أَرِقتُ لِبَرقٍ ناصِبٍ يَتَأَلَّقُ
الأبيات 74
أَرِقـــتُ لِبَـــرقٍ ناصـــِبٍ يَتَــأَلَّقُ إِذا مـا هَفـا ظَلَّيـتُ بِالـدَمعِ أَشرَقُ
إِذا نـاضَ لَـم أَملِـك سـَوابِقَ عَـبرَةٍ تَحُـمُّ لَهـا الأَحشـاءُ وَالقَلـبُ يَخفُـقُ
أَمُــدُّ لَــهُ طَرفـي وَمِـن دونِ وَمضـِهِ خُبــوتٌ وَأَحقــافٌ وَبَيــداءُ ســَملَقُ
وَمَجهَلَـــةٍ لِلجِــنِّ فــي عَرَصــاتِها عَزيــفٌ يُـراعُ الـذِئبُ مِنـهُ وَيَفـرَقُ
أُرَجِّــمُ فيــهِ الظَــنَّ أَيـنَ مَصـابُهُ عَسـى فـي رِيـاضِ المَجدِ يَهمي وَيَغدَقُ
مَنـابِعُ أَنـوارِ الهُـدى فـي عِراصِها لِبـاغي الهُـدى وَالفَضـلِ هديٌ وَمَرفِقُ
وَمَـــوطِنُ أَملاكٍ غَطـــاريفَ ســـادَةٍ لَهُـم عُنصـُرٌ فـي بـاذِخِ المَجدِ مُعرِقُ
إِذا نـازَلوا كـانوا لُيوثاً عَوابِساً وَإِن نَزَلــوا كـانوا بُحـوراً تَـدَّفقُ
أَجَـل مَـن يَكُـن عَبـدُ العَزيزِ فَخارَهُ فَلا غَـروَ لَـو فَـوقَ الكَـواكِبِ يُعتِـقُ
هُـوَ النِعمَةُ الكُبرى مِنَ اللَهِ لِلوَرى وَرَحمَتُـــهُ وَاللَــهُ جَــلَّ المُوَفِّــق
بِــهِ اللَـهُ أَعطـاهُم حَيـاةً جَديـدَةً وَهُـم قَبلَـهُ أَيـدي سـَبا قَد تَمَزَّقوا
قِــوامٌ لَهُـم فـي دينِهِـم وَمَعاشـِهِم إِلـى الحَـقِّ يَهـديهِم وَبِـالحَقِّ يَنطِقُ
فَمَــن يَعتَصــِم مِنــهُ بِحَبـلٍ وَذِمَّـةٍ وَإِلّا مِــنَ الــدينِ الحَنيفِـيِّ يَمـرُقُ
أَلَيـسَ أَتـى فـي مُحكَمِ الذِكرِ أَمرُنا بِطــــاعَتِهِ حَقّــــاً وَلا نَتَفَــــرَّقُ
فَقــالَ أَطيعـوا اللَـهَ ثُـمَّ رَسـولَهُ كَــذاكَ وَلِــيَّ الأَمــرِ نَــصٌّ مُحَقَّــقُ
فَقُـــل لِاُنــاسٍ بِــالكُوَيتِ وَحــائِلٍ يَقولــونَ إِنّــا بِالكِتــابِ نُصــَدِّقُ
أَهــذا كَلامُ اللَــهِ أَم قَـولُ غَيـرِهِ مِ الحُكـمُ مَنسـوخٌ أَفيـدوا وَحَقِّقـوا
في الغَربِ أَم في الهِندِ فيما عَلِمتُمُ أَمِ اليَمَــنِ الأَقصـى وَمـا ضـَمَّ جِلَّـقُ
إِمــامٌ عَلـى نَهـجِ الشـَريعَةِ سـائِرٌ نُبـــايِعُهُ نَحــنُ وَأَنتُــم وَنَصــدُق
وَهَــل عُــدَّ فـي آبـائِكُم وَجُـدودِكُم خَليفَـــةُ عَــدلٍ أَو إِمــامٌ مُوَفَّــقُ
