هذا موشح الشيخ أمين الجندي الحمصي (1180هـ 1766م - 1257هـ 1840م)، الذي أصبح أشهر موشحاته بعدما غناه عميد الغناء العربي صباح فخري، ويعود الفضل في توثيق لحن الموشح إلى الموسيقار الراحل مصطفى هلال، (انظر نافذة خاصة عنه في زاوية من التراث).
وهذا الموشح غير منشور في ديوان أمين الجندي في نشرات الموسوعة السابقة، وهو غير شيخ الأدباء أمين الجندي المفتي والشاعر أيضا، وكلاهما من أسرة واحدة، ولما توفي صاحب الموشح كان هذا في السابعة والعشرين من عمره، وتوفي عام 1879م وليس له ديوان في الموسوعة، انظر نماذج من شعره في كتاب (أعلام الأدب والفن) لقريبه أدهم الجندي. ومن شعرهقصيدة مدح بها السلطان عبد المجيد خان بمناسبة إجلاء الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا من البلاد الشامية قوله:
ملك به افتخر السرير وأخمدت بجلوسه فتن بها الكون امتلا
من آل عثمان الأكارم من بنوا في المجد بيتاً لا يزال مؤثلا
عارض بها قصيدة ابن عمه أمين الجندي الحمصي (صاحب الموشح) الذي هجا الأتراك بقصيدة منها قوله:
هذا ولما فاض جور الترك في ظلم العباد وصار أمراً مشكلا
وتظاهرت أعمالهم بمفاسد ومظالم وحوادث لن تقبلا
كان الشيخ أمين الجندي شاعر القرن الثامن عشر (حسب كلام جرجي زيدان) ومستشار إبراهيم باشا صاحب مصر، وقد رافقه في كل معاركه ووصفها في شعره، فمن ذلك قصيدته (توق ابتسام الليث في موقف الخطر) فلما تقهقر إبراهيم باشا إلى حمص، استعتب أمين الجندي السلطان العثماني محمود خان بقصيدته التي مطلعها (وافتك بالعز خود زانها الطول) وجعل موضوعها الأبرز تحذير السلطان محمود من مغبة الاعتماد على اليهود، وكان معظم المحاسبين العاملين في المرافق الحكومية في اسطنبول يهودا، وكانت اللغة المعتمدة في تحرير المعاملات المالية هي اللغة العبرية، فألف قصيدة استطاع أن يوصلها إلى السلطان محمود يشكو له فيها غربة لغة القرآن فأمر السلطان محمود بالتحقيق وإقصاء اليهود عن أعمال الدولة وقلب دفاتر المحاسبة المحررة باللغة العبرية إلى اللغة العربية، وفي هذه القصيدة قوله:
تشكو لعلياه ما قاست رعيته من اليهود وعقد الصبر محلول
حيث الدفاتر عبرانية رقمت خلاف ألسننا والحال مجهول
وليس تعلم أتراك ولا عرب ما خط فيها ولا المنقول معقول
وهو من أسرة عباسية صميمة كان منها أمراء حمص وحكامها، ومنهم أبوه خالد، وعمه حاكم حمص: الشهيد عبد الرزاق بن محمد الجندي المقتول في حربه مع عرب الحيارى يوم 21/ ربيع الثاني /1189هـ)، وابن عمه عثمان بن عبد الرزاق (ت 1801م) وهو ممدوحه في قصيدته (الليث يعرف بأسه وثباته)، وجده محمد هو باني قلعة تلبيسة أيام والي الشام سليمان باشا العظم. وكان الشاعر لما قتل عمه في التاسعة من عمره. فورث عنه الشعر، وكان يسمي عمه "سيد الشعراء" وخمس قصيدته:
ألم تر أن الدر عز لأنه =على خطر من يبتغيه من البحر
أما أشهر موشحات الشهيد فهو الموشح المشهور بل أجمل موشح سمعته في حياتي (شادن صاد قلوب الأمم)
وأشير هنا إلى أن عبد الرزاق هذا هو الجد الرابع للمؤرخ القدير أدهم الجندي صاحب كتاب (أعلام الأدب والفن)
وقد نهج أمين الجندي في موشح هذه الصفحة على نهج موشح عمه المشهور (لو رأى العاذل حالي ما ملك):
لو رأى العاذل حالي ما ملك أبإنسان غرامي أم ملك
أنا مملوك وخلي مالكي ليس لي حكم على ما قد ملك
زارني طيف خيال في الكرى قلت يا طيف الكرى من أرسلك
قال أرسلني الذي تعرفه والذي بعض هواه أشغلك