عشونا إلى نار الربيع و إنمـــــا

أورد هذه الأبيات الغبريني في كتابه عنوان الدراية) قال: (ومن نظمه رحمه الله، هذه القصيدة القافية، والقطعة الميمية التي تذكر بعدها، نظمها في بعض سادات بني عبد المؤمن رحمهم الله تعالى. قال في سياق ذكره وقد ذكروا جمال قصر الربيع:) أي قصر الربيع الذي شيده الخليفة المنصور بمراكش

والأرجح أن المقصود بقوله "بعض سادات بني عبد المؤمن" أبو الحسن علي بن أبي حفص [عمر] بن عبد المؤمن، الذي نوه بذكره ابن سعيد في الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة فقال: (كان من أجل بيته قدرا، وأطيبهم ذكرا، وأسفحهم ندا، وأمنعهم سندا. وكان مألفاً للشعراء والأدباء. ولابن الفكون الشاعر فيه أمداح مخلدة، ولغيره من الشعراء وكان من أعلم الناس بأمور الري والمباني. فرأى المنصور تركه بمراكش يدبر مبانيه في إحدى سفراته.)

والبيت 11 كذا هو في الأصل "ومورق" محلها النصب (لمياء)

الأبيات 16
عشونا إلى نار الربيع و إنمـــــا عشـونا إلـى نار الندى والمحــلق
ركبنــا بـواديه جيــــــاد زوارقٍ نزلنـا إليهـا عـن ضـوامر ســـبق
وخضــنا حشــاه والأصــيل كـأنـــه بصــفحته تبــدي مــروّق زنــــبق
وســيدنا قــد سـار فيـه لأنـــــه بزورقــه إنســان مقلـــــة أزرق
فقلــت وطرفــي يجتلـي كـل عــبرة وزورقـه يهـوي بـه ثـم يرتــــقي
أيـا عجبـا للبحـر عـب عبابـــــه تجمـع حـتى صـار فـي بطـــن زورق
ولمـا نزلنـا ساحة القصر راعنـــا بكـل جمـال مبهـج الطـرف مـــرتق
فمــا شـئت مـن ظـل يـروق وجــدول وروض مـتى تلمـم به الريح يعــبق
وشـادي مغـاني الحسن في نغماتـــه يطـارحه هـذر الحمـام المطــــوق
فيـا حسـن ذاك القصـر لازال آهــلا ويـا طيـب ريـا نشـره المتنشـــق
رتعنـا بـه في روضة الأنس بعد مــا هصـرنا بـه غصـن المســـرة مـورق
ويضــحكنا طـول الوصـال و ربمـــا يمـر علـى الأوهــــام ذكر التفرق
فتضــحي مصــونات الــدموع مذالـة ونحـن علـى طــرف مـن الدهر أبلق
لمثلهمـا مـن منـزه و نزاهــــــة يجــرر ذيــــل الـذيل كـل موفـق
فللـــه ســـاعات مضـــين صــوالح عليهـــن مـن زي الصـبا أي رونـق
خلعنــا عليهـا النسـك إلا أقـــله وإن عـاودت نخلـع عليهـا الذي بقي
أبو علي ابن الفَكّون
4 قصيدة
1 ديوان

الحسن بن علي بن عمر الفَكّون أبو علي القسنطيني نزيل مراكش: شاعر  من كبار أدباء عصره ترجم له الإمام الذهبي في التاريخ في وفيات سنة 630هـ قال: (الحسن بن عليّ بن ألفكون. أبو علي، القسنطينيّ. رئيس الكتّاب، وعلم الآداب. قال ابن مسدي: انقاد العلم إلى بنانه، وسلّم قسٌّ إلى بيانه، فبذّ أهل زمانه نظماً ونثراً، ونفث في الأسماع سحراً. لقيته ببجاية، ومات على رأس الثلاثين، وله نيّف وستون سنة).والفكون على وزن الحسّون.

وترجم له الغبريني في "عنوان الدراية" قال: أبو علي الحسن بن الفكون من الأدباء الذين تستظرف أخبارهم، وتروق أشعارهم. غزير النظم والنثر، وكأنهما أنوار الزهر. رحل إلى مراكش وامتدح خليفة بني عبد المؤمن وكانت جائزته عنده من أحسن الجوائز. وله "رحلة" نظمها في سفرته من قسنطينية إلى مراكش، ووافق في مقامه بمراكش طلوع الخليفة لزيارة قبر الإمام المهدي رضي الله عنه فنظم في ذلك. وله ديوان شعر، وهو موجود بين أيدي الناس ومحبوب عندهم. وهو من الفضلاء النبهاء، وكان مرفع المقدار، ومن له الحضوة والاعتبار. وكان الأدب له من باب الزينة والكمال، ولم يكن يحترف به لإقامة أود أو إصلاح حال. واصله من قسنطينة من ذوي بيوتاتها، ومن كريم اروماتها. وتواشيحه مستحسنة) ومن مشاهير أحفاده فيما يذكر المقري في "نفح الطيب" الشيخ عبد الكريم الفكون (1)