فَــأَنتُم عَلــى آثــارِهِ تَقتَفــونَهُ أَبينــوا لَنـا أَم ذا هَـوىً وَتَحَمُّـقُ
وَإِلّا فَمــا يَمنَعُكُــمُ أَن تُبــايِعوا عَلـى مـا بِـهِ يَقضي الكِتابُ المُصَدَّقُ
إِمـامَ هُـدىً لِلرُّشـدِ يَهـدي وَيَهتَـدي مُقيـــمَ ســَواءٍ بِالرَعِيَّــةِ يَرفُــقُ
فَمَـن بـاتَ لَيلاً خالِعـاً بَيعَـةَ الَّذي بِــهِ لُـمَّ شـَعثُ المُسـلِمينَ المُفَـرَّقُ
فَــإِن مــاتَ كـانَت ميتَـةً جاهِلِيَّـةً وَإِن عـاشَ فَهـوَ المـارِقُ المُتَزنـدِقُ
كَمـا جـاءَ فـي الأَخبـارِ نَصّاً مُوَكَّداً فَلَســـنا بِــأَدنى شــُبهَةٍ نَتَعَلَّــقُ
أَمـا المُسـلِمونَ الآنَ مِـن جِذمِ رَيدَةٍ إِلــى الشـامِ قَـولٌ مُحكَـمٌ لا مُلَفَّـقُ
وَمِـن مُنتَهـى الرِيعـانِ حَتّى تُنيخَها بِأَقصــى عُمـانٍ كُلُّهُـم قَـد تَحَقَّقـوا
بِــأَنَّ لَــهُ فــي عُنــقِ كُـلِّ مُوَحِّـدٍ مِــنَ اللَــهِ عَهـدٌ بِالإِمامَـةِ موثَـقُ
فَيـا لَيـتَ شـِعري أَيـنَ ضَلَّت حُلومُكُم وَغَرَّكُــمُ الغَــرّارُ وَالحَــظُّ مُخفِــقُ
فَهَلّا اِتَّقَيتُـــم وَثبَـــةً مُقرِنِيَّـــةً كَــأَنَّ لَـدَيها أَجـدَلَ الطَيـرِ خِرنِـقُ
فَلا تُخرِجـــوهُ عَــن ســَجِيَّةِ حِلمِــهِ فَمـا هُـوَ إِلّا اللَيـثُ إِن هَـمَّ يَصـدُقُ
فَكَــم عَـفَّ عَمَّـن لَـو جَـزاهُ بِـذَنبِهِ لَطــارَ مَــعَ العَنقـاءِ حَيـثُ تُحَلِّـقُ
أَرَيتُكُــمُ لَـو جَـرَّ مَـن قَـد ذَكَرتُـهُ عَلَيكُـمُ يَسـوقُ الفَيلَـقَ الجَـمَّ فَيلَقُ
أَهَـــل كُنتُـــمُ إِلّا لُقَيمَــةَ آكِــلٍ لَهُـم قَبـلَ مـا قَـرنُ الغَزالَةِ بُشرِقُ
جَحافِــلُ فيهــا مِــن سـُلالَةِ نـاهِسٍ أُســودٌ علـى أَعـدا الشـَريعَةِ حُنَّـقُ
سِراعٌ إِلى الهَيجاءِ عِطاشٌ إِلى الوَغى إِذا مـا حِيـاضُ المَوتِ بِالمَوتِ تُدهَقُ
وَفيهــا لُيــوثٌ مِـن صـَميمِ هَـوازِنٍ أولئِكَ أَدرى بِالطِعــــانِ وَأَحـــذَقُ
طِـوالُ الخُطا في مَعرَكِ الطَعنِ لِلعِدى ثِقـالٌ إِذا مـا مَـأزِقُ الحَـربِ ضـَيِّقُ
وَفيهـا بَنـو قَحطـانَ قَـومٌ سَما بِهِم مَـعَ العَـزمِ آبـاءٌ إِلـى المَجدِ سُبَّقُ
