الأبيات 59
أزف لــك التحيــة والســلاما مــن الأعمـاق حبـا واحترامـا
تحيـــة أمـــة وســلام شــعب يـرى فيك الكريم أتى الكراما
يـرى فيـك المعيـن وليس خصما يريــد لنفسـه منـا انتقامـا
يــراك رســول جمــع عــالمي أتـى ينشـي الحكومة والنظاما
فعجـل فـي القلـوب الحب تغنم بـه الذكرى الحبيبة والمقاما
وإن قـــرار هيئتكــم نجــاح بـروح العـدل والقسـطاس قاما
ومـــا تنفيــذه إلا اختبــار لحزمــك فلتكــن بطلا همامــا
إلـى المنـدوب وهـو أجل قدرا مــن التــذكير وجهــت الكلام
مقالـــة ناصــح حــر صــريح يقـول الحـق لـو لقى الحماما
فهـذا الشـعب كافـح ثلـث قرن فلـم يـذعن ولا ألقـى الحساما
إلـى أن غـادر المحتـل قسـرا أراضــيه وقـد ولـى انهزامـا
تصــبر بعـد ذا سـبعا عجافـا يراقــب كشـفها عامـا فعامـا
وجــاء الحـق يـدحض كـل ظلـم ويرســل نـوره يطـوي الظلامـا
فحيــا اللـه هيئتكـم فليسـت سوى الحصن الذي يحمي اليتامى
إذا تســمح فمطلبنــا جــدير بـأن يعطـي انتباها واهتماما
يريــد الشـعب وحـدته ففيهـا كرامتــه ولا يرضــى انقسـاما
يريـد الشـعب دسـتورا كريمـا يصــون حقـوقه مـن أن تضـاما
يريــد مليكـه الإدريـس رمـزا كريمـا يحكـم القـوم الكراما
يريــد الشـعب تمـثيلا صـحيحا ليحكــم نفســه حكمـا قوامـا
يريــد علاقــة لا غــش فيهــا مـع الأمـم الـتي ترعى السلاما
وبالإيجــاز يرغــب كــل خيـر لمـن فـي رقعة الوطن استقاما
فـذي بعـض الرغـائب وهي تعني بأنــا أمــة قصــدت مرامــا
فـإن نـالته بالحسـنى فنعمـت وإن منعــت ســتبعثها ضـراما
فإمــا أن يكــون حيــاة عـز وإمــا المـوت نقبلـه زؤامـا
ستسـمع أننـا فـي الـرأي شتى وفـي الغايـات نختلف انقساما
وأن لكـــل منطقـــة كيانــا برغبـة أهلهـا الأحـرار قامـا
وهــذه برقـة اليـوم اسـتقلت بلا تعـــب وحققــت المنامــا
ســيأتي دور طرابلــس فــورا فتنتظـم الأمـور بهـا انتظاما
كــذا الفـزان يصـبح مسـتقلا وقــدما كــان منطقـة حرامـا
فلا تســمع لأهـل السـين قـولا ولا عــن تيمــز تــروى كلامـا
لكــل غايــة يرمــي إليهــا ولا تخفـى وإن أبـدى اكتتامـا
أتـذكر والقضـية فـي اقـتراع مـواقفهم فهـل بـدوا انسجاما
وكيـــف يعارضــون لكــل رأي وكيـف يسـددون لنـا السـهاما
ومـا كنيل الذي أبدى امتناعا عـن التصـويت هل بلغ المراما
ومـا تصـريح شـنول فـي أويا سـوى تهديـد من بنوى الصداما
ستسـمع بعضـنا يـدعو إلـى ما دعـى المحتـل لا تبـد اهتماما
فللمســـتعمرين دعــاة ســوء يعــدون السـموم لنـا طعامـا
لقد باعوا الضمائر واستعاضوا بهـا الألقـاب والرتب الفخاما
فلا تســمع مقــالتهم ودعهــم لمـا خلقـوا فقد خلقوا لئاما
دع الأقــوال خلفـك ثـم راقـب بعينـك كي ترى المحن الجساما
فــذي برقـا يقولـون اسـتقلت تأمــل هــل تــرى إلا كلامــا
فــوالى الأمــس معتمـد مقيـم ينفــذ مـا يريـد ولـن يلامـا
ومـا منحـوه بالدسـتور شـكلا أتـي المنشـور يأخذه التهاما
وكــل وزارة بــل كــل قســم بــه منهـم مشـير قـد أقامـا
كمثــل الفــاطمي بـأرض مصـر تـأله فاسـتحل بهـا الحرامـا
يسوســون الأمــور بغيـر عقـل تعمــد مـن تجاهـل أو تعـامي
بهـذا صـار أمـر الشـعب فوضى منظمـــة تـــثير الابتســاما
فظنــوا أنهـم بلغـوا منـاهم بهـذا الفعل أو خدعوا الأناما
ولكـــن الحقيقــة إذ تبــدت أمـاطت عـن خـداعهم اللثامـا
ألا يأيهــا المنــدوب حــاذر مـن التقسـيم إن شئت احتراما
فوحــدة ليبيــا لا بـد منهـا لتنفيـذ القـرار بهـا دوامـا
ووحـــدة شـــعبنا بمقومــات أتـت كالشـمس بـددت القتامـا
فنطـق الضـاد منطقنـا جميعـا وديــن الشــعب إسـلام ترامـي
وذا التاريـخ والعـادات فينا وذي الأنســاب تجمعنـا تمامـا
ورقعــة أرضـنا أبـدا جميعـا فلـم نعـرف لوحـدتها انفصاما
وأمــا اقتضــته ظــروف حـرب مـن التقسـيم لا يبقـى لزامـا
فهـذا مـن حـديث الشـعب حقـا أقـــدمه لحضـــرتكم نظامــا
وعـذرا إن أطلـت القـول إنـي أردت الاختصـار فمـا اسـتقاما
إليــك تحيــتي ثـم احـترامي وتقــديري ومعــذرتي ختامــا
إبراهيم الأسطى عمر
44 قصيدة
1 ديوان

