الأبيات 43
يـا ليـل مـا للصبح لم يطلُع كأنمــا تــاه عــن المهيـع
قطعـت يـا ليـل طريـق السرى عليــه أم أغـرق فـي أدمعـي
وكلمــا قلــت تجلــى ضــفت عليـــه اذيالــك كــالبرقع
وانـت يـا صـبح لقـد طال ما ادعــوك ادعــوك ولـم تسـمع
أصـــبت بــالاعين أم قصــرت بـك الخُطـى ويـك عـن المطلع
ايـن ظبـاك الـبيض عهدي بها تُغـري أهـاب الـدجن كالمبضع
وخيلـك الشـهب الـتي نافسـت خيـل الريـاح السـُبق الأربـع
ان كنـت أعييـت فقـم وارمـه بسـهم نـار مـن لظـى اضـلعي
وان يكــن غيـر الـذي خلتـه فيـك فقـل واجهـر بمـا تدعي
عســاك مــن ذلــة اقوامنـا غضــبت يـا صـبح فلـم تسـطع
رحمـاك هـل قلـت نعـم أننـي احــس صــوتا رن فـي مسـمعي
تقـول أيـن القوم أهل النخا وايـن أربـاب القنـا الشـرع
بـل أيـن أبطـال بنـي يعـرب وايــن اقيــال بنــي تبــع
أيـن الكُماة الحمس من طفلهم يحبـو إلى الحرب إذا ما دعي
طــوتهم الأرض ولــم يخلفـوا فيمـا أرى اليـوم سوى الهُلع
مـن طـأطؤا للظلـم هامـاتهم واســتلأموا الـذل عـن الأدرع
يقضـون بالضـيم حيـاة الشقا مــن خاضــع طوعـا ومستخضـع
تحكمهــم شـر ذمـة لـم تـزد عــدتها عــن عقــد الاصــبع
يتبعهــا منهـم ومـن غيرهـم توابـــع كـــالحمر الظُلّــع
جـارت عليهـم فوق جور العدى بكـــل شــكل مــؤلم مفجــع
قتلا وبتعيــداً ونهبــاً ولـم تخـش مـن البغـي اذى المرتع
وهــم مقيمــون علـى طوعهـا كأنممــا هــم غنــم ترتعـي
أهــابت الأرض بهــم والسـما وهم غريقوا النوم في المضجع
والانـــس والجــن تنــاديهم وليـس مـن يسـمع أو مـن يعي
وأمــة منهــم لقــد لعلعـت أصــواتها عنــد رُبـى لعلـع
غـارت عليهـم إذ درت ما بهم يُــراد مـن محـو ومـن مصـرع
فلـم تجـد منهـم مجيبـا ولو صــوتاً يحـاكي نقـة الضـفدع
كـأنهم مـاتوا أو اسـتمرنوا علـى احتمـال الذل في الأربع
قـد أملـوا نيـل الأماني بلا عــزم يهـز الكـون كـالزعزع
فضــيعوا الـوقت هبـاء كمـن يقيــس خيـط الشـمس بـالأذرع
حــتى غــدت أعيـانهم شـردا كـل امريـء ينفـى إلـى بلقع
واصـــبحت أوطــانهم قفــرة شــوهاء تحكـي هامـة الاقـرع
لا يطـرق الاسـماع فيهـا سـوى صـوت الغـراب النـاعب الأبقع
هـل يسـتحقون بـان يسطع الص بـح عليهـم فـاقض لـي أو دع
قد أركسوا في ظلمات من الظل م فزدهــم يــا دجـى واسـفع
ويحـك يـا صـبح لقـد زدتنـي توجعــا فــي لومـك الموجـع
أأنــت والـدهر علينـا لقـد بـالغت فـي العتـب فلا تفظـع
قــد كـان مـا قلـت ولكننـا لـم نرتـض الظلـم ولـم نجزع
ســـيرجع الحـــق لأربـــابه والحكـم يرتـد إلـى المرجـع
والـدهر لا يبقـى علـى حالـة بـل كـل يـوم هـو فـي منـزع
عســى ليـاليه الـتي أترعـت اقـداحنا مـن سـمها المنقـع
تعــود للصــفو فتهـدي لنـا كــؤوس عــز بالهنــا مـترع
واللَــه لا يغفــل عـن ظـالم ومــن يصــدع خلقــه يصــدع
عبد الحميد الرافعي
86 قصيدة
1 ديوان

عبد الحميد بن عبد الغني بن أحمد الرافعي.

شاعر، غزير المادة.

عالج الأساليب القديمة والحديثة، ونعت ببلبل سورية.

من أهل طرابلس الشام، مولداً ووفاة، تعلم بالأزهر، ومكث مدة بمدرسة الحقوق بالأستانة، وتقلد مناصب في العهد العثماني، فكان مستنطقاً في بلده، نحو 10 سنين، وقائم مقام في الناصرة وغيرها، نحو 20 سنة، وكان متصلاً بالشيخ أبي الهدى الصيادي، أيام السلطان عبد الحميد، ويقال: أن الرافعي نحله كثيراً من شعره.

ونفي في أوائل الحرب العامة الأولى إلى المدينة، ثم إلى قرق كليسا، لفرار ابنه من الجندية في الجيش التركي، وعاد إلى طرابلس بعد غيبة 15 شهراً.

واحتفلت جمهرة من الكتاب والشعراء سنة 1347هـ، ببلوغه سبعين عاماً من عمره، فألقيت خطب وقصائد جمعت في كتاب (ذكرى يوبيل بلبل سورية) طبع سنة 1349هـ.

وله أربعة دواوين، هي: (الأفلاذ الزبرجدية في مدح العترة الأحمدية -ط) و(مدائح البيت الصيادي -ط)، و(المنهل الأصفى في خواطر المنفى -ط) نظمه في منفاه، و(ديوان شعره -خ).

1932م-
1350هـ-