هُــمُ هــاجَروا لِلَّـهِ ثَمَّـةَ جاهَـدوا فَبُشــراهُمُ لِلمَجـدِ وَالخَيـرِ وُفِّقـوا
وَمِــن شــَمَّرٍ فيهـا وَحَـربٍ وَغَيرِهِـم قَبــائِلُ لِلــدُّنيا الدَنِيَّـةِ طَلَّقـوا
وَهُـم نَصـَروا الدينَ القَويمَ وَأَصبَحَت لَهُـم رايَـةٌ بِـالعِزِّ وَالنَصـرِ تَخفِـقُ
وَفيهـا سـَراةٌ مِـن سـُبَيعَ بـنِ عامِرٍ لِهــامِ العِــدى بِالمُشــرَفِيِّ تُفَلِّـقُ
وَفيهـا بَنـو الإِسـلامِ أَعلَـوا مَنارَهُ لَيــالِيَ وَجـهُ الأَرضِ بِالشـِركِ مُغسـِقُ
أولئِكَ أَهـلُ المُـدنِ مِـن كُـلِّ باسـِلٍ إِلـى الطَعـنِ فـي يَومِ اللِقا يَتَدَلَّقُ
بِيُمــنِ إِمــامِ المُســلِمينَ تَـأَلَّقَت قُلــوبٌ وَأَهــواءٌ غَشــاها التَفَـرُّقُ
إِذا صـَلُحَت فـي داخِـل الجِسـمِ مُضغَةٌ فَــإِنَّ صــَلاحَ الجِســمِ فيهـا مُعَلَّـقُ
لَقَـد كـادَ هـذا الـدينُ يَنهَدُّ قَبلَهُ وَسـيمَ بَنـوهُ الخَسـفَ جَوراً وَأُرهِقوا
فَجــاءَ بِـهِ اللَـهُ العِبـادَ بِلُطفِـهِ غِياثـاً لَهُـم وَاللَـهُ بِـالخَلقِ أَرفَقُ
فَــتىً دَهــرُهُ شـَطرانِ بَـاسٌ وَنـائِلٌ بِـهِ اللَـهُ فـي الدُنيا يُهينُ وَيَرزُقُ
فَـتى طَلِبـاتٍ لَيـسَ يُغضي عَلى القَذى وَيَقـرَعُ بـابَ الخَطـبِ وَالخَطـبُ مُغلَقُ
إِذا هَــمَّ لَــم يَـردُد عَزيمَـةَ هَمِّـهِ مَقـــالُ مُشــيرٍ أَو عَــذولٌ يُعَــوِّقُ
وَلكِنَّـــهُ يَمضــي وَلِلحَــربِ غَليَــةٌ تَجيــشُ لَهــا نَفـسُ الكَمِـيِّ وَتَزهَـقُ
يُفيــتُ مُلــوكَ الأَرضِ مـا يَطلُبـونَهُ لَــدَيهِ وَإِن يَطلُبهُــمُ فَهــوَ يَلحَـقُ
إِذا لاحَ أَعشــى النــاظِرينَ مَهابَـةً فَهُـم نُكَّـسُ الأَذقـانِ وَالطَـرفُ يُرمُـقُ
مَهابَــةَ مَلـكٍ لكِـنِ الـدينُ تاجُهـا وَمَـن يَعـرَ مِن ثَوبِ التُقى فَهوَ أَخرَقُ
وَكَـالبَحرِ فـي حـالِ الرِضى فَيضُ كَفِّهِ وَكَـالبَحرِ قُـل ما شِئتَ إِن جاشَ يُغرِقُ
مَحامِــدُ شــَتّى لكِـنِ الشـَخصُ واحِـدٌ وَرَبُّــكَ مُختــارٌ وَمــا شـاءَ يَخلُـقُ
ولا كَــاِبنِ عِجـلٍ فـي سـَفاهَةٍ رَأيِـهِ وَتَســويلِهِ لِلقَــومِ حَتّــى تَوَهَّقـوا
فَصـــَبَّحَهُم جُنـــدُ الإِلــهِ وَحِزبُــهُ بِمَلمومَــةٍ فيهــا الصـَفائِحُ تَـبرُقُ
