يُحَمِّلني مالا أُطيقُ فأَحملُ
الأبيات 23
يُحَمِّلنــي مــالا أُطيــقُ فأَحمـلُ وَيــأمُرَني أَن لا أُفيــقَ فَأَقبَـلُ
وَيَقتلنــي عَمــداً لأَنّــي أُحِبُّـهُ وَمــن عَجَــبٍ أَنّـي أُحِـبُّ فأقُتَـلُ
وَيَمنَعُنــي مـن أَن أَمـرّ بِبـابِهِ وَأَرمُقُــه أَنّــي أَمــرُّ فَيَخجَــلُ
أَذلّ إِذا مـا عَزَّ في الحُبِّ أَوسَطا وَهَـل لـي إِذا ما عَزَّ إِلّا التَذَلّلُ
وَأَشـكو تَجنّيـهِ فَيقضي لَهُ الهَوى وَقاضي الهَوى في حُكمِه كَيفَ يَعدلُ
فَلَيـتَ كَمـالَ الحُسنِ يُؤتاهُ مُحسِنٌ وَلَيـتَ جَمـالَ الوَجهِ يُؤتاه مُجمِلُ
وَعاذِلَــةٍ هَبَّــت بَليـلٍ تَلـومُني تَقـــولُ أَلا تصــغي الا تَتوســَّلُ
فَقُلـتُ أَقَلّـي العـذَلَ لي وَتأَمَّلي فَلَـم يَبـقَ مَن يُرجى وَلا من يُؤَمَّلُ
فَلَسـتُ عَلـى مالٍ وان فاتَ مُعوِلاً وانّـي عَلـى جود ابنِ شاديَ مُعوِلُ
وَلـي ناصِرٌ مِن ناصِرِ الدين حاضِرٌ كَفـيٌّ وَلـي مِـن سـُحبِ كَفيهِ منهلُ
جَـوادٌ بِمـا يحـوي وَفـيٌّ بِوَعـدِهِ يَجـودُ فَيُغنـي أَو يَقـول فَيَفعـل
وَبَحــرُ نَـدىً لِلمجتـدين وَوابِـلٌ وَطــودُ حِمــىً للآجئيــنَ وَمـوئِلُ
يَعـدُّ كَـثير النَيـلَ قلاً وَلا يَـرى نَــوالاً نَــوالاً لا يعــمُّ وَيفضـلُ
إِذا شَدَّ فُرسانُ الوَغى كانَ سابِقاً وان عُـدَّ فِتيـانُ الوَرى فَهو أَوَّلُ
لَـهُ يَـومَ انعـامِ وَبـؤسٍ كِلاهُمـا أَغَــرُّ إِذا الأَيّــام عُـدَّت مُحَجَّـلُ
ليهنِـكَ يَـومٌ لا يَرى الدَهرَ مِثلُه أَجَـلُّ وَأَوفـى فـي سـُرورٍ وَأَفضـَلُ
ظُهـورٌ أَعـادَ الدَهر طُهرا وَفَرحَةٌ أَعـادَتِ بَكايـا لَهـوِهِ وَهـيَ حُفَّل
فَيالَــك قِطعـاً فاصـِلاً كُـلّ لـذَّةٍ وَنَقصـاً يَزيدُ المَجدَ فَخراً وَيُكمِلُ
وَإِنَّ دمــاً أَجـراهُ داوودُ دونَـهُ سـُيوفُ إِلى الهاماتِ أَوحى وَأَعجلُ
يعـزُّ عَلـى صـيدِ المُلـوكِ مَنالُه وَيحكُــمُ فيــهِ ســُوقَةٌ مُتَــذَلِّلُ
يَمُـدُّ يَـداً نَحـوَ الَّذي دونَ نَيلهِ تَقطَّــعُ أَيـدٍ مِـن رِجـالٍ وَأَرجُـلُ
وَلَـولا التُقـى ما مَدَّ للسَيل كَفّه ليــؤلمهُ وَاللَيـثُ جَـذلان يَرفُـل
وَلا بَـرحَ الاقبالُ وَالنًصرُ وَالهُدى لرحلِــك صـَحباً اذ تحـلُّ وَتَرحَـلُ
ابن الدهان الموصلي
68 قصيدة
1 ديوان

عبد الله بن أسعد بن علي أبو الفرج مهذب الدين الحمصي الشافعي. المعروف بابن الدهان الموصلي ويعرف بالحمصي أيضا. لانتقاله إلى حمص. وديوان شعره مطبوع جمع الأستاذ عبد الله الجبوري (بغداد: 1968م). وله كتاب (شرح الدروس -خ). قال ابن خلكان: كان فقيها فاضلا أديبا شاعرا، لطيف الشعر مليح السبك حسن المقاصد، غلب عليه الشعر واشتهر به وله ديوان صغير وكله جيد، وهو من أهل الموصل ولما ضاقت به الحال عزم على قصد الصالح بن رُزّيك وزير مصر، وعجزت قدرته عن استصحاب زوجته فكتب إلى الشريف ضياء الدين أبي عبد الله زيد بن محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني نقيب العلويين بالموصل هذه الأبيات:

وذات شجوٍ أسال البين عبرتها         باتت تؤمِل بالتفنيد إمساكي

(انظر القصيدة في ديوانه ص 186 وفيه: خاطب بالقصيدة والدته) فتكفل الشريف المذكور لزوجته بجميع ما تحتاج إليه مدة غيبته عنها. ثم توجه إلى مصر ومدح الصالح بن رزيك بالقصيدة الكافية، وقد ذكرت بعضها هناك، ثم تقلبت به الأحوال وتولى التدريس بمدينة حمص، وأقام بها فلهذا ينسب إليها.

قال العماد الكاتب فيه الخريدة: مازلت وأنا بالعراق، إلى لقائه بالأشواق، فإني كنت أقف على قصائده المستحسنة، ومقاصده الحسنة، وقد سارت كافيته بين فضلاء الزمان كافةً فشهدت بكفايته، وسجلت بأن أهل العصر لم يبلغوا إلى غايته. ثم قال بعض الثناء عليه: فيه تمتمة تسفر عن فصاحة تامة، وعقدة لسانٍ تبين فقه في القول. ثم قال بعد ذلك: ولما وصل السلطان صلاح الدين رحمه الله إلى حمص وخيم بظاهرها خرج إلينا أبو الفرج  فقدمته إلى السلطان، وقلت له: هذا الذي يقول في قصيدته الكافية التي في ابن رزيك:

أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم         والشعر ما زال عند الترك متروكا

قال: فأعطاه السلطان وقال: حتى لا يقول إنه متروك، ثم امتدح السلطان بقصيدته العينية

التي يقول فيها:

قل للبخيلة بالسلام تورعاً         كيف استبحت دمي ولم تتورعي

وزعمت أن تصلي بعامٍ قابلٍ         هيهات أن أبقى إلى أن ترجعي

ما كان ضرك لو غمزت بحاجبٍ         يوم التفرق أو أشرت بإصبع

قال ابن خلكان: وتوفي بمدينة حمص في شعبان سنة إحدى وثمانين، وقيل اثنتين وثمانين وخمسمائة، والثاني ذكره =يعني العماد= في السيل والذيل والأول أصح، رحمه الله تعالى، وقد قارب ستين سنة. (ثم ترجم ابن خلكان للشريف ابي عبد الله ضياء الدين نقيب أشراف الموصل، الذي استنجد به الشاعر لرعاية زوجته)

 

 

1185م-
581هـ-