الحسن بن علي بن عمر الفَكّون أبو علي القسنطيني نزيل مراكش: شاعر من كبار أدباء عصره ترجم له الإمام الذهبي في التاريخ في وفيات سنة 630هـ قال: (الحسن بن عليّ بن ألفكون. أبو علي، القسنطينيّ. رئيس الكتّاب، وعلم الآداب. قال ابن مسدي: انقاد العلم إلى بنانه، وسلّم قسٌّ إلى بيانه، فبذّ أهل زمانه نظماً ونثراً، ونفث في الأسماع سحراً. لقيته ببجاية، ومات على رأس الثلاثين، وله نيّف وستون سنة).والفكون على وزن الحسّون.
وترجم له الغبريني في "عنوان الدراية" قال: أبو علي الحسن بن الفكون من الأدباء الذين تستظرف أخبارهم، وتروق أشعارهم. غزير النظم والنثر، وكأنهما أنوار الزهر. رحل إلى مراكش وامتدح خليفة بني عبد المؤمن وكانت جائزته عنده من أحسن الجوائز. وله "رحلة" نظمها في سفرته من قسنطينية إلى مراكش، ووافق في مقامه بمراكش طلوع الخليفة لزيارة قبر الإمام المهدي رضي الله عنه فنظم في ذلك. وله ديوان شعر، وهو موجود بين أيدي الناس ومحبوب عندهم. وهو من الفضلاء النبهاء، وكان مرفع المقدار، ومن له الحضوة والاعتبار. وكان الأدب له من باب الزينة والكمال، ولم يكن يحترف به لإقامة أود أو إصلاح حال. واصله من قسنطينة من ذوي بيوتاتها، ومن كريم اروماتها. وتواشيحه مستحسنة) ومن مشاهير أحفاده فيما يذكر المقري في "نفح الطيب" الشيخ عبد الكريم الفكون (1)
والخليفة المذكور في كلام الغبريني هو المنصور الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن خليفة الموحدين بين عامي 580-595ه= 1184-1199م، صاحب وقعة الأرك الشهيرة في التاريخ، ولا تزال نهايته المحيرة لغزا من ألغاز الدهر، وقبره في البقاع في لبنان ويقال في سلا، ويقال في مركش، وهو صاحب القصيدة السائرة في تأليب العرب على قراقوش والتي يقول فيها:
يقودهم ارمني لا خلاق له كأنه بينهم من جهله علم
ويؤيد كونه هو المراد بكلام الغبريني خبر خروجه لزيارة قبر المهدي كما جاء في المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي (وخرج أمير المؤمنين أبو يوسف إلى تينمل للزيارة ومعه هؤلاء الغز المذكورون فقعدوا تحت شجرة خروب مقابلة للمسجد وقد كان ابن تومرت قال: لأصحابه فيما قال لهم ووعدهم به ليبصرن منكم من طالت حياته أمراء أهل مصر مستظلين بهذه الشجرة قاعدين تحتها فلما جلس الغز على الصفة المتقدمة تحتها كان ذلك اليوم في تينمل يوما عظيما اتصل التكبير من كل جهة وجاء النساء يولولن ويضربن بالدفوف ويقلن ما معناه بلسانهم: صدق مولانا المهدي نشهد أنه الإمام حقا! فأخبرني من رأى أمير المؤمنين أبا يوسف حين رأى ذلك يتبسم استخفافا لعقولهن لأنه لا يرى شيئا من هذا كله وكان لا يرى رأيهم في ابن تومرت فالله أعلم.) ومعاصرته لأبي الحسن علي بن أبي حفص عمر بن عبد المؤمن الذي يقول عنه ابن سعيد في الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة: (ولابن الفكون الشاعر فيه أمداح مخلدة، ولغيره من الشعراء وكان من أعلم الناس بأمور الري والمباني. فرأى المنصور تركه بمراكش يدبر مبانيه في إحدى سفراته)
(1) قال معقبا على رسالة وصلته منه وتاريخها يوم السبت سابع او ثامن رجب من عام (1038هـ) :(والمذكور عالم المغرب الأوسط غير مدافع، وله سلف علماء .. ولأشهر أسلافه العلاّمة الشيخ حسن بن علي بن عمر الفكون القسمطيني أحد أشياخ العبدري صاحب الرحلة قصيدة مشهورة عند العلماء بالمغرب، وهي من درّ النظام، وحرّ الكلام، وقد ضمّنها ذكر البلاد التي رآها في ارتحاله من قسمطينة إلى مراكش، وأوّلها:
(ألا قل للسّريّ ابن السّري أبي البدر الجواد الأريحيّ
ثم اورد 26 بيتا منها.