ما من بناتك يا دارَ الهدى بان
الأبيات 49
مـا مـن بناتـك يا دارَ الهدى بان فـــي الأرض إلا منـــاراتٍ لأذهــان
معاهـد العلـم في الدنيا معاهدهم والشــرق والغـرب تلميـذان سـيان
إن اليسـوعي أولـى مـن يقـول أنا أهلـي الـورى وفسيح الكون أوطاني
تـراه فـي الغـرب غربيـاً يهيم به صـبابةً وهـو فـي اليابـان ياباني
بنــى مدارسـه فـي الخـافقين فلا صــقعٌ تخلــف عنــه ذلـك البـاني
مــدارسٌ طــاف طلاب العلــوم بهـا علـــى تبــاين أنســابٍ واديــان
مـــن يــافقي وســامي وغيرهمــا مـــن أحمــديٍّ وبــوذيٍّ ونصــراني
تصــاحبوا اخــوةً لا ســعي بينهـم لصـــائدٍ بيـــن انجيــلٍ وقــرآن
ولا اهــابَ بهــم داعٍ لغيــر تقـى ولا ثنـاهم علـى غيـر الهـدى ثـانِ
حـتى إذا نهلـوا مـن وردهم صدروا عنــه وهــم رســل اصـلاحٍ واحسـان
انـى التفـت تجـدهم بـارزين علـى ذرى المعـالي ولاة الـرأي والشـان
هــذي مفــاخرهم فـي مصـر معلنـةً فضــل الألــى علمــوهم خيـر اعلان
فللاميـــر حـــديثٌ عـــن معلمــه وللـــوزير وللقاضـــي حـــديثان
شــــهادة لليســـوعيين ناطقـــةٌ فـي مصـر مـأثورةٌ عـن كـل ديـوان
ومـا اسـتقلت بهـا مصـر فقد صدعت بهـا المـواطن مـن قـاصٍ ومـن دان
تلــك الشـهادة لا تفنـى وأحرفهـا منقوشـةٌ فـوق هـذا العالم الفاني
حــي اليســوعي انــي لاح طــالعه تحـــي طـــالع توفيــق وعمــران
جوابـةً نضـو جهـد زراعـاً لـك مـا تجنيـه مـن علمـه يا أيها الجاني
ســبيله الزهـد باللـذات ينكرهـا سـعياً إلـى لذة في العالم الثاني
مســتلئمٌ بمجــنِّ الصــبر منقطــعٌ فـي وحشـةِ الـدير عـن أهلٍ واخوانِ
قـامت لـه دولـةٌ فـي الأرض راسـخةٌ لهـا مـن العلـم والمعـروف ركنان
وفـي السـماء لها بندٌ وفي ثبج ال غـبراء بنـدٌ وفـي الـدارين جيشان
تـزل عنهـا دواهـي الـدهر خاسـئةً كأنهــا نــاطحت اطــواد لبنــان
يا جارة الأزهر استجلي الثغور وقد تبســمت لــك عــن حــبٍّ وعرفــان
واسـتقبلي العيـد ميمونـاً يباركه مباركــــان ترابـــيٌ وروحـــاني
ورتلــي حمــد اســماعيل إن لــه عليــك خيـر يـدٍ مـن خيـر معـوان
لـولا عـوارفه لـم يجـر منهلـك ال صــافي ولا ســاغَ فـي مصـر لظمـآن
ولا غرســتِ بــوادي النيـل زنبقـةً ولا تنفحـــت منــه نفــحَ ريحــان
فــرددي حمــده يــا دارُ صــائغةً بــــه قلائدَ يــــاقوتٍ وعقيـــان
ولا تخــافي فاســماعيل مـا حجبـت ســيوفه عــن مناحيهــا بأجفــان
إن كـان نـاظره عـن مصـر فـي سنةٍ فقــد رعاهــا بقلـبٍ غيـر وسـنان
فــؤاده ملـءُ عيـن الشـرق لافتحـت عيــنٌ أبــت ان تفــديه بانســان
ولا جــرى النيــل إلا تحـت رايتـه مــن العريــش إلـى خـزان اصـوان
يجــري وفـاروقه المحـروس ينشـده واديــك وادي والســودان سـوداني
ودونــه كــل شـعبٍ مـا وقفـت بـه إلا أبــا طيــبٍ فــي شــعب بـوان
كأنمــا الــدر مخــزون بــتربته والــدوح يســتله منهــا بأغصـان
والغيـد تغـدو وتمسـي فـي خمائله مياســةً تحـت ظـل الرنـد والبـان
إن الكنانــة مـن جنـات ربـك لـم يظفــر بـأزين منهـا لحـظ رضـوان
لـولا معالمهـا فـي الشـرق لاندثرت معــالم هــي مــن ميـراث قحطـان
وانهـارت الضـاد وانـدكت معاهدها وغربـــت بأخيهـــا بنــت غســان
يـا مصـر حسبك أن العرب ما وجدوا ســواكِ للضـاد حصـناً غيـر مهـوان
وأن للعلـم رسـلاً فيـك قـد نزلـوا خمســـين حـــولاً ولا لاحٍ ولا شـــان
تجلــت اللغــة الفصــحى بظلهــم كأنمــا هــي فــي أكنـاف نجـران
فــي عهـد مـا تلقـى منـه طـالبه إلا هــوى مصــر معقــوداً بإيمـان
فصــافحي قــومه يـا مصـر منشـدةً القــوم قــومي والاعـوان أعـواني
وبــاكري محفــل اليوبيـل نـاثرةً علـــى مطــالعه أزهــار نيســان
فهـو اليسـوعي درعٌ مـن دروعـك لا يهــي وعامـل خيـرٍ ليـس بـألواني
وقفــت فـي داره بالـذهن أنشـدها شـعري وتطـري وادي النيـل الحاني
حيتـك يـا دار مـن لبنـان عـاطرةٌ أرزيــة صــدرت عـن قلـب ولهـالن
وديع عقل
118 قصيدة
1 ديوان

وديع بن شديد بن بشارة فاضل عقل.

صحفي لبناني، له نظم حسن.

ولد في معلّقة الدامور، وأكمل دروسه العربية والفرنسية في مدرسة الحكمة ببيروت، واستقر بها، ومارس التعليم سبع سنين، وشارك في إصدار جريدة (الوطن) ثم (الراصد)، وانتخب نقيباً للصحافة مرتين، ورئيساً للمجمع العلمي اللبناني، مدة قصيرة فُضّ المجمع على أثرها (سنة 1930)، وكان من أعضاء مجلس النواب اللبناني، مدة وجيزة.

توفي ببيروت.

وله (ديوان شعر - ط)، وله: أربع روايات تمثيلية مطبوعة، و(شرح لرسالة الغفران) لم يطبع.

1933م-
1352هـ-