أعندك أن وجدي واكتئابي
الأبيات 67
أعنــدك أن وجــدي واكــتئابي تراجـع مذ رجعت إلى اجتنابي
وأن الهجــر أحـدث لـي سـلواً يســكن بــرده حـر التهـابي
وأن الأربعيــــن إذ تـــوالت بريعـان الصـبا قبح التصابي
ولـو لـم ينهنـي شـيب نهـاني صـباح الشـيب في ليل الشباب
وأيــام لهــا فــي كـل وقـت جنايــات تجــل عـن العتـاب
أقضــيها وتحســب مـن حيـاتي وقـــد أنفقتهــن بلا حســاب
تفيـض همومهـا والسـيل يطمـر إذا رفــدته أفـواه الثغـاب
إذا أصــلحتها فســدت كــأني أهيـب بهـا إلـى نغـل الإهاب
أوابــد لاتـزال العـون منهـا تواصـــلني بأيـــدة كعــاب
كـأن الـدهر يفـرح أن يرانـي علـى طـول المدى قلق الركاب
كأن الدهر يفرح ألا يرضيه إلا إراقـة مـاء وجهـي في الطلاب
وكيــف يهـون ذلـك عنـد نفـس تخـاف العـار من منن السحاب
وكــم حـر يعـد الصـاب شـهدا فيعــذب عنـده طعـم العـذاب
وقـد حـالت بنـو رزيـك بينـي وبيـن الـدهر بالمنن الرغاب
تركــت الاغـتراب وكنـت قـدماً أحــن إلــى ركـوب الاغـتراب
وزرت أغــر مــن غسـان يسـلي غريـب الـدار عـن ذكر الإياب
ولـولا الصـالح انتاش القوافي لكـان الفضـل مجتنـب الجناب
وكنــت وقــد تخيــره رجـائي كمـن هجر السراب إلى الشراب
ولـم يخفـق بحمـد اللـه سعيي إلـى مصـر ولا خـاب انتخـابي
ولكـــن زرت أبلــج يقتضــيه نـداه عمـارة الأمـل الخـراب
أزال حجـــابه عنــي وعينــي تـراه مـن الجلالـة فـي حجاب
وقربنــــي تفضـــله ولكـــن بعـدت مهابـة عنـد اقـترابي
وعلمنـي اقتضـاب المـدح فيـه مكــارم دائمــات الاقتضــاب
تزيــد مثوبــة وأزيـد شـكراً وذلــك دابهـا أبـداً ودابـي
قســمت مشـاع مجـدك وهـو جـم علـى ضـربين مـن ضـرب وصـاب
فنصــف فــي جفــون مهنــدات ونصــف فــي جفـان كـالجواب
وحيـن سـموت قـدراً أن تسـامى وعـز النـاس قدرك في الخطاب
أقمـت الناصـر المحيـي فأحيى رسـوماً كـن بالرسـم اليبـاب
وبـث العـدل في الدنيا فأضحى قطيـع الشـاء يـأنس بالذئاب
وأنــت شــهاب حـق وهـو منـه بمنزلـة الضـياء مـن الشهاب
ســعى مسـعاك فـي كـرم وبـأس وشــب علــى خلائقـك العـذاب
فأصــبح معلـم الطرفيـن لمـا حـوى شـرف انتسـاب واكتسـاب
وصـنت الملـك مـن عزمـات بدر بميمــون النقيبـة والركـاب
بـأروع لـم يـزل فـي كـل ثغر زعيـم القـب مضـروب القبـاب
مخـوف البـأس فـي حـرب وسـلم وحـد السـيف يخشى في القراب
إذا دعــي المظفـر نحـو خطـب فمـا للخطـب مـن ظفـر ونـاب
وإن قــدحت يــداه نـار حـرب فزنـد النصـر زنـد غيـر كاب
حسـام الناصـر الماضي إذا ما نبـت بيـض السيوف عن الضراب
وهضــبة عــزه والطـود ينـأى عليــك صـعوده بيـن الهضـاب
ألــم تــر آل رزيـك أعـادوا وجـوه المجـد سـافرة النقاب
ملــوك أصـبحوا سـلماً وحربـاً غيــوث مخيلــة وليـوث غـاب
علوا باالصالح الهادي على من مشـى فـي عصـرهم فوق التراب
سـموا بـأغر تفـرده المعـالي وإن شـركوه في النسب القراب
أســف جنــاح نعمتــه عليهـم وحلــق مجــده فـوق الثقـاب
كفيــل أئمــة أثنــى عليهـم كلام اللــه فــي آي الكتـاب
أجــاب نــداءهم لمــا دعـوه وقـد خـرس الكفاة عن الجواب
وحـاط ذرى الشـريعة فاسـتقرت قواعـد أمرهـا بعـد اضـطراب
وذب لســـانه وظبــاه عنهــا فأصـبح روضـها غـرد الـذباب
جلاد كـــل يـــوم أو جـــدال يعـــدهما لخطــب أو خطــاب
وشـاور فـي الجهـاد شريف عرض أشــار بحسـن صـبر واحتسـاب
فأنفـــذ حكمــه والــدهر آب وأمضــى عزمـه والسـيف نـاب
وأدمـن قـرع بـاب العـز حـتى غـدا والفتـح يفتـح كـل باب
وأرســـلها مســـومة عرابــاً تفيض من الوهاد على الروابي
تريـك الـبر بحـراً مـن حديـد عظيـم المـوج مصـطخب العباب
كتـائب إن سـرت فـي ليـل نقع ســرت ونجومهـا زرق الحـراب
إن وقــد الهجيــر فليـس إلا ظلال مـــن عقــاب أو عقــاب
أذل بهــا ملـوك الشـرك ملـك يـذلل شـامس النـوب الصـعاب
مهيـب البـأس فيـاض العطايـا مليــء بــالثواب وبالعقـاب
تـرى الأملاك بنـي يـديه صـوراً مـن الإشـفاق خاضـعة الرقـاب
إذا مـا افـتر يغر الدست عنه بـدت لـك عـزة الملك اللباب
جنحـت إلـى الإقامـة فـي ذراه ولـم أجنـح إلـى غير الصواب
فلا مــاء الفـرات بمـورد لـي ولا أكنـاف دجلـة مـن رحـابي
ولمــا لـم أجـد عنـدي جـزاء لكـم غيـر الثنـاء المستطاب
شــفعت جـواهر الألفـاظ فيكـم بمرفــوع الـدعاء المسـتجاب
عمارة اليمني
315 قصيدة
1 ديوان

عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي اليمني، أبو محمد، نجم الدين. مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن، ولد في تهامة ورحل إلى زبيد سنة 531هـ، وقدم مصر برسالة من القاسم بن هشام (أمير مكة) إلى الفائز الفاطمي سنة 550 في وزارة (طلائع بن رزيك) فأحسن الفاطميون إليه وبالغوا في إكرامه، فأقام عندهم، ومدحهم. ولم يزل موالياً لهم حتى دالت دولتهم وملك السلطان (صلاح الدين) الديار المصرية، فرثاهم عمارة واتفق مع سبعة من أعيان المصريين على الفتك بصلاح الدين، فعلم بهم فقبض عليهم وصلبهم بالقاهرة، وعمارة في جملتهم. له تصانيف، منها (أخبار اليمن- ط)، و(أخبار الوزراء المصريين- ط)، و(المفيد في أخبار زبيد)، و(ديوان شعر- خ) كبير.

 

1174م-
569هـ-