إِذا ما أردنا أن ننال الرغائبا
الأبيات 33
إِذا مـا أردنـا أن ننال الرغائبا فليـس لنـا غيـر العلـوم مطالبـا
بهــا بـدد الغـرب الضـلال وجيشـه وقـاد بهـا نحـو الحياة النجائبا
بهـا ذلـل الغـرب السـَّماءَ لعزمـه وعمــر أرجــاءَ البحــارِ مراكبـا
وغــاص بقلــب الأرض يطلــب سـرها وشـاد بهـا ملكـاً يشـق السـَّحائبا
وسـاد علـى الـدُّنيا وسـخر أهلهـا عبيـدا رأوا فيـه عظيمـاً وغالبـاً
ومـا زال في ذا الكون يكشف مضمرا بـه ظـل فـي جـوف الطبيعـة حاجبا
يهـب لـه بـالنفس والمـال مسـرعاً ولـو أنـه كـان الـرَّدى والمعاطبا
هنيئاً لمـن نالَ العلومَ بها اِهتَدى وَتعسـاً لمـن أَهوى بِهِ الجَهل راسِباً
جَهالَتنـا يـا قـوم أَحنَـت رُؤوسـنا وَأَهلكَــت العقــبى وَصـبَّت مَصـائِبا
سـكنا لعيـش الغبـن طـول حَياتِنـا عَلى أَن سَنَلقى في المَماتِ الرَّغائِبا
وَعمــدتنا فــي ذاكَ طبــل وَقبــة نؤمــل مِنهــا أَن تصـد النَّوائِبـا
وَنحيـي بِهـا فـي كُـلِّ عـام مَواسِما وَفـي كُـلِّ أُسـبوع مِـنَ الرَّقصِ أَضربا
وَنَرجـو بُلـوغَ المَجدِ من سعي غَيرِنا كَـأن بلـوغ المَجـدِ يُعطـي مَواهِبـا
تَقـدمت الأَقـوامُ بِـالعلم وَاِهتَـدوا لمـا فيـهِ مِـن بَـأس يرد الكَتائِبا
وَنَحــنُ بِأَحكــامِ القَضــاءِ وَقهـرِه نُريـدُ العُلا عَفـوا وَنَأبى المَتاعِبا
إِلــى اللَّـهِ مـن حـال تَلازَمَ ظلنـا وَتلزمنــا عــارا يهـد المَناكِبـا
شـعرنا بِها مِن بَعد ما اِغتيلَ عزنا وَأَنشـَب بـاس الغَرب فينا المَخالِبا
وَضــاعَ تــراث الأَوليــن وَأَصــبحت مَشــارِقنا مِـن بَعـد صـبح مَغارِبـا
فَقُمنــا عَلـى جَهـل نعالـج أَمرنـا فَشـَتت هـذا الجَهـل منـا التَّقاربا
وَحكـــم فينـــا الاختِلاف يزيــدنا مِـنَ الكـربِ هُو لا بادي الشر أحدبا
فهـــدّا مشــاريعاً وحطــم منيــة وَأَخمَــد روحـاً كـان لَـولاهُ دائِبـا
وَأَجــج حربــاً فــي البِلادِ شـَنيعَة بِهـا اِزداد حكـم الغـالِبين تصلبا
هَنيئاً لَهُـم قَـد أَيـد العِلم سَعيهم وَخَيبنــا جَهــل حبانـا المَثالِبـا
فَهُــم عمـروا بِـالعِلمِ كـل مَفـازَة وَنَحـنُ بِجَهـل قـد أَضـَعنا المَكاسِبا
أَلا نَهضــَة يـا قـوم لِلعِلـمِ كلكـم بِبَــذل وَأَعمــال تزيـل العَواقِبـا
نجــانب فيهـا الاختلاف الَّـذي غـدا لَنــا خلقــاً نـزداد فيـهِ تقلبـا
فَلَيـسَ لَنـا فـي العَيـشِ حبـة خردل إِذا لـم نـذلل بِالثبـاتِ المَصاعِبا
مَـــدارِس نبنيهــا وَنشــء نعــده إِلـى الغَـربِ يَرتادُ العُلوم مَشاربا
فَفيهــا شــفاء مِـن جـراح عَميقَـة وَفيـهِ الهُـدى نلقى وَنلقى المَآرِبا
تُريــدون مــالا أَو تُريــدون قـوة وَمَجـداً يُضاهي في السَّماء الكَواكِبا
فَلَيـسَ لكُـم غَيـر العُلـوم تَقـودكم إِلَيهــا وَتَجتـاح الأذى وَالمَصـائِبا
بِهـا مُسـتَحيل الأَمـر يُصـبح جـائِزا وَمـن دونِهـا الاثبـات يغدو سَوالِبا
وَنَحــن إِذا كنــا نُريــد حَياتنـا فَلَيـسَ لَنـا غَيـر العُلـوم مَطالِبـا
الطاهر الحداد
6 قصيدة
1 ديوان

طاهر الحداد التونسي.

شاعر أديب وباحث إصلاحي من طلائع النهضة الحديثة في تونس، ولد نحو سنة 1899 في حامة قابس بتونس من عائلة متواضعة ، التحق بجامع الزيتونة سنة 1911 ألف كتاباً عن العمال في تونس سنة 1927 م سماه ( العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية في تونس ) حلل فيه الأوضاع الاجتماعية بتونس وأرخ لأكبر حركة اجتماعية وقعت في تونس منذ الاحتلال وواجه رجال الدين والسلطة بموضوعية وجرأة ومن أقواله :

( الاسلام ثورة على القديم ونداء للتحرر من تقليد الآباء والأجداد وبعث لحياة التجديد والتوليد ولكن المسلمين هم الذين حولوه بتقديس أسلافهم واحتقار أنفسهم إلى سد يفصل بينهم وبين الحياة )

وقد كتب الشعر لخدمة آرائه الإصلاحية وتمجيد الوطن

مدح كتبه وشعره كثير من النقاد مثل زين العابدين التونسي وعبد العزيز جعيط ..

منها: امرأتنا في الشريعة والقانون، العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية في تونس، خواطر.

1935م-
1354هـ-