حيتك معطرة النفس
الأبيات أوردها المراكشي في كتابه "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" أثناء حديثه عن أخبار خليفة الموحدين المنصور أبي يوسف يعقوب قال: (ولما رجع من غزوته العظمى المتقدم ذكرها في سنة جلس للوفود في قبة من تلك القباب مشرفة على النهر الأعظم وأذن فدخلوا عليه على طبقاتهم ومراتبهم وأنشده الشعراء

فممن أنشده في ذلك اليوم صديق لي من أهل مرسية اسمه علي بن حزمون أنشده قصيدة في عروض يسمى الخبب كان يقترحه  =المنصور=على الشعراء فوقعت القصيدة من أمير المؤمنين ومن الحاضرين موقع استحسان أولها:

حيتك معطرة النفس         نفحات الفتح بأندلس

ثم قال عقب القصيدة: أوردتها على تواليها وإن كان فيها طول لغرابة عروضها وجودة أكثر أبياتها، أنشدنيها منشئها المذكور من لفظه ثم أعدتها عليه بلفظي آخر مرة لقيته بمدينة مرسية في سنة 614 ه.

الأبيات 40
حيتــك معطــرة النفـس نفحـات الفتـح بأنـدلس
فـذر الكفـار ومـأتمهم إن الإســلام لفــي عـرس
أإمــام الحـق وناصـره طهـرت الأرض مـن الـدنس
وملأت قلـوب النـاس هدى فـدنا التوفيق لملتمس
ورفعـت منار الدين على عمــد شـم وعلـى أسـس
وصـدعت رداء الكفر كما صـدع الديجورَ سنا قبس
لاقيـت جموعهمـو فغـدوا فرصـا فـي قبضـة مفترس
جـاؤوك تضـيق الأرض بهم عـددا لـم يحص ولم يقس
خرجوا بطرا ورئاء النا س ليختلسـوا مـع مختلس
ومضـيت لأمـر اللـه على ثقـة بـالله ولـم تخـس
فأنــاخ المـوت كلاكلـه بظبـاك علـى بشـر رجس
وتسـاوى القـاع بهامهم الربـض مع الحرب الضرس
ســقيت بنجيعهمـو أكـم وطئوا منهـن علـى دهـس
فـأولئك حزب الكفر ألا إن الكفــار لفـي نكـس
أذوي الصـلبان وراءكمو خيل الملك الخبر الندس
لـو أن البحـر تنـاوله جرعـا وطئتـه على يبس
ولـو أن الصـم تراجمها أضـحت كحل المقل النعس
ملأ التوحيــد أعنتهــا وأغـار بهـا روح القدس
نهضـت فمضـت فقضت أملا أنسـى عتب الدنيا فنسي
جاسـت جنبات الكفر فلم تـترك لهمـو ما لم تجس
لـم يبـق بها مثوى رجل إلا وعليــه شــذى فـرس
لحقـوا بقرون الشم فلا سـقيا لطلـولهم الـدرس
إن كـان نجـا أدفنشهمو فــإلى عيـش نكـد تعـس
نظـر الملك الأعلى فرأى ملكـا ما بين قنا وقسي
كالصــبح توشـح رونقـه كـالطور بنور الله كسي
فمضـى لـم يلو على أحد ورمـى بالـدرع وبالترس
لصـليل الهنـد بمفرقـه لا يسـمع صلصـلة الجـرس
ســهر الموتـور وأرقـه تـذكار المنصـل والمرس
وبكــاء عقـائل هاتفـة كـالورق ينحن مع الغلس
بــرزت وكـأن ذوائبهـا أذنــاب روامحــة شـمس
ترنـو كظباء الرمل على وجــل لضــراغمة شــرس
قـد كـن مهـا أنس فغدت تحـت الرايـات بلا أنـس
إن الأيـام قـد ازدهـرت كـالروض يـروق لمغـترس
وتناســقت الآمـال لنـا كـالثغر تنظـم فـي لعس
وتلألأ نور الحق على الـ أثـر المهديـة فـأقتبس
أجزيـرة أنـدلس اعتصمي بإمـام الأمـة واحترسـي
أرعــاك حراســته ملـك جبريـل لـه أحـد الحرس
حكمــت أسـيافك سـيدنا فـي كـل مصر الكفر مسي
ومضت في الروم مضاربها وكـذلك تفعـل في الفرس
لا يخلــف ربــك موعـدة دوخ أقطـــــارهمو ودس
ابن حَزمون
15 قصيدة
1 ديوان

علي بن عبد الرحمن بن حزمون، ابو الحسن: (1) شاعر وشّاح هجّاء من أهل مرسية، جرى على طريقة ابن حجاج البغدادي في الهزل والمجون، قال المراكشي في "المعجب": وكان من أصدقائه (ولعلي بن حزمون هذا قدم في الآداب واتساع في أنواع الشعر ركب طريقة أبي عبد الله ابن حجاج البغدادي سامحه الله وغفر له فأربى فيها عليه وذلك أنه لم يدع موشحة تجري على ألسنة الناس بتلك البلاد إلا عمل في عروضها ورويها موشحة على الطريقة المذكورة ...قال: (ونال ابن حزمون هذا عند قضاة المغرب وعماله وولاته جاها وثروة كل ذلك خوفاً من لسانه وحذراً من هجائه ولا أعلم في جميع بلاد المغرب بلداً إلا وأهاجي هذا الرجل تحفظ فيه وتدرس أسأل الله له المسامحة ولجميع إخواننا من المسلمين) وقال بعدما أورد قصيدته السينية: (أنشدنيها منشئها المذكور من لفظه ثم أعدتها عليه بلفظي آخر مرة لقيته بمدينة مرسية في سنة 614.) وقال ابن سعيد في المغرب: (إِأبو الحسن علي بن حزمون صاعقة من صواعق الهجاء، عاصر ابن عنين، وكان هذا في المغرب وهذا في المشرق. وأكثر قوله في طريقة التوشيح. ومن هجوه في طريقة الشعر قوله: (ثم أورد القصيدة التي اولها:

