فاشـفع إلـى اللـه بأن يجيرني لا يســلكن بــي عــذابا صـعدا
فلا تخيــب أملــي يــا أملــي فقــد أتيــت وافـدا مسـترفدا
إنــي محــب والمحــب دائمــا يـذكر مـن يهـوى ولوعا قد غدا
مقصــر عــن اللحــاق بالــذي أحبـــه فمـــا بلغــت أمــدا
لكننـــي أرجــو بحــبي لهــم بــأن أكــون منهـم حيـا غـدا
والمـرء مـع من في الدنا أحبه كــذا روينـا عنـك ذاك مسـندا
وأرتجــي منــك بــأن تسـقيني مـن حوضـك العذب الروي وتوردا
صـلى عليـك اللـه مـا هبت صبا ومـــا تغنــي طــائر وغــردا
ومــا دجــا ليــل وذر شــارق ومــا لوخــد عيسـه حـاد حـدا
وخصــك اللــه بمــا أنـت لـه أهـل كمـا هـديتنا سـبل الهدى
وزادك اللـــــه علا ورفعــــة وشــرفا علــى الـورى وسـؤددا
أبو اليمن ابن عساكر
29 قصيدة
1 ديوان

عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن بن هِبَةِ اللَّهِ الدمشقي،أمين الدين أبو اليمن المعروف بابن عساكر الشافعي نزيل مكة: شيخ الحجاز في عصره وأحد أبطال معركة تحرير دمياط (1) من الفرنسيس ومؤرخ وقائعها وجده زين الأمناء الحسن بن محمد هو ابن أخي الحافظ ابن عساكر (علي بن الحسن بن هبة الله) صاحب تاريخ دمشق.

ترجم له الرحالة ابن رُشيد السبتي في "ملء العيبة" ترجمة مطولة ضمنها الكثير من شعره ثم قال: (وشعره رضي الله عنه كثير، وقد كتبنا منه جملة في غير هذا الموضع تركناه هنا اختصارا) وكان قد التقاه في ذي الحجة عام 684هـ قبل وفاته بسنة وخمسة أشهر.

قال: أبو اليمن العالم المحدث الأديب الشاعر الشيخ . سمع من جده زين الأمناء أبي البركات الحسن بن عساكر، والموفق بن قدامة والمجد محمد بن الحسين القزويني، وأبي القاسم بن صصرى وأبي محمد المنى، وجماعة بدمشق والقاهرة والإسكندرية وخلق ببغداد، وأجاز له المؤيد بن محمد الطوسي، وأبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، وأبو محمد القاسم بن عبد الله الصفار، وإسماعيل بن عثمان القارئ، وعبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني، وزينب بنت عبد الرحمن الشعري، في آخرين، وحدث بالكثير، وله تأليف كثيرة وشعر حسن، وخط جيد، وكان ثقة فاضلًا عالما، جيد المشاركة في العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثني عليه، ويصفه بالدين والزهد، وجاور أربعين سنة، وكان شيخ الحجاز في وقته، ورحل به أبوه إلى العراق سنة أربع وثلاثين، فسمع بها مع أبيه تاج الدين، ثم حج من بغداد سنة خمس وثلاثين، ورجع إلى الشام ونال بها وبمصر الرتبة العليا، والجاه العظيم عند السلطان، ولم يزل كذلك إلى عام سبعة وأربعين وست مائة، حتى وصل الفرنسيس إلى الديار المصرية في العام المعروف بعام دمياط ...إلخ

وترجم له الحافظ ابن فهد في كتابه "لحظ الألحاظ" قال ما ملخصه: (الإمام العلامة الحافظ الزاهد أمين الدين الدمشقي ثم المكي: مولده في سنة أربع عشرة وستمائة وكان قوي المشاركة في العلوم لطيف الشمائل بديع النظم خيرا صالحا صاحب صدق وتوجه، اعتنى من صغره بالعلم خصوصا الحديث ... وانقطع بمكة المشرفة نحوًا من أربعين سنة ومات بالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- في جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة -رحمه الله تعالى).

(1) انظر في ذلك قصيدته الميمية قبل الحرب وأولها:

جلــل أصــابك والخطـوب جسـام فــالقلب دام والــدموع سـجام

وقصيدته الرائية في وصف النصر وأولها:

أما شاقكم روض القتال وقد سرى إليكـم نسـيم النصـر وهو معطر

وكان ذلك يوم 21/ صفر/ 647هـ الموافق 4/ 6/ 1249م ولا تزال دمياط حتى اليوم تحتفل بهذا النصر، وباعتقالها لويس التاسع عشر قائد الحملة الفرنسرية وسجنه في دار فخر الدين ابن لقمان (كاتب الإنشاء) كما وصف ذلك الشاعر جمال الدين ابن مطروح في قصيدته:

قـــل للفرنســـيس إذا جئتـــه مقــال صــدق مـن قـؤول نصـيح

وهذه المعركة أشهر معارك الفرنجة بعد حطين وقد ذكرها دانتي في "الكوميديا الإلهية" أما لويس التاسع عشر فاسمه في التاريخ العربي (ريد إفرنس) وترجم له الصفدي باسمه (بولش) وترجم له ابن تغري بردي في المنهل الصافي باسم (بواش) ووفاته عام (661هـ) وكانت جيوش مصر بقيادة بيبرس في أول أيام شجرة الدر وكان زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب قد توفي أثناء محاصرة دمياط وكان ابنه الملك المعظم تورانشاه خارج مصر فلما عاد اغتيل أثناء الاحتفال بالنصر. والمنصورة التي تذكر في أخبار دمياط هي قلعة بناها والد نجم الدين أيوب بالقرب من دمياط لتحريرها من يد الفرنجة انظر حديث ابن خلدون المفصل عن هذه الوقعة عن طريق البحث عن: (وكان أبوه قد اتخذ لنزله هنالك قلعة سماها المنصورة)

1287م-
686هـ-

قصائد أخرى لأبي اليمن ابن عساكر

أبو اليمن ابن عساكر
أبو اليمن ابن عساكر

 القطعة من شعر أبي اليمن في ترجمته في كتاب "العقد الثمين" للفاسي (الترجمة رقم (1812) وقدم لها بقوله:

أبو اليمن ابن عساكر
أبو اليمن ابن عساكر

القصيدة من شعر أبي اليمن في ترجمته في كتاب "العقد الثمين" للفاسي (الترجمة رقم (1812)

أبو اليمن ابن عساكر
أبو اليمن ابن عساكر

القصيدة من شعر أبي اليمن في ترجمته في كتاب "العقد الثمين" للفاسي (الترجمة رقم (1812)

أبو اليمن ابن عساكر
أبو اليمن ابن عساكر

القصيدة من شعر أبي اليمن في ترجمته في كتاب "العقد الثمين" للفاسي