الأبيات 90
أرقـت فلـم آلـف مـن الفكـر مرقدا ورحــت أراعــي الســائرات مسـهدا
وبــت بليــل نــابغي لطــول مــا يسـاور فـي صـل الهمـوم الـذي عدا
ومــن خــبر الأيـام مثلـى وأهلهـا رأى منهــم صــبح المسـرات أسـودا
لحـى اللَـه دهـرا سـاد فيـه معاشر يرومــون ف أفــق المجــرة مقعـدا
ومـا قـدمتهم فـي المعـالي مكـارم ولا اكتسـبوا يومـا من الدهر سؤددا
ولا أدرعـوا بـردا مـن المجد معلما ولا وردوا مـن كـوثر الحمـد مـوردا
يروقــك منهـم فـي المحافـل منظـر وجســم وســيم كالدعامــة اســندا
وبـــاطنهم جهــم الــوداد وقلــب وايــن الـذي يصـفيك منهـم تـوددا
يسـومون هـذا الحلـق فيهـم ترغبـا وفــي غيرهـم يبغـون منهـم تزهـدا
ويــأبى أبــي النفـس إظهـار ذلـة لمـن ضـل في طرق الكرام وما اهتدى
فحــارب تــاج شـاد بالعـدل ملكـه وأسســــه بــــالعزم منهووتـــدا
تحــف بـه مـن روقـة الملـك غلمـة بأمثـالهم تشـفى الصـدور من العدا
ومـا اعتقلـوا إلا الردينـي عـاملا ولا اشــتملوا الا الحســام مهنــدا
ولا شـــربوا إلا الـــدماء مدامــة ولا ادرعـــوا إلا الحديــد منضــدا
وبــز الملـوك الصـيد أسـلاب عزهـم فاضــحوا لـه فـوق البسـيطة سـجدا
فبينـا يقضـي العمـر والـدهر ريـق بعيـش هنىـء فـي ذرى العـز ارغـدا
يلاحــظ مــن بيـض الكـواعب شـادنا ويســمع مـن طيـب الأغاريـد منشـدا
أتيـح لـه مـن حـادث الـدهر نكبـة ومــد اليــه مــن نــوائبه يــدا
فشــتت منــه الشـمل وارفـض ملكـه واضــحى قـواء بعـدما كـان معهـدا
وأمسـى زرىـء الحـال غرثـان صاديا وأصـبح مجـدوداً وقـد كـان ذا جـدا
إذا عـاده مـن سـالف العيـش خطـرة وراجعــه ذكـر الزمـان الـذي غـدا
يظـــل لرقــراق الــدموع مقطــرا ويمســي لأنفــاس الصــدور مصــعدا
بأسـوأ مـن حـالي إذا مـا رأيتنـي أعظــم فيمــا يزعـم القـوم سـيدا
ولســت ومــن أمّ الملبــون بيتــه وجــابوا اقفـارا منحـزون وفدفـدا
وانضــوا إليـه الراسـمات روازحـا وطـافوا بـذاك الـبيت سـبعا تعبدا
بمـن يـدعى فـي الخلق ما ليس فيهم وإن كنــت فــي شـك فجـرب لتشـهدا
فيـا رزء شـخص مـا ارعـوى عن ضلاله ولا لحـظ النهـج السـوي إلـى الهدى
يقضـي نفيـس العمـر فـي غيـر طاعة وينفــق كنــز القـول درا وعسـجدا
يقلـــد مـــن در المديـــح قلائدا لأطـواق مـن أمسـوا ظمـآء إلـى ندى
ويكـذب فـي الأطـراء إن كـان مغرقا وإن قـال صـدقا كـان هجـوا مجـردا
فلـم لا يقـول الحـق فـي سـيد سـما وناجــــاه رب بـــالجلال تفـــردا
وأدنــاه منــه والجهــات ترفعــت ومــــدله فــــرش العلاء ومهـــدا
وأوحــى إليــه مـا اسـتعد لفهمـه علـو مـا ابـت مـن كثرها ان تعددا
لهـا نبـأ فـي الكشـف والعقل ظاهر فلــم تـك مـن هـزل الكلام ولا سـدى
فقــرر منهــا كــل حكــم وحكمــة يعــود لهــا طلـق اللسـان مقيـدا
فأحيـا بهـا نفسـا من الجهل موتها وجلـى بهـا قلبـا من الرين ذا صدى
وكـم نفـذ الأحكـام فـي يـوم فصـله فما جار يوما في القضايا ولا اعتدى
هــو السـيد المبعـوث أشـرف مرسـل وأكــرم كـل الخلـق فرعـا ومحتـدا
روى الغيـث عـن كفيـه مرسـل سـبيه وسلســله عنــه الغمــام واســندا
تعــود بــذل الخيـر طبعـا وهكـذا لكـل امرىـء مـن دهـره مـا تعـودا
هـدى الخلـق لمـا جاء بالحق معلنا إلــى منهـج فيـه النجـاة وارشـدا
وحـــج الأعـــادي تـــارة بأدلــة تجلـى القـذا عن عين من كان أرمدا
وأخـرى بـبيض لسـت تـدري إذا بـدت أتلــك ســيوف أم سـنى بـارق بـدى
إلــى أن أتــم اللَـه ديـن رسـوله وأتهــم فــي كــل البلاد وانجــدا
فحينئذ ســارت إلــى الحــق روحـه وأصـبح منـه الجسـم للوفـد مقصـدا
فســقيا لقســير ضــم عنصـر ذاتـه لقـد ضـم رب العلـم والمجد والندى
وسـحت علـى ذاك الضـريح ومـا حـوى عهـاد مـن الرضـوان تسـقيه سـرمدا
وقـام بـأمر الناس ذو الصدق والذي نضـا فـي ارتداد الناس سيفا وجردا