تَأَمَّلْتُ فِي المِرْآَةِ وَجْهِي فَخِلْتُهُ         كَوَجْهِ عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ

وقال ابن عبد الملك في الذيل والتكملة: (علي بن عبد الرحمن بن حزمون: مرسي أبو الحسن بن حزمون؛ روى عنه أبو عبد الله بن الطراوة، وكان شاعراً مفلقاً ذاكراً للآداب والتواريخ، أحد بواقع الدهر، بذئ اللسان مقذع الاهاجي بارع التصرف في النظم، وكان شديد القنا وارد الأنف أزرق حاد النظر أسيل الوجه بادي الشر مهيباً. قال لي شيخنا أبو الحسن: رأيته بدكان بعض الوراقين من مرسية وأنا لا أعرفه فسالت عنه فعرفته فاستعذت بالله من شره ولم اتعرف له. كانت بينه وبين جماعة من أدباء عصره مخاطبات ومراجعات تشهد بتقدمه في الأدب واستقلاله بما يحاول من النظم وإجادته فيه؛ ورد مراكش مرات منها- وأراها آخرها- قدمة على المستنصر مادحاً له ومتظلماً من المجريطي العامل حينئذ على مرسية ومستعدياً عليه لضربه إياه بالسياط لما انهي إليه من ثلبه إياه، ويذكر أنه كان يقول وهو يضرب: (رب

لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين) فيجاوبه المجريطي قائلا له: (ذلك بما قدمت يدالك)

واطال سجنه؛ ولما قدم على المستنصر وتبرأ عنده مما نسب إليه من هجو المجريطي نفذ أمر المستنصر بإعدائه على المجريطي وتمكينه منه وتحيمه فيه حتى ينتصف منه بمثل ما جنى عليه، وانقلب ابن حزمون بهذا الأمر فلم يصل إلى الأندلس إلا والمستنصر قد توفي، ولم يبلغ إلى أمله من المجريطي فاشتد أسفه لذلك؛

وترجم له ابن خميس في "مطلع النوار" قال: (علي بن حزمون يكنى أبا الحسن. أصله من مرسية. ورد علينا مالقة في عام . . . وأقام بها وأخذ عنه أهلها جملة من شعره وأجازه لهم. ومكانه في الأدب وشهرته تغني عن الإطالة في ذكره. وأنشد له أبو البحر صفوان في كتابه: (ثم أورد القطع الثلاثة الأولى المشورة في ديوانه هذا)

ويرجح المؤرخ محمد عبد الله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس أن يكون زمن وفاته حوالي سنة 630 هـ -1232م، لكن ما هو مؤكد هو وفاته بعد سنة 621ه- 1224م وهي سنة وفاة خليفة الموحدين المستنصر، ذهب إليه ابن حزمون إلى مراكش في مظلمة له فسمع نبأ وفاته عند رجوعه من عنده إلى الأندلس.

(1) بعثت إلي بهذه الترجمة الباحثة الجزائرية الأستاذة لمياء بن غربية، ونبهتني إلى أن ترجمة ابن حزمون في نشرات الموسوعة السابقة غير صحيحة ونصها (محمد بن جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد بن مأمون الأموي. من أهل بلنسية أخذ عن مشاهير أعلام ذلك العصر وولي قضاء بلده وأقام بها حميد السيرة مرضي الطريقة ثم استوطن مرسية في آخر عمره. وناوب في الصلاة بها والخطبة أبا القاسم بن حبيش وتوفي بها ودفن بظاهرها عند مسجد الجرف خارج باب ابن أحمد إلى جانب صاحبه أبي القاسم بن حبيش). (مولده سنة 513هـ ووفاته سنة 586هـ) انظر صفحة القصيدة الثانية من ديوانه.

1232م-
630هـ-

قصائد أخرى لابن حَزمون

ابن حَزمون
ابن حَزمون

هذه الأبيات أوردها المراكشي في كتابه "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" ويذكر أنها من أحسن ما يحفظ لابن حزمون في الهجاء ومن أسلمه من الفحش والإقذاع، وقد سلك فيها طريقة الحطيئة فابتدأ بهجاء نفسه ثم استطرد يهجو رجلا من أعيان قواد الأندلس

ابن حَزمون
ابن حَزمون

القطعة في محبوب للشاعر يدعى أبا عامر، سافر يوما فإذا به يلقى وهو خارج من المرية فتىً يشبه، فلما سأله عن اسمه أخبره بأنه يدعى أبا عامر، وقد أوردها المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب. 

ابن حَزمون
ابن حَزمون

هذه الأبيات من قصيدة شكا فيها ابن حزمون إلى الخليفة المستنصر في مراكش المجريطي والي مرسية، لاضطهاده والاعتداء عليه وضربه بالسياط وسجنه لما انتهى إليه من ثلبه إياه، ويذكر أنه كان يقول وهو يضرب : (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين) الانبياء 89 فيجاوبه

ابن حَزمون
ابن حَزمون

القطعة أوردها المراكشي في كتابه (الذيل والتكملة)، وعجز البيت الرابع ناقص من أوله