والخليفة المذكور في كلام الغبريني هو المنصور الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن خليفة الموحدين بين عامي 580-595ه= 1184-1199م، صاحب وقعة الأرك الشهيرة في التاريخ، ولا تزال نهايته المحيرة لغزا من ألغاز الدهر، وقبره في البقاع في لبنان ويقال في سلا، ويقال في مركش، وهو صاحب القصيدة السائرة في تأليب العرب على قراقوش والتي يقول فيها:

يقودهم ارمني لا خلاق له   كأنه بينهم من جهله علم

ويؤيد كونه هو المراد بكلام الغبريني خبر خروجه لزيارة قبر المهدي كما جاء في المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي (وخرج أمير المؤمنين أبو يوسف إلى تينمل للزيارة ومعه هؤلاء الغز المذكورون فقعدوا تحت شجرة خروب مقابلة للمسجد وقد كان ابن تومرت قال: لأصحابه فيما قال لهم ووعدهم به ليبصرن منكم من طالت حياته أمراء أهل مصر مستظلين بهذه الشجرة قاعدين تحتها فلما جلس الغز على الصفة المتقدمة تحتها كان ذلك اليوم في تينمل يوما عظيما اتصل التكبير من كل جهة وجاء النساء يولولن ويضربن بالدفوف ويقلن ما معناه بلسانهم: صدق مولانا المهدي نشهد أنه الإمام حقا! فأخبرني من رأى أمير المؤمنين أبا يوسف حين رأى ذلك يتبسم استخفافا لعقولهن لأنه لا يرى شيئا من هذا كله وكان لا يرى رأيهم في ابن تومرت فالله أعلم.) ومعاصرته لأبي الحسن علي بن أبي حفص عمر بن عبد المؤمن الذي يقول عنه ابن سعيد في الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة: (ولابن الفكون الشاعر فيه أمداح مخلدة، ولغيره من الشعراء وكان من أعلم الناس بأمور الري والمباني. فرأى المنصور تركه بمراكش يدبر مبانيه في إحدى سفراته)

(1) قال معقبا على رسالة وصلته منه وتاريخها يوم السبت سابع او ثامن رجب من عام (1038هـ) :(والمذكور عالم المغرب الأوسط غير مدافع، وله سلف علماء .. ولأشهر أسلافه العلاّمة الشيخ حسن بن علي بن عمر الفكون القسمطيني أحد أشياخ العبدري صاحب الرحلة قصيدة مشهورة عند العلماء بالمغرب، وهي من درّ النظام، وحرّ الكلام، وقد ضمّنها ذكر البلاد التي رآها في ارتحاله من قسمطينة إلى مراكش، وأوّلها:

(ألا قل للسّريّ ابن السّري         أبي البدر الجواد الأريحيّ

ثم اورد 26 بيتا منها.

1233م-
630هـ-

قصائد أخرى لأبي علي ابن الفَكّون

أبو علي ابن الفَكّون
أبو علي ابن الفَكّون

جاء نص القصيدة كاملا في كتاب "رحلة العبدري المسماة الرحلة المغربية"، وفيها يصف أبو علي الحسن بن الفكون رحلته من "قسنطينة" إلى "مراكش" وما مر به من مدن، وقد نقدها العبدري في رحلته من "حاحة" بالمغرب

أبو علي ابن الفَكّون
أبو علي ابن الفَكّون

أورد هذه الأبيات الغبريني في كتابه عنوان الدراية، والناصرية في البيت الأول هي مدينة بجاية الجزائرية ونسبتها إلى مؤسسها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري أحد ملوك بني حماد في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وهي مدينة ساحرة الجمال تجمع طبيعتها

أبو علي ابن الفَكّون
أبو علي ابن الفَكّون

قال الغبريني عقب القصيدة السابقة وقد نص في مقدمتها أن القصيدة الميمية من شعر ابن الفكون: ولما نضب ماء الأصيل، ورق نسيمه العليل، وهم العشي بانصرام، وودع النهار بسلام، وأرخى الليل فوقنا سدوله، وجرر على الأفق ذيوله، عدنا إلى زورقنا ذلك، ومحيا الجو