علي بن عبد الرحمن بن حزمون، ابو الحسن: (1) شاعر وشّاح هجّاء من أهل مرسية، جرى على طريقة ابن حجاج البغدادي في الهزل والمجون، قال المراكشي في "المعجب": وكان من أصدقائه (ولعلي بن حزمون هذا قدم في الآداب واتساع في أنواع الشعر ركب طريقة أبي عبد الله ابن حجاج البغدادي سامحه الله وغفر له فأربى فيها عليه وذلك أنه لم يدع موشحة تجري على ألسنة الناس بتلك البلاد إلا عمل في عروضها ورويها موشحة على الطريقة المذكورة ...قال: (ونال ابن حزمون هذا عند قضاة المغرب وعماله وولاته جاها وثروة كل ذلك خوفاً من لسانه وحذراً من هجائه ولا أعلم في جميع بلاد المغرب بلداً إلا وأهاجي هذا الرجل تحفظ فيه وتدرس أسأل الله له المسامحة ولجميع إخواننا من المسلمين) وقال بعدما أورد قصيدته السينية: (أنشدنيها منشئها المذكور من لفظه ثم أعدتها عليه بلفظي آخر مرة لقيته بمدينة مرسية في سنة 614.) وقال ابن سعيد في المغرب: (إِأبو الحسن علي بن حزمون صاعقة من صواعق الهجاء، عاصر ابن عنين، وكان هذا في المغرب وهذا في المشرق. وأكثر قوله في طريقة التوشيح. ومن هجوه في طريقة الشعر قوله: (ثم أورد القصيدة التي اولها:
تَأَمَّلْتُ فِي المِرْآَةِ وَجْهِي فَخِلْتُهُ كَوَجْهِ عَجُوزٍ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى اللَّهْوِ
وقال ابن عبد الملك في الذيل والتكملة: (علي بن عبد الرحمن بن حزمون: مرسي أبو الحسن بن حزمون؛ روى عنه أبو عبد الله بن الطراوة، وكان شاعراً مفلقاً ذاكراً للآداب والتواريخ، أحد بواقع الدهر، بذئ اللسان مقذع الاهاجي بارع التصرف في النظم، وكان شديد القنا وارد الأنف أزرق حاد النظر أسيل الوجه بادي الشر مهيباً. قال لي شيخنا أبو الحسن: رأيته بدكان بعض الوراقين من مرسية وأنا لا أعرفه فسالت عنه فعرفته فاستعذت بالله من شره ولم اتعرف له. كانت بينه وبين جماعة من أدباء عصره مخاطبات ومراجعات تشهد بتقدمه في الأدب واستقلاله بما يحاول من النظم وإجادته فيه؛ ورد مراكش مرات منها- وأراها آخرها- قدمة على المستنصر مادحاً له ومتظلماً من المجريطي العامل حينئذ على مرسية ومستعدياً عليه لضربه إياه بالسياط لما انهي إليه من ثلبه إياه، ويذكر أنه كان يقول وهو يضرب: (رب
لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين) فيجاوبه المجريطي قائلا له: (ذلك بما قدمت يدالك)
واطال سجنه؛ ولما قدم على المستنصر وتبرأ عنده مما نسب إليه من هجو المجريطي نفذ أمر المستنصر بإعدائه على المجريطي وتمكينه منه وتحيمه فيه حتى ينتصف منه بمثل ما جنى عليه، وانقلب ابن حزمون بهذا الأمر فلم يصل إلى الأندلس إلا والمستنصر قد توفي، ولم يبلغ إلى أمله من المجريطي فاشتد أسفه لذلك؛ وترجم له ابن خميس في "مطلع النوار" قال: (علي بن حزمون يكنى أبا الحسن. أصله من مرسية. ورد علينا مالقة في عام . . . وأقام بها وأخذ عنه أهلها جملة من شعره وأجازه لهم. ومكانه في الأدب وشهرته تغني عن الإطالة في ذكره. وأنشد له أبو البحر صفوان في كتابه: (ثم أورد القطع الثلاثة الأولى المشورة في ديوانه هذا)
ويرجح المؤرخ محمد عبد الله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس أن يكون زمن وفاته حوالي سنة 630 هـ -1232م، لكن ما هو مؤكد هو وفاته بعد سنة 621ه- 1224م وهي سنة وفاة خليفة الموحدين المستنصر، ذهب إليه ابن حزمون إلى مراكش في مظلمة له فسمع نبأ وفاته عند رجوعه من عنده إلى الأندلس.
(1) بعثت إلي بهذه الترجمة الباحثة الجزائرية الأستاذة لمياء بن غربية، ونبهتني إلى أن ترجمة ابن حزمون في نشرات الموسوعة السابقة غير صحيحة ونصها (محمد بن جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد بن مأمون الأموي. من أهل بلنسية أخذ عن مشاهير أعلام ذلك العصر وولي قضاء بلده وأقام بها حميد السيرة مرضي الطريقة ثم استوطن مرسية في آخر عمره. وناوب في الصلاة بها والخطبة أبا القاسم بن حبيش وتوفي بها ودفن بظاهرها عند مسجد الجرف خارج باب ابن أحمد إلى جانب صاحبه أبي القاسم بن حبيش). (مولده سنة 513هـ ووفاته سنة 586هـ) انظر صفحة القصيدة الثانية من ديوانه.