من قرقفٍ عاطى المدير كؤوسها
الأبيات 33
مـن قرقـفٍ عـاطى المـدير كؤوسها شــرباً فطـابوا بالشـراب نفوسـا
كـم وحـدوا كـم هلّلـوا كم كبّروا لمّـا أراهـم فـي البـدور شموسـا
ولقـد رمـاهم في التصابي والهوى إذ زفّ بكـــراً بــالجلاء عروســا
شـبّت بهـم نـارُ الجـوى فـي حبّها وبحبّهــا كــان الجنــان وطيسـا
وإلــى الوصـال تهيّجـت أشـواقُهم يـــترقّبون وصــالها المأنوســا
يـروي الـرواة حـديث مبـدع سرها ولــذكرها يحنـي الـرواةُ رؤوسـا
ويُعَنعنــون حــديثهم فـي شـأنها حتّــى إلــى نــوح وكـان رئيسـا
فهـي الغزالـة والحبـاب نجومهـا بــالمزج فـالمكلومُ منهـا يوسـى
إن ذرّ ليلاً قرنُهــا ينـأى الـدجى ونفــى سـناها الهـمّ والتعبيسـا
بــل كــلّ ذي نـور يكـوّم نورَهـا ولــذا تـرى كـلّ النجـوم مجوسـا
وهــم لأهـل الـدير فيهـا هنّـاوا حســدوا بهـا الشـمّاس والقسيسـا
ودمـا لـه الـرب المسيح اختارها منــه لهـا قـد حـازت التقديسـا
ليـل العشـا السـري بـارك كأسها فالشــرب منهـا يرحـض التدنيسـا
وسـقى التلاميـذ الـذين اختـارهم مستنعشـــاً أجســـادهم ونفوســا
وبهــا تســاموا رتبــةً وجلالــة وبهــا غـدا ذاك الخسـيسُ نفيسـا
دارت بهـا الرسـل الكـرام بنشطة يجلــون فـي كـل الجهـات كؤوسـا
قــد عيّنــوا لجلالهــا وزِفافهـا أبــداً أســاقفةً لهــا وقسوســا
فيبـــاركون مقدســـين كؤوســها يتلـــون ىيـــات تلاهــا عيســى
للَــه راحٌ قــد ســمت فمــديرها كـان المسـيح المفتـدى القدّوسـا
والخــبزُ صــيّرهُ لـه جسـداً وبـا لأعــراض كــلٌّ قــد غـدا محسوسـا
لكـن يكـون الـربّ فـي الشكلين و جــوداً غــذاء مانحــا تقديســا
فــي كـل شـكلٍ منهمـا هـو كامـلٌ ومـن الـورى بهمـا يُـرى ملموسـا
وبكــل جــزء منهمـا أيضـاً كـذا بــالحب أضــحى للنفــوس عروسـا
قـال اصـنعوا هـذا لذكري ذا لكم عهــدٌ جديــدٌ يبطــل الناموســا
الحــبر ملكيصــاذقٌ أبــدى لنـا رســماً يــدلّ عليهمــا مأنوســاً
يـا خمـرةً سـار الركـاب بـذكرها وحــداتُهم سـيرا أذلّـوا العيسـا
جابوا الفيافي والعراء وما هووا قيلولـــةً فيهــا ولا التعريســا
وبكـل أرض قـد طـووا فـي نشـرها حــتى ملـوا كـلّ الجهـات شموسـا
فـي الشـرق كان شروقها وامتدّ في كـل الـدنى وغـدا الغـروب حبيسا
تهـدي إلـى سـبل الهـدى أنوارها فهــي الــتي قـدما رآهـا موسـى
بــه خمـرة قدسـيّة فيهـا الشـفا ويعــود حيّــا مـن غـدا مرموسـا
فيهـا القداسـةُ والنجـا لحساتها يضــحي سـعيدا مـن يكـون تعيسـا
فالشــكر للــرب المسـيح الهنـا ذاك الــذي منهــا أدار كؤوســا
أرسانيوس الفاخوري
5 قصيدة
1 ديوان

أرسانيوس بن يوسف بن إبراهيم الفاخوري.

أديب لبناني، من رجال الكنيسة المارونية في بيروت. ولد في (بعبدا) بلبنان وتعلم بمدرسة (عين ورقة) واشتغل بتعليم العربية، وله نظم.

توفي ببيروت.

له: (روض الجنان في المعاني والبيان-ط)، و(الميزان الذهبي في الشعر العربي-ط).

1883م-
1300هـ-