الحارثُ بن حبيبِ بن كعبِ بن أَوْد بن مَعْن الباهليّ. شاعرٌ جاهليٌّ قديمٌ، من المعمّرين، قيلَ إنَّه عاشَ مئةً وستّين سنة. وذكرَ ابن زكريا في كتاب الجليس الصالح أنَّ الْحَارِث بن حبيب الْبَاهِلِيّ كان كَثِيرَ الْبَنِينَ، فنحّى بنيه عَن قومه يخْشَى معرّتهم عَلَيْهِم، فغابَ الْحَارِث بن حبيب وشوى بنوه شَاة لَهم فأُخرجت وغطوها فَأَكَلُوا مِنْهَا فماتوا وهم ثَمانية، فجَاء فَرَآهُمْ موتى حول الشَّاة، فَأكل مِنْهَا وَأكْثر ليموتَ فَلم يَمت، فركبَ نَاقَة لَهُ يريدُ قومه ليعينوهُ على دفنهم، فمرَّ وَهُوَ راكبٌ برجلٍ جالسٍ يبكي، وَهُوَ رجل من بني قُشَيْر، فَقَالَ: ما لَك؟ قَال: كَانَت لي شَاة فَأكلهَا الذئبُ فَنزل عَن رَاحِلَته فَقَالَ: هَذِه لَك بدلَ شَاتِك، وولِّ البكاءَ أهلَهُ، ثُمّ قَالَ:
يَا أيُّها الْباكِي عَلَى شاتِهِ | يَبْكِـي جَهـارًا غَيْـرَ إِسْرارِ |
إِنَّ الرَّزِيَّــاتِ وَأَشــْباهَها | مَا غادَرَ الْحارِثُ فِي الدَّارِ |