تعالي صباحاً إلى غُرفتي
الأبيات 46
تعــالي صــباحاً إلـى غُرفـتي وحُلِّــي بلُطــفٍ عُــرى رقــدتي
لعلــي أعــودُ إلــى يقظــتي
ولا تجزعـي إن رأيـت اصـفرارا بـوجهي ونـور الحيـاة تـوارى
وإن لـم أجب بعد بذلِ القُصارى فــألقي بنفسـك فـوقي دِثـارا
وفكنــي الكلاســم عـن مُهجـتي لــترجع روحــي إلــى جثــتي
فأنســى منامــاً بــه حَسـرتي
منــامٌ أخــافُ عليـه الـزَوال وأخشـى على النفسِ منهُ الوَبال
فيـا ليـتَ شـِعري تَرى في خَبال أنــا اوتـرى مـا أراه خيـال
فــــاني حلَمــــتُ بجنيَّــــةِ تنـــاهَت جَمـــالاً كـــأمنيتي
تُعلِّمُنــي الحُــبَّ فــي لَيلـتي
أنــامُ فأبصــِرُ فـوقَ الغَمـام قُصـــوراً خَياليَّـــةً لا تُــرام
فـأجثو علـى بابهـا بـاحترام فيُـدخِلُني الحُـبُّ خِـدرَ الغَـرام
فأبصــِرُ فــي الخِـدرِ حوريَّـتي تقـــولُ هلــمَّ إلــى خلــوَتي
أهَبــكَ كنــوزاً مــن اللَــذَّةِ
هنــاك تُرينــي مُنـىً لا تُـرام وتصـعَدُ بـي فـي مَراقي الهُيام
وتطلُــبُ منــي بحــقِّ الـوِئام بَقــاءً لنبلُــغَ أوجَ التَمــام
بَقــاءٌ بـه المـوتُ فـي لَحظـةِ فلا تـــترُكِيني لــدى وَحــدَتي
لئلا أعـــودَ إلـــى غَفلـــتي
يُعـاودُني الحُلـمُ حينـاً فَحِيـن فأقضـِي نهـاري كـثيرَ الحَنِيـن
وأشـتاقُ ليلـي إلـى أن يَحِيـن فأخشـى كـأن فـي دُجـاه كَمِيـن
ففـي الصـُبحِ أصـبو إلى ليلتي وفـي الليـل أخشـى على مُهجتي
فهلا أتيـــتِ إلـــى غُرفـــتي
تعـودُ إلـى الجسمِ روحُ الحَياة اذا هَمَســـَت شــَفتاكِ الصــلاة
وصـوتُك للنفـسِ حـادي النَجـاة ولَمـــسُ يــديكِ كَلَمــسِ إِلــه
فمـــري بكفــك فــي جبهــتي وقــولي وقيــت مــن الشــدةِ
فــــأنهض حيّـــاً بأعجُوبـــة
أقــومُ وفــي نـاظري الـذُبول وقـد أُسـدِلَت دونُ حُلمي السُدول
فتَطــرُدُ عينـاكِ عنّـي الـذُهول وأحتـارُ فـي مـا عَسـاني اقول
فنجثــو كلانــا علـى الرُكبـة بعَينِــك دمــعٌ وفــي مُقلــتي
أقـــــــــصُّ مَنـــــــــامي فلا تَبهَـــــــــــــــــــتي
غَرامـانِ لي في الدُجى والنهار غَـرامُ الـرُؤى وغـرامُ الجِهـار
وبَينَهمــا مــا لِنَفسـي قَـرار ألا فــارحمِيني فــأيّ اعتـذار
ترُوميــن منــي ومــا حِيلـتي علــى غيــر عِلمــي وحُرِّيَّــتي
تَحُــــلُّ مَكانَــــكِ جِنِّيَّــــتي
تعـالي إلـى غُرفتي في الصَباح وأرخـي الشـُعورَ وحُلِّـي الوِشاح
وَرِفِّــي علــيَّ رفيــفَ الجَنـاح وإِن لـم أُجِبـكِ برَغـمِ الصـُياح
فَشــُقِّي الجُيــوبَ علـى الميِّـتِ ولُـــومي جَيبـــكِ أو بَكِّـــتي
فقـــــد نـــــامَ نومـــــاً بلا يَقظــــــــــــــــــــةِ
قـد استسـلمت مُهجـتي للوُعـود فظلَّـت بخِـدرِ الـرُؤى لـن تعود
وخانَتــك فـي حُبِّهـا والعُهـود فهـل نَلتقي يا تَرى في الخُدود
وَإِن شـفِّكِ الحُـزنِ فـي الليلـةِ فبــاللَه عــودي إلـى غرفـتي
وأذري الــدُموعَ علــى جُثَــتي
وَإِن مـال طَرفُـكَ عنـي ازوِرارا تَرَي في حَواشي الغُيومِ اصفِرارا
يُشـابه وَجهـي ومـا تلـك نارا تُؤَجَّــج بــل ذاك حُلـمٌ تَـوارى
يطيــر بحُبّــي الــى الخلـوةِ يطيـــرُ ســـِراعاً بلا عَـــودةِ
فرُوحــي فلا شــيءَ فـي غرفـتي
نسيب عريضة
33 قصيدة
1 ديوان

نسيب بن أسعد عريضة.

شاعر أديب، من مؤسسي (الرابطة القلمية) في المهجر الأميركي.

ولد في حمص، وتعلم بها، ثم بالمدرسة الروسية بالناصرة، وهاجر إلى نيويورك (سنة 1905) فأنشأ مجلة (الفنون) سنة 1913 وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك.

وعمل في التجارة، ثم تولى تحرير (مرآة الغرب) الجريدة اليومية، فجريدة (الهدى) وتوفى في مدينة بروكلن.

له: (الأرواح الحائرة - ط) ديوان شعره، و(أسرار البلاط الروسي - ط) قصة مترجمة، و(ديك الجن الحمصي - ط) قصة نشرها في (مجموعة الرابطة القلمية).

1946م-
1365هـ-