الأبيات 32
أيهـا المسـجون في ضيق القفص صـادحا مـن لوعـة طول النهار
ردد الألحــان مـن مـر الغصـص وبكـى فـي لحنـه بعـد الديار
ذكـــــر الغصــــن تثنــــى وأليفــــــــا يتغنـــــــى
وهـــو فـــي الســجن معنــى فشـــــــكى الشــــــوق وأن
والأمـاني مـا أحيلالهـا خيـال يتلاشــى أو كحلــم فـي منـام
لـو ضـحا في روضة والغصن مال مـن نسيم الفجر وانجاب الظلام
ومضـى يصـدح فـي دنيا الجمال طـائرا حـرا طليقـا في الأكام
راويـا للطيـر مـن تلك القصص مـا بـه هـوى وذكـرى واعتبار
كيــف حـازته أحابيـل القفـص وهو يبغى الحب في عرض القفار
ذاق ذرعــــــا بالأمـــــاني وهـــو فـــي نفــس المكــان
ويعــــاني مــــا يعــــاني ردد الحــــــزن أغــــــاني
شــارد اللــب إليــه نـاظرا قـــال ملتاعــا ألا تســعفني
قلــت لـو كنـت قويـا قـادرا لـم تـذق يـا طيـر مـر المحن
ولهــدمت النظــاو الجــائرا ولمــا أســتخذى فقيـر لغنـى
ولكـان الشـر فـي الدنيا نقص ولكــان العـدل للنـاس شـعار
رزقنــا يقسـم فينـا بالحصـص لا غنـى لا فقـر لا فينـا شـرار
هكــــذا تصــــفو الحيـــاة لجميـــــــع الكائنــــــات
وتـــــــزول الســـــــيئات ســــعينا فــــي الحســـنات
غيـر أنـي أيها الطير الكئيب عــاجز مثلـك مغلـول اليـدين
فـي بلادي بيـن هلـي كـالغريب وأنـا الحـر ولـو تـدري سجين
فلتكـن دعـواك للـرب المجيـب نعـم مـن يدعى وعون المستعين
وارتقـب فالحظ في الدنيا فرص ربمـا جـاءت علـى غير أنتظار
واتـرك اليـأس وغرد في القفص وتناســاه وغنــى يــا هـزار
آه لــــو يــــدوى مقـــالي لشــــجاه اليــــوم حـــالي
غيـــــر أنــــي بخيــــالي فـــــي رشــــاد أو ضــــلال
أيهـا الإنسـان ما ذنب الطيور تـودع الأقفـاص هـل كانت جناه
هـل تمـادت فـي ضـلال أو فجور مثلنـا ما الحكم أين البينات
أمـن العـدل ظلـوم في القصور وبريــء ســجنه مــن قصــبات
ليـس في المعقول والمنقول نص يـدعيه المـرء في صيد الهزار
هــو غريــد إذا غنــى رقــص كــل غصـن طربـا والكـأس دار
بيـــــن أطيــــار وزهــــر ســـــكرت فيغمــــر خمــــر
وأنــــا وحــــدي بفكــــري تـــائه يـــا ليـــت شــعري
إبراهيم الأسطى عمر
44 قصيدة
1 ديوان

إبراهيم بن عمر الكرغلي، الأسطى.

شاعر ليبي من قبيلة (الكراغلة)، كان في أطوار حياته أشعر منه في نظمه، ولد في درنة (من مدن برقة) ونشأ يتيماً فقيراً يحتطب ليعيش هو وأمه وأخوات ثلاث له، عمل خادماً في محكمة بلده، فلقنه قاضيها دروساً مهدت له السبيل لدخول مدرسة في طرابلس الغرب، فحاز شهادة (معلم) سنة 1935 ورحل إلى مصر وسورية والعراق والأردن، يعمل لكسب قوته، وأنشأ المهاجرون الليبيون في مصر جيشاً لتحرير بلادهم في أوائل الحرب العالمية الثانية، فتطوع جندياً معهم، وقاتل الإيطاليين، وترك الجيش بعد ثلاث سنوات 1942 وعاد إلى ليبيا فعين قاضياً أهلياً، في محكمة الصلح، بدرنة، وترأس جمعية (عمر المختار)، ونقل إلى مدينة (المرج) وحرّمت حكومة برقة على الموظفين الاشتغال بالسياسة، ولم يطع، فأقيل (1948) وعاد إلى درنة وانتخب نائباً في البرلمان البرقاوي (قبل اتحاد ليبيا) فحضر جلسة افتتاحه، وبعد أيام أراد السباحة في شاطئ درنة، فمات غريقاً، وأقيم له نصب تذكاري في المكان نفسه.

وللسيد مصطفى المصراتي، كتاب (شاعر من ليبيا- ط) في سيرته وما اجتمع له من نظمه.

1950م-
1370هـ-