أبا العلاء ألا تدلى بأخبار
الأبيات 30
أبـــا العلاء ألا تـــدلى بأخبــار وأنــت فــي عــالم مجهـول أسـرار
ما قلت في القبر إذ جاء الملائك هل أقنعتهــــم بروايـــات وأشـــعار
أم ذاك منـك خيـال فـي الحياة وكم حيرتنـــا بخيـــال فيـــك جبــار
مـا كنـت ترهـب فـي دنيـاك من أحد هلا تمـردت فـي الأخـرى علـى الباري
وجئتنـا رغـم أنـف المـوت تتحفنـا برحلــة لـك فـي الفـردوس والنـار
فيهـا الحقـائق لا نسـج الخيال ولا تنميـــق راو ولا تعزيـــم ســـحار
وقيــل لا يكــذب الــرواد أهلهــم خــبر فمــا جــال عبــاد وفجــار
إنـا لفـي حيـرة مـن أمـر عـالمكم ونحــن فــي عـالم مـن أصـل فخـار
أبــا العلاء وأنــت اليـوم منتسـب لعــالم طــاهر مــن كيــد أشـرار
مـا كنـت تصـنع لـو شـاهدت عالمنا والنــاس للحــرب أغنــام لجــزار
هـل تشـترى صـحف الأخبـار تعلـن عن قتــل الألــوف وعـن تـدمير أمصـار
أم كنـت تـدعو علـى كل العباد بما دعــا الإلــه بــه نــوح باصــرار
أم كنــت تقبـع كالمعتـاد مبتعـدا عـن سـائر النـاس في ركن من الدار
لا شـك عنـدك سـكنى الغـاب أفضل من ســكني بلاد بهـا الإنسـان كالضـاري
فـالوحش ارحـم في ذا العصر من بشر هــم الوحـوش بـدوا فـي زي أبـرار
أبـا العلاء ونحـن اليـوم فـي زمـن فيــه الحقيقـة لـم تظفـر بأنصـار
زعمــت أنــك رهـن المحبسـين وقـد كنــت الطليــق فلـم تخضـع لتيـار
دافعــت مسـتنكرا عـن راحـة سـرقت مـا بالهـا قطعـت فـي ربـع دينـار
فمــن يـدافع عـن نفـس تسـاق إلـى مـــوت بلا جنحــة تقضــى ولا ثــار
إن كنــت سـرحت برغوثـا ظفـرت بـه وقــد تعــود يـؤذي جسـمك العـاري
فعنـدنا العطـف مـن ضـعف وغايتنـا قتــل الأبــاة أو اسـتعباد أحـرار
وعلمنـا اليـوم لـو تـدري فضـائله عمــت جميــع الـورى لكـن بأضـرار
لقـد تفنـن فـي حصـد النفـوس وفـي هــدم الـديار وفـي إخضـاع أقطـار
وجارنـــا باختراعـــات تــدمر أر كــان الحضــارة بـالفولاذ والنـار
للجهــل أفضــل مــن علـم نتـائجه سـفك الـدماء وظلـم الجـار للجـار
أبــا العلاء تأمــل حــال عالمنـا واذكــر زمانــك لا تظلــم بإكبـار
عزريــل فـي عصـرنا بـارت تجـارته فكـــل مخـــترع عزريـــل أعمــار
ونــدعى بعــد هــذا أننــا بشــر وللضــمائر فينــا حكمهـا السـاري
تضـخم العقـل فـي الإنسـان وانعكست آثـــاره فــأتى بالشــر والعــار
فلنرجـع القهقـري أو فلنكـن بشـرا نسعى إلى الخير ما دمنا بذي الدار
إبراهيم الأسطى عمر
44 قصيدة
1 ديوان

إبراهيم بن عمر الكرغلي، الأسطى.

شاعر ليبي من قبيلة (الكراغلة)، كان في أطوار حياته أشعر منه في نظمه، ولد في درنة (من مدن برقة) ونشأ يتيماً فقيراً يحتطب ليعيش هو وأمه وأخوات ثلاث له، عمل خادماً في محكمة بلده، فلقنه قاضيها دروساً مهدت له السبيل لدخول مدرسة في طرابلس الغرب، فحاز شهادة (معلم) سنة 1935 ورحل إلى مصر وسورية والعراق والأردن، يعمل لكسب قوته، وأنشأ المهاجرون الليبيون في مصر جيشاً لتحرير بلادهم في أوائل الحرب العالمية الثانية، فتطوع جندياً معهم، وقاتل الإيطاليين، وترك الجيش بعد ثلاث سنوات 1942 وعاد إلى ليبيا فعين قاضياً أهلياً، في محكمة الصلح، بدرنة، وترأس جمعية (عمر المختار)، ونقل إلى مدينة (المرج) وحرّمت حكومة برقة على الموظفين الاشتغال بالسياسة، ولم يطع، فأقيل (1948) وعاد إلى درنة وانتخب نائباً في البرلمان البرقاوي (قبل اتحاد ليبيا) فحضر جلسة افتتاحه، وبعد أيام أراد السباحة في شاطئ درنة، فمات غريقاً، وأقيم له نصب تذكاري في المكان نفسه.

وللسيد مصطفى المصراتي، كتاب (شاعر من ليبيا- ط) في سيرته وما اجتمع له من نظمه.

1950م-
1370هـ-