فَـأَدمَوا مِـنَ العَـضِّ الأَصـابِعَ نُـدَّماً فَلَـم يُغنِهِـم طـولُ الأَسـى وَالتَحَـرُّقُ
وَذي عـادَةُ المَولى الكَريمِ بِمَن غَدا يُنــاوي بَنــي الإِسـلامِ لابُـدَّ يَمحَـقُ
فَيــا مَعشـَرَ الإِخـوانِ دَعـوَةَ صـارِخٍ لَكُــم ناصــِحٌ بِــالطَبعِ لا مُتَخَلِّــقُ
يَــوَدُّ لَكُــم مــا يَمتَنيـهِ لِنَفسـِهِ وَيَعلَـمُ أَنَّ الحُـبَّ فـي اللَـهِ أَوثَـقُ
تَحـامَوا عَلى دينِ الهُدى مَع إِمامِكُم وَكونـوا لَـهُ بِالسـَمعِ جُنداً تُوَفَّقوا
وَإِيّــــاكُمُ وَالإِفتِــــراقَ فَـــإِنَّهُ هُـوَ الهُلكُ في الدُنيا وَلِلدّينِ يوبِقُ
فَــوَاللَهِ ثُــمَّ اللَــهِ لا رَبَّ غَيـرُهُ يَميــنَ اِمرىــءٍ لا مُفتَــرٍ يَتَمَلَّــقُ
وَلا قاصــِدٍ يَومــاً بِقَــولي مَكانَـةً وَلا عــاجِلاً لِلــدّينَ وَالسـَمتُ يَعـرُقُ
لَمـا عَلِمَـت نَفسـي عَلـى الأَرضِ مِثلَهُ إِمامـاً عَلـى الإِسـلامِ وَالخَلـقِ يَشفَقُ
عَســى أَن نَراهــا ســيرَةً عُمَرِيَّــةً يَــدينُ لَهــا غَــربُ البِلادِ وَمَشـرِقُ
فَفيــهِ وَلا نَعــدَمهُ تَبــدو مَخايِـلٌ بِهـا العِـزُّ لِلإِسـلامِ وَالمُلـكِ يـورِقُ
وَصـَلّى إلـهُ العـالَمينَ عَلـى الَّـذي بِــأَنوارِهِ الأَكــوانُ تَزهـو وَتُشـرِقُ
كَــذا الآلِ وَالأَصـحابِ مـا لاحَ بـارِقٌ وَمـا ناحَ في الدَوحِ الحَمامُ المُطَوَّقُ
محمد بن عثيمين
48 قصيدة
1 ديوان

محمد بن عبد الله بن عثيمين.

شاعر نجدي، من أهل (حوطة تميم)، اشتهر في العصر الأخير بشاعر نجد، ومولده في بلدة السلمية (من أعمال الخرج، جنوبي الرياض)، نشأ بها يتيماً عند أخواله، وتفقه وتأدب ببلد العمار من الأفلاج بنجد، وتنقل بين البحرين وقطر وعمان، وسكن قطر، وحمل راية صاحبها الأمير قاسم بن ثاني في بعض حروبه، واشتغل بتجارة اللؤلؤ، ولما استولى الملك عبد العزيز آل سعود على الأحساء قصده ابن عثيمين ومدحه، فلقي منه تكريماً، فاستقر في الحوطة وطن آبائه يفد على الملك كل عام ويعود بعطاياه إلى أن توفي.

وله (ديوان -ط) جمعه سعد بن رويشد، وسماه (العقد الثمين)، ويقال أنه أتلف شعره العاطفي قبل وفاته، مخافة أن يعاب عليه.

1944م-
1363هـ-