ومـن بعده الفاروق ذو البأس والذي بــه أصـبح الـدين القـويم مشـيدا
ومـن بعـده عثمـان ذو البذل والذي تقمـــص ســربال الحيــاء مجســدا
ومــن بعــده الكـرار فـارس هاشـم ومـن لـم يـزل يـوم المعالي محسدا
ومـن حين ساس الناس بالعدل لم يزل مقيـــم أنــاس جــائرين ومقعــدا
وأمطــر فــي أيــامه جــون فتنـة وأبــرق مــن كـل الجهـات وأرعـدا
وكــانت حــروب كـان محـرز سـبقها وأدبــر مــن حـاراه فيهـا وعـردا
ولمــا قضــى اللَـه العليـم بـأنه سـيرمي مـن المقـدور سـهما مسـددا
تـولى يزيـد الفسـق مـن بعدما مضى زمــان إليــه والأمــور لهـا مـدى
فشــقت شـمال الـدين والتـأمت بـه شــعوب ضــلال جــد فيهــا وجــددا
أحــب لرفــع الملـك تمزيـق دينـه فاضــرم نيــران الفســوق وأوقـدا
فلا دينــه أبقــى ولا الملــك دائم ومـن يضـلل الرحمـن لـم يلف مرشدا
أهــل ســمعت أذنـاك وقعـة كـربلا وتجريعـه الاشـراف كأسـا مـن الردى
وكيـف اغتـدوا مـا بيـن باك بمدمع يمـج نجيـع الـدمع كـالبحر مزبـدا
وبيـــن ذبيـــح بالــدماء مزمــل وبيـــن طريـــح للصــفيح توســدا
وبيــن حبيــات الوجــوه ســوافرا ســوالب قــد جـانبين حجلا ومعضـدا
أجبنــي جوابـا لا أبـا لـك شـافيا أهــل هـذه أفعـال مـن يـدعى هـدى
تولـوا كرامـا رهـن رمـس وكـم مضى إلـى الرمس هذا الخلق مثنى وموحدا
كـأن لـم يـروا صـدر النـدى كأنهم وقــد طاشــت الأحلام طــود مؤطــدا
كـأن لـم يحـاموا عـن طريـد وخائف باســيافهم لمــا أتــاهم واسـأدا
كـأن لـم تـؤرق في المعالي عيونهم وقـد أمسـت الأقـوام في الليل هجدا
كـأن لم يسوقوا البدن نبحرن للقرى وإن لامهـم فـي الجـود نكـس وفنـدا
كـأن لـم يزيـروا الرمـس كل سميدع وقــد جـرد الجـرد العشـاق وحشـدا
كـأن لـم يجلوا النقع والنقع مسدف بكــل محيــا مثــل نجــم توقــدا
كـأن لـم يقودوا الخيل من كل صافن ومــن كـل ميمـون الطليعـة أجـردا
كـأن لـم يـردوا السـمر راعفة دما ولــم يـتركوا خـد الحسـام مـوردا
كــأن لـم يجـروا والكمـاة عـوابس لـدى ملتقـى الهيجـا دلاسـما مسردا
كأن لم يقدوا القرن في حومة الوغا ولـم يـتركوا شـلو الأعـادي مقـددا
فيـا لهـف نفسـي حيـث لا لهـف نافع عليهـم ومـن لـي أن أكـون لهم يدا
فمـا ذات طـوق فـي الغصـون ترنمـت وجاوبهــا فــي الأيـك ألـف وغـردا
لهـا فـي أعـالي الـدوح وكـر ممنع لتحمـي أفارخـا لهـا فيـه مـن ردى
وطـارت تغـذ السـير في الجو تبتغي لأفراخهــا فــي الأرض قوتـا مرغـدا
ومـذ رجعـت الفـت علـى ظاهر الثرى لهــم ســؤر أعظـام وريشـا مبـددا
أتيـح لهـم مـن كاسـر الطيـر جارح لمــا قـد عنـاه لـم يـزل مترصـدا
فرنــت وحنــت ثــم أنــت بحرقــة علـى فنـن مـن ناضـر الـدوح أملدا
فبينـا تفيـض الـدمع من جور دهرها ومـن أجـل مـا أخنـى عليها وافسدا
إذا هــي فـي أحبـال إشـراك صـائد بأمثالهـا فـي الصيد ما زال مجهدا
فظلـت تقاسـي الأيـن والبين والجوى وســـهم فــراق قــداريش فاقصــدا
بــأبرح مـن شـجوى إذا عـن ذكرهـم وقد صرت بعد القوم في الحزن مفردا
علــى رمســهم نـوء إذا سـح ودقـه علــى دارس مـن رسـم رمسـى تجـددا
فيـا سـيد الرسـل الكـرام ومـن له مقــام سـما نسـر السـماء وفرقـدا
أرجــى بحــبي أهــل بيتــك كلهـم خلاصـا مـن النيـران فـي محشري غدا
وصــلى الهــى ثــم ســار دائمــا عليـك مـدى الأزمـان مـا مطـرب شدا
محمد الصالحي الهلالي
36 قصيدة
1 ديوان

محمد بن نجم الدين بن محمد الصالحي الهلالي.

شاعر، من الكتاب، من أهل دمشق.

له (سجع الحمام في مدح خير الأنام -ط) ديوان شعر في المدائح النبوية

له: (سجع الحمام في مدح خير الأنام - ط) ديوان شعر في المدائح النبوية، و(سفينة الصالحي - خ) وهي مجموعة في الآداب والمحاضرات والتراجم، (سوانح الأفكار والقرائح في غرر الأشعار والمدائح - خ)..

1603م-
1012هـ-