إبراهيم بن عمر الكرغلي، الأسطى.

شاعر ليبي من قبيلة (الكراغلة)، كان في أطوار حياته أشعر منه في نظمه، ولد في درنة (من مدن برقة) ونشأ يتيماً فقيراً يحتطب ليعيش هو وأمه وأخوات ثلاث له، عمل خادماً في محكمة بلده، فلقنه قاضيها دروساً مهدت له السبيل لدخول مدرسة في طرابلس الغرب، فحاز شهادة (معلم) سنة 1935 ورحل إلى مصر وسورية والعراق والأردن، يعمل لكسب قوته، وأنشأ المهاجرون الليبيون في مصر جيشاً لتحرير بلادهم في أوائل الحرب العالمية الثانية، فتطوع جندياً معهم، وقاتل الإيطاليين، وترك الجيش بعد ثلاث سنوات 1942 وعاد إلى ليبيا فعين قاضياً أهلياً، في محكمة الصلح، بدرنة، وترأس جمعية (عمر المختار)، ونقل إلى مدينة (المرج) وحرّمت حكومة برقة على الموظفين الاشتغال بالسياسة، ولم يطع، فأقيل (1948) وعاد إلى درنة وانتخب نائباً في البرلمان البرقاوي (قبل اتحاد ليبيا) فحضر جلسة افتتاحه، وبعد أيام أراد السباحة في شاطئ درنة، فمات غريقاً، وأقيم له نصب تذكاري في المكان نفسه.

وللسيد مصطفى المصراتي، كتاب (شاعر من ليبيا- ط) في سيرته وما اجتمع له من نظمه.

1950م-
1370هـ-